الطب

خطوات طريقة “الوَخْزُ بالإِبَرِ” وأهمية استخدامها لعلاج الأمراض

2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

طريقة الوخز بالإبر أهمية استخدام طريقة الوخر بالإبر الطب

الوَخْزُ بالإِبَرِ طريقةٌ صينيَّةٌ قديمةٌ لتخفيفِ الأَلَمِ وعِلاجِ بَعْضِ الأمراضِ.

وتَتَلَخَّصُ في غَرْزِ إِبَرٍ خاصَّةٍ في أجزاءِ مُعَيَّنَةٍ مِنْ جِسْم الإنسانِ. وقد تكونُ الإبَرُ هذهِ عاجيَّةً أو فُولاذِيَّةً أو فضيَّةً أو حتَّى ذهبيَّةً.

وطِبْقاً للفلسفَةِ الصينيَّةِ، فإنَّ الأَّلَمَ والمرضَ يَحدُثانِ نتيجةَ اختلالِ التَّوازُنِ بينَ قُوَّتينِ رئيسيتينِ في جِسْمِ الإنسانِ هُما: «ين» و«يانج».

 

ويَعْتَقِدُ الصّينيونَ أنَّ الوَخْزَ بالإبَرِ يُعيدُ ذلكَ التوازنَ إلى ما كانَ عليهِ.

كما يعتقدونَ أنَّ هذا الوَخْزَ يُؤَثِّرُ في قُوَّةِ الحياةِ على امْتِدادِ 12 دائرةِ طولٍ مُزْدَوِجَةٍ ودائرَتيْ طولٍ غيرِ مُزْدَوجتينِ، وهي دوائرُ تُمَثِّلُ قنواتِ الطَّاقَةِ الَّتي تَجْري في خطوطٍ طوليَّةٍ في الجسمِ.

ويغرزُ الاختصاصيونَ الّذين يُسَمُّونَ واخزي الإبَرِ إبراً ثاقبةً في موضعٍ أو أكثرَ على طولِ دوائرِ الطّولِ في جسمِ الإنسانِ.

 

ويُسَبِّبُ غرزُ الإبرِ شعوراً حاداً بالقرصِ، ولكنَّهُ سرعانَ ما يَزولُ ليعقبَهُ وخزٌ جِلْدِيٌّ يَسيرُ عَرضيّاً، أو شعورٌ بالتَّخديرِ أو التَّثاقُلِ أو التَّأَلُّمِ، طَالَما بقيتِ الإبرُ في أماكِنِها.

ويُستَعمَلُ وخزُ الإبرِ لتَخْفيفِ الألمِ وعِلاجِ بعضِ الأمراضِ مثلِ: الْتِهابِ المفاصلِ، والرَّبو، والشّقيقةِ (الصداعِ النِّصفيّ) والقُروحِ، وأمراضِ العيونِ، وبعضِ الأمراضِ العقليَّةِ.

وقد ظَلَّ الصينيونَ يستخدمونَ هذه الطريقةَ التقليديةَ في تخفيفِ الألمِ وعلاجِ الأمراضِ، حيثُ يظلُّ المريضُ في وعيهِ شاعراً بألمٍ يسيرٍ أو بغيرِ ألمٍ على الإطلاقِ.

 

نظريات الوخْزِ: ويقترحُ العُلماءُ ثلاثَ نظريّاتٍ لعمليةِ الوَخْزِ بالإبرِ هي:

1- النظريَّةُ الأولى: وترى أنَّ دَوائِرَ الطُّولِ في الجسمِ تَربطُ بينَ أعضائِهِ بطريقةٍ خاصَّةٍ ومن ثَمَّ فإنَّ الوَخْزَ بالإبرِ يزيدُ مِنَ النَّشاطِ على طولِ دَوائرِ الطّولِ، مما يُؤَثِّرُ في وظيفةِ العضوِ المُرادِ علاجُهُ.

2- النظريَّةُ الثانيةُ: وتَرَى أنَّ الوَخْزَ بالإبرِ يعملُ – جزئيّاً على الأقلِّ – على زيادَةِ إنتاجِ الدِّماغِ مِنْ مُسَكّناتِ الألَمِ الطبيعيّةِ المُسَمّاةِ أنْدرُوفِينات، وهيَ مَوادَّ كيميائيَّةٌ شبيهةٌ بالمُورْفينَ، تحدُّ مِنْ إحساسِ الجسمِ بالأَلَمِ.

3- النظريَّةُ الثالثَةُ: وتَرَى أنَّ الوَخْزَ بالإِبَرِ يُحْدِثُ تَأثيراً في الجهازِ العصبيِّ عن طريقِ إطلاقِ إشاراتٍ تعترِضُ مَمَرّاتِ الأَلَمِ المُرْسَلَةِ للرَّأْسِ وتمنعُها من الوصولِ إليهِ فلا يَشْعُرُ المريضُ بالألمِ.

 

الأُصولُ القديمَةُ والوَضْعُ الحديثُ: الوخْزُ بالإبَرِ أمرٌ قديمٌ جديدٌ، فهوَ قديمٌ لأنَّهُ يَضْرِبُ في تاريخِ الصِّينِ إلى ما يقربُ من نحوِ خمسةِ آلافِ عامٍ، وجديدٌ حيثُ بَدَأَ الغربُ يهتمُّ به.

وكانتْ جامعةُ السّوربون في باريسَ هيَ أُولى الجامِعاتِ الأُوروبيِّةِ الّتي اهْتَمَّتْ بهِ حيثُ أَنْشَأَتْ جامعةً للتخصُّصِ فيهِ، ثُمَّ انْتَشَرَ في سائرِ البِلادِ الأوروبية، حيثُ أُنْشِئَتْ في كلٍّ من رُوما وبروكسِل أكاديميةٌ للوَخْزِ بالإبَرِ، ومن بَعْدِهُا في الأميركتين.

أساسُ الفِكْرَةِ: وفِكرةُ الوَخْزِ بالإبَرِ تَنْبُعُ من رُؤْيَةِ الصينيينَ للإنسانِ على أنهُ – كَكُلِ ما في الطّبيعةِ – هو جزءٌ لا يتجزَّأُ مِنْها، وأنَّ حياتَهُ ليستْ إلَّا شكلاً من أشكالِ الحَرَكَةِ فيها، فهوَ جزءٌ مصغَّرٌ لمادتِها الَّتي تحوي كلِّ المُتَضادّاتِ: الهدمَ والبناءَ، الموتَ والحياةَ، السَّلْبَ والإيجابَ، اللَّيلَ والنهارَ، إلخ.

وطاقَةُ الحياةِ هيَ القُوّةُ المُحَرِّكَةُ في الإنسانِ وفي كلِّ ما في الطَّبيعَةِ والكَوْنِ، وهُمْ يُسَمّونَها تش.

 

وقوَّةُ الطّاقَةِ تَسْري في جسمِ الإنسانِ على هَيْئَتينِ: سلبيَّةٍ تُسَمَّى «ين» وإيجابيَّةٍ تُسَمَّى «يانغ»، وهي تنبضُ صاعدةً هابِطَةً في الجسمِ كما الفصولِ في الطّبيعة، وهي تَدورُ في تَوازنٍ دقيقٍ بين قُطْبي تلكَ الطاقَةِ.

وإذا اخْتَلَّ هذا الإيقاعُ الطبيعيُّ لحركةِ الطاقَةِ، تَخْتَلُّ العَلاقَةُ بينَ كلِّ مِنْ «ين» و«يانج» وتَبْدَأُ أعراضُ المرضِ في الظُّهورِ. ولكيْ تختفي هذهِ الأعراضُ لا بدَّ من إرجاعِ توازنِ سريانِ الطاقَةِ داخِلَ مَمَراتِها بنفسِ إيقاعِها السابقِ.

وعلى هَذا فإنَّ:

«ين» تُمثِّلُ: الارتخاءَ، البرودةَ، التبلُّدَ، الرُّطوبَةَ، اللَّيلَ، الظَّلامَ.

و«يانج» تُمَثِّلُ: الإحساسَ، الحرارةَ، الحركةَ، الجَفافَ، النَّهارَ، الضَّوْءَ.

 

والطاقَةُ الدافِعَةُ في جسمِ الإنسانِ هيَ الَّتي تُعطيهِ الحياةَ وهي مُتعدِّدَةٌ حسبَ وظائِفِها فيهِ، وتَتَلَخَّصُ في حركتينِ أساسيتينِ هما: حركةِ القلبِ وما يَتْبعُه من دَوَرانِ للدَّم، وحركةِ الأعصابِ وما يَتْبعُها من أحاسيسَ ومشاعِرَ.

ومعرفةُ هذهِ الطاقَةِ بالتَّفصيلِ هي البِدايَةُ الأُولى لعِلْمِ الوَخْزِ بالإبَرِ.

وأيّاً كانَ مصدرُ الطاقَةِ الَّتي تمرُّ داخلِنا – وهي منابِعُها كثيرَةٌ – فإنَّ الكميةَ الَّتي يفقدُها الجسمُ مِنْها لا بدَّ أن تُعَوَّضَ بشكلٍ أو بآخرَ، حتَّى لا يختلَّ التوازُنُ داخِلَهُ فينشأُ بذلكَ الألمُ ويظهرُ المرضُ

 

طريقةُ التَّخديرِ بالوَخْزِ بالإبرِ: تَتَلَخَّصُ هذه الطريقةُ في الخطواتِ الثلاثِ التاليةِ:

1- تُمْسَكُ الإبْرَةُ بينَ الإِبْهامِ والإصبَعَيْنِ اللَّذينِ بعدَهُ.

2- يُوضَعُ إبهامُ وسَبَّابَةُ اليدِ الأُخْرى على جِسْمِ المريضِ بجانبِ النِّقطةِ المحدَّدَةِ لإِدْخالِ الإبْرَةِ.

3- عندَ إدْخالِ الإبرةِ يُسْتَعْمَلُ الإبهامُ لتَحْريكِها وتَدْويرِها بسرعَةٍ، بينَما يُسْتَعْمَلُ الإصبعانِ المجاورانِ لإخراجِها.

ويتوقَّفُ عمقُ الوَخْزِ واتِّجاهُهُ على عوامِلَ مِنْها مَدَى مَتَانَةِ العَضَلِ ومَدَى قُدْرَةِ المريضِ على تحمُّلِ الوَخْزِ ومَدَى سَمانَةِ هذا المريضِ أو نَحافَتِهِ.

وتحَدَّدُ نِقاطُ الوَخْزِ حَسْبَ نوعِ العمليَّةِ اللّازِمَةِ للمريضِ، وغالِباً ما يكونُ إدْخالُ الإبرةِ وإخْراجُها بعمقٍ يَتَراوَحُ بينَ   إلى 1 سنتيمتر، وتدويرُ الإبرةِ يكونُ بدائرةٍ تَتَراوَحُ بينَ 85° إلى 360°  وسرعَتُها بمعدَّلِ 120- 150 مرةً في الدَّقيقَةِ.

وعندَ التأكُّدِ من الحصولِ على النَّتيجَةِ المطلوبَةِ، وهيَ تحذيرُ الجزْءِ المريضِ خِلالَ 15 – 20 دقيقةً، حِينَئِذٍ يخبرُ الجراحُ بأنَّ المريضَ جاهِزٌ لإجراءِ العمليِّةِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى