البيولوجيا وعلوم الحياة

المفاهيم الوراثية المتأثرة بالسياق الاجتماعي السياسي في العديد من الدول

1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان

الدكتور يوسف يعقوب السلطان

KFAS

البيولوجيا وعلوم الحياة

قدمت لنا الدراسة التي قام بها باولر Bowler (1989) عن دور مفاهيم الوراثة في العلم والمجتمع الحديث المضمون الاجتماعي التاريخي الذي قد ينظر من خلاله إلى "علم الوراثة الحديث". 

ولقد بدأت المرحلة المعاصرة لهذا المنظور بإعادة الاكتشاف المستقل الذي تم عام 1900 وقام به كل من كارل كورينز Carl Correns وهوجو دي فرايس Hugo De Vries وآي فون تشيرماك E. von Tichemak لقوانين جريجور مندل Gregor mendel ثم فيما بعد مؤلفات وأعمال مورجان T.H. Morgan ومدرسته.

وكشفت كل تلك الدراسات عن سلوك الكرورموزمات اثناء تناسل ذبابة الموز أو الدروسوفيلا طبقا لتسلسل وانتقال الصفات المندلية. 

 

واصبح بالإمكان حاليا استغلال مفهوم الجين كوحدة مادة منفصلة عن الكروموزوم ترمز لصفة معينة يمكن أن تنتنقل من الآباء إلى النسل، وهي منفصلة عن كل المؤثرات الخارجية.

ولقد سمح ذلك بأن تصبح (النظرية الوراثية للانتخاب الطبيعي) هي الصيغة السائدة في بيولوجيا التطور (باولر Bowler، 1989، ص 4).

وكانت هذه الصيغة جزءا من العلوم الطبيعية بما فيها من تركيز على الحقيقة المجردة من القيمة.  ولكن كان هناك إدراك أخذ ينمو، فرغم إخلاص ممارسه وتفانيهم الذي لا يرقى إليه الشك، فلم يكن العلم في حد ذاته شيئا خاليا من المصلحة، والبحث فيه عن الحقيقة مجردا من اي قيمة.

 

ولكنه كان يتاثر في كل خطوة من خطواته بالعوامل المتأصلة في السياق الاقتصادي الاجتماعي والثقافي والتاريخي الذي تواجد في إطاره هذا العلم. 

ولقد أخذت مثل هذه المتغيرات السياقية تتبين تدريجيا وبصورة متزايدة أمام من يعتبرون العلم بمثابة (معارف اجتماعية) (لونجينو Longino، 1990)، فاستخدمت قوانين مندل التي أعيد الكشف عنها لتدعيم المزاعم التي انتشرت في مطلع هذا القرن، عن تعرض الإصلاح الاجتماعي للفشل بسبب القدر المحتم الوراثي للقدرات البشرية.

وكانت النتيجة الطبيعية التي ترتبت على ذلك هي التركيز على تحسين النسل على اعتبار أنه الوسيلة الوحيدة لحماية أجيال المستقبل، فمن الصعب التخلي عن الشعور بأن نجاح علم الوراثة قد تحقق ولو جزئيا على الأقل لأنه أمكن تقديمه على انه أساس علمي جدير بالتصديق للاتجاهات الاجتماعية التي امتدت في اوائل القرن العشرين لتشمل دعم اقتصاد الاستثمار الراسمالي الحر (باولر Bowler 1989، ص 10).

 

فقبول فكرة تحسين النسل التي تخلى عنها قادة الديمقراطيات الصناعية فيما بعد، لوحظ منذ البداية، إذ أن آلافا عديدة من الناس ممن اعتبروا متخلفين عقليا، وكانت نسبة كبيرة منهم من الفئات المقهورة اقتصاديا واجتماعيا أو من الاقليات تم إجراء عمليات تعقيم لهم في الولايات المتحدة في الفترة من سنة 1920 إلى أوائل الخمسينيات، وتم إجراء هذه العمليات في اغلب الأحيان في ظل قوانين الولايات التي تبنتها المحكمة العليا في الولايات المتحدة. 

وكان قد سبق لمحاكم تحسين النسل في المانيا النازية أن طلبت تعقيم عدد غير محدود من الناس قدرهم البعض بما يقرب من المليون من المصابين بالتخلف العقلي. 

 

في الفترة من عام 1933 إلى عام 1940.  وابتداء من سنة 1988 بدأت جمهورية الصين الشعبية، من خلال العديد من القوانين المحلية التي صدرت، تقضي بتعقيم الأشخاص المتخلفين عقليا، وفرض الإجهاض الإجباري على من يحملن من نسائهم. 

فمثلا الزمت وفرضت محافظة هينان تعقيم كل الأشخاص المتزوجين المصابين بأمراض وراثية خطيرة بما فيها الأمراض العقلية، والإعاقة العقلية الوراثية، والمصابين بعيوب خلقية وراثية، وغير ذلك (كريستوف Kristof، 1991). 

وكرد فعل للحركة التي قامت في الصين قرر صندوق الأمم المتحدة للأنشطة السكانية (UNFPA) تمويل دراسة قومية حول أسباب التخلف العقلي وسوائل منعه.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى