توفير حق الاحترام والعدل في علاج وإلتحاق الأشخاص بمستشفى الأمراض العقلية والعلاج بالعقاقير
1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان
الدكتور يوسف يعقوب السلطان
KFAS
العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة
من المبادئ الأساسية التي ينص عليها القانون البريطاني صراحة وبدون أي اعتراض حصانة جسد كل فرد من الانتهاك (سوليفان Sullivan، 1998، ص 1) .
وينص المبدأ القانوني أو الشرعي للولايات المتحدة الأمريكية عن المموافقة الواعية الذي أرساه القاضي في المحكمة العليا – بنجامين كاردوسا Benjamin Cardosa في عام 1914 على أن لكل إنسان بالغ (سن النضج) وسليم العقل الحق في أن يقرر ما قد يتم فعله ببدنه.
ولكن نظرا لان المريض النفسي العقلي لا يعتبر سليم العقل فعلى هذا الاساس لا يمكن تطبيق هذا المبدأ عليه.
والمثل يقال عن مبدأ (كانت Kant 1785) حول "الحرية والعقلانية" و "الإرادة الذاتية المشروعة"، كشرط أساسي للعضوية المشتركة في مجتمع معنوي لا يضم المعتوهين أو المعوقين.
ونظرا لأن عضوية مثل هذا المجتمع المعنوي قد أتت معها بحقوق العدالة واستقلالية الفرد والمساواة في الاحترام، فقد بدا واضحا أن "كانت" لم يرد منح هذه الحقوق للافراد المعقوين.
ولكنهم يكونون المجتمع الذي تكرس له جهود ممارس الطب، كما أنهم من بين الاسباب التي جعلت مبدأ السلطة الابوية العطوفة هي اساس فلسفة الرعاية الصحية.
ولا يوجد من حيث المبدأ، أي مبرر لحرمان الأشخاص غير الأصحاء نفسيا من الاحترام الاساسي الذي يتمتع به الآدميون الآخرون.
وعلى ذلك نجد أنفسنا مضطرين إلى استخلاص أن مثل هذه العقلانية (آخذين في الاعتبار صعوبة تحديد عقلانية الجميع في جميع الظروف) يجب ألا تكون هي الأساس الوحيد وليس المنفرد لاحترام الوضع الإنساني لأي فرد.
ولقد قامت محاولات عديدة لإيجاد حل لهذه المسألة. فأحد أسس احترام المعوقين عقليا، وغير الناضجين نفسيا أو أي أشخاص آخرين مما يحتمل أن يشمل كل شخص آخر غير هؤلاء هو مفهوم برنارد وليامز عن الإنسانية المشتركة مع القيمة المعنوية المنفصلة عن "القدرات الطبيعية الموزعة توزيعا عشوائيا غير متساو" (وليامز Williams 1971).
ويمكن لهذا المفهوم أن يكون أساسا لوضع المبدأ الذي يعطي حق العدل كتأكيد على أن جميع الناس لهم مطلب الحصول على حق متساو في رخاء الحياة مثل الحق الذي يمنح في حياة الآخرين، (فيتش Veatch، 1981، ص 26).
ولا يواجه العلاج النفسي وحده من بين سائر التخصصات الطبية تحديات تقرير ما إذا كان لدى المريض كفاءة أو قدرة تؤهله لرفض العلاج.
بل أنه يشارك في ذلك كل فروع الطب وبصورة أوضح في طب الاعصاب وطب الشيخوخة وطب الأطفال، وكذلك في بعض الأحيان طب الامراض الباطنة والجراحة.
فعلى سبيل المثال في 17% من حالات الدخول للمستشفيات العامة في الولايات المتحدة نجد أن رد الفعل المباشر لدى الأطباء عندما يرفض المريض الذي يعتبر مصابا بمرض نفسي أو عصبي تعاطي الدواء هو إرغامه على ذلك رغم استمرار معارضته (ابلباوم Appelbaum، وروث Roth، 1983).
يكوّن المرضى الذين تشخص حالاتهم بأنها تستدعي دخول المستشفى رغم إرادتهم ومعالجتهم إجباريا مجموعة صغيرة نسبيا من جملة الناس الذين يعتبرون مصابين بالذهان أو فاقدي الأهلية، أو من يحتاجون إلى رعاية.
وتدل الدراسات التي تمت في الولايات المتحدة على عدد من المواقع، أن الغالبية العظمى من المرضى الذين يعالجون إجباريا قد ألحقوا بالمستشفيات بناء على الانطباعات الشخصية للأطباء العموميين عن احتمالات قيامهم بسلوكيات عنيفة.
ويبدو أن هذه الانطباعات الشخصية للاطباء أتت او تكونت نتيجة لحالة الطوارئ التي تطلبت مشورة الطبيب النفساني آنذاك.
وفي إطار السمات التشخصية بميل هؤلاء المرضى إلى أن يتصفوا بالهوس أو النشاط الزائد أو الشعور بالعظمة أو الشعور بالمرح والنشوة أو سرعة التهيج أو العدوانية، ومنهم المصابون بالاكتئاب والمليئون بالأوهام والهلوسة التي تثير الرغبة فيهم لقتل انفسهم أو تشويه أجسادهم، أو الذين يعانون من الأوهام والهلوسة الخيلائية أو من يتصفون بالغضب والشك الحادين ويكونون مخيفين بشدة.
وهذه السلوكيات تقل كثيرا بعد دخولهم المستشفى دون أن تكون مصحوبة عادة ما تبدأ بعد أن يصبح المصابون بالمرض النفسي جزءا لا يتجزأ من محيط العلاج المهدئ، أو بعد أن يكونوا قد عولجوا بالعقاقير للدرجة التي تكفي لتخليصهم من الاعراض الحادة.
وعند الوصول إلى هذه النقطة أو هذا الحد وبعودة قدراتهم وصفاتهم إلى مستوى يسمح بمزيد من التفكير والتأمل والوعي الذاتي، يبدءون في الاحتجاج على حجزهم في المستشفى. وقد قام مرضى في مثل هذه الظروف بالولايات المتحدة الأمريكية برفع العديد من القضايا.
ولقد تناولت المطبوعات الرئيسية موضوع الحق في العلاج أو الحق في أن يطلق سراح المريض من حجز الرعاية حينما لا يتوافر علاج فعال. وكان لهذه الكتابات أثرها، وانتهت إلى تحسين واضح في بيئات وظروف الكثير من المستشفيات العامة الكبرى.
وهناك قضية أخرى تتعلق بحق المريض في أن يعالج في داخل إطار أو محيط اجتماعي. فمثلا في خلال السبعينيات أقيمت دعوة ضد ولاية ماسا شوستس (اوكين Okin، 1984)، تؤكد أن للمرضى المقيمين في مستشفى حكومي، أو المعرضين لدخول المستشفى الحق في أن يعيشوا في منشآت اجتماعية عادية.
وفي عام 1978 صدر قرار بعد خمس سنوات من تلك القضية يضاعف التكاليف التي تتحملها الولاية للخدمات الصحية العقلية الاجتماعية عشر مرات مما أدى إلى انخفاض إحصاءات مستشفيات الولاية بنسبة 49% وانخفاض معدل دخول مستشفى الولاية بنسبة 15% في المناطق التي خصصت لها ميزانية الخدمات الصحية الاجتماعية.
وعلق الكاتب على ذلك بان مثل هذه الهيئة البديلة والأقل تقييدا إن لم تدل على الغرض الأسمى بتوفير نظام خدمات صحية تجعل المؤسسات غير ضرورية بالنسبة لمعظم المرضى، فإنها تثير مخاوف المجتمع عامة.
وتتجه به إلى زيادة الاستقطاب الهدام الذي غالبا ما يقوم به الأطباء المعالجين والمحامين فقد يحسنون رعاية الصحة العقلية إذا كان لديهم "اهتمام بحاجة المرضى إلى العلاج وليس فقط حقهم في الحرية".
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]