تجارب “سبيمان” في الاستنساخ
2013 لمن الرأي في الحياة؟
جين ماينشين
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
كيف يمكن إذاً إجراء دراسة قوية للتطوّر وعلم الوراثة؟ كان لدى سبيمان اقتراح. لماذا لا نجري "تجربة تبدو للوهلة الأولى خيالية إلى حدٍّ ما"؟
كان جاك لوب قد بيّن في قنافذ البحر وسيبمان في سمادل الماء أن من الممكن بدء انقسام الخلية والتطوّر في جزء من البيضة لا نواة له عبر نوع من "التخصيب" الصناعي باستخدام نواة من مرحلة تطوّرية لاحقة.
أجرى سبيمان ذلك بتضييق البيضة بحيث لا يكون لجزء منها نواة. وقد بقي هذا الجزء خاملاً. لكنه سمح في مرحلة لاحقة لنواة بالمرور عبر نوع من "الجسر البروتوبلازمي" وحثّ بذلك عمليات الانقسام العادية.
أثارت تجربته إمكانية التوصل إلى نهج للزرع. لمَ لا تزرع نواة من مراحل تطوّرية مختلفة في بيضة منزوعة النواة؟ عندئذ يمكن مراقبة كل انقسام للخلية ومشاهدة ما الذي يحدث بعد ذلك، مثلما أجري في تجارب الزرع التي أصبحت مألوفة جداً في ذلك الوقت؟
لكن كيف يمكن إنجاز ذلك؟ تصوّر سبيمان، كما ورد في محاضرات سيليمان (Silliman) التي ألقيت في جامعة يال في سنة 1936، أن الحصول على نواة "نظيفة" لن يكون صعباً، وأن في وسعه ببساطة "سحق" بعض الخلايا بين شريحتي مجهر. يزيل ذلك الغلاف الهلامي الذي يحيط بالبيضة عادة في المراحل الأولى. ويزيل إجراء مماثل السيتوبلازما المحيطة بالنواة ويترك النواة مجرّدة كما توقّع سبيمان. وذلك ينتج المادّة المانحة: أي النواة.
أما لإنتاج المضيف، أو البيضة المنزوعة النواة، فلم يعرف سبيمان كيف يقوم بذلك. ولو عرف فربما كان أجرى التجربة بنفسه. وبدلاً من ذلك كتب أنه "لإدخال نواة معزولة إلى بروتوبلازما بيضة خالية من النواة، فإنني لا أجد أي طريقة الآن". بيد أنه تابع، "إذا وجدت الطريقة فيجب توسيع التجربة بحيث يمكن استخدام نوى أكبر عمراً من مختلف الخلايا.
ويمكن أن تبيّن هذه التجربة أن نوى الخلايا المتمايزة أيضاً يمكنها بدء التطوّر العادي في بروتوبلازما البيضة. لذا رغم أن القول بأن "كل خلية مفردة تمتلك الجهاز الكامل من القدرات" (Peterson, 1922, p. 116) يبدو استباقاً للمعرفة الدقيقة، فإن هذا الرأي قد يكون مصيباً".
فسّر العديد من الكتّاب اقتراح سبيمان بأنه تنبّؤ بالاستنساخ وحتى ببحوث الخلايا الجذعية بحيث يجدر النظر أكثر في سياق أفكار سبيمان وأهميتها. وفي حين أننا نستطيع الإشارة إلى هذه القطعة في صفحة من كتاب طويل ومهم، فإن هناك كثيرين آخرين بدوا بالعودة إلى الماضي غير مقدّرين تماماً لهذا التوقّع القيّم. بماذا كان سبيمان يفكّر حقاً؟ وماذا تخبرنا أفكاره عن البيولوجيا ودراسة الحياة؟
توضح قراءة محاضرات سيليمان لسبيمان أنه كان مستعداً لزرع أي شيء تقريباً على سبيل التجربة وراغباً فيه وقادراً عليه. فقد تعلّم الكثير من الزرع – من كائن حيّ إلى آخر، وضمن الفرد نفسه، وضمن النوع، وعبر الأنواع – بحيث أن من المنطقي الاستمرار بمثل هذا الخط من البحوث: انتزاع أجزاء لمعرفة الاختلاف الذي يحدثه غيابها، وإضافة أجزاء لمعرفة الاختلاف التي تحدثه، وتحريك الأجزاء وتبادلها.
كان كل ذلك في مصلحة جمع معلومات جديدة عن كيفية استجابة الكائن الحي المتطوّر. لكن ما هو الكائن الحيّ؟ من الواضح أنه كلّ ديناميكي متجاوب يستطيع الردّ على التغيّرات واستيعاب بعضها دون الأخرى. أثار سبيمان احتمال أن تحتفظ بعض الخلايا بما أسماه دريتش "شمول الوُسع" (totipotency) مدة أطول كثيراً مما يحتفظ بها بعضها الآخر، وأنه يمكننا استخدام الزرع لتقصّي تلك الفكرة. فالتحريض يدفع الخلايا إلى التمايز بطريقة أو بأخرى.
التحريض يطلق في الظاهر العمليات التي يمكن أن تقع في البيضة. ويؤدّي النسيج "المنظّم" دوراً حيوياً في تنظيم الكائن الحي والحياة الناتجة. ووفقاً لتصوّر سبيمان، من غير المنطقي المحاجّة، كما بدأ يفعل حتى بعض تلامذته، بأن كل أنواع المواد (بما في ذلك الأجزاء الخاملة والميتة) يمكن أن تؤدي دور المنظّم.
صحيح أنها يمكن أن تنبّه عملية ما على غرار التحريض، لكن أن تؤدي دور منظم حقيقي؟ لا. فوفقاً لسبيمان، "‘المنظّم الميت’ تناقض بحدّ ذاته". ورأى سبيمان أننا لا ندرك كيف نفسّر النتائج المعقّدة التي تظهر بسرعة كبيرة. "عندما يكون التقدّم سريعاً كما هو الحال في هذا المجال العلمي، لا يكون من الصعب جداً الصبر على الانتظار، إلى أن يتم التوصّل خطوة خطوة إلى أساس صلب عن طريق مثل التجارب أو تجارب مماثلة". وشعر سبيمان بأنه في العلم،
أحبّ أن أعمل مثل عالم الآثار الذي يجمع معاً قطع شيء جميل تركت منفردة. وفيما يتقدّم، قطعة قطعة، يقوده الاقتناع بأن هذه القطع أجزاء من كلّ لا يعرفه حتى الآن. يجب أن يكون فناناً في داخله بالقدر الذي يكفي ليعيد إنشاء عمل الفنّان الأصلي، لكنه لا يجرؤ على البناء وفقاً لأفكاره الذاتية.
وقبل كل شيء، عليه الحفاظ على قدسية الحواف المكسورة للقطع ووضعها في مكانها الملائم والتوصّل في النهاية إلى استعادة صنيعة الفنّان. ربما تكون هناك طرق أخرى للعمل، لكن هذه هي الطريقة التي اخترتها لنفسي.
هذه المحاولة للحفاظ على "قدسية" الأجزاء وتقصّي الاحتمالات أيضاً أبقت اختصاصيي الأجنّة منهمكين في الزرع ومتابعة طرق الأبحاث الأخرى. وظلّت التجربة "الخيالية" التي تجمع معاً نواة من خلية أو كائن حيّ وواحدة من خلية أخرى أو كائن حيّ آخر بعيدة المنال لمدة أربع عشرة سنة.
ولم يتحدّث سبيمان نفسه عنها ثانية، ولم يشدّد على قيمة ما يبدو اليوم مقنعاً بوضوح – تحديداً اختبار المساهمات النسبية للنواة والسيتوبلازما وتضييق الوسع الشامل (قدرة الخلية على أن تصبح كائناً حياً كاملاً، مثلما تفعل البيضة) مع تطوّر الجنين.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]