علم الفلك

دليل المبتدئ في علم الفلك

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

دليل المبتدئ في علم الفلك

ليس بوسع الكثير مقاومة منظر السماء وهي ممتلئة بالنجوم عندما تشاهد من موقع صافي وداكن، فحتى أقل الناس اهتماما بالفلك سيتأملون من وقت إلى آخر في جمال الهلال الرفيع وهو معلق في سماء غسق الدجى أو ربما يشهق تلقائيا عندما ينطلق شهاب ساطع عبر السماء. إن الفضول عن علم الفلك كامن، ولو بكميات متباينة، في كل واحد منا، وبالنسبة لهؤلاء الذين يزيد مستوى فضولهم عن العادي يعد علم الفلك الهاو هو أفضل طريقة لتغذية هذا الاهتمام.

وسط مركبات الفضاء التي تزور الكواكب والمقاريب العملاقة المثبتة فوق الجبال والمزودة بأدوات تصوير متطورة، هل يوجد مكانا فعليا لهاوي الفلك في ظل التلوث الضوئي الذي امتلأت به المدن؟ من حسن الحظ أن الإجابة على هذا السؤال هي نعم بالتأكيد! إن الفلك من العلوم القليلة التي مازال بإمكان الهواة تقديم معلومات وملاحظات مفيدة لمساعدة المتخصصين. وفي أبسط الأحوال، هذه الهواية ممتعة جدا و ستعود على صاحبها بفوائد كثيرة لو اعتزم تخصيص الوقت والجهد لها.

إن الفلك مجال واسع إذ يضم عدة تخصصات متنوعة، فبالنسبة لمبتدئ في المجال يمكن أن يبدو هذا التنوع مهولا. لحسن الحظ إن شبكة الإنترنت تتناول الفلك جيدا وبمجرد القيام ببحث مبدئي عن الموضوع ستجد الكثير مما يفيدك ويوجهك. ليس من الحكمة أن تتسرع بشراء مقراب دون أن يكن لديك أي فكرة عم سوف تقوم بمشاهدته، و أفضل خطة هي أن تتخلى عن فكرة إنفاق أية أموال على الإطلاق حتى تكون قد تعلمت بعض الأساسيات.

من بين الأعداد الهائلة للنجوم التي يمكنك مشاهدتها في ليلة صافية غير مقمرة، سترى قدرا مدهشا من النظام، إذ رأى القدماء حيوانات وشخصيات وأشكال في سماء الليل ومن هذه البدايات وصلنا اليوم إلى 88 كوكبة معترف بها رسميا. وكبداية، ليس عليك سوى تحديد بضعة من الكوكبات الرئيسية التي يمكن استخدامها كمعالم لبقية السماء. تعتبر خريطة نجمية بسيطة أو خريطة الكرة السماوية كافية للقيام بهذه المهمة.

مع أنه يمكننا القول بأن بعض الأشكال يسهل التعرف عليها، فإنه من الصحيح أيضا القول أن بعض هذه الأشكال غير واضحة على الإطلاق. فالخدعة للتعرف على طريقك عبر سماء الليل هي مثل التخبط في غرفة معتمة، إذ تتمسك بالأجسام المألوفة لك كالكرسي أو المنضدة للاستناد عليها. فلو قمت بالتعرف على بعض الكوكبات التي تستخدم كعلامات إرشاد ستقوم باستخدامها للتعرف على المناطق الأقل وضوحا في السماء. من الأمثلة المعروفة على هذه الكوكبات الإرشادية هي المحراث (أو المغرفة الكبيرة)، والجبار في نصف الكرة الشمالي و الصليب الجنوبي، والعقرب، والرامي في نصف الكرة الجنوبي.

من المهارات الأخرى المفيدة هي تعلم كيفية تقدير القياسات في السماء، فالقياسات الخطية مثل السنتيمتر و المتر لا معنى لها عند وصف المسافة الفاصلة الظاهرة بين نجمين. بدلا من ذلك، يستخدم الفلكيون قياسات زاوية بالدرجات والدقائق والثواني

 ( ʹʹ ʹ °) . لو مددت ذراعك يمكنك استخدامه كمسطرة جيدة للسماء، ارفع اصبعك الأصغر على امتداد ذراعك وسيعادل عرضه °1 تقريبا، وقبضة اليد تعادل °10 تقريبا، في حين أن اليد المبسوطة تعادل نحو °18. يصبح هذا مفيدا خاصة لو استثمرت في اقتناء مجموعة من الخرائط النجمية أو خرائط الكرة السماوية فهي تساعدك على تقدير حجم الجسم الظاهر في السماء.

بعد أن تتعلم أشكال مجموعات النجوم الرئيسية، يمكنك الشروع في اتخاذ خطوة أكثر صعوبة مثل تحديد مواقع الكواكب الساطعة. يتواجد على شبكة الإنترنت عدة مواقع مجانية تخبرك بالأجسام التي تكون ظاهرة في ليلة معطاة بالإضافة إلى مواقع الأجسام كالقمر والكواكب، و تشكل الكوكبات الإطار الذي من ضمنه يمكنك تحديد هذه الأجسام الأخرى.

يمكنك بالعين المجردة أن تستمتع بسماء الليل بعدة طرق مختلفة، فعلى سبيل المثال، تتباين الكثير من النجوم الموجودة في السماء من حيث درجة سطوعها (النجوم المتغيرة) ويمكنك بالقليل من التدريب أن تقوم بوضع تقديرات مضبوطة إلى حد ما لهذه التغيرات. إن مشاهدة تكرارات الوابل الشهبي أيضا تسلية منتشرة بين المشاهدين بالعين المجردة، ورصد الشهب يمكنه تزويد معلومات قيمة عن نشاط وابل معين. ثم تأتي الأحداث النادرة مثل المذنبات الساطعة، و عروض الشفق (للمتواجدين في خطوط عرض مرتفعة شمالية أو جنوبية)، والسحب ليلية السطوع، التي تحدث أثناء شهور الصيف عند خطوط العرض المرتفعة الحرارة والتي يمكن أن تكون رؤيتها مرتبطة بالتغيرات المناخية.

إن لعنة التلوث الضوئي هو الأمر الذي يقلل من استمتاعنا بعظمة السماء وبالأخص للمقيمين بالقرب من مدينة كبيرة أو من مركز المدينة، و في مثل هذه المناطق يكون فلك العين المجردة صعبا. حتى بالنسبة لمن لا يتعرضون للتلوث الضوئي سيأتي عليهم وقتا سيرغبون في التعمق أكثر وسط النجوم، وتكون أفضل نصيحة في هذا الوقت هي أن تشتري منظارا جيدا، وهي أداة مثالية للمشاهدة المتنقلة.

يحدد حجم المنظار باستخدام رقمين، مثلا 10 X 50، إذ يحدد أول رقم (10) التكبير ويحدد الثاني (50) قطر العدسة الأمامية بالمليمتر. إن درجة تكبير بين 7 X و 10 X هي المثالية لمنظار يدوي، ولو زادت عن هذا سيكون من الصعب أن تمسك المنظار بدون أن تهتز الصورة. قطر العدسة الذي يساوي 50 مليمتر (2 بوصة) هو أيضا اختيار مناسب، إذ يسمح بقدر كافي لتجميع الضوء الذي يمكنك من رؤية العديد من الأجسام الخافتة وفي نفس الوقت المحافظة على وزن الأداة. يمكن أن تكون المناظير ذات التكبير الأعلى أكثر إغراءا للمشتري ولكنها من الممكن أن تقيد المشاهد أو تكون بلا فائدة على الإطلاق في بعض الحالات القصوى. والفُتحة الكبيرة أيضا مغرية ولكن بعد تعدي حجما معينا يشكل الوزن مشكلة إذ يتطلب تثبيت المنظار بطريقة ما (كثلاثي القوائم) ليجعله صالحا للاستخدام لفترات طويلة من الوقت.

لا يصلح دائما استخدام المنظار مع ثلاثي القوائم، خاصة عند استخدامه لمشاهدة أجسام فوق المشاهد مباشرة، ففي هذه الحالة، إن استخدام قاعدة مخصصة للمنظار يسهل الأمر كثيرا. والخيار الآخر الذي يمكن اتباعه هو استخدام قواعد خاصة للمرآة تمكنك من مشاهدة السماء الليلية بمنظار موجه إلى الأسفل وليس إلى الأعلى، ويعتبر هذا مفيدا لمن هو عرضة للإصابة بآلام في الظهر أو في الرقبة.

يتيح لنا المنظار عالما جديدا بأكمله من المشاهدات. بصرف النظر عن القدرة على رؤية الأجسام المعروفة الظاهرة للعين المجردة بوضوح أكثر، فإن إمكانيته على تجميع الضوء الإضافي والتكبير تسهل لك رؤية الأجسام الأخفت والأصغر مثل الفوهات الكبيرة على القمر، والمجرات الساطعة، والحشود النجمية، والسدم. لو كنت مهتما بتتبع النجوم المتغيرة أو مشاهدة النجوم المزدوجة فستجد أن العدد المتاح لك باستخدام منظار بسيط مذهل بالفعل. وفي حين أن ضبط المنظار على قوة منخفضة وثابتة هو الأفضل للقيام بمسح شامل لمناطق واسعة من السماء، فهو غير مناسب على الإطلاق لمشاهدة الأجسام الصغيرة كالكواكب. لو وجدت بعد استخدام المنظار لتوسيع أفق مشاهداتك أن نفسك مازالت تواقة لرؤية أقراص الكواكب الرئيسية، فلا مفر من أنه قد حان الوقت لك لاقتناء مقراب

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى