تعريف خاصية “الموصلية الفائقة” وكيفية إكتشافها
2016 العصر الحديث حتى الحاضر
جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير
KFAS
حدث اكتشاف المواد منعدمة المقاومة للتيار الكهربائي عن طريق الصدفة المحضة عند تبريد الفيزيائي الهولندي هايك كامرلنغ أوونس (١٨٥٣ – ١٩٢٦) عينة من الزئبق إلى درجة الحرارة التي يسيل عندها الهيليوم ولاحظ انعدام مقاومته الكهربائية عند هذه الدرجة.
منذ ذلك الحين اكتشف العلماء تطبيقات عديدة للمواد فائقة التوصيل في مجالات التصوير الطبي والنقل وأبحاث الجسيمات الأولية.
الموصل الفائق مـادة مـنـعدمـة الـمقـاومـة الـكـهـربـائـية لـسـريـان الـتـيـار الـكهربائي. اكتشفت خاصية الـتوصـيل اـلفائـق (أو الـموصـلـية الـفائـقـة) عام ١٩١١، لـكن، ولـسنين عدة، سـاد الاعتقاد بـيـن الـعلـمـاء بأن هذه الظــاهرة تحدث فــقــط عــنــد درجــات حــرارة قريبة من درجة الصـفر المــطلق (٠K = – ٤٥٩.٦٧˚F , -٢٧٣.١٥˚C).
تعرف درجة الحرارة التي تظهر تحتها خاصية الموصلية الفائقة بدرجة حرارة التحول (يرمز لها بالرمز Tc). كانت غالبية الاكتشافات الأولى لظاهرة الموصلية الفائقة هي من المجموعة الأولى من هذه المواد والتي تتكون من المعادن أو المواد شبه المعدنيـة (مواد تملك خواص توصيل وسط بين المعادن والمواد غير المعدنية)، وتظهر خاصية الموصلية الفائقة لهذه المواد عند درجات حرارة متدنية للغاية.
كما أن بعض السبائك والمركبات المعدنية لها درجة Tc أكبر، وخاصة عند تعريضها لضغط مرتفع للغاية، وتعرف هذه المجموعات بالموصلات الفائقة من النوع الثاني. وحتى عام ١٩٨٥ كانت أعلى درجة حرارة Tc معروفة تحت الضغط الاعتيادي هي 23.2K (– 417.94 ˚F, -249.95 ˚C) وذلك لسبيكة من نيوبيوم.
جاء الاختراق في أبريل عام ١٩٨٦ باكتشاف خاصية الموصلية الفائقة تحت درجات حـرارة «مرتفعة». فمنذ عام ١٩٨٣ عكف الفيزيائي السويسري ألكس ميوللر (١٩٢٧-) والفيزيائي الألماني جورج بدنورز (١٩٥٠-)، خلال عملهما في شركة آي بي أم في زيورخ، على إجراء التجـــارب على الخزفيـــات– التي تبدو أقل احتمالا في اعتبارها موصلات فائقة، نظرا لاستخدامها غالبا في العزل الكهربائي.
أنتج ميوللر وبدنورز سبيكة من الباريوم واللانثانيوم وأكسيد النحاس تقارب درجة Tc لها 35K (-396.67 ˚F, -238.15 ˚C). وعلى الرغــــم أن درجة ٣٥K درجة حرارة منخفضة للغاية، بيد أن الاكتشاف رفع احتمالات وجود مركبات ذات درجات حرارة انتقالية أعلى، كما حفز إجراء أبحاث أكثر في هذا الاتجاه.
وخلال بضع شهور من نشر ميوللر وبدنورز بحثهما تتالت نتائج المختبرات برفع درجة Tc إلى 39 K (-389.47 ˚F, -234.15 ˚C) بإحلال السترونتشيوم محل الباريوم. وخلال مارس عام ١٩٨٧ أعلنت مجموعة الفيزيائي الصيني تشنغ – ووه (بول) تشو (١٩٤١-) بجامعة هيوستن، وكذلك مجموعة ماو – كيون ووه من جامعة ألباما في هنتسفل، أعلنت المجموعتان توصلها لدرجة Tc تبلـغ ٩٨K (-283.3 ˚F, -175.15 ˚C) من خلال استبدال الإتيريوم باللانثانيوم في سبيكة ميوللر – بندورز.
أطلق مسمى «أبكو» على سبيكة الإتيريوم – الباريوم – أكسيد النحاس، كما سميث المادة الناتجة عن هذه السبيكة مركب واحد – اثنان – ثلاثة، نظراً لنسبة ذرات الإتيريوم (Y) إلى الباريوم (Ba) إلى النحاس (Ca) في السبيكة (YBa٢Cu٣O٧-y).
ظهر خلال الأشهر الستة الأولى من عام ١٩٨٧ ما يربو على ٨٠٠ بحث في الدوريات العلمية حول الموصلية الفائقة عند درجات حرارة مرتفعة، كما استمر تدفق النشر خلال بقية السنة بمعدل ٣٠ بحثاً فـي الإسبــوع.
وسـجـلـت بـعـض الـمختبـرات خـلال عـام ١٩٨٨ بـلـوغ درجة Tc تـساوي ١٢٥K (-234.7 ˚F, -148.15 ˚C) لمركب يحتوي الثاليوم والباريوم والكالسيوم والنحاس والأكسجين، كما سجل البعض درجة Tc في حدود 140K (-207.7 ˚F, -133.15 ˚C).
لقبت المركبات التي قاعدتها الثاليوم بلقب «تاباسكو» في الولايات المتحدة ولقبت «توباكو» في بريطانيا. لكن البحث في هذه المركبات صعب للغاية نظراً لأن الثاليوم مادة شديدة السُمية.
في الوقت الذي استمر فيه عدد من الباحثين دراستهم على الخزفيات، أخذ آخرون اتجاهاً مختلفاً كلياً ليكتشفوا خاصية الموصلية الفائقة في “كرات البكي– بكيبولز” (تسمية شعبية لمركب بكمنسترفلورين المكتشف عام ١٩٨٥).
البكيبول مركب من ثلاثة مركبات تآصلية – مركبات كيميائية واحدة مختلفة في الشكل الهندسي للكربـون فيها (النوعان الآخران هما فحم الغرافيت والألماس). يتكون جزيء البكيبول (يكتب كيمائيا C٦٠) من ٦٠ ذرة كربون ترتبط مع بعضها لتكون شكلاً هندسياً يشبه القفص الكروي، فيما يشبه كرة قدم صغيرة للغاية.
أعلن العاملون في مختبرات أيه تي أند تي بل في نيوجيرسي عام ١٩٩١ إشابة C٦٠ بالبوتاسيوم (K) لتركيب K٣C٦٠، وأنتجوا مركباً جديدً أطلقوا عليه مسمى دوبيبول (الكرة المشابة)، واكتشفوا ظهور خاصية الموصلية الفائقة لهذا المركب عند درجة حرارة تقارب 18 K (-4273 ˚F, -255.15 ˚C) كما قام باحثون آخرون بتغيير الصيغة الكيميائية باستبدال عنصر الروبيديوم أو السيزيوم بعنصر البوتاسيوم – وبـهــذا التغيير بلـغـت درجة Tc للمركب 33 K (-400.27˚F, -240.15˚C) و 42 K (-384.1 ˚F, -148.15 ˚C) عند إضافة الثاليوم إلى المجموعة.
تحطم حاجز الــ Tc مرة أخرى عام 1993. قامت مجموعة بقيادة هانس آر. أووت في المعهد السويسري للتكنولوجيا في زيورخ بتصنيع مركب خزفي من الزئبق والباريوم والكالسيوم والنحاس والأكسجين لتبلغ درجة Tc للمركب 133 K (-220.27 ˚F, -140.15 ˚C).
كما نجح تشنغ – ووه تشو من جامعة هيوستن ومانويل نونيز – ريفور في المركز الوطني للأبحاث العلمية في غرنوبل خلال السنة نفسها في بلوغ درجة Tc تقارب 153 K (-184.27 ˚F, -120.15˚C ) لخزف قاعدته الزئبق وتحت ضغط يعادل ما بين 150,000 إلى 230,000 ضعف الضغط الجوي عند مستوى سطح البحر.
علاوة على ذلك ادعت بعض المجمـــوعات البحثيـــة بلوغــها Tc عنــد درجـــة الحـــرارة الاعتياديـــة 300 K (80.33˚ F, 26.85˚ C)، بيد أن هذه الادعاءات لم تثبت ولأيمكن الوثوق بمصداقيتها.
ركز سعي الفيزيائيين على هدف الوصول إلى جائزة نفيسة. تمثلت المعضلة في الحاجة إلى غمر مادة التوصيل الفائق في حوض من الهيليوم المسال، وهو ما يعني تكلفة باهظة ومشقة عملية كبيرة.
وفي مقابل ذلك يتميز النيتروجين المسال بالرخص والوفرة وسهولة الاستخدام. تبلغ درجة حرارة غليان النيتروجين 77 K (-321.1 ˚F, -196.15 ˚C) وهو غاز مناسب للاستخدام في المثلجات وللموصلات الفائقة ذات الــ Tc المرتفع.
تستخدم الأسلاك المصنعة من المواد فائقة الموصلية لتصنيع المغناطيسات الفائقة. ولهذه المغناطيسات عدة تطبيقات في الفصل المغناطيسي والتصوير الطبي علاوة على استخدامها في طفو القطارات مغناطيسياً (الطفو المغناطيسي أو ماغليف).
تعمل المغناطيسات على طفو القطارات على وسادة مغناطيسية فيؤدي ذلك إلى إزالة الاحتكاك بين القطار وسكة الحديد. وفي تجربة في ديسمبر عام ٢٠٠٣ بلغت سرعة قطارٍ طافٍ مغناطيسيا ٣٦١ ميلاً في الساعة (٥٨١ كم/ ساعة) وذلك على سكة مغناطيس ياماناشي في اليابان.
كما أن حجم المولدات الكهربائية ذات المغناطيس الفائق يبلغ نصف حجم المولدات التقليدية وتبلغ كفاءتها ٩٩ بالمئة. من ناحية أخرى يمكن تخزين تيار كهربائي في حلقة مصنوعة من موصل فائق دون فقدان للطاقة، مما يجعل من الحلقة بطارية مثالية قابلة لإعادة الشحن.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]