المرض، العداوة والحسد من الصعوبات التي واجهت “الجاحظ”
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
المرض ، العداوة والحسد الجاحط التاريخ المخطوطات والكتب النادرة
ثالوث النكد…المرض والعداوة والحسد!
عاش الجاحظ في أواخر حياته عيشة قاسية، طاردته الأمراض وأمسكت به العلل فكاد أن يكون مقعداً.
يقول في شدته: (اصطلحت على جسدي الأضداد: إن أكلت بارداً أخذ برجلي، وإن أكلت حاراً أخذ برأسي، أنا من جانبي الأيسر مفلوج (مشلول)، فلو قُرض بالمقاريض ما علمت به، ومن جانبي الأيمن منقرسٌ فلو مرت به ذبابة تألمت، وبي حصاة لا ينسرح بولي معها، وأشد ما علي ستٍ وتسعون من الأعوام).
غير أن هذه العلل التي أقعدته لم تقعد همته السامية عن السمو ولا ذهنه الصافي عن التوقد، فواصل التأليف والكتابة حتى ألَّف أكثر من ثلاث مائة وخمسين كتاباً ورسالة! أسهمت في إثراء المكتبة العربية، كما استمر في دأبه على معاشرة الكتب ومجالسة العلماء مناقشاً ومجادلاً ومحاوراً ومناظراً.
وهذا العملاق، فضلاً عن العلل، قاسى الأمرين في حياته من الحسَّاد الذين تعرضوا له بالتجريح والاتهامات، ومن الذين عادوه لأمورٍ لا يملكها. وهو هنا يفرق بين العداوة والحسد.
فالعداوة تقترن بالعقل أما الحسد فلا يواكبه عقل، والحسد يبدأ بالأدنى أما العداوة فبالأبعد. الحسد يستمر ما دام المحسود، أما العداوة فتحدث لعلة وتزول بزوالها. والعداوة تضعف أما الحسد فيزكو. والحسد آلم وآذى من العداوة. وهو ناتج عن فساد الطبع، واعوجاج التركيب، واضطراب النفس. والحسد أخٌ للكذب أما العداوة فقد تخلو من الكذب.
والحسد أفشى في أهل العلم وحسد الجاهل أهون من حسد الفطن. معانٍ أصيلة وخلجات حقيقية يزفرها الجاحظ من تجارب ذاتية ألمت به . يقول: (إن كثيراً من الكتَّاب حسدوني على نتاجي وراحوا يقللون من شأني).
كل هذا، المرض والعداوة والحسد، لم يفت في عضد عالمنا عن مواصلة مسيرته العلمية الرائعة. فقد كان مضرب المثل في غرامه بالكتب، جمَّاعاً لها وقارئاً ومؤلِّفاً وما زال مصاحباً لها عاكفاً عليها حتى كانت نهايته بها وتحتها!.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]