الفرق ما بين طفل مرحلة العمليات المحسوسة وطفل ما قبل العمليات
1995 مستويات النمو العقلي
الدكتور محمد مصيلحي الأنصاري
KFAS
الفرق ما بين طفل مرحلة العمليات المحسوسة وطفل ما قبل العمليات العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
ويتساءل جينربرج وأوبر كما تساءل من قبلهم برنيارد عن الأسباب التي تمكن طفل مرحلة العمليات المحسوسة ، من الاحتفاظ ، بينما طفل مرحلة ما قبل العمليات أي في المرحلتين الأولى والثانية من تطور مفهوم الاحتفاظ يفشل في ذلك ؟
ويتفقون جميعاً مع ما قدمه بياجيه من تفسيرات ، من خلال الرجوع إلى الميكانيزمات الكامنة وراء فشل طفل مرحلة ما قبل العمليات ، انها المركزية أو تركيز الطفل على كمية محددة فقط من المعلومات المتاحة ، وايضاً العوامل الإدراكية لها تاثير بالغ على الطفل في هذه المرحلة.
حيث لم يتوافر له بعد من العمليات العقلية ما يكفي ليستعيض بها الطفل عن المعلومات الإدراكية التي قد تكون مضللة، وعلى النقيض من ذلك ، فإن الطفل في مرحلة العمليات المحسوسة يتخلص من تمركز الانتباه ، إنه ينتبه لكل من الأبعاد ذات الصلة ويستخدم المتاح له من المعلومات بأكثر من طريقة فمثلاً :
– يستخدم طفل مرحلة العمليات المحسوسة ايضاً مفهوم الهوية أو تحديد هوية الأشياء وخصائصها ، فطالما لم يحدث حذف أو إضافة لأي من المجموعتين ، فإن عدد عناصر المجموعتين ينبغي أن يبقى هو نفسه .
وتعلق (Sinclair, 1971, PP. 5-6)على هذه التفسيرات بقولها "يستطيع طفل مرحلة العمليات المحسوسة أن يفكر بمنطقية فيما يتناول من أشياء ، ومصطلح محسوسة في الفكر البياجي يشير إلى أن هذا الطفل يمكن أن يفكر فيما حوله من أشياء وفق منطق يستمده من خصائص هذه الأشياء الواقعية ، وايضاً ما يستطيعه حيالها من افعال .
ويتفق هؤلاء الباحثون جميعاً على أن أعمال بياجية حول مفهوم العدد قد أثمرت بشكل غير عادي ، وأثارت مجلدات من البحوث ، وأعيد تطبيق تجاربه حتى في مجتمعات غير عربية (Dassen, 1977)، كما كان لنتائجه تطبيقات في البرامج في البرامج التعليمية.
وأثارت أيضاً قدراً غير قليل من الجدل ومن وجهات النظر المختلفة من امثال (Gelman & Gallistel. 1978, Ginsuburd, 1982) وإذا كان بياجية قد أعتبر أن اكتساب الطفل لمفهوم العدد رهن بوصوله إلى الاحتفاظ بثبات الأعداد .
وأن ما عدا ذلك من العد أو المقارنة بين الأعداد أو عمليات الجمع والطرح وغيرها ، أمر غير ذي بال ، فإن كثيرين قد رأوا غير ذلك ، ليس فقط من حيث المحتوى المعرفي لمفهوم العدد ، بل وأيضاً من حيث المراحل العمرية التي تظهر فيها مكونات هذا المفهوم ، ويأتي في مقدمة هؤلاء الباحثين جيلمان التي تقول : " يمتلك أطفال ما قبل المدرسة الكثير من المعرفة عن طبيعة الأعداد.
ولقد اثبت أنا وزملائي ، أن الأطفال في عمر سنتين ونصف يعرفون مبادئ العد ، وانهم قادرون على استخدام نظام العد ليبرروا شيئاً تبريراً عددياً ، وعلى سبيل المثال ، لتحديد ان تغييراً غير متوقع في القيمة العددية لمجموعة من الأشياء قد حدث بسبب عملية حذف وإضافة (Gelman, 1979, P903) ، كما أنها أوضحت من خلال بحثها بالمشاركة مع جالستل.
أن عملية العد ، ليست بالعملية التي تكتسب بالتذكر الاصم فقط ، لكنها تقوم على خمسة مبادئ تتمثل في المقابلة واحداً لواحد ، ثبات قائمة الأعداد ، وتؤكد ان الطفل يصل إلى التعرف على هذه المبادئ الخمسة بل ويمكنه استخدامها قبل الخامسة من العمر، (Gelman & Gallistel, 1978)
وتضيف جيلمان أيضاً أنه توجد حقائق تجريبية اكثر حول العد عند الأطفال تدعم الفكرة القائلة بأن بعض المبادئ هي التي تحكم اكتسابهم لمهارة العد ، فالأطفال مثلاً يصححون تلقائياً لانفسهم أخطاء العد ، ثم انهم يندفعون لممارسة العد دون أن يطلب منهم أحد ذلك العد ، وهذه الممارسة الذاتية تعدمن أهم أساليب تنمية مهارة العد لديهم.
فإذا أضفنا إلى ذلك ما ذكره (Keil, 1977, Cary; 1978) من تصنيف أطفال ما قبل المدرسة للأشياء الحية في مجموعة وغير احلية في مجموعة أخرى ، في حين أن بياجية يتحدث عن الإحيائية في هذه المرحلة العمرية.
وكذلك ما ذكره كل من (Markman & Siebert, 1976; Mansfield, 1975) عن قدرة أطفال ما قبل المردسة على التصنيف وأضاف أنه لا يكون ثابتاً ، وكذلك ملاحظات (Brown, 1976) عن الترتيب الزمني وملاحظات (Trabasso, 1975) عن الاستدلال التحويلي.
لأمكننا القول بأن أطفال مرحلة ما قبل العمليات لديهم قدرات عقلية جديرة بالإعتبار ليس فقط في مجال العد بل وأيضاً في مجالات أخرى مختلفة ، لكن المشكلة تتمثل في كيف يمكن أن نكشف عن هذه القدرات بغير المهام المعيارية التي استخدمها بياجية (Gelman. 1979, PP. 903-904).
ولقد تابع (Brainerd, 1983) مشكلة العد عند أطفال ما قبل المدرسة وعلاقتها بمفهوم العدد ، وكذلك تابع معرفة هؤلاء الأطفال بالحجم العددي ومداه وقدرتهم على الجمع ، وأخيراً نمو المعرفة العددية عند أطفال ما قبل المدرسة ، وهل يتفق ذلك مع وجهة نظر بياجيه من عدمه .
ولقد اشار (Brainerd, 1983, P. 60) إلى أن الطفل يستخدم الاعداد الصغيرة في حدود دلالات مرجعية قائمة في حياته مثل ، أذنين ، عينين ، في أسرتنا ثلاث افراد ، للطاولة اربع أرجل ، أما الأعداد الكبيرة فإنها تفتقد مثل هذه الدلالات.
وبالتالي تتأخر كفاءة الأطفال في استخدامها ، كما استشهد بالنتائج التي توصل إليها (Pollow & Whitecare, 1970) من أن أطوال سلسلة الاعداد التي يستطيع طفل ما قبل المدرسة عدها تعد مؤشراً جيداً يمكن من التنبؤ بقدرتهم على إنشاء المقابلة واحد لواحد ، وعلى تقسيم عدد من الاشياء إلى مجموعتين متساويتين ، وعلى إدخال أو تضمين العدد الناقص في سلسلة ، وأخيراً على العد من نقطة عشوائية خلال سلسلة من الأعداد .
وبالنسبة للحجم العددي ، فلقد أثارت نتائج (Mayer & Landauer, 1976) التي تفيد أن مقارنة رقمين متباعدين مثل 4 ، 8 تأخذ من الطفل اقل من مقارنة رقمين متقاربين مثل 5، 6 أثارت هذه النتائج حول المسافة الرمزية بين الأعداد ، تطبيقات متتالية على مدار سنوات خمس مثل : (Aiken & willinms, 1968; Fairbank, 1969; Parkman, sekuer et al, 1971) وأخيراً (Knoll. 1976)
ولقد أوضحت هذه البحوث جميعاً صحة الفرض الخاص بتاثير المسافة الرمزية ، كما اثبتت أيضاً أنه كلما صغرت الأعداد مع توحد المسافة ، فإن الأعداد الأصغر هي الأسرع من حيث إصدار الطفل أحكاماً بصددها مثل مقارنة 2، 4 تكون أسرع من مقارنة 4، 6 ، كما أثبتت ايضاً ان العمر ما بين ثلاث وخمس سنوات ، يعد فترة نمو مهمة بالنسبة لتعامل الطفل مع الأعداد .
وبالنسبة لمعرفة طفل ما قبل المدرسة بالجمع أو الإضافة ، عرض بيرنارد لتجربة Groen & Parkman, 1972 والتي اختبر فيها أطفال الثالثة والرابعة والخامسة في المقارنة بين عددين ، وبعد تحديد العدد الاصغر يتم إضافة واحد عليه ، ثم إضافة واحد على الناتج ، وهكذا لعدد من الممرات تبين أن أصغر هؤلاء الأطفال لا يواجه مشكلة في أداء المطلوب منه.
واعتبر بيرنارد أن نجاح الأطفال في هذه المهمة دليل على فهمهم للتغير العددي ولمفهوم الإضافة في نفس الوقت .
وقد انتهى بيرنارد إلى استعراض نموذج متكامل لنمو المعرفة العددية التي تمكن الطفل من اكتساب مستوى من المهارات العرفية يتفق مع مواصفات بياجية للمفهوم الناضج للعد دون أن يمر ذلك بالضرورة باكتساب هؤلاء الأطفال بمفهوم الاحتفاظ .
ويستشهد (Brainerd, 1983, P, 79) بطفل في عمر الرابعة ، حدثه بعد انتهاء الموقف الاختباري ليقول له أن "واحد" هو أول عدد نعده ، وهو عدد الرؤوس والاجسام والأنوف والأفواه في اي شخص ، وهو أصغر الأعداد ، ويعلق بيرنارد متسائلاً عما يمكن أن يصل إليه مثل هذا الطفل بعد عام أو بعد عامين مع استخدام الأعداد في حياته اليومية .
التعليق الأخير على وجهة نظر بياجية في مفهوم العدد جاء على لسان جيلمان وبيلارجون ، "بعد أن راجعنا فهم طفل ما قبل العمليات للعد ، الجمع ، الطرح ، والتساوي ، نجد ان هذا الطفل يعرف أكثر حول العدد مما يفترض بياجية .
صحيح أنه ما زال أمامه مساحة جديرة بالاعتبار من النمو يمكن أن تتحقق حتى يصل إلى مفهوم صحيح للعدد ، لكن رغم ذلك فإنه يبدو لنا أن طفل ما قبل العمليات لديه كفاءة متزايدة في التعامل مع الأعداد.
أكثر مما يمتلكه طفل مرحلة العمليات المحسوسة" وهذا ما يتناقض مع بياجيه (Gelman & Baillargoon, 1983, 1983, P. 189) ولعل مثل هذا التعليق بالإضافة إلى ما سبقه من تعليقات مماثلة يدفع إلى مزيد من البحث حول مفهوم العدد عند بياجيه وحول المراحل العمرية الممكنة لاكستاب مختلف جوانبه .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]