جهاز قياس الضغط الجوي “الباروميتر”
2016 عصر الثورة العلمية
جون كلارك
KFAS
نعلم أن للهواء كتلة وأن الضغط الجوي نتيجة لوزن الهواء الذي يضغط إلى الأسفل على جسم على سطح الأرض.
لكن هذه الأقوال لم تكن تؤخذ دوماً باعتبارها حقائقا. قام عالم إيطالي خلال الأربعينيات من القرن السابع عشر بمحاولة قياس ضغط الهواء، لكنه في سعيه هذا أثبت وجود الفراغ وابتكر جهاز الباروميتر (مقياس الضغط الجوي).
تأهل إيفانجلستا تورتشيللي (١٦٠٨ – ٤٧) ليكون عالم رياضيات والتحق عام ١٦٤١ مساعداً للكهل غاليليو (١٥٦٤ – ١٦٤٢)، الذي أكد دوماً على عدم وجود شيء اسمه الفراغ.
في عام ١٦٤٥، وبمعاونة مساعده فنسنزو فيفياني (١٦٢٢ – ١٧٠٣) ملأ تورتشيللي أنبوبا مغلقاً من طرف واحد بطول ٦٦ قدماً (٢ م)، ملأه بالزئبق. وبوضع إبهامه على الطرف المفتوح قلب تورتشيللي الأنبوب في وعاء مملوء بالزئبق وأبعد إبهامه بعد استقرار الأنبوب في الوعاء.
تسرب بعض الزئبق من الأنبوب إلى الوعاء ونزل منسوب سطح الزئبق فيه إلى حوالي ٣٠ بوصة (٧٦ سم). وطرح السؤال البدهي حينئذ نفسه: ما الذي منع الزئبق كله من التسرب إلى الإناء؟
قاد التحليل المنطقي تورتشيللي إلى القول بأن وزن الهواء الجوي يضغط على سطح الزئبق في الوعاء بقوة تعادل وزن الزئبق المتبقي في الأنبوب. وبذلك فإن ارتفاع الزئبق في الأنبوب قياس لمقدار الضغط الجوي.
يعرف مثل هذا الجهاز بالباروميتر (مقياس الضغط الجوي). لاحظ تورتشيللي أيضا اختلاف طول عمود الزئبق بشكل طفيف من يومٍ لآخر اعتماداً على الطقس، واستنتج من ذلك اختلاف الضغط الجوي يوميا.
أضاف عالم الرياضيات الفرنسي رينيه ديكارت (١٥٩٦ – ١٦٥٠) مسطرة عمودية مدرجة إلى باروميتر تورتشيللي واستخدم هذا النموذج المعدل لتسجيل رصده لحالة الطقس. الضغط الجوي عامل مهم لمتنبئي الأحوال الجوية حتى في يومنا هذا.
ويقاس الضغط أحياناً بوحدة بوصة أو ميلليمتر زئبق – الضغط الجوي «الطبيعي» (العياري) يساوي ٣٠ بوصة زئبق ( ٧٦٠ مم زئبق).
يعتمد مقدار الضغط الجوي على الارتفاع عن سطح البحر. فالضغط الجوي على قمة جبل، مثلا، أقل من الضغط الجوي عند سفحه. (يساوي الضغط الجوي خارج طائرة نفاثة على ارتفاعات شاهقة الصفر تقريبا).
في عام ١٧٧١، أي بعد أكثر من قرنٍ من وفاة تورتشيللي، بدأ عالم الجيولوجيا السويسري جين ديلوك (١٧٢٧ – ١٨١٧) باستخدام بارومتر حساس لقياس ارتفاعات الجبال.
ولقياس الارتفاعات التي تصلها الطائرات يستخدم نموذج معدل للباروميتر يسمى الألتيميتر (مقياس الارتفاع)، ولكنه بالطبع ليس النوع الزئبقي.
نظراً لكبر حجم باروميتر تورشيللي فمن الصعب حمله من مكان لآخر، وإن قام جين ديلوك بحمل واحد إلى قمة جبل. ابتكر نيكولاس فورتن (١٧٥٠ – ١٨٣١) بارومتراً زئبقياً محمولا، وذلك بوضع خزان الزئبق في كيس جلدي.
بإدارة برغي يمكن تطبيق ضغط بسيط على الحافظة الجلدية حتى يتساوي سطح الزئبق مع مستوى مؤشر، وبوجود تدريج ورني (ورنية) في قمة الأنبوب يمكن تسجيل قراءة دقيقة للضغط.
عودة إلى تجربة تورتشيللي، يبرز التساؤل عما يحتويه الحيز فوق سطح الزئبق في أعلي الأنبوب المقلوب؟
الجواب المباشر لسؤالنا هو «لا شيء». ما يحتويه هذا الحيز في حقيقته ليس إلا الفراغ، حيز من الفضاء لا يحتوي شيئاً على الإطلاق. وسرعان ما وجد العلماء حاجة لدراسة الفراغ وتأثيراته، ولذلك برزت الحاجة إلى إيجاد طريقة لإنتاجه في المختبر.
الباروميتر الزئبقي
لإعادة إجراء تجربة تورشيللي يُملأ الأنبوب الزجاجي المغلق من طرف واحد بالزئبق ومن ثم يقلب رأساً على عقب في إناء يحتوي على الزئبق.
ينزل منسوب الزئبق في العمود قليلاً، مكوناً فراغا في الحيز فوقه. يوازن الضغط الجوي المؤثر على سطح الزئيق في الإناء إلى الأسفل ثقل عمود الزئبق. يقاس الضغط الجوي بارتفاع عمود الزئبق في الأنبوب عن مستوى سطح الزئبق في الإناء.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]