المهندسون الفنانون

2014 أبجدية مهندس

هنري بيتروسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الرياضيات والهندسة الهندسة

المهندسون الفنانون (Artist-Engineers). لا يُعرف عن المهندسين عموماً انخراطهم في الفنون الجميلة، وإن كانت هناك بعض الاستثناءات الشهيرة. فأكثر ما يُشتهر به أليكسندر كالدر (Alexander Calder) (1898-1976) الحاصل على شهادة الهندسة الميكانيكية من معهد ستيفنز للتكنولوجيا (Stevens Institute of Technology) هو المتحركات والسواكن التي أصبحت جزءاً من البنية الأساسية الثقافية؛ وكان قد عمل مهندساً قبل أن يدرس الفن. استثمرت أعماله الأولى موهبته في تصاميم تواليد منحوتات سلكية جعل بعضها تتحرك في عرض عرف باسم سيرك كالدر. أغنت خلفيته الهندسية جداً أعماله الكبيرة الأخيرة، وعلى نحو خاص متحركاته وسواكنه، والتي يمكن للكثير منها أن تشكّل أساساً لوظائف بيتية في دروس العلوم الهندسية الأولية المتعلقة بالسكون والحركة ومقاومة المواد. انظر: (“Once an Engineer…,” American Scientist, July-August 2009, pp. 282-285. See also Calder: An Autobiography with Pictures (New York: Pantheon, 1977).

أما مانيير داوسن (Manierre Dawson) (1887-1969) هو مهندس فنان أقل شهرة. حصل على شهادة الهندسة المدنية من معهد أرمور في شيكاغو (Chicago’s Armour Institute)، الذي اندمج مع معهد لويس عام 1940 ليشكّلا معهد إلينوي للتكنولوجيا (the Illinois Institute of Tech­nology). وبحسب مؤرّخ الفن راندي بلوغ  (Randy Ploog)من جامعة ولاية بنسيلفانيا (Pennsylvania)، فإن "إحدى أهم غرائب الفنّ المعاصر" كانت في عمل داوسن في الفن التجريدي عام 1910 قبل فنانين أوروبيين عُزي إليهم ذلك مثل فاسيلي كاندينسكي (Vasily Kandinsky) (1866-1944). وبحسب داوسن نفسه، فإن فنّه تأثّر بدروسه في الهندسة والرياضيات، وكانت لوحاته الأولى "قائمة على الإحداثيات والمنحنيات التي تمليها القطوع الزائدة والمكافئة والدوائر" المألوفة جداً لطلاب الهندسة. أعدَّ بلوغ (Ploog)، الخبير في فن داوسن، معرضاً وضّح فيه كيف أن الخلفية الهندسية المدنية لهذا الفنان ساهمت في أعماله التجريدية. افتُتح المعرض في [كلية] ولاية بين State) (Penn عام 2009 ومن ثم انتقل إلى معهد إلينوي للتكنولوجيا، ومن ثم إلى فيرجينيا تك (Virginia Tech) وجامعات أخرى.

جيليت بورجيس (Gelett Burgess) (1866-1951)، الشهير بقصيدته العبثية عن البقرة الأرجوانية "لم أرَ في حياتي بقرة أرجوانية/ ولم آمل أن أرى واحدة/ ولكن يمكنني أن أخبرك على كل حال/ أنني أفضّل على الأصح أن أرى واحدة على أن أكون واحدة". كان أيضاً قد درس الهندسة المدنية، وبالنسبة لبلوغ فإن بورجيس "كتب أول رواية أميركية عن الفنانين الأوروبيين" بما في ذلك بيكاسو (Picasso) وماتيس (Matisse)، وكانت خلفيته الهندسية هي التي ساعدته على شرح التكعيبية "بمقارنتها مع المشاهد المتعدّدة للرسم الميكانيكي".

كان هناك غيرهم من الفنانين – المهندسين المشهورين. من بينهم بالطبع العبقري الشهير ليوناردو دافنتشي(Leonardo Da Vinci)  (1452-1519) "الفنان والمهندس والعالم"، وربما أشهر "مهندس معماري وفنان ومهندس ممارس" في أيامنا هو سانتياغو كالاترافا(Santiago Calatrava)  (المولود عام 1951). أصبحت تصاميمه لمحطات القطار وناطحات السحاب والجسور – هي أعمال فنية في حد ذاتها – جد معروفة في أوروبا باعتبارها أعمالاً فنية ومعمارية وهندسية متكاملة. وأول أعمال كالاترافا الكاملة في الولايات المتحدة كانت إضافةً لمتحف ميلواكي (Milwaukee) للفنون، التي تميّزت بشبكتها الشمسية الفولاذية التي تشبه الجناح المعروفة باسم الواقية الشمسية (Briese Soleil)، والأرضية الزجاجية، وجسر سانديال (Sundial Bridge) المعلّق ذي السارية في ريدنغ بكاليفورنيا (Redding, California). ومن سوء الحظ أن تصميمه الدرامي لمركز النقل في مركز التجارة العالمية الذي أعيد بناؤه في نيويورك اختصر حجمه لأسباب مالية. حُجز على بناء سباير (Spire) شيكاغو الذي كان في طور الإنجاز لتصميم أعدّه كالاترافا وهو بناء حلزوني مخصّص لشقق سكنية بارتفاع ألفي قدم في مواجهة بحيرة المدينة وتوقّف العمل به عام 2009 بعد أن أُنجزت أساساته.

بالطبع فهناك عدد لا يحصى من المهندسين الذين مارسوا الرسم والنحت واتبعوا طرقاً إبداعية أخرى. وكالكثير من التصوّرات الخاطئة عن المهندسين، توجد أمثلة كثيرة تناقض ما يشاع عنهم بأن ما يستعملوه هو الجزء الأيسر من دماغهم.