الطب

العوامل الحاسمة في إمكانية نجاح مبادرات الاستئصال

2013 استئصال الأمراض في القرن الواحد والعشرين

والتر ر.دودل ستيفن ل.كوشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

بسبب طبيعتها غير البيولوجية فإن عوامل تمكين النجاح الحاسمة غالباً ما تكون مطواعة للمداخلات التنظيمية والإدارية.

ويعتبر استيعاب الطريقة لتطوير والحفاظ على الدعم السياسي والمجتمعي أمراً حاسماً لنجاح جهود الاستئصال. وقبل الانطلاق في مبادرات استئصال جديدة يجب إجراء تقدير شامل لعوامل التمكين التالية.

الالتزام السياسي

يتوقف نجاح مبادرات الاستئصال على دعم سياسي متين على مستوى عال، وارتباط أعمق مما تقدمه وزارات الصحة العامة. فالالتزام مطلوب من رؤساء الدول، وبرلمانات الأمم، وكذلك من حكومات الأقاليم والمناطق والقادة التقليديين لدى الجماعات.

فقبل الشروع في مبادرة استئصال فإن إقامة الدعم السياسي الضروري على مستويات الدول والأقاليم والمستوى العالمي يعتبر أمراً واجب التحقيق. وطبقاً لطبيعة المداخلات اللازمة للاستئصال فقد تستلزم تبادل التعاون بين القطاعات عبر دوائر الدولة المختلفة (مثل، الدعم من دائرة التربية حاسم في حملات التلقيح في المدارس).

وبدوره فإن الالتزام السياسي يجب ترجمته إلى مخصصات مالية على مستوى كامل القطر. كما أن التنسيق بين مختلف الفرقاء هو أمر حاسم. فعلى سبيل المثل، أثناء أنشطة استئصال شلل الأطفال لعبت لجان التنسيق بين الهيئات دوراً رئيسياً في مقاربة الشركاء داخل البلاد من بعضهم البعض (المنظمات غير الحكومية، والهيئات الثنائية والمنظمات الدولية والقطاع الخاص) وممثلي الحكومات لضمان التمويل الكامل للبرنامج.

ويحتاج الأمر إلى تلاقي الدوافع والمثبطات لتقوية مشاركة الجميع على المستوى العالمي ومساهمة مشاركي الاستثمار على الاستفادة ضمن كل دولة. ففي التجربة الحاصلة في استئصال شلل الأطفال قدم قرار جمعية الصحة العالمية، رغم أنه غير ملزم، خدمة كوسيلة مفيدة في فرض الضغوط السياسية على كل بلد لتحسين مستوى أدائه.

 

وعلى كل حال فقد تتطلب برامج استئصال الأمراض في القرن الواحد والعشرين آليات إضافية (مثل، اتفاقيات أو معاهدات ملزمة) لضمان الالتزام الرسمي من الحكومات والمشاركين وللحفاظ على ذلك الالتزام حين تحصل النكسات.

على مستوى القطر والجماعة السكانية تبين الدروس المستقاة من برنامج استئصال شلل الأطفال أنه عندما يرتبط القادة التقليديون والمدنيون كأنصار وقيمين على التمويل فإن قبول الجماعة وانتشار حملات المناعة تزداد أكثر.

وفي الأميركيتين تؤكد الخبرة المكتسبة من مبادرات شلل الأطفال والحصبة والحصبة الألمانية الحمراء على أهمية انضمام جمعيات المهن الطبية (مثل، أطباء الأطفال، وأطباء التوليد، والأمراض النسائية) وكذلك مشافي القطاع الخاص والعيادات لزيادة التأييد والاتصال والإشراف على المرضى.

وقد تكون مراقبة صناع السياسة مفيدة في تحديد مشاركي الاستثمار الرئيسيين والعوائق المحتملة للنجاح، وكذلك في تقدير الأعمال أو المعلومات اللازمة لتعزيز الالتزام السياسي.

 

الدعم المجتمعي

بينما كانت برامج الاستئصال السابقة تعتمد على الخبرة الخاصة وحدس مديري البرامج للتعامل مع جماعات السكان، فإن مبادرات الاستئصال اليوم تواجه جماعات أكثر اطلاعاً واحتمالاً لفرض آرائهم. وهكذا فسوف يستفيد برنامج الاستئصال اليوم من تطبيق المقاربات المنظمة للتعامل بشكل فعال مع جماعات السكان وإرساء الثقة بينهما.

لقد بينت نظريات التغيرات السلوكية والخبرات الميدانية أن الجماعات السكانية تلبي المبادرات الصحية عندما يرون أن هناك مرض خطير ويحتمل أن يتضرروا منه مع عائلاتهم. وهم بدورهم سوف يطلبون الانخراط في المداخلة المعروضة عندما يعتقدون بأنها أمينة وفعالة وتشكل استجابة لحاجاتهم الصحية.

إن توليد الطلب على الخدمات الصحية قد يشمل أولاً تحديد مشاركي الاستثمار الرئيسيين في الجماعة الذين سيجري التعامل معهم والسعي لدعمهم المداخلة. فمن المهم تفهم الأسباب التي تجعل هؤلاء المشاركين في الاستثمار يدعمون أو يقاومون المداخلة المعروضة (وهذا النوع من التحليل يجب أن يقوم على نموذج من نظريات الاتصال).

ثم يجب اختبار وتطبيق الاستراتيجيات ميدانياً للتغلب على الموانع الاجتماعية، والاستفادة من الفرص المتاحة. ولقد أظهرت الخبرة الميدانية المستقاة من برنامج استئصال شلل الأطفال أن ناقل الرسالة هو مهم بنفس أهمية الرسالة إن لم يكن أكثر من الرسالة ذاتها ؛ ولذلك فإن الرسائل الهادفة يجب أن يتولى توصيلها أبطال لهم تأثيرهم لأنهم يتحلون بالمصداقية والثقة.

 

كما يجب أن تكون المساندة الاجتماعية للبرنامج الاستئصالي تحت المراقبة دائماً، ومن خلال استعراض المعرفة والمواقف والممارسات والبحوث الاجتماعية الأخرى.

ويلعب موظفو الصحة (مثلاً، في مراكز الجماعة السكانية الصحية ومستوصفاتها) دوراً رئيسياً في التعامل مع هذه الجماعات المحلية ويقومون بدور الوسطاء والسماسرة بين برنامج الاستئصال والجماعة المحلية.

وللحفاظ على التزامهم ولتمكينهم من الحصول على ثقة الجماعة خلال المدة المطلوبة لبرنامج الاستئصال فمن المحتمل أن يحتاج هؤلاء الموظفين إلى التدريب المستمر والمساندة وإيجاد الحافز لديهم كجنود المشاة الحاسمين في نجاح برنامج الاستئصال.

 

دواعي اقتصادية وأخلاقية قوية

لكي نبني الدعم المالي المطلوب لبرنامج الاستئصال من الضروري إحداث وضعية توظيف مالي أو خطة أعمال تجارية – تتصدى للأكلاف والمنافع المنتظرة من برنامج استئصال ما وتؤمن مقاربة للتحكم في حالات الأخطار وترسم استراتيجية للخروج منها.

ويجب أن تتضمن وضعية التوظيف تقديراً مستقلاً لكيفية تلبية مبادرة الاستئصال المقترحة معايير إمكانية النجاح التي سبق مناقشتها أعلاه، وكذلك عوامل التمكين الحاسمة المحددة في هذا القسم. ويقترح إيمرسون  (Emerson) (في هذا الكتاب) أن تستند الحجة الأخلاقية للاستئصال على أسباب مثل واجب الإنقاذ، والواجب نحو الأجيال القادمة، والمساواة المجتمعية في الصحة، واستئصال الأمراض للصالح العام في العالم.

 

الحوكمة

لقد أدى دور التمويل الخاص من مؤسسات وهيئات وأفراد إلى متطلبات أكثر شدة في المساءلة المالية، والإدارة المتمكنة والمراقبة المستقلة لمبادرات الاستئصال.

ويوصي ستويفر (Stoever) ورفقاه (في هذا الكتاب) بأن هيكلية الإدارة في برامج الاستئصال في المستقبل تحتاج إلى التخطيط والهيكلة لضمان مبادئ الإدارة الفعالة، والمحاسبة الشفافة والإشراف المستقل.

 

الوقع على الأنظمة الصحية

كما أكدنا سابقاً (Cochi et al. 1998)، يجب أن تخطط برامج الاستئصال وتنفذ في سياق الخدمات الصحية ؛ ويجب أن تساهم في تقوية نواحي الضعف في البنية التحتية والإدارة ؛ وتحتاج الأنظمة الصحية الأقل تطوراً إلى معظم الدعم لبنيتها التحتية ؛ كما يجب إجراء مقاربة وظيفية للموازنة بين الأولويات العالمية والوطنية والمحلية. فبات (Pate) ورفقاه (في هذا الكتاب) يقدمون مناقشة شاملة عن كيفية تصميم برنامج الاستئصال ليتعامل ويحتك بشكل فعال مع الأنظمة الصحية.

 

أجندة البحوث العملاتية

تاريخياً، كانت جهود البحث العملياتي تتلقى أقل حد من الدعم كما كانت وضعيفة الاتصال بمبادرات الاستئصال العالمية. وقد أشار اجتماع داهلم بوضوح إلى الحاجة إلى إمكانية البحث العلمي، ومستشهداً بدروس هامة تخلفت من مبادرات استئصال ماضية، والتي تبين بوضوح أن المشاكل التقنية سوف تظهر، وأنه يمكن حلها فقط بواسطة البحث العلمي العملياتي (Hinman and Hopkins 1998).

وتتضمن الأمثلة البحث لتطوير مداخلات أرخص سعراً وأكثر فعالية وأسهل استعمالاً ؛ ودراسات ميدانية لتحسين استيعابنا لوبائية المرض ووقع المداخلات على مستوى السكان ؛ واستعراض معارف ومواقف وممارسات لترشيد استراتيجيات الاتصال.

يصف جاكوبسون (Jacobson) (في هذا الكتاب) الإطار الذي يمكن استخدامه لتصميم العناصر الهامة والحاسمة في خطة البحث العلمي. فكل معيار يستخدم لتحديد إمكانية نجاح مبادرة الاستئصال يتوجب فحصه وتقييمه من أجل تحديد نقاط الضعف ووضع الحلول.

كما يجب على البحث العملياتي أن ينظر في كل نواحي الفشل المحتملة: العامل المعدي، ووسائل المداخلات، ونظام التوصيل، واستراتيجيات التواصل، والتمويل، وإدارة البرنامج، وكذلك الكشف عن والتجاوب مع ما لم يكن متوقعاً من أمور. ويجب أن تنظر أجندة البحث العلمي في كيفية التجاوب مع المعلومات الجديدة المستقاة من برامج المراقبة والتقييم، وكذلك كيفية استخدام المعلومات الجديدة الحاصلة من خلال البحث في ترشيد البرمجة.

 

لإنشاء مكونة البرنامج هذه، يجب أن نتصدى لتحديين رئيسيين. أولهما، وضع ميزانية ملائمة للبحث العلمي العملياتي، مع ربما نسبة ثابتة من ميزانية البرنامج ترصد للبحث العملياتي (مثلاً، 5 % أو أية نسبة أخرى).

ولكننا نلاحظ، أنه يصعب في الغالب بالنسبة للبرامج ذات المصادر المالية المحدودة أن تقتطع من أموال تطبيقاتها المحدودة، والموارد اللازمة من المال للتصدي للمواضيع التي قد تستغرق سنوات لحلها.

وثانيهما، يتوجب وجود آلية للتأكد من أنه عند تواجد تمويل كهذا، فستتوفر طريقة فعالة ومتماسكة وسريعة لتحديد التحديات الجدية للبرنامج والتي هي بحاجة للبحث العملياتي – وهذا ينطوي على وضع اتفاقيات ملائمة للبحث العلمي وطرحها أمام مصادر التمويل المالية.

يبدو أن النموذج الجيد خاصة لتلبية حاجات البرمجة للبحث العملياتي هو لجنة بحوث شلل الأطفال المنشأة حديثاً والتابعة للمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال.

 

والمواصفات التي تجعل هذا النموذج قوياً بشكل خاص هي:

– ارتباطه القريب جداً بالبرامج وإدارته من قبله.

– أغلب أعضائه خارجيون ولكنهم على معرفة جيدة بالبرنامج.

– تجرى اجتماعاته دورياً، مما يسمح بتلقي الاقتراحات سريعاً عندما تظهر المشاكل.

– مقدرته على دعم سلسلة من المشاريع، بما فيها تلك التي تنشأ في ميدان العمل، وتلك التي تخص مراقبة البرنامج واستراتيجيات نهاية اللعبة، وكذلك تلك التي تهدف إلى تطوير اللقاحات والتحديات المعاكسة الأخرى.

والتفاصيل الأخرى حول أفضل تعريف وترابط وتلبية لحاجات مبادرات الاستئصال من البحث العلمي يناقشها جاكوبسون (في هذا الكتاب).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى