النجوم المتغيرة
2013 أطلس الكون
مور ، السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
النجوم المتغيرة
تستمر معظم النجوم في الإشعاع باستمرار سنة تلو الأخرى وقرنا تلو الآخر. والواقع أنها تمر ببعض التغييرات التي لا تستثنى منها شمسنا- وهذه التغييرات هي المسئولة عن موجات الحر والبرد المتناوبة- ولكن النجوم المتغيرة الحقيقية تتغير بشكل أوضح بكثير وهي منتشرة جدا في مجرتنا.
وتتعدد أنواع النجوم المتغيرة وأولها الثنائي الكسوفي، وهو ليس متغيرا حقيقيا مع أنه يبدو وكأنه يضيء ويظلم. والنموذج الأولي هو نجم الغول (بيتا برشاوس) والذي يشع عادة بقدر أقل من القدر الثاني ولكنه يبدأ في التعتيم مع مرور فترة 2.9 يوم وينخفض إلى قدر 3.4 فيما يزيد قليلا عن أربع ساعات.و يبقى في الحد الأدنى ل 20 دقيقة فقط ومن بعدها يضيء ثانية، ويسهل مشاهدة هذه التغيرات بالعين المجردة.
نجم الغول هو ثنائا يتحرك عنصراه حول مركز الكتلة المشترك بينهما. والغول A هو نجم أبيض يفوق تألقه الشمس 100 مرة ، والنجم الثاني الغول B هو دون-عملاق من فئة K، وهو أكبر من A ولكنه أشد خفوتا وأقل كتلة. عندما يمر B من أمام A فإنه يحجب بعض ضوء A فيقل بذلك قدره، أما عندما يمر A من أمام B فيصبح الحد الأدنى أقرب بكثير، ولا يحدث كسوف كلي. ولو كان بإمكاننا رصد الغول من نقطة أخرى لما وجدنا أي اختلافات إطلاقا.
والجدير بالذكر أن لدينا مثالا جيدا على ما يسمى بانتقال الكتلة. في الأصل، كان العنصر من فئة K هو الأكثر كتلة ولذلك خرج من التتابع الرئيسي مبكرا وتضخم وانتفخ، وفي أثناء هذا التضخم انخفضت قوة سحبه الجاذبي على طبقاته الخارجية وبالتالي سمح لمرافقه بتجميع هذه المادة فأصبح بدوره العنصر الأكبر. ولا تزال هذه العملية مستمرة والمادة لا زالت تتدفق من B إلى A.
من الأمثلة الأخرى على الثنائي الكسوفي الذي يمكن رؤيته بالعين المجردة النجمان لامدا الثور (خريطة 17) و دلتا الميزان (خريطة 6). أما شلياق (بيتا السلباق) الواقع بالقرب من النجم الساطع النسر الواقع فوضعه مختلف لأن العنصرين أقل اختلافا، ولذلك يتغير الحد الأدنى فيكون تارة قريبا وتارة عميقا، وتستغرق الدورة الكاملة 13 يوما تقريبا. لا يتغير العنصران تقريبا ويبقيان كما هما ولابد أن يُسحب كلا منهما على شكل بيضاوي، ذلك مع العلم أنه لا يوجد أي مقراب بصري يستطيع التمييز بينهما. ولبعض الثنائيات الكسوفية دورات أطول بكثير- تصل إلى 27 سنة في حالة نجم العنز (إبسلون ممسك الأعنة)- وهو نجم من مجموعة مثلثة من النجوم التي ترى بالعين المجردة بالقرب من الغيوق.
والنجوم النباضة جميعها متغيرة ضمنيا، أهمها عند الفلكيين هي القيفاويات التي سميت نسبة إلى النموذج الأولي دلتا قيفاوس (خريطة 3) الموجود في أعلى شمال السماء. والقيفاويات هي نجوم صفراء فائقة العملقة ومتقدمة في مرحلة تطورها، وأصبحت غير مستقرة إذ أنها تتضخم وتنكمش. والدورة النبضية هي المدة التي تستغرقها الذبذبة لقطع المسافة من على سطح النجم إلى أعماق باطنه والرجوع ثانية، ولهذا فإن النجوم الكبيرة الشديدة التألق تكون دوراتها أطول من النجوم الأصغر والأضعف. وبما أن المنحنيات الضوئية عادية والدورات تعيد نفسها، فإننا نستطيع أن نعرف دائما كم سيبلغ سطوع أي قيفاوي في لحظة محددة، والدليل على ذلك المنحنى الضوئي المبين هنا.
توجد علاقة ما بين دورة القيفاوي ودرجة تألقه، وهذا يعني أنه فور قياسنا لمدة الدورة فإننا نعلم مدى قوة النجم وهذا بدوره يدل على مسافته، مما يجعل من القيفاويات وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها بسبب مكانتها ’كشموع معيارية’. فيمكن رؤيتها عبر نطاق واسع ويمكن كشفها في مجرات أخرى. في الواقع، إن اكتشاف القيفاويات فيما يسمى ’بالسدم المرصعة بالنجوم’ مثل حلزون المرأة المسلسلة هو الذي أثبت أننا نتعامل مع مجرات منفصلة وليس مع خواص أو معالم ثانوية لمجرتنا درب التبانة. ومن النجوم الأخرى قصيرة الدورة نجوم W العذراء، فهي تشابه القيفاويات ولكنها أقل تألقا، بالإضافة إلى نجوم RR السلباق، والتي يبلغ تألقها نحو 50 ضعف لتألق الشمس ولذا يمكن الاستفادة منها ’كنجوم معيارية’.
ثم نجد نجوم ميرا ذات الدورات الأطول والتي سميت نسبة إلى نجم ميرا (أوميكرون قيطس) وهو يعتبر أحسن مثال لها. وعلى خلاف القيفاويات فإن نجوم ميرا- وكلها من النجوم الحمراء العملاقة أو فائقة العملقة- ليست منتظمة لا في الدورة ولا في السعة. ونجم ميرا نفسه (خريطة 15) له دورة متوسطة تساوي 332 يوما قابلة لأن تزيد أو تنقص بضعة أيام. يصل القدر الأعظم إلى 2 في بعض الأحيان مع أنه في بعض الحالات الأخرى لا يتعدى القدر الأعظم 4. أما عند القدر الأصغر فيهبط إلى القدر 10 ويمكن مشاهدته بالعين المجردة فقط لمدة بضعة أسابيع خلال السنة. في الأغلب تكون السعة كبيرة، وتتعدى 10 أقدار في حالة نجم تشي الدجاجة من كوكبة التَم (خريطة 8) ولا يوجد أي قانون يحدد العلاقة بين الدورة والتألق للنجوم من فئة القيفاويات. يوجد عدد لا بأس به من نجوم ميرا يمكن رؤيتها بالعين المجردة عندما تصل للقدر الأعظم ولكن عند الوصول إلى القدر الأصغر تقع معظمها خارج نطاق رؤية المنظار.
النجوم المتغيرة شبه المنتظمة لا تختلف كثيرا عن نجوم ميرا ولكن لها أقدارا أصغر ودورات مضطربة جدا. أكثر هذه النجوم سطوعا هو النجم منكب الجوزاء (ألفا الجبار، خريطة 10) والمعروف بأنه يساوي الرِجل الجبار (بيتا الجبار) في سطوعه ولكنه عادة لا يفوق الشعرى الشامية (ألفا الدب الأصغر) سطوعا. فالتغيرات بسيطة، والدورة الرسمية التي تصل مدتها 5 سنوات ليست محددة إطلاقا. فمنكب الجوزاء ضخم الحجم،- يفوق قطره 1,500 مليون كيلومتر (950 مليون ميل)- وطبقاته الخارجية الرقيقة جدا والمخلخلة بإمكانها أن تمتد إلى مدار كوكب المشتري.
والنجوم المتغيرة المرئية بالمقراب موجودة بوفرة ومنها أيضا أنواع مختلفة. و R الإكليل الشمالي في التاج الشمالي (خريطة 4) يكون في العادة على طرف مجال الرؤية بالعين المجردة ولكن تتراكم في فترات غير متوقعة في غلافه الجوي سحابات من السخام ويصبح معتما جدا إلى أن يُنفخ السخام بعيدا. ولو استخدمت منظارا لمشاهدة صحن الكوكبة فمن المتوقع أن ترى نجمين من القدر 6، ولو رأيت فقط واحدا منهما فهذا يدل على أنه من المؤكد أن R الإكليل الشمالي وصل إلى قدره الأصغر.
بسبب وجود العديد من النجوم المتغيرة لا يتمكن الفلكيون المحترفون من تتبع جميعها وللفلكيين الهواة تقديم دور قيم في هذا المجال. والطريقة التقليدية المتبعة حتى الآن هي القيام بتقدير سطوع النجم المتغير عن طريق مقارنته بالنجوم القريبة غير المتغيرة، وهي وسيلة دقيقة إلى حد مدهش. ولكن معظم الهواة اليوم يستخدمون المضواء الكهروضوئي وهو الأكثر دقة. على أية حال، إن رصد النجوم المتغيرة هي من أكثر مجالات فلك الهواة شيوعا وأهمها في القرن الحادي والعشرين.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]