علوم الأرض والجيولوجيا

دور السياسة التكنولوجية في ظاهرة الاحتباس الحراري

2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري

تشارلزس . بيرسون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الاحتباس الحراري علوم الأرض والجيولوجيا

ربما يكون السؤال الأساسي الأهم هو، هل نحن بحاجة لسياسة تكنولوجية واضحة؟.

في الأدبيات المبكرة للتغيير التكنولوجي، كانت غالباً ما تعالج كمتغير زمني خارجي، وفي أحيانٍ أخرى تعالج مع عوامل معينة لكفاءة الطاقة التي تُسهم في خفض شدة انبعاثات الإنتاج.

فارتفاع سعر الوقود الأحفوري (قاعدة هوتلنك مرة أخرى)، مقرونةً بتكاليف الخفض المفترضة لمصادر الطاقة غير الكربونية  مثل "تكنولوجيا الطاقة الشمسية الضوئية" (Solar Photovoltaic Technology)، يمكن في نهاية المطاف أن تحل محل الوقود الأحفوري وتخفض الانبعاثات.

 

التغير التكنولوجي الخارجي غير مرضٍ للغاية، لا على المستوى النظري ولا على المستوى السياسي.

فالنظرية تُشير إلى أن الابتكار ونشر التكنولوجيا الجديدة هو أمرٌ معرضٌ لعيوب (للتأثر بسمات سلبية) السوق المختلفة، وخصوصاً لإخفاق المبتكرين في الإمساك بالفوائد الاجتماعية الكاملة لنشاطاتهم.

فإذا كان هذا صحيحاً، فإن البيانات التاريخية حول التغير التكنولوجي قد تعكس تلك العيوب أو السمات السلبية، وليس هناك مقدرة حقيقة  للتكنولوجيا في خفض كلفة الانبعاثات.

 

فالعيوب المزعومة في تقديم الجديد والأكثر كفاءة تكنولوجية يمكن أن تُختزل في أربعة موضوعات:

الإخفاق حتى الآن في استيعاب تكلفة العوامل الخارجية لانبعاثات الكربون، ومن ثم عدم وجود الحافز لتطوير التكنولوجيا التي تقتصد في تكاليف [انبعاثات] الكربون، وعدم القدرة على ملائمة المبتكرين مع المنافع الاجتماعية الكاملة لأنشطتهم،  وأوجه القصور في أسواق رأس المال الخاص، التي قد تحول دون تمويل التكاليف العالية.

ولكن التكنولوجيات الجديدة محفوفةٌ بالمخاطر والحواجز أمام تخفيض التكاليف لـ "التعلم بالممارسة"(20) (Learning by Doing). فقد استنتجت النظرية السياسية التي تعود إلى تينبرغن (Tinbergen 1956) أن الحكومات تحتاج على الأقل لوسائل سياسية عديدة بقدر أهداف تصحيح السوق.

 

وهذا يعني أن وجود سياسة واحدة لتحديد سعر الكربون من خلال الضريبة أو الحد من التجارة القصوى هو أمرٌ غير كافٍ، لأن هذين السعرين يتناولان التكاليف الخارجية لانبعاثات الكربون، والمؤثرات غير المباشرة لعيوب سوق التكنولوجيا فحسب(21).

وبالتماثل، فهذا يشير إلى قدرة الإعانات على معالجة عيوب سوق التكنولوجيا البيئية، إلا أنها أخفقت في معالجة الانبعاثات الخارجية بصورة مباشرة(22).

إن الحدود الافتراضية للتغير التكنولوجي الخارجي واضحة، وقد تم إنشاء نماذج "سياسة- تعجيل التغير التكنولوجي"(23) (Policy-Induced Technology Change).

 

بشكل عام، تم تحديد ثلاث قنوات سياسية: الأولى تستكشف التأثير غير المباشر لتسعير الكربون على اتجاه وسرعة وتيرة التغير التكنولوجي في قطاع الطاقة، والثانية والثالثة تنظران في السياسات التكنولوجية بصورة مباشرة – تدعمان البحث والتطوير وتدعمان سرعة توزيع وتبني التكنولوجيات الجديدة.

وإن القناة الثالثة تفترض أن كلفة وحدة لاستخدام التكنولوجية الجديدة هي دالة متناقصة للناتج التراكمي من جراء استخدام هذه التكنولوجيا. والأول تسعير الكربون وتأثيره في السعر النسبي للطاقة، هو مدخلات الانتاج، وبعض الأحيان سلعة استهلاكية (على سبيل المثال، التدفئة المنزلية وتبريدها).

وزيادة السعر قد يشجع البدائل البعيدة الأمد في إنتاج واستهلاك الطاقة المكثفة، ولكن هذا بحد ذاته ليس تغيراً تكنولوجياً كما هو معروف تقليدياً.

 

ولكن ارتفاع أسعار الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري قد تنشط أيضاً البحث والتطوير في تكنولوجيا توفير الطاقة، ومصادر الطاقة المتجددة. وإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع الأسعار قد يحفز الإنتاج، وبالتالي تنخفض كلفة التعلم بالممارسة في إنتاج الطاقة المتجددة.

وتسعير الكربون، على أية حال، لا يمكنه مباشرة معالجة المبادرات المعيبة لتحسينات التكنولوجيا ونشر استخدامها(24).

منذُ فترة طويلة شُخصت المعرفة على أساس أنها إظهار الخصاص للسلع العامة التقليدية – "غير الصالحة للاستخدام كلياً" (Inexhaustibility)، و"الإقصاء غير التام" (Imperfect Excludability)، والجديرة بالدعم الشعبي.

 

ويعتقد أن العوائد الاجتماعية للابتكار تتجاوز العوائد الخاصة. ويمكن تمديد الدعم من خلال التشديد على حماية حقوق الملكية الفكرية (مثل براءات الاختراع)، ونشاطات البحث والتطوير الحكومية، أو إعانة نشاط البحث والتطوير في القطاع الخاص، والإعفاءات الضريبية الممنوحة.

وهذه السياسات قد تكون عامة أو محددة في مجال الطاقة فحسب. ويمكن اعتبار كلٍ منها مكملة لتسعير الكربون.

 

ولكن دعم الاختراعات قد لا يكون بالأمر الكافي. فمجموعة من الاقتصاديات الكبرى، وأوجه القصور في المعلومة، والقصور الذاتي يمكن أن يبطئ من استحداث التكنولوجيات الجديدة. وتسريع استحداثها يمكن أن يكون عبر الإمساك بشبكة الـتأثيرات الخارجية المرتبطة بتوسيع استعمال التكنولوجيات الجديدة.

فالإعانات، والتفويضات التكنولوجية مثل معايير الطاقة المتجددة، وتفويضات [إنتاج] السيارات الكهربائية، ومعايير الطاقة الكفوءة للأجهزة المنزلية، والأدوات السياسية المستخدمة الأخرى تعمل على تسريع تبني التكنولوجيات الجديدة، والإمساك بتخفيضات في كلفة التعلم بالممارسة.

والالتزام بالمصداقية في الحفاظ على هذه السياسات يمكن أن يساعد. ويمكن لـ "المشاريع التدليلية" (Demonstration Projects) أن تؤدي دوراً مهماً أيضاً.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى