تفسير ظاهرة تناثر الضوء من نقطة إلى نقطة
1997 عجائب الضوء والمادة تجريباً وتأويلاً
KFAS
ظاهرة تناثر الضوء تناثر الضوء من نقطة إلى نقطة الفيزياء
ترون في هذا المثال أن المسألة ليس فيها انعكاس ولا اختراق، وأن الفوتونات تذهب مباشرة من المنبع إلى المصب. وسأغتنم هذه الفرصة كي لا أستمر في إهمال ما كنت أهملته حتى الآن،
أي بالتحديد تناثر الضوء في أثناء سيره. سأعرض أمامكم ، بكل بهائها، القاعدة التي تحكم انتقال الضوء من نقطة من الفضاء إلى أخرى. فليس فيما سأقوله لكم أي نوع من التقريب أو التبسيط.
هاكم القاعدة التي تنطوي على كل ما يجب معرفته عن طريق انتشار الضوء وحيد اللون في الفضاء (مع أخذ الاستقطاب بعين الاعتبار) : اتجاه السهم هو اتجاه عقرب المزمان التخيلي الذي يقيس الزمن الذي يستغرقه الضوء لقطع المسافة المقصودة (إن عدد دورات هذا العقرب، على صفحة المزمان، من أجل واحدة المسافة يتوقف على لون الضوء) ؛ طول هذا السهم متناسب عكسيا مع طول المسافة المقطوعة (بتعبير آخر، يعاني السهم تصغيراً تزداد نسبته بازدياد المسافة.
لنفترض أن السهم المتعلق بالمسافة من X إلى A ذو طول مساو 0,5 ومتجه نحو الساعة الخامسة، وأن هذا أيضاً شأن السهم المتعلق بالمسافة من Y إلى B (شكل 47) فإذا ضربنا هذا السهم بذاك نجد سهماً حاصلا طوله 0,25 ويتجه نحو الساعة العاشرة.
مؤكد، لكن هذا ليس كل شيء! إذ يجب أن لا ننسى أن هذا الحادث يمكن أيضاً أن يقع بالأسلوب التالي: الفوتون الصادر عن X يذهب إلى B، والفوتون الصادر عن Y يذهب إلى A. وبكل من هذين ((الحادثين التحتيين)) تتعلق سعة معينة، وللحصول على السعة الحصيلة المتعلقة بهذا الأسلوب الثاني يجب ضرب هاتين ((السعتين التحتيتين)) إحداهما بالأخرى (شكل 48).
ولئن كان التصغير الذي تفرضه الزيادة الإضافية في الطريق صغيرة جداً، إلا أن الحال ليست كذلك فيما يخص التدوير؛ وهذا يعني أن السهمين المتعلقين بالمسارين، من X إلى B ومن Y إلى A، لهما عمليا طول (0,5) يساوي طول كل من السهمين الواردين في الأسلوب الأول السابق، لكن بين الاتجاهين، هنا وهناك، فرقاً محسوساً؛ فعقرب المزمان التخيلي المختص باللون الأحمر (مثلا) يُتم 15000 دورة في كل سنتمتر واحد من الطريق؛ فلا عجب إذن، في هذه الظروف، إذا كان هذان الطريقان، رغم تجاورهما الشديد، يعطيان لعقرب المزمان اتجاهين مختلفين جداً .
نحصل على السعة النهائية بجمع السهمين المتعلقين بالأسلوبين المذكورين. ولما كان لهما عملياً طول واحد فقط يتفق أن يلغي أحدهما الآخر ، ولأجل ذلك يكفي أن يتعاكس اتجاهاهما ، أي أن تزداد الزاوية بينهما، ولا شيء أسهل من ذلك، إذ يكفي أن تزداد المسافة بين المنبعين (أو بين الكاشفين).
وهكذا إذن يمكن، بمجرد إبعاد أحد الكاشفين قليلا ًعن الآخر، أن يزداد احتمال الحادث المقصود، أو أن يتناقص حتى ينعدم ( تماماً كما كانت الحال في الانعكاس الجزئي عن سطحين).
لقد لجأنا في هذا المثال إلى ضرب سعتين جزئيتين ، إحداهما بالأخرى، ثم إلى جمع حاصلي الضربين للحصول على السعة النهائية التي مربعها هو الاحتمال المنشود. ويجب أن لا ننسى أبداً ، مهما كان عدد الأسهم الواجب جمعها أو ضربها، أن الهدف هو الحصول على سهم واحد ووحيد يمثل سعة الحادث المقصود.
وأكثر الأخطاء التي يرتكبها طلاب الفيزياء المتبدئون إنما تأتي من قلة الانتباه إلى هذه الناحية. وبصادق القول أقول : إننا كثيراً ما ندعوهم إلى تحليل أمثلة لا تتناول سوى فوتون واحد، إلى أن اختلط عندهم السهم بالفوتون، مما أنساهم أن الأسهم هي في الحقيقة سعات الاحتمال، وأن مربعها يمثل احتمال الحادث، وهو عموماً حادث مركَّب.
سأبدأ ، في المحاضرة القادمة، بشرح مبسط لخواص المادة، وسيقودني ذلك إلى أن أشرح لكم، من ضمن ما أشرح، من أين يأتي العدد المعهود 0,2، ولماذا يبدو أن الضوء أبطأ في الزجاج منه في الهواء، الخ ـ لأنني، وهذا اعتراف صريح، ارتكبت حتى الآن خداعاً كبيراً : الواقع أن الفوتونات لا تنزو (لا تنعكس) ، خلافا لما قلت، عن سطح الزجاج، إنها تتفاعل مع الإلكترونات الموجودة في أحشاء الزجاج سأريكم كيف تذهب الفوتونات من إلكترون إلى آخر، وسترون عندئذ أن ظواهر الإنعكاس والاختراق تنجم عن عملية يلتقط فيها الإلكترون فوتوناً، فيتردد لحظة ثم يُصدر فوتوناً جديداً لكن هذا لا يمنع أن التبسيط الذي خدمنا حتى الآن لا يخلو من متعة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]