الكربون المدمج في التجارة
2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري
تشارلزس . بيرسون
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الكربون المدمج الكربون المدمج في التجارة علوم الأرض والجيولوجيا
تسمح التجارة لأي بلد باستهلاك حزمة من السلع والخدمات، مختلفةً عن الحزمة التي ينتجها. وأن كمية الكربون وغازات الدفيئة الأخرى المدمجة ضمناً في الاستهلاك وفي حزم الإنتاج ستكون مختلفة. وهذه جهود قد جذبت الجهود لتحديد الميزان التجاري للكربون.
أن منهجية حساب الكربون في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغيير المناخ (UNFCCC) ترتكز على مفهوم الإنتاج أو المفهوم الأقليمي –أن كل الانبعاثات المطلقة في أراضي بلد ما [نتيجة الإنتاج] تعود لذلك البلد(21).
والبديل لتقدير الانبعاثات الكلية المرتبطة باستهلاك السلع والخدمات من قبل المقيمين في البلد.
وإن التعديلات الأساسية هي بالانتقال من الحسابات المبنية على الإنتاج – إلى الاستهلاك- عبر إضافة الانبعاثات المصاحبة لإنتاج السلع المستوردة، وطرح الانبعاثات (ناقص) الانبعاثات المصاحبة لصادرات البلد.
والفرق بين الانبعاثات المقدرة للإنتاج مقابل الاستهلاك يطلق عليها أحياناً بأنها "الميزان التجاري للكربون" (Carbon Balance of Trade). وسيكون الفرق إيجابياً، إذا ما كانت الانبعاثات المتجسدة ضمناً في الصادرات تتجاوز الانبعاثات المتجسدة ضمناً في الواردات.
وإن المحددات الإيجابية لميزان الكربون في بلد ما، هي مستوى الصادرات ابالنسبة إلى الواردات، ومكونات وكثافة الكربون في تجارة البلد(22).
وليس هناك من افتراضٍ مسبق بأن الميزان التجاري السلبي أو الإيجابي للكربون هو أماً مرغوباً أم غير مرغوباً فيه.
إن العملية الحسابية الكاملة للميزان التجاري للكربون تنطوي على التعامل مع قدر كبير من البيانات التي تشتمل على جداول المدخلات والمخرجات الوطنية، وتقدير معاملات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مصنفة حسب نوع الصناعة، وبيانات التجارة مصنفة وفقاً لنوع الصناعة وكلا من مصدر الإنتاج ووجهة الوصول.
وهناك تحدياً كبيراً عند التعامل مع لاستيرادات لعملية الانتاج، وإعادة التصدير. ويمكن أن تكون نتائجها مثيرة للاهتمام.
فقد استعان هيلم وآخرون (Helm et al. 2007) بتقديرات تقريبية في العجز التجاري للمملكة المتحدة بخصوص انبعاثات غازات الدفيئة لعام 2006م، حيث بلغت 341 مليون طن متري لمكافئ ثاني أكسيد الكربون، أو ما يقارب 50% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة للمملكة المتحدة وطنياً.
كما أنه قدر أيضاً عجز الكربون الصافي للمملكة المتحدة الناشئ من قطاع واحد – وهو لسياحة الدولية- الذي قد زاد بأكثر من خمسة أضعاف للفترة ما بين عام 1990م و2003م(23). وربما "سياحة الشمس المشرقة" عاملة هنا.
في السنوات الثلاثين الماضية، برزت الصين باعتبارها "مصنع العالم" (Factory to the World). فقد حدد بان وزملاؤه (Pan el al. 2008) مقاييس الميزان التجاري الصيني للكربون الصيني، حيث يعرف الميزان بالفرق في الانبعاثات في ظل خطة الحسابات للإنتاج والاستهلاك.
ووجدوا أنه في عام 2006م، كانت الانبعاثات المصاحبة مع الانتاج الصيني 5500 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وبلغت الانبعاثات المصاحبة مع الاستهلاك الصيني 3840 مليون طن، لتُعطي فائض في انبعاثات الكربون قدره 1160 مليون طن.
فالتحول من خطة الحسابات المبنية على الإنتاج إلى الحسابات المبنية على الاستهلاك سيخفض من معدل نمو الانبعاثات الصينية من 12.5% إلى 8.7% سنوياً للفترة ما بين عام 2001م وعام 2006م.
أجرى ناكانو وآخرون (Nakano et al 2009) دراسة طموحة غطت 41 بلداً ومنطقةً (شملت 90ما نسبته % من اجمالي الناتج العالمي)، وسبع عشرة صناعة مختلفة.
وكانت النتائج الأساسية للدراسة: (1) في الفترة ما بين 1995م و2000م كان أكثر من نصف الزيادة العالمية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون المبنية على الاستهلاك قد حصلت ضمن بلدان منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD)، ولكن الثلث فقط من هذه الزيادة في الانبعاثات كان مرتكزاً على الإنتاج(24).
(2) إن ستة بلدان من بلدان منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (فرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية) مسؤولة عن 91% من العجز في ميزان التجارة للكربون في عام 2000م.
(3) إن خمسة بلدان من البلدان غير المنضوية تحت مظلة منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (روسيا والصين وإندونيسيا والهند وجنوب أفريقيا) مسؤولة عن 75% الفائض في الميزان التجاري العالمي للكربون.
ليس هناك حاجة إلى مراكمة المزيد من التقديرات، فالأمر واضح. فالتجارة الدولية بمنزلة ترسم حد ما بين أين يُنتج المنتج ووأين يستهلك. فتجارة السلع تعكس الانبعاثات المدمجة ضمناً كما وكأنها تعكس العمل المدمج ضمناً.
فالأسئلة المطروحة ذات الصلة هي: ثم ماذا في ذلك؟ لماذا علينا أن نُعنى بذلك؟.
فمن الواضح، إذا أقدمت البلدان على استخدام التعديلات الحدودية لحماية قدراتها التنافسية، فلا بد من احتساب المحتوى الكربوني الضمني في منتجات معينة. ولكن هذا لا يفسر ما هي الحاجة لحساب ميزان التجارة للكربون.
إن الدراسات لمحتوى عنصر العمل في التجارة له تاريخ لا يمكن التعويل عليه. فهل دراسات ميزان التجارة للكربون في محل شك بالقدر نفسه؟ بالتأكيد أن الدراسات الثنائية لميزان التجارة للكربون هي محط تساؤل.
لقد ذهب اقتصاديو التجارة لمسافة بعيدة في بيان أن الميزانيات التجارية الثنائية لا تمتلك إلا القليل من الجدارة الاقتصادية، وأن ميزانيات العمل الثنائية هي أقل من ذلك.
وإذا كان هناك من مدلول لأي ميزان تجاري للكربون لأي بلد، فإنه نابع من مضمون الميزان العالمي. ولكن حتى هذا المضمون مشكوك فيه ومريب. فنحن لا نتطلع إلى ميزان تجارة الموز. فلماذا علينا أن نبحث في ميزان التجارة للكربون؟
إن الإجابة تكمن أساساً في التغطية غير الكاملة لبروتوكول كيوتو. فبفعل وجود عددٍ محدود من البلدان المضطلعة بالتزاماتها في خفض الانبعاثات، فإن كلا الهدفين لخفض الانبعاثات على المستوى العالمي والوطني يعملان على النحو الأمثل من خلال تغيير أنماط التجارة في المنتجات الكثيفة الكربون.
وإن التحول في الإنتاج وتجارة هذه المنتجات من الدول المتقيدة إلى الدول غير المتقيدة تقوض من سلامة الأهداف الأصلية.
وبشكل أكثر تحديداً، ففي إطار نظام الحسابات لبروتوكول كيوتو، تميل تحولات في التجارة إلى المغالاة في إنجازات خفض الانبعاثات للبلدان المدرجة في الملحق رقم 1، والمبالغة في مستويات الانبعاثات الناتجة من البلدان التي هي غير مدرجة في الملحق رقم 1 المذكور.
يقدم قياس التغيرات في الميزان التجاري للكربون صورة أكثر دقة. علاوة على ذلك، إن التحرك لما بعد بروتوكول كيوتو، لبناء نظام الحد الأقصى للتجارة العالمية والذي يتطلب بيانات بانبعاثات الكربون المبنية على الاستهلاك والمحسوبة للتجارة، وذلك من أجل الحصول على العدالة في التوزيع الدولي لتصاريح الانبعاثات.
فهناك حاجة لبيانات تقيس الانبعاثات المبنية على الإنتاج والاستهلاك على حدٍ سواء – وفقاً لما يوفره ميزان الكربون بالتحديد. فمن حيث المبدأ، إذا كان محتوى الكربون في التجارة الحالية يأخذ بعين الاعتبار في تحديد التوزيع العادل للتصاريح، فإنه ربما يتم فحص الأنماط التاريخية للتجارة أيضاً – فهي دعوة لنزاعات أخرى.
على أية حال، فعندما يكون هناك مكانٌ لشمولية نظام الحد الأقصى للتجارة، بينما موازين التجارة للكربون ستسعى تلقائياً لتحقيق مستويات الكفاءة، وسيكون حساب تلك الموازين غير ضروري(25). وإلى أن يتحقق هذا اليوم، من المفيد أن نمتلك كل من الحسابات المبنية على الإنتاج ومحاسبة مرتكزة على الاستهلاك لقياس جهود تخفيض الانبعاثات بدقة(26).
إن الدراسات الثلاث التي استشهدنا بها سابقاً وضحت الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه الحسابات الخاصة بتجارة الكربون.
فقد أوضحت دراسة هيلم أن ما بدا أنه محاولة نموذجية في المملكة المتحدة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة كانت في الحقيقة نتيجة " الاندفاع نحو الغاز" (Dash for Gas) في المملكة المتحدة باعتباره مصدر للطاقة.
والتراجع في عملية التصنيع بشكل منهجي المقترنة بالزيادة السريعة في الاستيردات للمنتجات الكثيفة الكربون، والتي لم يكن الدافع الأصلي ورائها الاهتمام بظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.
وفي هذه الحالة، فإن الحسابات المرتكز على الاستهلاك كانت أكثر دقة وتبصر من تلك المرتكزة على الإنتاج. فدراسة الوضع الصيني مهمٌ و يلفت الانتباه إلى ضرورة الاقرار بالأنماط التجارية، فيما إذا ومتى ما تم انشاء ميزانية الكربون العالمية.
وإن دولاً مثل الصين ستتفاوض على حصة عادلة وفعالة في غطاء الكربون العالميفي تلك الميزانية. وقد أكدت دراسة ناكانو (Nakano) على الطبيعة الديناميكية للتجارة الدولية، فضلاً عن الحاجة إلى احتواء التحولات الكبرى في التجارة، عندما توضع أهداف الحد من الانبعاثات وعندما تُرصد تصاريح الانبعاثات.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]