تطبيقات عملية لميكانيكية الجسم اليومية
2008 آلام أسفل الظهر
سعاد محمد الثامر
إدارة الثقافة العلمية
تطبيقات عملية لميكانيكية الجسم اليومية الطب
إن آلية عمل الجسم – التي تُعرف بميكانيكية الجسم – هي دراسة تتناول طبيعة تركيب أجزاء الجسم وطريقة عملها.
كما يدخل في هذه الدراسة علم الفيزياء الذي يبحث في الطاقة والقوى وأثرها في حركة الأجسام، حيث إن الوضعات المغلوطة التي تتمثل في انحناء الجسم إلى الأمام وبصورة مستمرة أو متكررة ستصنع ضغطاً على الأقراص الغضروفية.
وهذا يؤدي على المدى البعيد إلى وقوع إصابات متكررة أو مزمنة، تنتهي بظهور تمزق في الأنسجة الليفية للقرص الغضروفي وحدوث الانفتاق الغضروفي، كما أنها تسبب إجهاد العضلات وتيبسها وضعفها، ما يؤدي إلى قلة مرونة العمود الفقري وظهور الآلام.
أما في الوضعات التي تتمثل في مدّ الجسم إلى الخلف بصورة مبالغ فيها وبخاصة أثناء أداء الأعمال وحمل الأثقال، فإنها تؤدي إلى حدوث عمليتي الانحلال والتآكل في السطيحات المفصلية للفقرات في وقت مبكر.
لذا فإنه من المفيد جداً أن يعرف الشخص كيفية تطبيق هذه الميكانيكية حتى يستخدم جسمه خلال نشاطاته اليومية بطريقة تضمن له سلامة ظهره إضافة إلى أطرافه ومفاصله بشكل عام.
وهنا بعض التطبيقات التي توضح الطرق الصحيحة لميكانيكية الجسم اليومية:
1) قرّب الآلة التي تعمل بها وفقاً لمدى تركيزك ورؤيتك لها بشكل واضح حتى لا تضطر إلى الانحناء علهيا فترة طويلة. مثال ذلك، أثناء انشغالك بأعمال الطباعة والقراءة والخياطة وغيرها من الاعمال الدقيقة.
2) تجنب الجلوس في وضع واحد فترة طويلة، بل يجب أن تنشط دورتك الدموية وتقلل الضغط على عضلاتك، وذلك بالقيام والحركة، أو حتى بتغيير وضعك من وقت لآخر وأنت جالس.
كما يجب عليك ألا تبقى في أي وضع أكثر من ثلث إلى نصف ساعة أثناء انشغالك بإنجاز عملٍ ما، سواء الأعمال المنزلية أو المكتبية، بل عليك قطع عملك فترة وجيزة تقوم خلالها بتحريك رقبتك وكتفيك، وأطرافك.
هذا إضافة إلى اتباع الطريقة الصحيحة للجلوس والنهوض من الجلوس التي سبق شرحها.
3) تجنب تمديد ذراعك للأعلى أوة للخلف أو لأحد الجانبين بشدة عند تناولك شيئاً ما بعيداً عنك. وبخاصة إذا كانت الحركة مفاجئة عنيفة وعشوائية، أو كان وضع ذراعك خاطئاً أثناء الحركة أو صاحب ذلك التواء جسمك بطريقة تضر بعمودك الفقري وتتسبب في اختلال توازنك.
4) تجنب لف جسمك جانباً وإلى الخلف معاً من مستوى الخصر بصورة مفاجئة، كالإلتفات السريع من وضع الجلوس لأحد الجانبين، ومثال ذلك ما يفعله السائق حين يلتفت بجسمه ويمد ذراعه إلى الخلف ليتناول شيئاً ما في المقعد الخلفي للسيارة أثناء قيادته.
فمن المستحسن أن تدير جسمك كله بحيث تكون قدماك موجهتين ناحية الغرض المراد رفعه. لذا ننصح السكرتيرات وجميع موظفي الأعمال المكتبية أن يستخدموا الكراسي ذات العجلات ليتمكنوا من إنجاز أعمالهم في أي اتجاه دون لف أجسامهم بطريقة مغلوطة أو سريعة.
5) تجنب انحناء الجسم الشديد إلى الأمام فترة طويلة أو إمالة الجسم إلى الخلف بشدة أثناء أداء الأعمال.
ومثال ذلك انحناء الظهر الشديد أثناء قيام الشخص بأعمال الزراعة في حديقة المنزل من حفر وجرف للتربة، ميل الشخص بجسمه إلى الخلف وهو على السلم أثناء صبغ السقف أو تركيب الديكور، أو حتى انحناء الرقبة إلى الخلف أثناء الحلاقة فترة طويلة.
كما يجب تجنب لف الظهر من وضع الانحناء إلى الأمام. هذا إضافة إلى تجنب جميع الحركات التي تثني الجسم إلى الأمام بدون ثني الوركين والركبتين.
6) تجنب عمل الحركات المتكررة، مثل رفع ثقلٍ ما من على الأرض ووضعه على مستوى أعلى كالطاولة مثلاً ولفترة طويلة، وبخاصة إذا تمت هذه العملية بطريقة مغلوطة، حيث إن إجهاد العضلات قد ينتج من الرفع المتكرر حتى لو كان الجسم المحمول خفيف الوزن.
7) تجنب الأعمال التي تتطلب رفع الذراعين للأعلى فوق الرأس لإنجاز عملٍ ما سواء الأعمال الاعتيادية البسيطة كترتيب أرفف علوية أو الأعمال التي تتطلب حمل جسم ثقيل لوضعه في مستوى أعلى من مستوى الرأس.
فإذا كانت هذه الأعمال متكررة باستمرار أو مستمرة فترة طويلة فإنها ستتسبب في وقوع ضغط كبير على السطيحات المفصلية الصغيرة لفقرات أسفل الظهر.
هذا إضافة إلى إجهاد عضلات الكتفين، لذا ننصح بالاستعانة بالسلم أو الكرسي الثابت لإنجاز مثل هذه الأعمال.
أما الأعمال الاعتيادية الأخرى التي تؤدى في مستوى الجسم وبخاصة التي تحتاج إلى مجهود أو دقة فحاول أن تنجزها باستخدام الذارعين معاً بطريقة متماثلة ومتناظرة بدون الاضطرار إلى فردهما بعيداً عن الجسم فترة طويلة.
8) تجنب الوضعات المغلوطة أثناء قيامك بأنشطة الحياة اليومية، ومثال ذلك الوقوف فترة طويلة؛ أو النوم المغلوط أو غير المريح أثناء ساعات الليل الطويلة؛ أو الجلوس المغلوط بثني الجسم إلى الأمام أثناء أعمالك المكتبية وبخاصة العمل أمام شاشة الكمبيوتر.
فهذه كلها وضعات تتسبب في إجهاد ومدّ الأربطة على جانبي العمودالفقري فضلاً على ما تسببه من زيادة الضغط على الأقراص الغضروفية ومفاصل السطيحات المفصلية للفقرات.
9) من المستحسن قدر الإمكان أن يقوم الشخص بالأعمال التي تطلب الوقوف وهو جالس.
ومن الأمثلة على هذه الأعمال: الوقوف أمام طاولة الرسم أو طاولة الخرائط والأعمال الهندسية، الوقوف أمام المكتبة لترتيب الأرفف، الوقوف أثناء الأعمال المنزلية لإعداد الطعام أو أمام حوض غسل الصحون أو أثناء كيّ الملابس.
فإن لم يتمكن فعليه استخدام طاولة إسناد القدمين لهذا الغرض، بحيث يسند إحدى قدميه عليها لفترة ومن ثم يستبدلها بالقدم الأخرى وهكذا على طول فترة وقوفه.
10) حاول أن تكون قريباً من الشيء الذي تعمل به بقدر المستطاع، وذلك ليتسنى لك المحافظة على الوضع الطبيعي المريح لعمودك الفقري ولسهولة حركتك بدون الاضطرار إلى انحناء الظهر أو مدّ الذراعين.
11) يجب أن تكون مستويات سطوح العمل مناسبة لمستخدم هذه السطوح أثناء وقوف لإنجاز بعض الأعمال. فإذا كان سطح العمل في مستوى منخفض فإن الواقف سيضطر إلى إمالة جسمه إلى الأمام وما يتبع ذلك من زيادة الضغط على الأقراص الغضروفية.
وإذا كان مستوى سطح العمل أعلى من مستوى ذراعيه فإن الواقف سيضطر إلى مدّ جسمه إلى الخلف وما ينتج عن ذلك من زيادة انحناء المنطقة القطنية إلى الامام، فضلاً على زيادة الضغط والإجهاد على السطيحات المفصلية الصغيرة للفقرات.
أما الأعمال التي تحتاج إلى الدقة والتركيز وتستغرق وقتاً طويلاً (مثال ذلك الفنون التخطيطية أو التصويرية، أو وضع التصاميم الهندسية وكل ما يتعلق بالرسوم أو الخطوط البيانية أو رسم الخرائط) فيمكن إنجازها على مكاتب ذات سطوح مائلة أو قابلة للميلان، وذلك لتخفيف الإجهاد الواقع على عضلات الرقبة والكتفين.
12) عند استخدام الهاتف عليك أن تسند مرفقك إلى سطح المكتب لإبقاء الرأس مرفوعاً والسماعة في مستوى الأذن بدون ميل الرأس للجانب.
وتجنب عادة الإمساك بسماعة الهاتف بين الرأس والكتف وبخاصة أثناء التحدث فترات طويلة بعذر إفراغ اليدين لإنجاز بعض الأعمال المكتبية أو الطباعة، وهذا ما نراه شائعاً بين الطباعين والسكرتيرات.
13) إذا شعرت بالعطاس أو السعال قف إذا استطعت واثن ركبتيك قليلاً. ,
إذا كنت قريباً من حائط أدر جسمك وأسند ظهرك إليه. فإذا كنت جالساً أثناء شعورك بالسعال أو العطاس ولا تستطيع المبادرة إلى الوقوف، فعليك فقط الرجوع بجسمك إلى الخلف أثناء جلوسك على الكرسي مع شدّ عضلات البطن وعضلات المقعدة وعدم ثني جسمك إلى الأمام.
14) اتبع الطريقة الصحيحة للجلوس المتمثلة بتحقيق النقاط التالية:
أ- إذا افترض أن هناك خطاً مستقيماً نازلاً من خلف الأذنين مباشرةً فإنه يجب أن يمر فوق الكتفين أثناء الجلوس .
ب- دفع الذقن إلى الداخل بشكل خفيف لتأكيد استقامة الظهر أثناء الجلوس.
ت- إسناد المنطقة القطنية من الظهر باستخدام الوسادة الأسطوانية الإسفنجية، ويمكن الاستعانة بمنشفة بعد لفها للحصول على الشكل الأسطواني.
ث- تجنب ترهل الكتفين أو تحدب الظهر أثناء الجلوس.
ج- المحافظة على أن تكون الركبتين بزاوية قائمة.
ح- إسناد القدمين إلى الأرض أو لوحة مخصصة لذلك، لتجنب فرد الرجلين بشدة إلى الأمام ولفترة طويلة.
خ- إسناد الذراعين إلى مسندي ذراعي الكرسي لتجنب ترهل الكتفين أو تحدب الظهر أثناء الجلوس.
د- توزيع وزن الجسم بالتساوي تحت الفخذين بالمحافظة على اعتدال القامة وعدم الميل بالجسم على رجل واحدة فترة طويلة.
15) طريقة الدخول في السيارة:
بعد فتح باب السيارة أدر جسمك لتواجه باب السيارة بظهرك وهو مفتوح ثم أمسك بباب السيارة.
لتتمكن من النزول بجسمك وظهرك مستقيماً إلى مستوى مقعد السيارة والجلوس عليه ثم اثن رجليك أكثر لتتمكن من إدخالهما في السيارة وذلك بلف جسمك ورجليك كقطعة واحدة لتعديل وضعك ولمواجهة مقود السيارة بدون لف الجسم من مستوى الخصر. وللنزول من السيارة اتبع عكس الخطوات السابقة.
16) القيادة المريحة تتطلب الجلوس بصورة صحيحة واستخدام الوسادة الأسطوانية الإسفنجية لإسناد منطقة أسفل الظهر، إضافة إلى استخدام حزام الأمان فهو يفيد أيضاً في إسناد وراحة هذه المنطقة.
ففي أثناء جلوسك لا تَمِل بجسمك أو بكتفيك إلى الأمام وحاول أن تجعل مستوى المقود مناسباً لمستوى الكتفين، وذلك بالتحكم بوضع كرسي السيارة باتجاه عمودي للأسفل أو للأعلى، وكذلك بإزاحته إلى الخلف أو الأمام ليتيح لك مسافة كافية للرجلين لكي تمتد باعتدال.
أما المرآة الخلفية فيجب أن تكون في مستوى مناسب للرأس حتى لا تضطر في كل مرة لمدّ رقبتك أثناء القيادة.
17) لحمل الأغراض من مؤخرة السيارة انزل بجسمك قليلاً إلى الأسفل بثني الركبتين مع المحافظة على جعل الظهر مستقيماً.
18) إن عمليتي الدفع والسحب أفضل من عمليتي الرفع والحمل. ويعتبر الدفع أفضل مقارنةً بالسحب، لذا حاول بقدر الإمكان أن تزيح الشيء المراد نقله من مكان لآخر وذلك بالسحب والدفع إذا استطعت ذلك بدلاً من رفعه أو حمله.
وعليك أن تستخدم كلتا يديك أو تستخدم يداً بعد الأخرى بالتناوب على طول عمليتي السحب والدفع حتى لا يتركز الإجهاد في عضلات ذراع واحدة بل يتوزع هذا المجهود على جانبي الجسم.
19) اتبع الطرق الصحيحة والسليمة للرفع والحمل بتحقيق النقاط التالية بناء على قاعدة الـ (L) للرفع والحمل المستمدة من الحرف الأول لكلمة (Lumbar) وهي تسمية للفقرات القطنية الخمس (منطقة أسفل الظهر).
وهنا لكل حرف Lمسمى يدل على إجراء معين يجب أن يُتبع لتحقيق الرفع والحمل بطريقة صحيحة:
أ- (لفقرة القطنية الأولى L1تعني Load): عليك أن تتأكد من وزن الحمل الذي تريد رفعه حتى لا تفاجئ عضلاتك. فإذا كان الوزن فوق طاقتك فلا تتردد في طلب المساعدة أو استخدام عربة للنقل.
ولا تحمل الأشياء غير المتوازنة أو غير المنتظمة الشكل أو كبيرة الحجم كما يجب ألا تحمل شيئاً ثقيلاً أعلى من مستوى خصرك.
ب- (الفقرة القطنية الثانية L2تعني lever): حاول تقريب الشيء الذي تحمله من جسمك بقدر المستطاع وبخاصة إذا كان ثقيل الوزن وذلك لتوزيع وزنه بالتساوي بين الأقراص الغضروفية ومفاصل السطيحات المفصلية للفقرات بطريقة متزنة.
وبذلك تقلل من طول ذراع العزم، ما يقلل ذلك من الإجهاد الواقع على عمودك الفقري.
ت- ( الفقرة القطنية الثالثة L3تعني Lordosis): انزل إلى الأرض خلف الشيء المراد رفعه وذلك بثني الركبتين مع عدم ثني الظهر إلى الأمام، بل حافظ عليه مفروداً إلى الخلف بدرجة بسيطة جداً أو اجعله معتدلاً بدفع الذقن إلى الداخل، لتحافظ على الانحناء القطني الطبيعي خلال عملية الرفع والحمل.
ث- (الفقرة القطنية الرابعة L4تعني legs): عند الاستعداد لرفع شيء ثقيل من الأرض عليك أن تبعد قدميك إحداهما عن الأخرى بمسافة تقارب عرض الوركين كقاعدة لاتزان جسمك على أن تكون قدماك موجهتين ناحية الشيء المراد رفعه.
وإذا كان هذا الشيء كبير الحجم فيجب عليك أن تقدم إحدى رجليك أمام الأخرى لتتمكن من جعله قريباً إلى جسمك. وهنا يجب أن تدك أن الرفع يكون باستخدام عضلات الرجلين وليس عضلات الظهر.
ج- (الفقرة القطنية الخامسة L5تعني Lungs): أمسك الشيء بقبضة محكمة قوية، ثم خذ نفساً عميقاً مباشرةً قبل الرفع واشفط عضلات البطن للداخل عند الاستعداد للرفع، ثم ارفع الجسم المراد حمله بثبات.
وأثناء الحمل أخرج هواء الزفير بطريقة هادئة بزم الشفتين. بادر إلى نقل الجسم المحمول إلى المكان الآخر بدون تأخير، بمعنى عدم الإبقاء على حمله فترة طويلة.
20) لا تحمل أغراضاً كثيرة وبخاصة الثقيلة الوزن في يد واحدة أثناء التسوق مثلاً.
فالأفضل أن تتناوب اليدان في حمل هذه الأغراض، ويمكنك أن تقوم بتوزيع هذه الأغراض في كيسين أو حقيبتين لتستخدم كلتا يديك في حملها، والأحسن أن تستخدم عربة صغيرة لهذا الغرض.
21) مراعاة حدود أوزان الأجسام الممكن حملها. فهناك حدود للأوزان التي يمكن للرجل أو المرأة حملها بدون الإضرار بالظهر، وذلك على حس الطول والوزن والبنية والعمر.
فلا يجوز للشخص العادي أن يبالغ في حمل الأجسام ذات الأوزان التي تفوق طاقته وقدرته، أما الشخص الرياضي فهو الذي يستطيع فعل ذلك، لأنه متدرب على أسس صحيحة لرفع الأثقال.
لذا يجب على المرء أن يطلب المساعدة على حمل الأشياء الثقيلة أو الطويلة أو غير المنتظمة الشكل، التي تتطلب شخصين أو أكثر لحملها.
وبالنسبة للأجسام ذات الأوزان الثقيلة (كقطع الأثاث) فإنه من المفيد جداً أن تزاح باستخدام ميكانيكية صحيحة للدفع والسحب بدلاً من رفعها أو حملها.
22) ضرورة أخذ فترات من الراحة بين كل حمل وآخر، وبخاصة العمال الذين يتطلب عملهم رفع وحمل أشياء ثقيلة.
كما يستحسن القيام ببعض الحركات الخفيفة أو القيام بعكس وضعات الحمل لتقليل الضغط والإجهاد ولخلق حالة من التوازن في العمود الفقري.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]