علم الفلك

خصائص التليسكوبات مختلفة الحجم وأهميتها في مراقبة القمر

2013 دليل مراقب القمر

بيتر غريغو

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

هناك مشاهد قليلة في علم الفلك محفزة وآسرة بقدر ما هو منظر القمر المكبر جداً من خلال التليسكوب. والقمر، بسطحه المبقع بتدفقات اللاّبة القاتمة، ومعالمه التي ترسمها سلاسل الجبال، وعلامات الثقوب بالفوهات البركانية، وتمشطه الأخاديد والحيود البحرية، هو أكثر الأجرام الفلكية شهرة للمراقبين الهواة.

إذ أغرت عظمته كل فلكي هاوٍ مسلح بتليسكوب إلى التحديق بالمناظر الطبيعية القمرية، ويستمر عشق العديد من الهواة لقمرنا التابع مدى الحياة. ويستطيع أي شخص أن يتصفح الانترنت أو يقلب صفحات الكتاب ليشاهد صور عالية الدقة للقمر التقطتها تليسكوبات كبيرة على الأرض ومن المركبات الفضائية في المدار القمري. لكن لا شيء يقارن مع مشاهدة القمر الحقيقي من خلال التليسكوب.

المعيِّنات الصغيرة (السيلسكوبات). إن القمر منظر مذهل لم يسبق أن مل منه إلا بضعة فلكيين هواة ، خلال القرون الأربعة منذ قام جاليليو أول مرة بمسح للمشهد الطبيعي القمري بمنظاره الانكساري الصغير قياس 16 مم.

ومن غير المدهش أن العديد من حفلات النجوم ومناسبات التوعية العامة التي تنظمها الجمعيات الفلكية يتم توقيتها لتتزامن مع أمسية يكون فيها القمر هلالاً – إذا كانت السماء صافية يصبح تابعنا الطبيعي نجم الحدث الذي يشد الانتباه.

لا يهم كم يبدو التليسكوب كبيراً أو جذاباً فإن قيمته الحقيقية تكمن في جودته البصرية. تجنب التليسكوبات المعلن عنها في الجرائد مع وعود من قبيل “شاهد الحلقات المذهلة لكوكب زحل! تعجب بتعدد فوهات القمر البركانية!”. وفي كثير من الأحيان تبنى هذه الأدوات بكاملها من البلاستك، بما في ذلك العدسات التي يمكن أن يكون أداؤها سيئاً للغاية. وهي عبارة عن تبديد كامل للأموال ولضوء القمر، ودرس في كيفية ما لا ينبغي أن يكون عليه التليسكوب الفلكي، وأن لا يتم تثبيته إلا لدعائم المسرح أو ألعاب الأطفال – شريطة أن يعرف الأطفال أن التليسكوبات الحقيقية أفضل بكثير.

إن التليسكوبات الصغيرة المعروضة في المحلات التجارية ذات جودة بصرية متغيرة – عادة أقل نوعاً ما من المتوسط – وتكون أسعارها مبالغ فيها. وإذا كنت تنوي أن تنفق أموالك هنا، فيحق لك عندئذ أن تخرج الأداة من الصندوق وتفحص العدسات البصرية لأية عيوب أو خدوش فيها ومن ثم تختبرها بالنظر عبر العينية (ويفضل بالتركيز على جسم بعيد خارج المتجر). والمتجر الذي يرفض السماح لك بالقيام بهذا الفحص الأساسي هو بكل وضوح غير مهتم بما تبحث عنه. وتأكد أنك تشتري تليسكوبك الأول من شركة ذات سمعة جيدة ومتخصصة في المعدات البصرية أو الفلكية. حيث تعلن هذه الشركات بشكل مكثف في المجلات الفلكية ومعظمها تنشر كتالوج على موقعها على الانترنت و/ أو مطبوعاً.

يعتقد بعض المراقبين أن أي تليسكوب بفُتحة أصغر من 75 ملم هو مجرد لعبة أطفال، وغير قادر على توفير أي مشاهد مفيدة عن سطح القمر. وأنا أتفق تماماً مع ذلك. ويمكنني أن أشهد أن أمثلة عن كل نوع تقريباً من الملامح القمرية يمكن رؤيته من خلال تليسكوب صغير بقدر منظار انكساري مقياس 40 ملم بجودة بصرية جيدة ، وذلك يتضمن البحار القمرية، والجبال، ومئات الفوهات البركانية، وبعض الصدوع الأكبر، والوديان والحيود المجعدة والقباب. ولكن صحيح أيضاً أن تليسكوباً صغيراً لم يكشف التفاصيل القمرية الدقيقة،والتكبير الأعظمي الفعال لمنظار عاكس مقايس 40 ملم هو 80 مرة.

ونظراً لوزنها الخفيف وسهولة حملها فإن التليسكوبات الصغيرة مثالية لمشاهدة القمر العرضية (العادية) عندما يكون نصب التليسكوب الأكبر شاقاً للغاية. وهي رائعة للاستخدام في الليالي المتوسطة الرؤية، لألتقاط مشاهد القمر في الفراغات بين الغيوم. ومن المفارقات أنه خلال فترات الرؤية السيئة قد يبدو التليسكوب الصغير أحياناً بأنه يعطي صورة أكثر وضوحاً وخالية من الوميض مما يمكن أن تعطيه أداة أكبر تستخدم نفس درجة التكبير. ويعود ذلك إلى أن الصورة التي تشكلها الأداة الأصغر ليست عرضة للتشويه بالاضطرابات الجوية كما هي الصورة التي تتشكل بأداة أكبر.

يبدأ العديد من الفلكين الهواة بشراء معدات متواضعة، مع تحديثها بأدوات أفضل خلال السنوات بحسب ما تسمح به الموازنات لديهم. ومن التطلعات المشتركة بينهم امتلاك أداة موجهة بالحاسوب ذات فُتحة بمقياس 200 ملم أو أكبر من ذلك لتحقيق متطلبات أكثر تطوراً.

غير أن التليسكوبات الصغيرة جداً لها مزايا عدة. فهي خفيفية الوزن وسهلة الحمل ويمكن إطالتها إلى حد ما – ويمكن التعويض عن الضرر العرضي الذي يصيب الأجزاء البصرية أو الميكانيكية في نطاق الموازنة الصغيرة كأشياء من هذا النوع. وبعض التليسكوبات الصغيرة الأرخص لها تكبير ثابت والعينية غير قابلة للتغيير بين أكثر من وضع. وتحتوي تليسكوبات أخرى على عينية متغيرة التركيز مثبتة داخل التليسكوب، حيث إن القدرة على التحويل بين التكبير المنخفض والمتوسط والعالي بسهولة يمكن أن يكون نعمة كبيرة في المراقبة القمرية.

وتأتي التليسكوبات الصغيرة الأفضل مع مجموعة من عينيتين أو ثلاث، بحيث توفر درجات تكبير معقولة بأن لا تبالغ في توسيع قدرات الأداة، وهي غالباً مجموعة متنوعة المقاسات «بالإنش الياباني» (البوصة اليابانية) بقطر أنبوبة 0.965 بوصة.

في حين تحوي بعض التليسكوبات الأرخص عدسات شيئية أكروماتية (بلا ألوان زائفة) مقبولة، قد تكون العينيات ذات طبيعة بدائية جداً- عينيات هيوجين البسيطة التي تعرض مشاهد الخوف من الأماكن المغلقة/ المزدحمة مثل عبور النفق مع مجال رؤية واضح بمقدار 30 درجة أو حتى أقل.

فإذا كان لديك تليسكوباً صغيراً له عينيات قياس 0.965 إنش (24.5 ملم)، من الجدير الاستثمار في واحدة أو اثنتين من عينيات بلوزل ذات الجودة العالية مقاس 1.25 إنش (32 ملم) التي توفر مجالاً جيداً للرؤية بحوالي 50°، ووصلة مهايئة للعينية مقاس 0.96 إنش/ 1.25 إنش (يمكن شراء هذه الوصلات المهايئة على شكل أقطار نجمية).

ويمكنك قياس الأداء البصري الحقيقي لتليسكوبك الصغير باستخدام عينيات ذات جودة جيدة، وإذا قررت لاحقاً تحديث جهازك إلى أداة أكبر سيكون لديك عينيتان يمكنك استخدامهمامع الجهاز الجديد. وبعد التحديث قد تريد أيضاً تعليق تليسكوبك الصغير أعلى الأداة الجديدة لاستخدامها كأداة بحث أو سيلسكوب توجيه. وهي مثالية لوضع القمر في مركز مجال الرؤية بشكل كافٍ عند تصويره باستخدام كاميرا مضغوطة لا متراكزة بؤرياً أو كاميرة انترنت للاستزادة عن العينيات.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى