المجال المغناطيسي الأرضي وانقلاباته
1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الخامس
ترجمة أ.د عبد الله الغنيم واخرون
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
المجال المغناطيسي الأرضي علوم الأرض والجيولوجيا
تدل التحليلات التوافقية التي أجريت للمجال المغناطيسي الأرضي ولفترات زمنية مختلفة منذ عام 1830، على أنه ذو قطبين ويمر بمركز الأرض (Geocentric Dipole) كما تدل على أن التوافقيات العالية تتغير بسرعة مقارنة بالعمود الجيولوجي، وأن هذه ذات فترات زمنية تقدر بمئات السنين.
وحيث أن الاقتران بين لب الأرض غير ثابت لكون اللب الخارجي ذا طبيعة سائلة (أنظر: التركيب الداخلي للأرض، علم الزلازل)، وأن كليهما يدور بسرعة تختلف عن الآخر.
فإن الدراسات النظرية توحيب أن التغييرات التي تطرأ على مركبات هذا المجال تتطلب فترات زمنية طويلة تقدر بآلاف السنين.
وتؤكد ذلك المشاهدات المدروسة للمغناطيسية القديمة لصخور العصرين الثلاثي والرباعي لجميع القارات، حيث أن حركة القارات بالنسبة للقطب المغناطيسي ليست كبيرة.
وتدل هذه الدراسات على أن معدل الانحراف المغناطيسي لا يتعدى الصفر، وأن المجال المغناطيسي محوري ذو قطبين وأن الميل المغناطيسي يحسب كما يلي:
حيثهي قيمة زاوية خط العرض للمنطقة المعنية.
وتنص نظرية انقلاب (انعكاس) المجال المغناطيسي الأرضي على أن هذا المجال قد عكس قطبيته خلال فترات زمنية مختلفة من الزمن الجيولوجي.
وقد بنيت هذه النظرية على أساس المشاهدات للمغناطيسية المتبقية للصخور، والتي ترى أن اتجاه المغناطيسية المتبقية لجميع الصخور ذات الأعمار التي تقل عن 30 مليون سنة إما أن يكون عادياً أو مقلوباً على النحور التالي:
1- عادي:
إذا كان موازياً لاتجاه المغناطيسي الأرضي الحالي أو يقطعه بزاوية لا تتعدى بضع عشرات من الدرجات.
2- مقلوب (معكوس):
إذا كان غير ذلك بمعنى أن وضع القطبين قد انعكس ويتطلب هذا أن تكون الصخور قد تكونت في وضع كان فيه المجال المغناطيسي الأرضي مقلوباً.
إن ظاهرة الانقلاب هذه عالمية، حيث وجدت في صخور جميع القارات ولجميع أنواع الصخور. هناك على الأقل انقلاب واحد موثق للعصر الحديث (البلايوستوسين) وقد تم تحديد وقت حدوثه بحوالي 0.85 + 0.15 مليون سنة.
ويظن أن معدل تكرار الانقلاب المغناطيسي في العصور الجيولوجية الحديثة هو في حدود مليون سنة.
كما أن زمن الانقلاب ربما لا يزيد عن 10.000 سنة. كما تم تحديد مجموعة انقلابات مغناطيسية تعود للعصر الثلاثي وغيرها ذات أعمار أقدم.
إنه لجدير بالذكر أن انقلابات مغناطيسية كهذه يمكن تفسيرها بأنها ناتجة عن خصائص شاذة لبعض معادن أكاسيد الحديد، أو نتيجة تغييرات كيميائية ربما حصلت مباشرة بعد تمغنط الصخر، أو كنتيجة لما يعرف بظاهرة الانقلاب المغناطيسي الذاتي للمعدن (Self – Reversal of Remanent Magnetization).
لقد تبين أن الصخور ذات العمر الواحد منها ما له مغناطيسية متبقية مقلوبة، ومنها ما تكون مغناطيسيته المتبقية عادية. وقد أثارت هذه القضية اهتمام الباحثين منذ ما يزيد عن الثلاثين عاماً.
وقد أجريت دراسات نظرية وتجريبية كثيرة في هذا الصدد، وتم اقتراح ظاهر الانقلاب المغناطيسي الذاتي لبعض المعادن، خاصة معادن أكاسيد الحديد، واقترحت عدة عوامل لتفسير هذه الظاهرة. من أهمها:
1- تنقلب المغناطيسية المتبقية للصخر نفسه نتيجة عوامل حرارية.
2– قد تنقلب هذه المغناطيسية في الصخر نتيجة إعادة ترتيب الأيونات وربما الاليكترونات.
3– وقد يكون السبب هو التفاعل المحتمل بين معادن المحلول الصخري.
ويبدو أن الشواهد العلمية ترجح أن يكون السبب هو انقلاب المجال المغناطيسي الأرضي نفسه خلال فترات زمنية تقدر بملايين السنين ومن أهم هذه الشواهد:
1- التوزيع العالمي للصخور ذات المجال المنقلب خاصة تلك الصخور التي تعود لعصر البلايوستوسين وغيرها.
2– وجود طبقات صخرية ذات مغناطيسية مبعثرة وضعيفة بين حقبتي انقلاب مغناطيسي متتاليتين كدليل على ذلك؛ وتفسر على أن الفترة هذه كانت فترة دوران وتغيير للمجال المغناطيسي.
3- تحصل ظاهرة الانقلاب المغناطيسي هذه في الصخور الرسوبية والنارية على حد سواء على الرغم من اختلاف ميكانيكية تمغنطهما وتركيبهما المعدني.
وهناك أمثلة كثيرة على ذلك من أهمها تلك الصخور الرسوبية المشوية (baked) نتيجة اختراق اللابة لها. وفي حالات كثيرة كهذه وجد أن كلا الصخرين لهما نفس المجال المغناطيسي المنقلب.
4- أظهرت دراسات التأريخ بطرق التحلل الإشعاعي على عينات صخرية عديدة أن الانقلاب المغناطيسي المسجل في هذه العينات كان نتيجة انقلاب المجال المغناطيسي الأرضي نفسه، حيث أن هناك مضاهاة جيدة بين أعمار الصخور وطبيعة تمغنطها عند المقارنة بينها على نطاق إقليمي.
5- يبدو أن ظاهرة الانقلاب المغناطيسي الذاتي مقصورة على أنواع معينة من المعادن، خاصة بعض معادن الأكاسيد الحديدية.
6- كما أن الدراسات على أعمدة رسوبيات قيعان المحيطات وأنظمة الشذوذ المغناطيسي (Magnetic Anomaly Patterns) الناتجة عن انتشار قيعان المحيطات، هي ذات نظام ثابت متكرر عمودياً (كما يتضح من الأعمدة الرسوبية) وأفقياً بعيداً عن سطح الانتشار المحيطي.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]