العراقيل المتواجدة في دولتي كندا والمكسيك بشأن المحاصيل المهندسة وراثياً
2014 البذور والعلم والصراع
أبي ج . كينشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
النباتات والزراعة البيولوجيا وعلوم الحياة
لقد ناقشت في هذا الفصل نظم الأغذية الزراعية وتحولاتها في العالم خلال الحقبة الليبرالية الجديدة، التي تم فيها إنشاء تنظيمات جديدة لمعالجة القلق الشعبي بشأن التكنولوجيا الحيوية.
فعلى وجه الخصوص، كان هناك تركيز شديد ومتزايد لتقييم التطورات التكنولوجية والأنظمة، لإدارة وتحديد المخاطر بشكل موضوعي، مبني على أساس العلم.
فمفهوم الحكم القائم على أساس العلم لا يختلف عن مفاهيم النظرية الليبرالية الجديدة، التي يجب فيها تحديد المناطق التي لا يُخاطر فيها. أي أنه على الحكومات أن لا تعيق تدفّق التجارة أو بذل جهودها في [حماية] حقوق الملكية الخاصة من دون دليل علمي قوي لدعم الحاجة لتدخل [الحكومة].
فالعواقب الاقتصادية والثقافية والأخلاقية للتغيرات التكنولوجية تتسم بأنها "سياسية" ولذلك فهي غير مناسبة، وهو سبب [معقول] لعرقلة تسويق البذور المهندسة وراثياً. ففي كل من المكسيك وكندا فشلت القواعد التنظيمية التي تدير المحاصيل المهندسة وراثياً في معالجة الانتقادات العلنية للنظم الزراعية التي كانت تسهل عملها.
في مقابل ذلك، كان هناك تصدٍّ علني للآثار المترتبة على الصناعة الزراعية وسبل العيش في الريف بسبب الزراعة التكنولوجيا الحيوية. كما ركزت الوكالات الناظمة الفيدرالية بصورة ضيقة في البلدين على تأثيرات الصحة الإنسانية وبعض القضايا البيئية.
هذه الملامح المعينة لتلك الأرضية السياسية ولّدت فرصاً للنشطاء لمقاومة توسّع المحاصيل [المهندسة وراثياً] وحماية النظم البديلة للزراعة.
فالمكسيك كدولة وقعّت على اتفاقية التنوع البيولوجي (Convention on Biological Diversity: CBD)، وبروتوكول السلامة الحيوية، فلها بعض الالتزامات لحماية أصناف الذرة الأصلية (المحلية) والأصناف البرية القريبة منها.
فقد لاحظ المراقبون أن هناك فرصاً استراتيجية لاستخدام الالتزامات الدولية، وذلك من أجل إحراز تقدّم عميق لمعالجة "حالة الطواىء للذرة المكسيكية" (Wise 2007).
النشطاء في جميع العالم أشاروا إلى الالتزامات الدولية البيئية في المكسيك، وذلك حين أقدم المكسيكيون على الضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات ضد تدفّق التحوير الوراثي. علاوةً على ذلك، فإن المكسيك هي واحدة من بين ثلاثة أعضاء في اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا (NAFTA)، حيث حررت تجارتها مع الولايات المتحدة الأميركية وكندا.
وعلى الرغم من أن اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا تتحمل الجزء الكبير من مسؤولية طوفان [الأسواق المكسيكية] بالذرة المنتجة أميركياً، إلا أن الاتفاقية فيها أيضاً "اتفاق جانبي" (Side Agreement) يوفر للنشطاء الذين يشعرون بقلق نحو تدفق التحوير الجيني مجالاً [للنقد].
كانت جهود الدفاع عن إنتاج الكانولا غير المعدلة جينياً أقل نجاحاً من الكفاح ضد إنتاج الذرة المكسيكية المهندسة وراثياً، وهو ما يدل على أنه من دون أي دعم كبير من الهيئات الدولية العلمية لتطبيع حماية التنوع البيولوجي.
فالمزارعون والجماعات المناهضة للتكنولوجيا الحيوية يفتقرون إلى النفوذ الكافي الذي من خلاله يمكنهم منع تسويق المحاصيل المهندسة وراثياً.
فالنشطاء ما زالوا يتحدّون صناعة التكنولوجيا الحيوية مباشرة من خلال استراتيجياتهم المختلفة، بما في ذلك التعبئة عبر النظام القانوني، والضغط على الشركات لسجب بذورها المهندسة وراثياً من الأسواق، ولا سيّما في كندا التي تعتمد على التصدير للأسواق، إذ يمكن [استخدامها] لتقديمها فرصاً مختلفة عن [غيرها] لمقاومة المحاصيل المهندسة وراثياً.
فمعارضة المستهلكين [لتلك المحاصيل] في الأسواق التصديرية تشكّل قوة مهمة لكلٍّ من المزارعين والنشطاء في كندا على حدٍّ سواء. علاوة على ذلك، فإن النظام الرقابي ضمن هدفه المعلن والمتمثّل في اتخاذ القرارات على أساس علمي أصبح عرضة للهجوم [بوصفه] يستند إلى علمٍ خاطىء، وقد استفاد المزارعون من تلك الفرص المتاحة في النظام القضائي ليستنجدوا بالخبراء المعنيين ليشككوا في تقييمات السلامة الحكومية.
الإصلاحات الزراعية الليبرالية الجديدة وسياسة العلمائية للتكنولوجية الحيوية، بجمعها، قيّدت النقاش العام حول الآثار الاجتماعية التي تسببها زراعة التكنولوجيا الحيوية. ولعلّه من بين هذه القيود، أن النشطاء المناهضين للتكنولوجية الحيوية قد وجدوا بعض الفرص لمقاومة التوسّع الكبير للمحاصيل المهندسة وراثياً. فكثيراً ما يبدو أن المعارضين للمحاصيل المهندسة وراثياً يقبلون بالشروط المهيمنة على النقاش [في هذا الموضوع] ويدعون، في النهاية، إلى تحسين تقييم المخاطر، وإعطاء المستهلك فرصة الاختيار [بين المحاصيل] في السوق.
نقّاد المحاصيل المهندسة وراثياً يثيرون قلقاً جدياً حول كيفية تأثير تلك المحاصيل في النظام البيئي، والأنظمة الزراعية، وصحة الإنسان والحيوان، ويتساءلون هل حكومتهم تعمل بما يستوجب حمايتهم. وفي الوقت نفسه، فإن سياسة الجينات الناشزة تنطوي على أسئلة علمية متزايدة حول سلامة المحاصيل الجديدة، [علاوة على أن هذه السياسة] كثيراً ما تتضمّن أهداف التغيير الاجتماعي وتوسيعه ضمن الحجج المتعلقة بآثار المخاطر.
فنقّاد التكنولوجيا الحيوية هم عادة ما ينظرون للمحاصيل المهندسة وراثياً على أنها محاصيل تتنافى مع النظم الزراعية المتعددة والمجتمعات الريفية التي يحاولون بناءها. هذه الأهداف بالتزامن مع الاستراتيجيات المستخدمة في أدائهم القضائي سنتفحصها بالتفصيل في كل فصل من فصول الكتاب القادمة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]