تفاصيل إدراك المبصرات لأكثر من بصرين معاً
2009 البصائر في علم المناظر
كمال الدين الفارسي
KFAS
تفاصيل إدراك المبصرات لأكثر من بصرين معاً الفيزياء
قد تبيّن أن المُبصرات المالوفة تدْرك دائماً بالبصرين معاً، وتدرك غالباً واحداً، وقد تدرك اثنين بياناً مُجملاً، ولنفصله الآن فنقول:
الناظر إذا نظر إلى مبصر فإن كلاّ من البصرين يلحظُه، وإذا حدّق إليه فإن كلا منهما يحدِّق إليه تحديقاً متشابهاً على السّواء ويكون سهماهما حينئذ ملتقيين على نقطة من سطحه.
وإذا تأمَّل المُبصر فإن السَّهميْن يتحركان معاً على سطح المبصران ويمرّان معاً بجميع أجزائِه، وبالجُملة: فإن البصرين مُتساويان في جميع أحوالِهما، والقوة الحساسة التي فيهما واحدةٌ، وفعلهما وانفِعالهما ابداً مُتساوٍ مُتشابه.
وإذا تحرك أحدهما للإبصار تحرك الآخر له تلك الحركة بعينها، إلا أن يعوقه عائق، وإن سكن أحدهما سكن الآخر.
وإذا التقى سهماً البصرين على نُقطة من سطح المُبْصر، ونسميها نقطة التحديق، (فسطح المُبصر يكون قاعدة مشتركة) لمخروطي البصرين، ويكون وضع نقطة التحديق عند البصرين وضعاً متشابهاً، لكونها عند وسطي سطحي البصرين على السهم.
فأما سائر النقاط المتيامنة والمياسرة دون المتعالية والمتسافلة فإن بين كل منها وبين مركزي البصرين خطين، وضعهما بالقياس إلى السهمين متشابه في الجهة، أعني إن كان أحدهما متيامِناً عن سهمه كان الآخر كذلك، لأن ميل كل نقطة عن نقطة التحديق إلى جهة واحدة.
فأما بُعد الخطين عن سهميهما فتتفاوت غالباً، إلا أن النقطة إذا كانت قريبة جداً من نقطة التحديق فإن البعدين يتساويان حساً، لأن السهمين المتلاقيين يتساويان حساً، إذا لم يكن البصر قريباً جداً من المُبْصر.
بل كان البعد من أوساط المعتدلة، وربما اختلفا، لانه إذا كان الخطّان المتلاقيان على النقطة الأخرى من السطح في سطح السهمين المتلاقيين، فإنهما يكونان مختلفين ضرورة، لأنَّ الخط الخارج من نُقطة التقاء السهمين إلى الثانية يحيط مع السهمين بزاويتين مختلفتين، والسهمان متساويان، والواصُل بين النقطتين مُشتركٌ.
فالخطان المتلاقيان على الثانية مختلفان، إلا أنه قد لا يحس به إذا كانت الثانية قريبة من نقطة التحديق، وإن كان الخطان تحت السهمين، أو فوقهما، فقد يكونان متساويين، لأنه قد تكون الزاويتان اللتان يحيط بهما السهمان والواصل بين النقطتين متساويين.
وذلك إذا كانت النقطة الثانية في السطح الذي يقوم على سطح السهمين على قوائم وتنصف زاوية السهمين، والأوضاع التي بين هذين الوضعين يكون اختلاف طولي الخطَّيْن فيهما أقل من الذي بينهما في الوضع الأول، فلا يكون الاختلاف محسوساً، وإذا كانا متساويين، والسهمان متساويان والواصل بين النقطتين مشترك.
والزاويتان اللَّتان تحدثان عند مركزي البصرين من المثلَّثين متساويتان، وهاتان الزاويتان صغيرتان جداً إذا كانت النقطة الثانية قريبة من الأولى جدّاً، فبُعد الخطين واحد وجهتاهما واحدة فصورة النقطة الثانية الواردة عليهما إلى البصرين تنتهي إلى نقطتين من سطحي البصرين متشابهتي البُعْد والجهة من السهمين، فيرتسمان في موضع واحد من العصبة المشتركة بعده وجهته من موضع نقطة التحديق ذلك البعد والجهة.
فأما النقطة البعيدة من نقطة التحديق المائلة إلى جهةٍ واحدةٍ عنا لسهمين جميعاً، أعني أن يكون في سطح السهمين، فإن الزاويتين اللتين تحْدُنان بين الخطين الواصلين بين مركزي البصرين والنقطة وبين السهمين رُبما اختلتفا اختلافاً له قدرٌ، فيكون وضعها من البصرين وضعاً مُتشابهاً في الجهة – دون البعد – عن السهمين، إذ البُعد إنما يدرك بحسب الزاوية التي عند المركز).
وأيضاً فإنا نتوهَّم خطاً مستقيماً يصل بين مركزي الثُّقبين اللذين في عظمي المحَجرين، ونتوهَّمُ خطَّين خارجين من مركزي الثُقبين إلى وسط العصبة المشتركة، فيكون وضع هذين الخطين من الواصل بين مركزي الثقبين وضعاً متشابهاً.
إذ الثلاثة تكون مثلثاً متساوي الساقين، ونخرج عمود المثلث فنصف القاعدة – أي الواصل المذكور – ونخرجه على استقامته في مقابلة البصر، فيكون ثابتاً دائماً على حال واحدة، ويسمى السهم المشترك وصورته على ما رسم في صورة العين.
ثم لنتوهم عند نقطة من هذا الخط مُبصراً من المُبْصرات، والبصران ناظران إليه، وسهما البصرين يلتقيان على تلك النقطة، فيصير السَّهمان والسهم المشترك، والواصل بين مركزي الثَّقبيْن، أعني القاعدة والساقان جميعاً في سطح واحد، والسهمان من لُدن مركزي الثقبين إلى نقطة التحديق متساويين، (والقسمان من السهمين من لدن مركزي البصرين إلى نقطة التحديق متساويين)، وكذلك ثقباهما.
وكذا القسمان منهما اللذان بين وسطي البصرين ونقطة التحديق، فيكون وضع نقطة التحديق من النقطتين اللتين يمر بهما السهمان من سطحي البصرين وضعاً متشابهاً، وبُعدها عنهما متساوياً، وهما النقطتان اللتان فيهما ترسم صورة نقطة التحديق، ووضعهما عند تجويف العصبة وضع متشابه، فوضعها من النقطة التي على السهم المشترك وسط تجويف العصبة المشتركة، اعني رأس المثلث، ونسميها المركز، وضعٌ في غاية التشابه.
فصورتا نقطة التحديق تتاديان إلى العصبة فيحصلان عند المركز وتصيران واحدةً، وهاتان الصورتان اشدّ تشابُهاً من صورتي كل نقطة تفرض بُعدهان وصورا كلِّ نقطة قريبةٍ منها أشد تشابُهاً من صورتي نقطة أبعد.
وإذا كانت النقطة خارجة عن السهم المشترك على بُعد متفاوت والتقى مع ذلك سهما البصرين عليها، فإن صورتها تتحدان في تجويف العصبة عند المركز، إلا أنها لا تخلو عن اشتباه).
(وليكن أ ب مركزي البصرين، و م ط ز السهم المشترك، و أ ط ب ط سهمي البصرين، وليخرجا إلى د جــ، ويسمى سطح أ ب د جــ سطح السهام، ونخرج فيه خط ط ح ك عموداً على السهم المشتركن فنقطة ط متَّحدة الوضع من البصرين، فصورتها عند المركز.
وأما النقاط التي تكون داخل مثلث أ ط ب فتكون مواضع صورها من عين أ متياسرة، ومن عين ب متيامنة، وأما النقاط التي تكون داخل جـ ط د فبالعكس، فيكون الاختلاف في نقاط المثلثين بيّناً، وكلما كانت أبعد عن ح ك كان التفاوت أكثر.
وأما النقاط التي تكون داخل مثلث (أ ط جـ، فتكون مواضعها من العينين متيامنة، وأما النقاط التي تكون داخل مثلث) ب ط د، فتكون متياسرة، والاختلاف بين صور النِّقاط التي على خط ح ك اقل من الذي يكون بين صور نقاط الخطوط الموازية لــ ح ك من سطح السهام.
ولنفرض سطحين قائمين على سطح السِّهام مارَّيْن على م زح ك متقاطعين على ل س ونسمي المار على م ز القائم الأول، والآخر القائم الثاني، و ل س فصل السطحين.
وليكن ل في جهة العلو، فتكون جميع نقاط ل ط س متَّحِدة الوضع منهما، لكونها مدركة بشعاعين (متشابهين من السهم، فأما نقاط السطح الثاني فالحال فيها) كالحال في نظائرها من ح ك، وأعني بالنظائر: مواقع الأعمدة منها على سطح السهام.
وأما نقاط السطح القائم الأولى فعلى قياس نظائرها من خط م ز. والحاصل أن المبصر الذي يدرك بالبصرين معاً، فإن النقطة منه التي عليها يلتقي السهمان تحصل صورتها على تصاريف الأحوال في المركز، وتحصل بقية صورة المبصر محيطة به).
فإذا كان المبصر صغير الحجم متقارب الأقطار، وعند السهم المشترك أو قريباً منه فإنه صورته تحصل في تجويف العصبة واحدة محققة، (وإن كان المبصر عظيم الحجم فسيح الأقطار وعليه السهم فإن صورة نقطة التحديق تكون عند المركز واحدة محققة)، وصورة بقية أجزائه متصلة بهذه الصورة فتحصل صورة جملة المبصر واحدة إلا أن صور اطرافه وحواشيه تكون شبيهة غير محققة لسببين:
– الأول: إن أطرافه تدرك أشعة بعيدة عن السهم.
– والثاني: إن صورة كل منها تحصل في تجويف العصبة في موضعين غالباً.
وإن كان ذا ألوان مختلفة – وكان فيه تخطيط ونقوش ومعان لطيفة، وخاصة إذا كانت حواشيه مخالفة اللون لأوساطه – فإن ذلك يؤثر فيه اشتباهاً بيّناً، هذا ما دام البصران ثابتين في مقابلة المبصر والسهمان ثابتين على نقطة واحدة.
فإذا تحرك البصران عليه وانتقل السهمان من تلك النقطة وتحركا معاً على أقطار المبصر، فإن وضع كل نقطة من المبصر تصير من البصرين في غاية التشابه، وتصير صور جميع أجزاء المبصر عند الحركة والتامل متشابهة الاحوال عند البصرين.
وكذلك الحكم إذا كان البصر يدرك مبصرات متفرقة في وقت واحد معاً، وظهر مما ذكر أن البصر ليس يدرك المبصر الفسيح الاقطار محققاً إلا إذا حرك سهم الشعاع على جميع أقطاره وأجزائه سواء أدرك ببصرين أو بواحد.
ثم إذا كان سطح المبصر مواجهاً كان اثنين مما إذا كان مائلاً مع اعتدال بعدها وإدراك عظمه على ما هو عليه لأن المائل المسرف الميل يحصل صورته في سطح البصر مجتمعة لان اجزاءه تحصل في مواضع من سطح البصر أصغر.
ويوتر عند مركز البصر زوايا غير محسوسة، واما إدراك عظمه مع ذلك فلا حساسه بقدر الميل من إدراك تفاوت أبعاد أطرافه بقياس خارج عن إدراك الصورة فيدرك عظم المبصر ولا تحقق حال أجزائه.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]