دور المدرسة في اكتساب الفرد “ألفباء المعرفة العلمية”
1998 تقرير1996 عن العلم في العالم
KFAS
ألفباء المعرفة العلمية المعرفة العلمية العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
ويتطلب اكتساب ألفباء المعرفة العلمية توافر تربية علمية مناسبة في المدارس.
وتتسم قضية تعليم العلوم في المدارس بكونها مترامية الجوانب وشديدة التعقيد والصعوبة، مما لا يسمح بالتعرض لها تفصيلياً في هذا الخصوص:
تتمثل الملاحظة الأولى في أن تعليم العلوم يجب أن يعم الطلبة جميعهم. فإذا صحت الحجة التي جئت على ذكرها، ترتب على ذلك صحة هذه الملاحظة أيضاً.
فتعليم العلوم في المدارس الابتدائية والثانوية يجب أن يحقق عدة أهداف، إذ يتعين على هذه المدارس إعداد الطلبة الذين سيواصلون دراسة العلوم والهندسة في المعاهد الفنية والكليات والجامعات ليصبحوا علماء ومهندسين (ويشكل هؤلاء المستوى الثاني من هرم العلم والتقانة) يشغلون مراكز بالغة الأهمية في التنمية الصناعية والاقتصادية للأمم المعاصرة.
ويجب أن تعمل المدارس أيضاً على إعداد القوة العاملة المطلوبة للصناعات القائمة على العلم ولمؤسسات الأعمال التي تحتاج إلى عمالة ماهرة. وأخيراً، يجب على المدارس أن تفي بمهمة إعداد الأشخاص لدور المواطنة القائم على المشاركة.
ويتطلب ذلك الدور، كما أسلفت، تحلّي الأفراد بحد أدنى من ألفباء المعرفة العلمية يؤهلهم لاتخاذ قرارات شخصية تؤثر في كل من حياتهم اليومية ومشاركتهم في الكيان السياسي للأمة.
ويستلزم تحقيق هذه الأهداف العريضة البدء بتعليم العلوم في المدارس منذ أولى مراحل التعليم المدرسي والاستمرار فيه عبر كل سنوات التعليم الإجباري.
ونجد علميًا أن جميع الدول راضية عن مستوى التعليم العلمي في مدارسها. ويحملني هذا إلى التطرق إلى الملاحظة الثانية. فإجمالاً، يدرَّس العلم في المدارس كمادة قراءة، أي يتم استظهاره من كتاب مدرسي لاسترجاعه وقت الامتحان.
ويبدو أن ثمة أدلة وافرة على أن العلم يمكن تعلّمه بصورة أفضل بكثير (كما يمكن خلق الاهتمام بتعلمه لدى الطلبة)، إذا ما تم تدريسه عن طريق الممارسة الشخصية، وتوضيح الأسس العلمية من خلال مشاهدات وتجارب عملية يمكن استقاؤها ببساطة من التجربة اليومية للطلبة بدءًا بمرحلة التعليم الابتدائي وامتداداً إلى معظم مرحلة التعليم الثانوي.
أما الملاحظة الأخيرة التي أود إبداءَها فهي تخص تعليم العلوم في الدول التي يكون فيها مستوى الثقافة العامة متدنيًا، أو في القرى أو المناطق النائية، أو عندما تكون سنوات التعليم المدرسي محدودة والمعدات العلمية المخصصة للتعليم قليلة، ذلك إن وجدت.
وتوفر قاعة الدراسة ومحيطها المباشر فرصًا عديدة للقيام بالتدريب على القياس والعد والتصنيف (فالطلبة أنفسهم والأشياء الموجودة في الفصل يمكن استخدامها في أغراض متعددة في هذا الصدد).
ويمكن تعليم العلاقة بين الشكل والعدد من خلال جعل الأطفال يقومون بالحياكة والغزل والنجارة وإمساك الدفاتر ورسم الخرائط. كما يمكن استخدام الحرارة والضوء والصوت والحركة لتدريس العلوم الفيزيائية.
كذلك فإن مراقبة ولادة الأطفال ونموهم ضمن الأسرة، ونمو النباتات والحيوانات، ومراقبة النواتج الفسيولوجية لتعاقب الفصول، وكثير من الأمور التي يشهدها الطفل عن كثب، يمكن الاستفادة منها في تدريس البيولوجيا (علم الأحياء).
أما ما أخلص إليه بشكل عام هنا، فلا يقتصر على القول بأن الارتقاء بتعليم العلوم في مرحلة الدراسة الابتدائية وأغلب مرحلة الدراسة الثانوية، لا يحتاج بالضرورة إلى معدات، بل إن هذه التعليم يكون أكثر نجاحاً بكثير إذا ما اعتمد على التجربة اليومية للطلبة.
وبالطبع سيعتمد تدريس العلوم والرياضيات، إلى حد بعيد، على مستوى إعداد مدرسِّي المدارس الابتدائية والثانوية وإخلاصهم في عملهم، وهو موضوع يقع خارج نطاق ما أستهدِفه في هذه المقالة.
وختاماً، أود أن أبيِّن أن تعليم العلوم لا ينتهي بالضرورة مع انتهاء سنوات التعليم المدرسي، سواء بالنسبة إلى الذين أصبحوا علميين ومهندسين، أو بالنسبة إلى الجمهور غير المتخصص. فوسائل الإعلام يمكنها أن تستمر بعملية تعليم العلوم ومحو الأمية العلمية مع ما تقدمه من تقارير وتعقيبات تنطوي على مضامين تقانية حول أنباء سياسية واقتصادية وصحية.
غير أنه في حين تضطلع هذه الوسائل الإعلامية بمهمتها الترفيهية –لاسيما التلفزيون- فهي تُمثل أيضا أحد العوامل الفعالة في متابعة تعليم العلوم للجمهور.
وتعمل المصالح التجارية حاليًا على تقييد هذه الفرصة، ويعزي ذلك إلى فشل كل من مذيعي الأخبار ومعدي البرامج، التي تتناول مواضيع الساعة، في توصيل ذلك الشعور بالإثارة والإغراء الذي يحث على الاكتشاف وتحصيل المعرفة التقانية.
وقد حان الوقت لأن تسهم الصحافة والإذاعة والتلفزيون بنصيبها في محو الأمية العلمية، جنباً إلى جنب مع أدائها لمهامها الأخرى الفريدة والأساسية في المجتمع المعاصر.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]