الفائدة وراء استخدام عملية الإخصاب في الأنابيب ونقل الأجنة
1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان
الدكتور يوسف يعقوب السلطان
KFAS
الإخصاب في الأنابيب ونقل الأجنة: هل هو ضرورة صحية أم رغبة شخصية أم مشروع تجاري؟
على الرغم من أن الإخصاب في الأنابيب قد ابتكر أصلا كبديل للعلاج الجراحي في حالة العقم الراجع إلى انسداد البوق أو قناة فالوب.
إلا أن هناك ميلا إلى توسيع دائرة تطبيق الإخصاب في الأنابيب على اشكال أخرى من العقم الأقل صعوبة والتي يعرف أن العلاج الطويل التقليدي لها مع نظام المتابعة المستمرة قد يؤدي في النهاية إلى الحمل.
ومن أمثلة ذلك اضطرابات التبويض، والبطان الرحمي ENDO-METRIOSIS، والعقم الجزئي أو ما دون العقم عند الذكر.
ومع توسيع دوعي استعمال الإخصاب في الأنابيب وتجاوزها علاج الأزواج الذين لديهم عقم غير قابل للعلاج، بسبب عوامل متعلقة بقنوات فالوب، أصبحت هناك حالات متزايدة العدد من الحمل الذي لا يمكن أن يكون نتيجة العلاج المتوقع (هاني وآخرون Haney et al، 1987).
وهنا نطرح سؤالا اساسيا حول العلاقة بين الحاجة إلى الإخصاب في الأنابيب بما تتضمنه من دواعي استخدام طبية نوعية وعقم جزئي وكذلك كوسيلة بسيطة لتحقيق الرغبة في الحصول على طفل من جهة.
وبين المسئولية العامة (الحكومية عن توفير هذه الخدمات) وهل تعتبر مجرد طريقة لعلاج أشكال معينة من العقم، أم تعتبر تقنية تناسلية جديدة لكل رد الحق في طلبها؟
تختلف المساعدة الحكومية لإجراء هذه العمليات من دول لاخرى، ويبدو أنها تعتبر بمثابة انعكاس للمدلولات المتعلقة بتاييد التناسل أو الإنجاب، فإسرائيل على سبيل المثال لحاجتها إلى الأشخاص وإلى التكنولوجيا ولارتفاع قيمة الانجاب فيها تقدم المساعدة الحكومية للأزواج الذين يرغبون في الإخصاب في الأنابيب.
اما في الولايات المتحدة الأمريكية حيث لا يوجد دعم حكومي فإن بعض الولايات قد خصصت جزءا محدودا من نفقات تغطية التأمين الصحي لهذه العملية.
وبلغ عدد العيادات الخاصة التي كانت تعمل في الولايات المتحدة عام 1992 نحو 165 عيادة، وتتعامل في مبلغ يقدر بنحو 2 بليون دولار سنويا لعمليات الإخصاب في الأنابيب، وقد ازداد الطلب على هذه الخدمة الطبية نتيجة الإعلانات ونتيجة للرغبة في الربح.
وينعكس تحول هذه العملية إلى تجارة في تكوين سلسلة من العيادات تحتوي على مخزون معروض للجمهور في السوق.
ومن هذه الوجهة يفترض أن الإخصاب في الأنابيب قد اصبح الوسيلة الرئيسية المحتملة للتحكم في النسل، التي تؤدي غالبا إلى تخفيض النتائج غير المتوقعة من حيث العناصر الوراثية ونوع أو جنس الأجنة.
فهي أساسا تقنية معملية تخضع لنظام القطاع الخاص والنظم التجارية، بما في ذلك إنشاء بنوك لحفظ المنى والبويضات والأجنة وبنوك معلومات للأمهات البديلات وقد بدأ هذا يحدث في عدد من الدول الصناعية وقد يبدو التحكم فيها من أول وهلة خاضعا لمهنة الطب، ولكنها في الحقيقة اصبحت خاضعة للمستهلكين الذين يدفعون الاجر عن الخدمات المقدمة.
وإذا ما استمر هذا الاتجاه فإنه سيزيد الظروف والأوضاع التي إذا وجد الازواج أو الافراد فيها أنفسهم لا يحققون الحمل المنشود بالسرعة المتوقعة أو المطلوبة فإنهم يلجئون إلى استخدام طريقة الإخصاب في الأنابيب، أو بمعنى آخر سوف تصبح خاضعة للطب.
وإذا ما توافرت الأمهات البديلات فإن الأزواج القادرين على دفع قيمة الخدمات يستطيعون (حتى لو كانوا قادرين بيولوجيا على القيام بالعملية بأنفسهم) أن يقررا إنتاج طفل يحمل مادتهم الوراثية دون أن يتكبدوا متاعب وأخطار الحمل والوضع.
وقد يزعم البعض (كما هو الحال بالنسبة للفقراء الذين يبيعون كلاهم أو النساء اللائي يبعن أنسجة جنينية من إنتاج أرحامهن) أن في هذه العملية إهدار لإنسانية الأمهات البديلات، وكما ذكر سابقا قد يصبحن، من حيث المبدأ، طبقة محرومة اقتصاديا واجتماعيا تنجب لصالح الاثرياء من الناس.
ومن جهة أخرى كما في حالة بيع عضو من أعضاء الجسم وبيع الأنسجة الجنينية قد يكون المبرر الذي يدفع إلى هذا لعمل هوحق المرأة في كسب عيشها بالطريقة التي تراها مناسبة أو صالحة لها.
وأخيرا، وبدون اعتبار للأم البديلة يمكن القول أن الحق في الاستفادة من التقدم العلمي كما عرفته الأمم المتحدة قد تحقق. ويمكن القول بأنه مع الرغبة في الحصول على طفل في وقت معين وتوافر التنقية المناسبة لتحقيق هذه الرغبة.
يجب ألا يكون هناك اعتراض على استخدام هذه التقنية. وبالتساؤل عن دواعي الإخصاب في الأنابيب واستخدامها فإن قد يعتبر بمثابة محاولة أبوية للحد من حرية رغبة الوالدين، (فان هول Van Hall، 1985).
وكمبدأ يجب أن يستمر الإخصاب في الأنابيب قاصرا على الحالات التي يوجد فيها سبب عضوي يمنع حدوث الحمل، وأن تستخدم بتحفظ وفي حالات العقم غير المعروف السبب أو اي عقم خلاف ذلك قابل للعلاج (اليونسكو / الجمعية الدولية للعلوم الاجتماعية / الاتحاد العالمي للصحة العلية، سنة 1987).
وعلى أسس علاجية قد لا يكون الإخصاب في الانابيب مرغوبا فيه لأزواج سبق أن حاولوا العلاج ورضوا وقبلوا بعقمهم حيث أن محاولة هذه العملية معهم قد تزعجهم بشدة وتوقد نار أشجانهم.
ولقد كانت هناك استجابات وجدانية سلبية لاقتراح أن تقدم للمرأة العزباء او المساحقة (أو العزباء المساحقة) خدمة الإخصاب في الأنابيب. بيد أن شروط وظروف تنمية طفل متوازن في هذه الحالة غير معروفة على الوجه الأكمل.
ويبدو أنها قد تشمل عوامل اكثر تعقيدا من مجرد الاتجاهات النوعية أو الجنسية للوالدين. ولكن لا تتوافر البيانات الجيدة حول انمو النفسي والاجتماعي والجنسي لأطفال ولدوا نتيجة التلقيح الصنعي داخل الرحم بنطفة ممنوحة أو الإخصاب في الانابيب لامهات عزباوات أو مساحقات، ولا يوجد ما يساعد على التأكد من أنهم يتعرضون لمتاعب اكثر من غيرهم.
ويبدو أن النساء العزبات اللائي طلبن التلقيح الصنعي بمنى ممنوح داخل رحمهن قد أخذن في اعتبارهن بصورة جادة النتائج الاجتماعية والمادة لتنشئة الاطفال التي يتحملنها كمسئولية والدية، لذلك فإن الرفض البات للاستجابة لطلبات النساء المساحقات أو العزباوات لعمل الإخصاب في الأنابيب، لا بد وأن يعتبر في هذا الوقت غير عادل وتصرف فيه تحيز ضدهن.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]