السلام عليكم .. رحلة اليوم هي تكملة لما ابتدأناه سابقا باستكشاف المجموعة الشمسية من كواكب و أقمار .. ولكن الكوكب الذي سنستكشفه اليوم و توأمه في الحلقة القادمة مختلفين جدا في خاصية فريدة لهم .. فكل من كوكب عطارد و الزهرة و المريخ و المشتري و زحل .. يمكن رؤيتهم و رصدهم بالعين المجردة و يمكن تمييزهم بسهولة كبيرة في السماء.. باستثناء هذين العالمين.. فخلف كوكب زحل في البرد القارس .. تقبع تلك العوالم في الظلام بعيدين بدرجة كافية ليتخفوا عن ابصارنا .. معتمين بالكاد تنعكس اشعة الشمس منهم .. و حركتهم بطيئة جدا لا نكاد نلاحظها .. و احتجنا ان ننتظر الىأواخر القرن الثامن عشر حتى نكتشف وجودهم .. انهم كوكبي اورانوس و نبتون .. و خلف اكتشافهم قصص و تضحيات و رياضيات و علوم .. سوف نتعرف عليها في هذه الحلقة .. وقبل ذلك انوه بان هذه الحلقة من البودكاست تتآيكم برعاية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي .. مؤسسة الكويت لديها العديد من البرامج و الكتب العلمية الشيقة و المناسبة لجميع الاعمارو جميع التخصصات .. تابعوهم و اختارو ما يناسبكم .. اما الان فنرجع بالزمن لعام ١٧٨١ لنتعرف على قصة الموسيقار هرشل و علاقته بكوكب اورانوس.
في مساء الثالث عشر من شهر مارس عام ١٧٨١.. كان وليام هيرشل يعاين المساء و يتفحص النجوم بتلسكوبه في باحة بيته الخلفية في مدينة باث الإنجليزية .. هيرشل موسيقي و حرفته الموسيقى .. و لكن الفلك اخذ جزء الهواية و العشق في حياته الشخصية.. و اخذ يكبر معه طوال السنين .. الى ان افضى به الحال لقضاء وقت اكبر مع معداته الفلكية اكثر من معداته الموسيقية .. و ما سيراه بعد قليل في تلك الليلة بالسماء .. غير حياته كما غير و أضاف لعلم الفلك و العلوم بشكل عام الى الابد.. فقد اصبح اول شخص يكتشف عالم جديد لم نكن نعلم بوجوده ..فطوال العقود السابقة في البشرية كانوا يتعرفون على الكواكب بالنظر اليهم في السماء .. و خلال الحضارات المتعاقبة لم يتعرف احد على عالم جديد غير الذي نستطيع ر .. الى ان تقريبا توقفت عملية البحث و محاولة إيجاد عالم جديد غير الذي نعرف ..الا ان هريشل كان له رأي مغاير .. فعلى الرغم من كونه غير متخصص في الابعاد و الحسابات الفلكية .. الا انه أيضا لم يكن هاوي فلكي عادي .. فمن شدة شغفه بالفلك اخذ هو يصنع التلسكوبات و لم يلبث الا و اصبح صانع افضل تلسكوب في عصره .. و هو نفسه التلسكوب الذي استخدمه للنظر في تلك الليلة.. فكانت العدسة بقطر ٧ انشات و التلسكوب بطول ٧ اقدام و كانت لديه مجموعته الخاصة من العدسات المكبرة .. و في اثناء معاينته للنجوم .. لفت نظره شي غريب بينما كان يمر و يعاين في تلسكوبه كوكبة الجوزاء و كان حينها يستخدم عدسة مكبرة بقوة ٢٢٧ مرة .. هذا االشيء الغريب الشبيه بالنجم أوحى له بان يغير عدسة التكبير الى عدسة بقوة ٤٦٠ مرة .. فلصدمته .. تضاعف حجم النجم الذي يرصده .. ( بين قوسين نقول هنا .. أصحاب التلسكوبات يعلمون انه حتى لو ضاعفت عدسة التكبير الى أي حد فان حجم النجمة لن يتعدى النقطة عند رصده لانه بعييد جدا جدا .. على عكس الكواكب مثل زحل و المشتري فتبدو أوضح و اكبر .. و هو ما حدث لهذا الجرم ) .. فتحمس هرشل و بدل العدسة المكبرة بواحد لديها قوة تكبير 932 مرة فتضاعف حجم الجرم معه مرة أخرى .. فدون ذلك مباشرة في مدونته الفلكية و كتب عنوان (جرم مدهش اما سحابة نجمية او مذنب جديد ) .. و لكن في قرارة نفسه كان يشك لذلك لانه يعلم بان حتى السحابة النجمية ستكون بعيدة و لن تكبر بهذا الحجم .. واما المذنب بالعادة يكون له ذيل يتبعه من جراء احتراقه و هو ما لم يكن موجود هني .. تجاوز شكوكه و سجل موقع الجرم في مدونته .. و عاد مساء 17 عشر من نفس الشهر لمعاينة ما اكتشف.. و اعتقد أخيرا انه مذنب غريب لم يكن احد يعلم بوجوده .. فلاخذ سبق هذا الاكتشاف العظيم .. راسل المجتمعات الفلكية التي يعرفها .. فراسل مرصد أكسفورد و اطلعهم على نتائجه و فعل المثل مع المرصد الملكي في قرينج الذي كان يضم اكبر الفلكيين في إنجلترا و اكثرهم خبرة الفلكي ماسكيلاين ..
جميعهم راجعوا البيانات و رصدوا المذنب ..فورا لاحظوا شيئ غريب فيه .. و صنفوه على انه مذنب و لكن بتصنيف جديد .. فاقترح ماسكيلاين من المرصد الملكي على هرشل بان يكتب ورقة علمية يذكر اكتشافه و نوع تلسكوبه و ينشرها في المجلات الفلكية.. و هو ما فعل .. و بعدها نوقشت ورقته العلمية في المجتمع الملكي الفلكي في لندن و لم يستطع الحضور لبعد المسافة بين لندن و مدينة باث و كانت تحت عنوان مذنب جديد .. قوبلت الورقة العلمية بالتشكيك الكبير من قبل الفلكيين .. خصوصا بان قوة المكبرات العدسية التي استخدمها لم تكن متوفرة لديهم .. فمثلا اقوى عدسة مكبرة في المرصد الملكي كانت بقوة 227 فكيف يملك هذا الهرشل عدسات تكبر الى الف مرة .. فتم التشكيك بالنتائج ..
تم التشكيك ام لا .. فالخبر انتشر كالنار في الهشيم بالاوساط العلمية خصوصا بين محبي رصد المذنبات و من بينهم الفلكي الفرنسي مييزير .. فكتب رسالة يبين اعجابه لهرشل .. و مع اقتراب الصيف من تلك السنة اختفى الجرم في السماVفكان لا يشرق الا مع الفجر فلا يمكن ان يرى .. وكان على هرشل انتظار مدة طويلة حتى يستطيع رصده …. فاستغل هذا الوقت للدراسة الرياضية و الفلكية ليتآكد من بياناته اكثر و اكثر عن طريق الحسابات .. فبدا حسابات مدار المذنب .. بافتراض مدار منحني كقطع مكافىئ مثل المسارات التي تؤخذها اكثر المذنبات .. و لكن كلما حاول بائت محاولته بالفشل عندما يقارنها مع المشاهدات المسجلة لحركة هذا الجرم في السماء .. و لم ينجح بالوصول لشيئ.. انتشر الخبر طبعا في الأوساط الفكلية ووصل الى روسيا .. حيث يوجد رياضي و فلكي كبير جدا في بستسبيرغ يسمى اندريس ليكسيل .. اندريس حاول بطريقة مختلفة .. فقال بدلا من محاولة افتراص انه الجرم يسأخذ في مداره شكل البرابولا او القطع المكافئ .. لماذا لا نفترض انه سيآخذ مسار الكواكب بتطبيق معادلات جوهانس كيبلر و التي تبين بانه الكواكب تآخذ مسارات شبه دائرية .. و بعد الدراسات تبين انه افتراضه صحيح و مطابق للواقع .. وصلت الدراسة الى المجتمع الملكي في بريطانيا .. فارسل جوزيف بانكس رئيس التجمع الى هرشل .. بانه هناك بعض الفلكيين يعتقدون انه ما اكتشفته ليس بمذنب بل هو كوكب و عالم جديد يضاف الي كواكب المجموعة الشمسية .. فاقترح عليه ان يسرع بتسميته قبل ان يسبقه اليه اخرون في إنجلترا و فرنسا ..
في تلك الاثناء كان هرشل مزحوم بحياته الشخصية بين دروس الموسيقى و الحفلات الموسيقية التي كانت حرفته وبين شغفه في صناعة التلسكوبات و مراقبة السماء .. لدرجة انه اخته كارولين تسرد في مذكراتها انه في احد الأيام انكب هرسل على صناعة تلسكوبه لمدة ١٦ ساعه بدون حركة لتضطر هي لوضع الطعام في فمه حتى لا يسقط من التعب .. عموما .. بعدما انتشر خبر انه الجرم المكتشف هو كوكب و ليس بمذنب .. انهالت رسائل التهنئة عليه من كل حدب و صوب ..وسط انبهار الفلكيين من اكشتافه و قدرت تلسكوبه العظيم على رصد جرم بهذا البعد السحيق .. فانهالت عشرات الطلبات لصناعة التلسكوب من اكبر الخبراء الفلكيين في اقطاب أوروبا.
بعدما كبر الموضوع جدا و اخذ صيته في المجتمع العلمي و صار مقبول في الأوساط الفكلية وجود كوكب سابع .. بادر جوزيف بانكس رئيس التجمع الملكي لتنظيم لقاء يجمع هرشل مع ملك بريطانيا آنذاك جورج الثالث في لندن ..ففرح هرشل لهذه الفرصة العظيمة .. فمن خلالها كان يسعى لتثبيت مكانته العلمية و ابعاد الشكوك عن اكتشافه .. فحزم امتعته متجها الى لندن .. و اخذ معه تلسكوبه ذو السبعة اقدام .. لغاية في نفسه .. و عندما وصل الى لندن توجه الى المرصد الملكي و بعدما حيووه .. وضع هرشل تلسكوبه بجانب تلسكوب المرصد الملكي .. ليبرهوا من جودته و الدقة و العناية في صعنه و كان يفوق كل ما لديهم من تلسكوبات .. لتنطفئ بعض الشكوك التي ساورتهم من نتائج رصده .. بعد ذلك بايام التقى هرشل بالملك جورج و وضح له رسم للكواكب بالمجموعة الشمسية و موقع الكوكب الذي اكتشفه و سار اللقاء على افضل ما يكون .. بحيث انه الملك طلب جلسة ثانيه من هرشل بعد عدة أسابيع .. و تبادلوا اطاف الحديث فكان المشتركات بينهم كثيرة واهمها كان حب الملك لعلم الفلك ..
الان يحتاج الكوكب الى اسم حتى يعرف في المراجع و الكتب .. فدارت الكثير من الاحاديث و الآراء حول هذا الامر .. ففي فرنسا جاء اقتراح اسم الكوكب على اسم مكتشف .. هرشل .. و لكن عارض هذا الاسم الكثير من الفلكيين كونه غير متطابق مع الكواكب الستة من قبله .. كوكب هرشل ..يبدو خارج الصياغ المتعارف عليه .. فكان هناك اقتراحات متعددة مرتبطة بالاسطوره اليونانية اسوة ببقية الكواكب .. فتم اقتراح اسم استيرا الهة العدالة التي لم تستطع تحقيقها في الأرض فذهب هناك و سكنت الكوكب .. و من الاقتراحات أيضا كان الاسم سايبلي زوجة ساترون من الأسطورة لتكون العائلة كلها هناك .. و اقترحوا أيضا هايبركرونيوس .. أي حرفيا فوق زحل .. و غيرها الكثير .. و في تلك الاثناء حاول جوزيف بانكس رئيس المرصد الفلكي بان يخدم هرشل ليحصل على راتب من الملك حتى يترك الموسيقى و يتفرغ لعلوم الفلك .. و هو ما حدث حيث أعطاه الملك ٢٠٠ باوند .. كان اقل مما يتقاضى لقاء الموسيقى و لكن كانت تكفيه ليعيش .. و بعد ذلك .. تأثر هرشل بكرم و حفاوة الملك و كتب رسالة رسمية الى جوزيف بانكس بانه يود ان يتم تسمية الكوكب الذي اكتشف بالاسم جورجيوم سيدوس و أصبحت النجم الجورجي .. بعد فترة تم معارضة هذا الاسم في الأوساط العلمية كون ما اكتشفه هرشل كوكب و ليس نجم .. الى ان جاء اقتراح ذكي من الاكاديمية الملكية العلمية في برلين .. وكان الاقتراح يتضمن تسمية الكوكب ب يورانوس .. وكان الاقتراح منطقي و لاقى رواج بين الفلكيين كون يورانوس هو اب ساتورن و جد جوبيتر من الأسطورة اليونانية و متماشي مع باقي الكواكب . فصار للكوكب اكثر من اسم .. كوكب يورانوس عند المجتمع العلمي .. و الكوكب الجورجي في بريطانيا .. حتى تم تثبيته رسميا يورانوس.. ..و في اللغة العربية يسمى ب أورناوس .. تتعدد الأسماء و القصد واحد .. كوكب سابع بعيد عنا لم نكن نعلم عنه شيئا من قبل .. و الان بعد ان عرفنا قصة اكتشافه و تسميته .. فل نسافر اليه لنتعرف على تفاصيل ذلك العملاق الثلجي ..
وصلنا الان الى كوكب اورانوس .. لنتحدث قليلا عن مسألة رؤيته قبل الكلام عن صفتاته بالنسبة لمسألة رؤية الكوكب بالعين المجردة .. اذا اردنا التحدث بدقة.. فهي غير مستحيلة .. ولكن تتطلب شروط صعبة ان تتحقق في أيامنا هذه .. فتحتاج الى سماء صافية جدا جدا و يكون الكوكب بالافق حينها يمكن رصده .. في الواقع القدماء لاحظوا وجوده قبل وليام هرشل و لكن لبعده الكبير و لبطئ حركته الظاهرية .. فهو يتحرك 4 درجات في السنة و هو شيئ جدا قليل يعادل قطر القمر ثمانية مرات .. و لكن تخيل هذه المسافة يقطعها خلال سنة اذا رصدته من الأرض في كل ليلة .. فالسنة في كوكب اورانوس و هي مدة دورانه حول الشمس تتطلب 84 سنة أرضية .. و هذا الشيئ جعل من رآّه قديما من الفلكيين بان يصنفه من النجوم .. بل اكثر من ذلك فكثير من خرائط السماء قديما ثبتت وجوده بين النجوم .. الا ان جاء وليام هرشل و كشف لغز هذا الجرم كما سمعنا قصته قبل قليل.
لنتحدث الان عن اهم صفاته و خصائصه التي تميزه .. و نبدأ مع الحجم .. عندما نتحدث عن الاحجام فنحن الان ابتعدنا كثيرا عن العمالقة الغازيين مثل زحل و المشتري .. فاورانوس يقارن بالأرض .. فهو اكبر من قطر الأرض بأربع مرات .. ووزنه اثقل ب 14 مرة فقط و بذلك يكون اقل بكثيير جدا من العمالقة الغازية .. و يعتبر اورانوس هو الرابع في المجموعة الشمسية من حيث الوزن و لكن الثالث من حيث الحجم لانه لم ينضغط بدرجة كافية .. فتحت الغلاف الجوي هناك طبقات من الثلج الي ان تصل الى اللب .. و على الرغم من انه اورانوس اقرب الى الشمس من نبتون .. الا انا اورنوس ابرد من نبتون .. و ذلك لانه وزنه اصغر فلم يستطع الحفاظ على حرارته و برد بشكل اسرع من نبتون .. و يكون هو الابرد في المجموعة الشمسية .. و لونه ازرق كلون السماء .. اكتسب هذا اللون بسبب وجود غاز الميثان بكثافة في طبقاته العليا .. فالميثان يعمل بكفاءة عالية على امتصاص الأمواج الطويلة من الطيف المرئي و بالتالي يتشتت اللون الأزرق على سطحه و يظهر بهذا اللون .. من اكثر الأشياء غرابة و صورتها المركبة فويجر ٢ بمرورها بجانب الكوكب .. هو اللون الازرق الصااافي من غير أي صفات من غيوم او عواصف او أي شيئ .. كرة زرقاء بلا معالم حرفيا .. و هو ما كان مريب لحد بعيد .. ولكن الان و مع صور التي يلتقطها هابل .. بدأت تظهر خطوط تبين حركة في الغلاف الجوي .. و غيرها من صفات و ذلك بسبب تغير المواسم في كوكب اورانوس من وقت تصوير الفويجر عندما مر بجانب الكوكب الى وقت وقت تصوير هابل .. فظهرت بقع سوداء داكنة و ظهرت كذلك بقع بيضاء .. كالتي تظهر عند حدوث البرق و تصويره من خارج الغلاف.. و عندما نتكلم عن تغير المواسم .. فتخيل نصف الكوكب جامد و بارد لمدة طويلة جدا ثم تدخل حرارة الشمس عليه و تبدأ بتسخين و تحريك الغلاف الجوي و تنشأ العواصف. و بعد قليل سنتعرف السبب وراء المدة الطويلة للمواسم عندما نصل بالحديث عن طريقة دورانه حول نفسه.. .. يختلف اورانوس أيضا عن الالمشتري و زحل بخاصية أخرى و هي احتوائه على لب صب .. و لكن كيف للعلماء معرفة ذلك.
للإجابة عن هذا السؤال يحتاج العلماء معرفة الكثير من خصائص الجرم و بالتالي يخرجون بمثل هذه الاستنتاجات .. فمثلا يتوجب معرفة وزن الكوكب و بعد ذلك من الضروري معرفة حجم الكوكب من احتساب قطره و بعد ذلك باستخدام المعادلات الرياضية و النمذجة بالحاسوب يمكن معرفة كيف لهذه الكتلة ان تتوزع في هذه المحيط .. و يمكن كذلك احتساب القصور الذاتي او moment of inertia .. و يزيد على ذلك قدرتنا على رصد الكوكب من الخارج و تحليل الطظبقات الخارجية و معرفة انه الكوكب يتكون يمجمله من (٪٨٢.٥) هيدروحين و (١٥.٢٪) هيليوم .. فبالتالي نستنج انه باقي الكتلة التي تشغل المواد بالداخل و اللب لابد و ان تكون اثقل من هذين الغازي و بالتالي تكون مواد صلبة .
اما اغرب خاصية يتميز فيها فعلا هذا الكوكب .. فهو ميلانه التام بزاوية ٩٨ درجة أي شبه متعامدة على الأقطاب الشمالية و الجنوبية .. لتخيل ذلك لنقارنها الان بالأرض .. تخيل الكرة الأرضية امامك .. فهي مائلة كما تعلم بزاوية ٢٣ ونصف حول محور دورانها .. تخيل بجانبها الان كوكب اورناوس فسترى بانه الكوكب مائل بزاوية قائمة .. .. فجميع الكواكب تدور حول الشمس و تدور حول نفسها من الغرب الى الشرق .. باستثاء كوكب الزهرة الذي يدور بحركة بطييئة جدا جدا و تصنف بانها معكوسة .. و كوكب اورانوس الذي يدور من الأعلى الى الأسفل بسبب الميلان ب ٩٨ درجة .. و هذا يسبب أيضا حركة معكوسة مقارنة بالكواكب الأخرى و تسمى ب rotrograte motion .. فالقطب الجنوبي والشمالي على الاجناب و خط الاستواء في المنتصف من الأعلى الى الأسفل .. فاذا قابل القطب الشمالي الشمس مثلا.. يكون نصف الكوكب معتم تماما و لا يصله أي فوتون من الشمس .. والعكس بالعكس .. و يبدو انه لا يوجد خصائص فريدة لكل قطب .. فكل ما تقابل احد الأقطاب مع الشمس .. فانه يبدو مشع و لامع اما الجزء الاخر ينتظر دورته التي مدتها ٤٢ سنة حتى تظهر عليه نفس الخصائص .. و الجميل بالموضوع .. باننا في علم الفلك الحديث نشهد لأول مره تغير الأجواء في كوكب اورانوس .. فطوال السنوات السابقة ظللنا نواجه قطب واحد منذ ارسلنا المركبات الفضائية و في كل سنة يتيغر ببطئ و في كل سنة لدينا أشياء جديدة نكتشفها و ندرسها فيه. ومن تلك الأشياء الحلقات التي تدور من حوله مع الأقمار.
حلقات كوكب اورانوس لم يتم تصوريها و اكتشافها بشكل واضح بل جاء عن طريق الصدفة و ذلك كان عن طريق مجموعة من العلماء في عام ١٩٧٧ كانو يدرسون كيف سيكون تآثير مرور كوكب اورانوس من امام مجموعة نجمية .. مثل عملية الكسوف … أي كيف سيحجب اورانوس ضوء هذه المجموعة النجمية …. و اذا اردت ان تتخيلها اكثر .. تكون النجوم في الخلفية و اورانوس في المنتصف و العلماء يصورون من الأرض .. فصورو الكثير من الصور و البيانات.. و عندما انتهوا و أتوا الى عملية التحليل .. وجدوا بان النجوم لم تختفي دفعة واحدة عند مرور اورانوس .. بل اختفت و ظهرت عدة مرات من قبل بداية الكسوف و اختفت و ظهرت النجوم بعد الكسوف .. و عندما حللوا البيانات .. تبين وجود حلقات تحيط بكوكب اورانوس و النجوم كانت تختفي و تظهر عندما تحجب الحلقات ضوء النجوم و هكذا علمنا يوجود حلقات تحيط بهذا الكوكب .. و الحلقات ضعيفة جدا و يعتقد بعض العلماء انها تشكلت حديثا .. و يتكون النظام من تقريبا ١٣ حلقة تحيط بالكوكب .. ٩ اكتشفها العلماء وقت عملية الكسوف .. و٢ صورتهم المركبة فويجر و ٢ صورهم تلسكوب هابل عام ٢٠٠٥ . هذا ما يخص الحلقات
اما الأقمار .. فقبل رحلة الفويجر كنا نعلم بوجود خمسة أقمار تدور حول اورانوس .. و هم الأقمار تايتانيا ، اوبيرون، ايريال، امبريال و أخيرا القمر ميراندا و هي تعتبر اكبر الأقمار في اورانوس و اغلب هذه الأسماء تم استيحاءها من مسرحية شيكسبير spirites and spirites .. أقمار اورانوس ليس بالكبيرة على الاطلاق فاكبرها هو القمر تايتانيا و هو تقريبا اقل من نصف حجم قمر الأرض .. فلا توجد عوالم كبيرة هناك مثل التي تدور حول المشتري او زحل .. و انما أقمار في الغالب تتكون من الصخور و الثلوج .. لا يوجد الكثير من التميز تم اكشتافه في هذه الأقمار ربما لانه فعلا لا يوجد شي مميز او ربما يرجع السبب لأننا أساسا لم نرسل رحلات كثيرة لاستكشاف تلك البقعة من مجموعتنا الشمسية .. فالبنهاية اغلب المعلوكات من الفويجر ٢ و من المراصد الأرضية بالإضافة الى هابل بالطبع .. و لكن اذا اردنا ان نذكر الأهم .. اومبريل و ابريون شبه ميتين جيولجيا و على العكس من ذلك تايتانيا و اريال فيهم تشققات يبدو انها حدثت مسبقا وقت تشكل الكوكب و مصدر الحرارة كان من الجاذبية التبادلية بين اورانوس و الأقمار و سبق و شرحت طريقة تولد هذه الحرارة و يتبقى ميراندا فهو الاميز بينهم من حيث التضاريس .. فهو مشوه بشكل كبير و غريب و به قنوات متوازية من التشققات و كانه مقضوم او اكل من احد الجوانب .. هذا بالنسبة للخمسة الأكبر التي نعرفهم قبل الفويجر و تعرفنا عليهم اكثر من خلال صور المركبة .. و لكن الفويجر أيضا كشفت عن وجود ١١ قمر صغير يدورون حول اوروانوس و١١ قمر اكتشفتهم المراصد الأرضية الحديثة مع تلسكوب هابل ليكون المجموع ٢٧ قمر .. و لا يتفوق عليه بعدد الأقمار في المجموعة الشمسية سوى كوكبي المشتري و زحل .. و اذا تم تصويرهم بالأشعة تحت الحمراء يمكن الكشف بشكل جميل .. و بالمناسبة شكل الأقمار و هي تدور عمودية و ليس بجانب الكوكب جميلة جدا و غريبة .. ابحث في الانترنت عن صورها فستدجها غريبة و محيرة .. و بما ان الحديث جرنا مرة أخرى الى غرابة دوران اورانوس .. لنتكلم عن سبب ذلك قبل ان نتخم الحلقة .. فلكي يحدث مثل هذا الانقلاب لكوكب على محوره .. لابد و انه حدث اصطدام هائل جدا فسي وقت بداية تشكل الكوكب .. مما أدى الى ميلان الكوكب برمته واصبح كانه يدور على جنبه ..و يقدر العلماء حجم الجسم الذي ضرب اورانوس بان يكون باضعاف كتلة الأرض .. ولكن بعض الدراسات تستنج انه من الصعوبة بان يكون جسم واحد بضربة واحده قادر على احداث هذا الميلان .. فتوجد اقتراحات بانها اكثر من ضربتين من اجرام بحجم كوكب الأرض.. و طبعا كل هذا حصل في البدايات وقت تشكل المجموعة الشمسية.. و لازالت الدراسات قائمة في هذا الخصوص و لم تصل الى استنتاج حاسم حتى الان.
تقريبا هذا اهم ما يخص عمالقنا الأزرق الأول .. فقد عرفنا قصته اكتشافه و تسميته و خضنا في اهم تفاصيله العلمية .. ارجوا ان تكونوا قد استمتعم في هذه الحلقة و لاتنسون الاشتراك و تقييم البرنامج حتى تصلكم الحلقات أولا بأول .. اما الان اتركم بحفظ الرحمن .. حتى نلتقي في الحلقة القادمة مع العملاق الثلجي الاخر .. نبتون .. الى اللقاء.