دور الموّجه في تقويم المدرسين
1995 التوجيه التربوي في دولة الكويت
الدكتور رشيد حمد الحمد
KFAS
دور الموّجه تقويم المدرسين العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
يتضمن التوجيه – كجزء من دور الموجه – ذلك الجانب الذي يختص بفحص دور المدرس في مواجهة أهداف المؤسسة التربوية فيما يتعلق بالتعليم والمناهج وتحديد نقاط الضعف والقوة في أداء المدرس حيث يمكن علاج الضعف وتعزيز نقاط القوة.
ولهذا الغرض تستخدم زيارة ومراقبة المدرس في داخل الصف المدرسي كنقطة بداية وفي بعض الأقطار يعتبر تقويم المدرسين هو الوظيفة الرئيسية للموجه.
وفي الكويت وبعض البلاد العربية على سبيل المثال يُشكل مثل هذا التقرير عن المدرس جزءاً لا يتجزأ من العمل الذي ينبغي أن يكتمل قبل نهاية العام الدراسي – ويشمل التقرير أربعة عناصر رئيسية: 1- الشخصية, 2- إتقان العمل, 3- إنجاز العمل, 4- تأثير المدرس على طلابه.
وبعد ذلك يشمل التقرير الوصفي نقاط الضعف والقوة الرئيسية لدى المدرس علاوة على نقاط أخرى تغطي الأداء الشامل للمدرس من حيث أنشطته وعلاقاته ومهاراته … الخ.
ويتطلب مثل هذا التقرير من الموجهين أن يقضوا قدراً كبيراً من وقتهم في المدارس ويلاحظوا المدرسين أثناء أدائهم للأنشطة, إذا كان لهم أن يغطوا كافة النقاط التي ذكرناها في تقاريرهم.
وقد كتب جونز Jones عن الدور التقويمي للموجه في أستراليا قائلاً: "أن الموجه مقوم للمدارس والمدرسين وطبقاً للمقولة الشعبية: طبقاً لتقرير الموجه قد يحوز المدرس على ترقيته أو يفقدها".
ثم يصف جونز موقف الموجه – كما هو حاله في أقطار كثيرة – على أنه صديق وعدو في نفس الوقت وهو في نفس الوقت أيضاً شريك في الأفكار مع الزملاء علاوة على كونه بمثابة القاضي بالنسبة لهم".
وتكشف دراسة بولام وزملائه في إنجلترا حول دور موجهي السلطات التعليمية المحلية أن هناك مسارين واضحين في عمل الموجهين, وهما موضحان بالرسم في شكل 3-1 ويكشفان دورهم كمفتشين وموجهين لهم تأثير مباشر على المدرسين سواء من حيث كونهم مقومين لأدائهم أو مرشدين لهم.
وقد وجد بولام وزملاؤه على سبيل المثال أن تقويم المدرسين هو أحد الأدوار التفتيشية للموجه, وهذا الدور يلزم الموجه بإجراء الأحكام التقويمية على أداء المدرسين ورؤساء الأقسام بالمدارس وبالتالي نقل هذه الأحكام إلى السلطة التعليمية المحلية. ومن الواجب أن نذكر وجهة نظرهم بالنسبة "للدور الإرشادي" للموجهين.
وبالصفة الإرشادية أو المهنية للدور يستجمع الموجه خبرته المهنية ليمنحها للمدرسين والنظار في المدارس ويتصرف أيضاً على أنه: "الممثل المهني أو حتى المدافع عن المدرسين والمدارس من حيث صلتهم بالإدارة وصانعي السياسات في مكتب السلطة المحلية".
وحيث إن كافة الترقيات – في بعض الأقطار – تتم من قِبَل السلطة المركزية, فمن المهم أن يجري التقويم الدقيق لضمان أن المدرسين الأكفاء والذين يستحقون الترقية يوضعون في مراكز ذات مسؤوليات كبيرة, وأن فرص الترقي لكل مدرس توزن وتقاس بعناية – والحقيقة فإن العمل المبدئي في هذه التقويمات يتم بواسطة المفتش (الموجه) أثناء زياراته للمدرسة.
ومع ذلك فإن تقويم المدرسين لا يعني أن على الموجهين ملاحظة المدرسين من على البُعدْ, ثم منحهم درجةٍ ما بدون أن يمدوا لهم يد النصيحة والإرشاد, ففي هذه الحالة تعكس هذه العملية الوجه الحقيقي "للتفتيش".
يُقال في هذا المجال إن على المدرس أن يتعرف على متطلبات عمله وأن الموجهين ينبغي أن يعملوا على تعزيز هذا التعرف.
لقد أكد الشتاوي والأحمر على الدور التقويمي للموجه في البلاد العربية ذاكرين أن وضع الموجه يتنامى بتناسب طردي مع تضاعف وظائفه, وفي هذا الخصوص أكدا على تقويم المدرسين كأحد أهم وظائف الموجهين.
وهناك تحول في أيامنا هذه تجاه جعل عملية تقويم المدرس مفيدة وظيفياً بالنسبة له وللتعليم وللحياة المدرسية.
ومن الواضح أن الهدف من وراء تقويم المدرس – في حين أنه يشمل صنع القرار بالنسبة للموظف – فهو أيضاً يعزز ويحافظ على الموقف التعليمي التعلمي في المدارس.
ولتحقيق ذلك يجب أن يكون تقويم المدرس جزءاً متكاملاً من مجمل البرنامج التقويمي, الذي يجمع فيه تقويم المنهج والتقويم التنظيمي التعليمي لدعم الفعالية الكلية للمدرسة.
وعليه فإن التقويم هو أحد الأدوار الحيوية للموجه. ولكي يؤدي هذه المهمة بكفاءة ونجاح, يتعين على الموجه أن يضع في ذهنه أنه يساعد المدرسين على تعزيز مهاراتهم وجدارتهم خلال عملية التقويم.
هذا بالإضافة إلى الحكم على أدائهم للأغراض الإدارية وفحص ممارساتهم وأنشطتهم في المدارس والتأكد من المواقف التعليمية للتلاميذ وجوانب أخرى مرتبطة بذلك.
وهكذا فإن عملية التوجيه التي يمارسها الموجه يومياً تستتبع تقويم عمل المدرسين ومن الحتمي أن يكون هذا التقويم على شكل التقويم البنائي الذي يستهدف تنمية الأساليب والمواد والعلاقات وطرق التقويم التي يستخدمها المدرس.
إن التقويم ليس هدفاً في حد ذاته بل إنه عملية متواصلة يرتبط بها بشكل وثيق ومتكرر التقدير والتقصي وإدخال التحسينات.
ومع ذلك فإن التقويم النهائي يثمَّن المدى الذي تتحرك فيه العملية التربوية باستراتيجيتها التعليمية الجديدة وإدارة الصف الدراسي والأساليب والاتصال بين الأشخاص ومراجعة المناهج – في الاتجاه المرسوم بالسرعة والتأثير المرغوبين.
إنه ليس بالأمر السهل بالنسبة للموجهين أن يُقوموا المدرسين خصوصاً إذا ما استلزم هذا التقويم حُكماً للموجهين على أداء وأنشطة وإنجازات المدرسين.
وفي هذا الموقف يجب أن تتوافر للموجهين علاقة طيبة مع المدرسين حتى يتقبلوا عنصري التوجيه – الدعم والعون من جانب وإطلاق الأحكام من جانب آخر. قال جبسون Gibson أن مبدأ "العلاقة الطيبة هو أمر مركزي بالنسبة لسلوك وتفكير الموجهين خاصة الاهتمام بالاحتفاظ بصلات ودية ودافئة وداعمة مع المدرسين بدونها سوف يفقد عملهم قيمته.
فلكي تُقوَّم المدرسين وإذا كان لابد للأحكام أن تكون منصفة وغير منحازة فإنها يجب أن تجري على أساس العلاقات الطيبة مع المدرسين والمدارس.
وفي هذا السياق تنظر دين Dean لهذا الموقف على أنه مسألة صعبة بالنسبة لكلا الطرفين خاصة عندما يشارك الموجه أيضاً في إعداد المدرسين بالإشارة إلى مدرسة معينة.
وتقول دين Dean إضافة إلى ذلك بأن هذا قد يجعل المدرسين يشعرون بأنهم مهددون وربما بأنهم أقل استعداداً لرفض النصيحة التي تبدو لهم غير ذات معنى.
وتُقدم دين حلاً لهذه المشكلة وتقترح إنشاء خدمات استشارية أو فرق تقويم يكون للمدرسين حرية قبول أو رفض آرائها دون خوف من النتائج. ويتشابه هذا مع وجهة النظر التي تقول بأن أولئك الذين يدربون المدرسين ينبغي ألا يكونوا هم الذين يُقوَّمون أدائهم.
ويبدو أن ضرورة إشراك الموجهين في ترقية المدرسين كما هو الحال في الكويت, يبدو أن ذلك أمراً لا يمكن تجنبه. وتحت هذه الظروف فإن التقوية المتعمدة للعلاقات الطيبة يصبح أمراً حيوياً ويصبح هو السبيل الوحيد لإحداث الرضا والتفهم عند المدرسين.
وقد قال وايلز Wiles ولافل Lovell وهما يناقشان عملية التقدير (وضع المدرس على معدل معين) وتحسين التعليم بأن عملية التقدير تمنع إقامة علاقات عمل تعاونية بين الموجه ومن يوجههم، إنها تجعل الشخص الذي يوجه دائماً على حذر بألا يفعل أي شيء يكشف ضعفه وإلا فسوف يصبح خصماً للموجه.
وقد أضاف بأن التقدير بهذه الطريقة هو إجراء تقويمي غير مقنع. وعلى العكس ينبغي أن يعرف على أنه عملية إدارية توفر الأساس لزيادة الراتب أو الترقية أو الطرد من الخدمة وليس كعائق لتحسين التعليم. ولكن – كما ذكر قبلاً – إذا كان هذا أمرً لا يمكن تجنبه فإنه البديل الوحيد هو أنه يجب أن يفهم من المنظور الصحيح ويستخدم بذكاء من أجل كافة الأطراف المعنية.
ومع أن الحكم هو ضرورة إدارية. إلا أن تفهم قابليته للخطأ سوف يساعد في استخدامه بذكاء أكثر ويساعد أيضاً في تشجيع الرغبة في إعادة النظر فيه.
تثير المناقشة السابقة عن الجوانب المتباينة للتقويم في ضوء عملية التقدير والتقويم البنائي نقطة وثيقة الصلة ألا وهي: ما هو بالضبط الذي يجب أن يُقَّوّم في النظام المدرسي فيما يتعلق بالمدرس؟.
يميل بعض الموجهين إلى الاعتقاد بأن ملاحظة وتقويم أداء المدرس في داخل الصف كاف لتحسين التعليم. ويرى آخرون أن المدرس ينبغي أن يُقوّم ويُحكم عليه على أساس تحصيل التلاميذ.
ينظر التربويون إلى هذه المسألة غالباً من هذه الزاوية المحدودة. وفي هذا السياق فإن تأكيد كيلي Kelly على البُعد الإنساني في الحكم على المدرسين أمر يستحق الذكر. لقد قال كيلي: "إن التقويم يُبنى على الحكم الإنساني مهما كانت موضوعية الأساليب المستخدمة فيه، لذا فإن استراتيجية التقويم يجب أن ترتكز على البشر وليس على الأساليب التي يستخدمونها"
وقد سرد وايل Wiles ولافل Lovell عدداً كبيراً من العناصر التي يمكن للموجهين بها إطلاق الأحكام الصادقة على عمل المدرس وهذه العناصر هي: الملاحظة في داخل الصف المدرسي، ونتائج الامتحانات، وآراء الطلاب، وعينات من جهود الطلاب الإبداعية، وسمة القياة لدى المدرس على مستوى الهيئة التدريسية وفي المجتمع المحلي
وبينما يشارك وايلز Wiles ولافل Lovell نفس رأي هوثورون Hawthrone فإنهما يذكران بأن تقويم التعليم يجيب أن يكون جزءاً لصيقاً ببرنامج المدرسة بأكملة وليس مجر معالجة تطبق على التدريس لوحده.
لا نستطيع أن نتوقع من المدرسين أن يشتركوا بإيجابية في عملية التقويم إلا إذا كان يتبع أو يتلازم مع أهداف المدرسة والإجراءات الإدارية والأساليب التوجيهية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]