الحشرات المسؤولة عن ظهور وباء التيفوس
1995 أمراض لها تاريخ
حسن فريد أبو غزالة
KFAS
الحشرات وباء التيفوس الحيوانات والطيور والحشرات المخطوطات والكتب النادرة
لقد اختلطت الأوراق في ماضي الزمان، كان صعباً على الناس تمييز هذا الوباء من ذاك، إذ كانت الأمراض عندهم عقاباً لهم على أعمالهم، يتزعمها جميعاً وباء الطاعون، حتى أصبح اسم الطاعون عندهم مرادفاً لكلمة وباء والعكس هو الصحيح أيضاً.
لقد غلف الجهل عقول أناس ذلك الزمان، فلم يكونوا يميزون بين الحصبة والجدري، والتيفوس والطاعون، وفي هذا يبدو الأمر صعباً علينا نحن وإياك، أن ترصد التيفوس منذ بدايته من بين أُسرة الأمراض، ولكننا نؤكد عن يقين أن وجوده كان قديماً قدم الزمان، ما دام هناك قمل، وكان هناك أوبئة.
ربما لم ترصد أوراق الطب ولا تاريخه، بالرغم من تناولها أوبئة عديدة، فتكت بالناس، وأهلكت منهم خلقاً كثيراً مثل مرض التيفوس.
ولكن الرواة القدامى لم يأتونا بوصف لصورة الوباء التي تميز التيفوس عن غيره، ولعل أول إشارة نتبين فيها ملامح وجه التيفوس، الذي تميزه أعراضه وعلاماته من صداع وحمى وطفح نزفي صغير تحت الجلد، إنما كان في القرن الخامس عشر وما بعده!.
من هنا تجدنا عاجزين عن رصد حركات هذا الوباء الوبيل، ولا حيلة لنا إلا في أن نرصد تاريخ القملة والبرغوث والفأر، فهي رسل المرض والشقاء التي نقلته إلى الإنسان.
وما دام هناك قملة وبرغوث وبرغوث وفأر منذ قديم الزمان، فلا بد أنه كان هناك التيفوس في صحبتهم، وإن كان جهل أجدادنا الأوائل قد ألبسه قناعاً كان يخفي علينا ملامحه.
لهذا تكون القملة والبرغوث أدلاءنا على درب التاريخ في بداية الأمر، حتى تصل إلى مشارف القرن الخامس عشر، لنسير على درب له ملامح واضحة وراء وباء التيفوس.
لو أخذنا برأي القائلين بالتطور فإننا نجد الحشرات جميعاً اقدم من صاحبها الإنسان بملايين السنين، فقد كانت الحشرات تسود وجه الأرض على ما يقولون، منذ ثلاثمائة مليون عام، فيما بدأ أول مخلوق يتحلى بملامح بشرية، أطلقوا عليه اسم "هوموسابين" (الإنسان العاقل) منذ مليون عام واحد فقط أو أقل بقليل.
الذين يجتهدون في أمر الأحياء يؤكدون أن الحشرات تسجل ثلاثة أرباع عالم الأحياء على وجه الأرض، إذ تبلغ أنواع الحشرات 750 ألف نوع! ألفان منها من أنواع البراغيث، و 3250 من أنواع القمل، ولكن الأنواع البشرية منها لا تُعد إلا ثلاثة فقط، هي قمل الرأس، وقمل الجسد، وقمل العانة.
يقولون أيضاً فيما يقولون، إن القمل في مطلع حياته الأولى كان طياراً بجناحين، وحين عرف صحبة الإنسان تخلى عن أجنحته، بعد أن وفر الاستقرار له حياة طفيلي سهلة على جسم، تكفيه مشقة الكفاح، وكما كان في بدايته عضاضاً، صار بعض منه حين تطور فيما بعد، مصاصاً للدماء.
لقد اختلف أصحاب العلم حول صحبة القملة للإنسان، وحول معرفة البرغوث للمخلوقات البشرية، ولكنها ولا شك امر قديم.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]