المشاريع الضخمة . علم ميكانيك الفشل
2014 لنسامح التصميم
هنري بيتروكسكي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
التكنولوجيا والعلوم التطبيقية الهندسة
في المشاريع الضخمة، كسدّ كهرومائي كبير، يتطلب أن يكون قطر أسطوانة الاختبار الكونكريتية أكبر من 6 إنشات بسبب حجم الخلطة المستعملة في خليط الإسمنت. تكون الخلطة عادة على شكل أحجار أو حصى يضاف إلى خليط الاسمنت والرمل والماء لزيادة حجمه وتقليص كمية المكونات غالية الثمن فيه – أي الإسمنت، ومكوّنات التكتّل تترواح من أحجار وصخور مجمّعة من النهر وحصى خشن من الحفر، تعتمد حجومها على مقياس الهيكل، وفي الإنشاءات الاعتيادية يكون الحجم الأقصى للخلطة حوالي نصف إنش [مكعّب]، أما في السدود الضخمة فقد يصل إلى 6 أو 8 إنشات [مكعبة]، أو أكبر، من الحجم القياسي لأسطوانة الاختبار.
القاعدة العملية هي أن يكون قطر أسطوانة الاختبار معادلاً 3 مرات على الأقل لقطر الحجم الأقصى للخلطة، وفي حالة سد هوفر (Hoover Dam) كان قطر الكتل 8 أو 9 إنشات، لذا فإن قطر أسطوانة الاختبار كانت قدمين، مقاربة بالحجم لبرميل من الزيت سعته 55 غالوناً بدلاً من علبة عصير الطماطم، واحتاجت عملية نقل الأسطوانات من مكان لآخر لجهد كبير، إذ قد يبلغ وزن الأسطوانة الواحدة ما يزيد على 3 طن، وتحتاج قوة تزيد على مليون باوند لتفتيت أسطوانة بهذا الحجم، إذا كانت مصنوعةً من الكونكريت العادي، وهذا ما هو مطلوب أن تقوم به مكائن كبيرة كتلك الموجودة في مختبر تالبوت، وإذا كانت الأسطوانة مصنوعة من الكونكريت عالي المتانة، على سبيل المثال، لها القدرة أن تتحمّل ثقلاً بحدود 10.000 باوند للإنش المربع، عند ذلك ستكون القوة المطلوبة لتفتيتها أكبر من 4 مليون باوند – وهي قوة تتعدّى حتى [قدرات] ماكنة مختبر تالبوت، وتم اختبار بعض الأسطوانات المخزونة التي صُنِّفت من الكونكريت الذي استخدم في سد هوفر بعد 60 سنة، ووجد أن المادة تمتلك متانة تزيد على 9.000 باوند للإنش المربع، وهذا يعني أن قوة تزيد على 3 مليون باوند مطلوبة لاختبار الأسطوانات حتى الفشل، وهذا هو السبب لوضع مكائن اختبار سعة 4 و5 مليون باوند. في مختبرات مكتب الاسترداد (Bureau of Reclamation Laboratories) حيث يتم إجراء الاختبارات اللازمة، ونحن طلاب الدراسات العليا الذين لم نتعامل مع الكونكريت مباشرة، كنّا سعداء بجهلنا هذه الحقائق. فبالنسبة لنا، كانت ماكنة الاختبار الموجودة في مسار الرافعة الرمز الأعلى للمتانة.
مع ذلك، قلما تكلمنا عن الماكنة الغوريلا ذات [قدرة] 3 مليون باوند الموجودة في مسار الرافعة، إلّا عند محاولة إنعاش ذاكرتنا حول مواصفاتها المثيرة عند التحضير لزيارة قريب أو صديق لمختبر تالبوت. فالصفحات التي تحتوى المعادلات، بالنسبة لهم [للزوار]، لا تعني شيئاً مقارنة بالصرح الجاثم على مسار الرافعة. فنحن طلاب الدراسات العليا المحنّكون بإمكاننا إهمال الماكنة الغوريلا، لكن لا يمكن للضيوف الذين يشاهدون الماكنة لأول مرة إهمالها. فهم يريدون معرفة اسمها، ووزنها، وقدراتها، وكل ما كان بإمكاننا أن نقول لهم هو إنها ماكنة ساوث وراك – إميري وباستطاعتها أن تسحب بقوة 10 آلاف حصان، أو على الأقل كانت تلك قوتها عندما كانت فتية، والإشاعة تقول إن أحد براغي التثبيت قد كُسر خلال أحد الاختبارات الشاقّة، وبالتالي لم تعد الماكنة تملك نفس القدرة التي كانت تملكها من قبل، والماكنة العملاقة المثبّتة بأرضية السرداب والموضوعة في قفص كانت مشهداً للجميع، لكن قليلاً منهم أدرك شأنها. إن تجسّد ماضي ومستقبل الفشل هو في الحقيقة سبب وجود (raison d’être) مسار الرافعة ومختبر تالبوت والأقسام الدراسية للميكانيك النظري والتطبيقي وللكلية الجامعة لهذه الأقسام، ولوجود الطلاب ولأبحاثهم وللتطوير. وبدون قدرة الماكنة الكبيرة والماكنات الأصغر القادرة على كسر أصعب الكتل التي يمكن وضعها داخل أو تحت فكّي الماكنة، ومن بيننا مَن، في النهاية، قام بدراسة كيف ولماذا تفشل الأشياء التي كانت في يوم ما هياكل ناجحة، وقد فشلت بمرور الزمن، وهي لا توفّر أي إثبات لنظرياتنا وتطبيقاتنا المتعددة، لربما لأن الماكنة الغوريلا كانت جاثمة معظم الوقت في مسار الرافعة واجمة، فقد كانت شيئاً نادراً ما دار الكلام حولها، حينئذٍ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]