الفلز الأصفر “الذهب”
2002 في رحاب الكيمياء
الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي
KFAS
رأيت الناس قد ذهبوا إلى من عنده ذهب
ومن لا عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا
تُرى .. ما سر هذا المعدن الغريب ذي البريق الاصفر الذي لعب بعقول البشر وأدار عقولهم واستهوى أفئدة الحسان ؟ إن مجرد التفكير بهذا المعدن دفع الناس منذ قديم الزمان إلى محاولة الحصول عليه بطرق شتى .
وقد استمرت هذه المحاولات لقرون طويلة .. فمن أجل الذهب غزا الإسكندر الأكبر بلاد فارس .. وأبحر البرتغاليون إلى المجهول بحثاً عنه ، واكتشف الإسبان أميركا الجنوبية وأميركا الوسطى .
وقام الكيميائيون الأوائل بإجراء عدد لا يحصى من التجارب والمحاولات لاصطناعه من المعادن الوضيعة . إذ كانت تسيطر على عقولهم افكار الفيلسوف اليوناي أرسطو (Aristotle) الذي كان يعتقد أن كل الأشياء تسعى إلى الكمال .
ولما كان الذهب نموذجاً للكمال فقد اعتقد الكثيرون أن العناصر الأخرى يمكن تحويلها للذهب حتى تصل إلى الكمال المنشود .
ولقد حاول الصينيون تحضير الذهب … ليس فقط من اجل قيمته المادية .. بل لاعتقادهم أن أكل الذهب يضمن للإنسان الخلود .
ولا يقتصر استخدام الذهب على مجال الحلي والمجوهرات ، بل هو الاساس أيضاً لضمان قيمة العملات العالمية المختلفة ، ففي الولايات المتحدة مثلاً يوجد في بنك الاحتياط الأمريكي في نيويورك وفي فورت كنوكس بكنتاكي ما يقرب من ثلاثين ألف طن من سبائك الذهب .
والذهب معدن قابل للسحب ، وهو موصل جيد للكهرباء وغير قابل للصدأ ، لذا فهو يستخدم في الدوائر الكهربائية للتلفزيون والحواسيب والحاسبات .
وتقدر كمية الذهب التي تم إخراجها من باطن الارض بحوالي ثمانين ألف طن خلال الستة آلاف عام الماضية . وتعدّ هذه الكمية هائلة إذا ما عرفنا أن نسبة وجوده في خاماته قليلة ومتدنية .
إذ تبلغ هذه النسبة في المتوسط 0.004 غرام في كل مليون غرام من القشرة الأرضية . لذا لا بد من استخدام طرق خاصة لاستخلاصه وتنقيته . وكمان الذهب في الماضي يستخلص من رمال الانهار بإمرار الماء فوق صرف الخراف .
وبعدها تطورت طريقة استخلاصه من الأنهار ، فأصبحت تعتمد على استخدام أحواض متعددة لترسيب الذهب وفصله عن الرمال العالقة به . ذلك أن كثافة الذهب هي 19.3 غم/سم3 في حين أن كثافة الرمل لا تزيد عن 2.5 غرام / سم3 .
وقد نضبت المصادر التقليدية للذهب ، واصبح استخراجه يعتمد على التعدين في المناجم على أعماق سحيقة .
ففي مناجم جنوب أفريقيا يصل عمق هذه المناجم إلى حوالي 11000 قدم، وتنتج هذه المناجم حوالي ثلثي كمية الذهب التي ينتجها العالم بأسره .
وبعد تنقية الذهب من الشوائب تصل نقاوته الـــ 99.95 بالمائة وعندها يقال إن عيار هذا الذهب هو 24 قيراطاً .
وفي العادة فإن الحلي الذهبية لا تصنع من الذهب ذي الأربعة والعشرين قيراطاً، لأنه يكون طرياً ، لذا يضاف إليه نسب مختلفة من النحاس والفضة لتقسيته .
ويعتبر القيراط في الحلي الذهبية تعبيراً عن نسبة الذهب الخالص فيها فالحلي المصنوعة من ذهب عيار 14 قيراطاً مثلاً تكون نسبة الذهب فيها 58.30% في حين أن الذهب من عيار 21 قيراطاً تبلغ نسبة الذهب فيه 87.5% تقريباً .
ويتميز الذهب بخواص كيميائية فريدة ، إذ أنه لا يصدأ، وهو المعدن الوحيد الذي لا يتفاعل مع العناصر الاخرى او مع الاحماض والقواعد ، لكن يمكن إذابته فيما يسمى "بالماء الملكي" وهو خليط من حمض كلور الماء (الهيدروكلوريك) والآزوت (النيتريك) بنسبة 1:3 .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]