حجج معارضة تعديلات الضريبة الحدودية وأنواعها
2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري
تشارلزس . بيرسون
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الضريبة الحدودية أنواع الضريبة الحدودية علوم الأرض والجيولوجيا
الفصل السادس والدراسة التي سبقته مباشرة قد خلصتا إلى أن الآثار السلبية على القدرة التنافسية التجارية التي يمكن أن تكون بسيطة سواء عند وجود حسومات على ضريبة الكربون أو حسومات على التخصيصات للانبعاثات فيما يتعلق الصناعات كثيفة الطاقة، ولكن قد تكون هناك كلفة للكفاءة.
فالتعديلات الحدودية – رسوم الكربون المفروضة على الاستيرادات، وحسومات ضريبة الكربون للصادرات- التي تمت مناقشتها كبديل. وهما أيضاً لهما كفاءة تكاليف، ولكن يمكن أن ينظر إليها على أنها تمتلك قيمة قسرية، تضغط بصورة متواصلة على المتنافسين لخفضٍ أكبرَ في الانبعاثات.
فلأسباب التوضيحية، فإننا سنركز على القدرة التنافسية، ونؤجل المناقشة حول استخدام التدابير التجارية للحث على المشاركة في اتفاقية المناخ أو لفرض الالتزام بها حتى الفصل القادم.
إن المخاوف حول القدرة التنافسية الناشئة من الخلافات الدولية حول السياسة البيئية لها تاريخ طويل في الولايات المتحدة الأميركية (Pearson 2004).
فعلى سبيل المثال، تنص المادة السادسة من القانون الفيدرالي للسيطرة على تلوث المياه لعام 1972م على إجراء بدراسات سنوية عن الأثر التجاري للتشريعات.
وأن "التعديلات الضريبية الحدودية" (Border Tax Adjustments) تتألف من "الرسوم الإضافية" (Surcharges) للاستيرادات وحسومات التصدير لتحقيق التعادل في تكاليف السيطرة على البيئية دوليا، وفقاً لما عرضه قانون التوازن البيئي للنحاس لعام 1977م (الذي لم يتم سنه بعد).
واستمر طرح القانون هذا هذا لاعتماده من وقت لآخر منذ ذلك الحين. وقد تمت معارضته بناءً على أسس اقتصادية وقانونية وعملية. ومازالت تلك الاعتراضات سارية لمشاكل بيئية محلية، إلا أن هناك أسباب عدة لمراجعة تلك الاعتراضات في سياق ظاهرة الاحتباس الحراري وتسرب الكربون.
استندت المعارضة الأساسية للتعديلات الحدودية على ثلاث حجج هي: فوقاً لمعطى مفاده وجود الخلافات الدولية في الطاقة الاستيعابية البيئية، والدخل، والأفضليات.
وليس هناك من سبب يتعلق بالكفاءة الاقتصادية يتطلب تحقيق المساواة في تكاليف السيطرة البيئية دولياً، ف سيادة البلدان تسمح باختيار المعايير البيئية الخاصة بها.
وفي ظل غياب أي اتفاق دولي، فإن تحديد التعديلات الحدودية متروكة للسلطات المحلية التي هي في حقيقة الأمر دعوة لحماية مخيفة، وترك نظام التجارة الدولي في حالة يُرثى لها وكأنها أشلاءً ممزقةً.
والحجة الأولى ليست صحيحةً تماماً في حالة الكربون. حوعلى الرغم من أنه لا يزال سبب عدم الكفاءة قائماً لمعادلة مجموع تكاليف التخفيف دولياً، فإن الكفاءة تتطلب المساواة في سعر الكربون دولياً.
كما أن الحجة الثانية تفقد قوتها أيضاً، لكون ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي هي مشكلة عابرة للحدود الوطنية وتنطوي على عوامل خارجية دولية وهي ليست مشكلة وطنية خالصة.
وأخيراً الحجة الثالثة، إن الطبيعة الموضوعية والاحتمالية الحمائية للتعديلات الحدودية قد تكون محدودة، إذا ما كانت التعديلات مبنية على تبني اتفاق مناخي موسع ينتج عنه سعر محدد للطن الواحد من الكربون المنبعث.
والنقطة الأخيرة لا تزال محل جدل جدل قائم ولم ينتهي لحد الآن. فحساب انبعاثات المنتج ولكل بلد، يمكن أن يكون ذا نتائج مضللة، ويمكن أن يكون مصدراً للإزعاج. فالتقلبات في أسعار الكربون والسلاسل الانتاجية المعقدة قد تشكل تحديات أخرى(15).
يمكن أن نضع جانباً مسألة ما إذا كانت التعديلات الحدودية ستوسع من الائتلافات الساعية إلى تخفيض الانبعاثات، والسؤال هوماذا ستكون عواقبها على كل من البيئة والكفاءة؟ وللإجابة على هذا السؤال، من المفيد أن نميز ما بين ثلاثة أنواع من التعديلات الحدودية.
النوع الأول هو الرسوم الفروضة على السلع المستوردة والمساوية للمبلغ المفوع كضريبة كربون من قبل الشركات المحلية المنتجة لمنتجات مماثلة.
ويمكن احتساب ذلك بواسطة ضرب ناتج الفرق بين سعري الكربون المحلي والأجنبي بالمحتوى الكربوني المباشر وغير المباشر للمنتج المحلي. وإذا كان البلد الأجنبي لا يمتلك سياسة بخصوص الكربون، فإن سعر الكربون المحلي هو ما نحتاجه فحسب.
أما النوع الثاني فهو الرسوم المفروضة على السلع المستوردة المساوية لفرق السعر ما بين الكربون المحلي والكربون الأجنبي، مضروباً بالمحتوى الكربوني المباشر وغير المباشر للمنتج المستورد.
في حين أن النوع الثالث هو، الإضافة للنوع الثاني، التخفيض السعري على المنتج المستورد، وبمبلغ مقدار خصم مساوٍ لضرائب الكربون المباشرة وغير المباشرة المدفوعة من قبل الشركات المصدرة عن مبيعاتها المحلية من المنتجات المماثلة(16).
(تندرج حسومات التصدير على الضرائب التي على مدخلات الإنتاج تحت القضية القانونية القديمة وغير الواضحة حول كيفية معالجة الضرائب غير المرئية).
إن بعض التعليقات قد تكون مناسبة [فيما يتعلق بأنواع التعديلات الحدودية]. فبالمقارنة مع حالة عدم وجود أي تعديل حدودي، فإن مسار النوع الأول سيميل إلى نقل الإنتاج باتجاه الاقتصاد الوطني ويحد من تسرب الكربون.
وأن الانبعاثات العالمية قد تتجه نحو الانخفاض، إذا كان الإنتاج في داخل الوطن هو أقل كثافة كربونية مماعليه في البلد الذي هو منشأ الواردات. وهذا هو الأمر الأكثر احتمالاً والذي تكون عليه حال تجارة الولايات المتحدة الأميركية مع العديد من الدول النامية.
لقد أشار ماتّو وخرون (Mattoo el al. 2009b) إلى، أن كثافة الكربون للصناعة التحويلية الصينية تبلغ أكثر من أربعة أضعاف مما عليه الحال في الولايات المتحدة الأميركية(17).
وبالمقارنة بمسار النوع الأول من تعديلات الحدود، فإن مسار النوع الثاني سيكون له تأثير أقوى في الحد من الانبعاثات، ومرة أخرى على افتراض أن الاقتصاد الوطني أقل كثافة كربونية. ولكن مقدار التعرفة الكمركية سيكون أكبر وتعطيل التجارة سيكون كبير.
فكلا مساري النوع الأول والنوع الثاني من شأنهما أن يزيدا الأسعار المحلية، وتثبط الانبعاثات من الاستهلاك المحلي.
ومن الملاحظ أيضاً أنه وفق مساري هذين النوعين من التعديلات الحدودية، فإن البلدان الأجنبية لن تكسب أي "ائتمان مصرفي" (Credit) لمجابهة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي من خلال سياسات أخرى غير سياسات تسعير الكربون – على سبيل المثال، من خلال مبالغ الإعانة لدعم الطاقة النووية، وطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
ورغم هذه الجهود، فإنهم سوف يواجهون التعرفة الكمركية للكربون.
التعليق النهائي يتناول مسار النوع الثالث من التعديلات الحدودية، الذي يتضمن تخفيضات التصدير.
فالاقتراح الذي طال أمد انتظاره في التجارة الدولية هو "نظرية التناظر" (Symmetry Theorm) التي طورها ليرنر (Lerner) والتي تنص على أنه في ظل التجارة المتوازنة تكون الضريبة على الاستيرادات في الواقع ضريبة على الصادرات.
ويترتب على ذلك أنه ما لم يكن هناك خفضٌ في ضريبة الكربون على الصادرات، فإنها ستخضع لضريبة مضاعفة، سواء تم تطبيق مسار النوع الأول أو الثاني.
ولاستعادة "الحيادية الضريبية" (Tax Neutrality) (والكفاءة) ما بين الاستيردات المتنافسة وقطاعات التصدير، فإن مسار النوع الثالث يقترح أن الأخذ بضريبة الكربون المبنية على الرسوم الكمركية المفروضة على الواردات، وضريبة الكربون المبنية على تخفيض الصادرات.
ويبدو هذا سيترتب عليه خفضاً إضافياً على الأرجح في درجة من مخاوف التنافس في الولايات المتحدة الأميركية، ولكنه قد يضعف من حجم التخفيضات في الانبعاثات العالمية.
وهذا المسار للنوع الثالث ذو مظهر مربك –خفض الضريبة على التأثيرات الخارجية العالمية يبدو موضوعاً ضاراَ، وقد يكون من الضروري تفسيره وتسويغه على اساس الاقتصاد السياسي وليس الاقتصاد البيئي.
حاول ماتّو وزملاؤه (Mattoo el al. 2009) حساب بعض من تلك النتائج كمياً، فاستخدموا نموذج "التوازن العام المحسوب" (Computable General Equilibrium: CGE لتقدير الإنتاج في قطاعات متعددة لدول متعددة، بهدف تقدير التبعات في الانتاج والتجارة المترتبة عن استخدام مسارات الأنواع الثلاثة للتعديلات الضريبية الحدودية الموصوفة سابقاً.
حيث يفترض التحليل أن البلدان ذات الدخل المرتفع تتولى على عاتقها خفض الانبعاثات الكربونية بما نسبته 17% أقل من مستويات عام 2005م، بحلول عام 2020م.
ويفترض التحليل أن البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لا تتخذ أي إجراء بهذا الصدد. ويشتمل التحليل أيضاً تعديلات حدودية تُطبق على جميع تجارة البضائع، ويحتوي أيضاً على تحليل منفصل يقتصر على البضائع المستوردة كثيفة الطاقة فحسب.
الجانب الإيجابي في الأمر هو أنه حتى في ظل غياب التعديلات الحدودية سيظهر الكربون المتسرب بكمية صغيرة.
وأن انخفاض الانبعاثات في البلدان عالية الدخل سينتج عنه بالمقابل ازدياد بنسبة 1% في الانبعاثات في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط (في الملحق التكنيكي، فسر المؤلفون بصعوبة لماذا أن معدل تسرب الكربون هو أقل بكثير من التقديرات الآخرى).
على أية حال، فإن القلق من التنافس مازال قائماً. ففي غياب التعديلات الحدودية، انخفض إنتاج الولايات المتحدة الأميركية من الصناعات كثيفة الطاقة بواقع 3.5%، وانخفض تصدير تلك السلع بواقع 11.6%.
وكما كان متوقعاً، فإن كل المسارات الثلاثة للتعديلات الضريبية الحدودية ستقلل من التراجع في صناعات الولايات المتحدة الأميركية الكثيفة الطاقة، وستقلل من استيراد تلك المنتجات.
ويختص مسار النوع الثالث، بتضمنه حسومات التصدير، التي سينتج عنها زيادة في صادرات الولايات المتحدة الأميركية من هذه السلع.
ومع ذلك فإن النتيجة الأكثر إثارة للاهتمام هي على أية حال، التأثير ا المختلف لكبير على تجارة الدول النامية في استخدامها الكربون المحلي المحتوى (مسار النوع الأول)، الكربون الأجنبي المحتوى (مسار النوع الثاني) عند حساب الكمركية للاستيراد.
ففي ظل مسار النوع الأول ستواجه الصين رسوم كربون تبلغ 3.1% على كل الصناعات، و6.2% على الصناعات الكثيفة الطاقة عندما تُباع في أسواق [الدول] عالية الدخل. والأرقام المقابلة لها بالنسبة للهند هي 3.5% و 6.8%.
وفي ظل مسار النوع الثاني تواجه الصين رسوم كربون بواقع 26.1% على كل الصناعات و 42.7% على الصناعات الكثيفة الطاقة. يقابلها من أرقام بالنسبة إلى الهند 20.3% و28.5%.
وفي ظل مسار النوع الأول من التعديلات الحدودية سينخفض إجمالي الصادرات الصناعية للصين بواقع 3.4% والهند بواقع 3.2%. ووفق مسار النوع الثاني ستنخفض إجنالي الصادرات الصناعية للصين بواقع 20.8% والهند بواقع 16.0%.
إن هذه الأرقام الملحوظة ما هي إلا انعكاسٌ مباشرٌ لكثافة الكربون العالية الناتجة من صناعات هذين البلدين مقارنة بالبلدان ذات الدخل المرتفع. وقد أخمد إلى حدٍ كبير فكرة استخدام محتوى غير وطني للكربون (مسار النوع الثاني) في تحديد رسوم الاستيراد.
ويمكن لامرئٍ ما أن يجادل بأن الرسوم الباهظة قد تحفز على اعتماد سياسة جادة لتسعير الكربون في البلدان المصدرة، ولن نكون بحاجة إلى تطبيقها. ولكن في إطار اقتصاد العولمة حيث مع التدفقات المالية الكبيرة والتوترات بشأن أسعار صرف العملات، فإن هكذا رسوم صارمة قد تُعطي نتائج عكسية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]