زحل: تيتان
2013 أطلس الكون
مور ، السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
زحل: تيتان
باستثناء التوابع الغاليلية، يعتبر تيتان أول قمر تابع لكوكب يتم اكتشافه – من قبل كريستيان هوجنز، في عام 1655. في الحقيقة، إنه أكبر من كوكب عطارد، وإنْ لم يكن بمثل كتلته. في عام 1944، أظهر ج. ب. كويبر )G. P. Kuiper( باستخدام المطياف أنه يمتلك غلافًا كثيفًا، مما أثبت أنه يتألف من النتروجين بشكل رئيسي مع كمية كبيرة من الميثان. لم تتمكن مركبات فويجير إلا من تصوير السحب العليا، لذلك اعتبر تيتان هدفًا رئيسيًا لمهمة كاسيني – هوجنز. بعد رحلة استغرقت 7 سنوات بلغت كاسيني، حاملة معها هوجنز، كوكب زحل في يوليو 2004.
في 14 يناير 2005، قامت مركبة هوجنز بهبوط مسيطرعلى تيتان، وكانت قد انفصلت عن مركبة كاسيني المدارية في 25 ديسمبر 2004، وقامت بهبوط أتوماتيكي باستعمال المظلات. استغرق الهبوط 2 ساعة عبر غلاف تيتان الكثيف وتم أخذ القياسات أثناء هذه الفترة. سرعة الهبوط كانت أقل من 20 كيلومتر في الساعة (13 ميل في الساعة). بعد وصولها، بثت هوجنز البيانات لمدة 72 دقيقة – أطول بكثير مما كان يُتوقع.
بعد أن صمتت هوجنز، استمرت كاسيني نفسها بالمرور عدة مرات بالقمر، وفي يوليو 2006 تعرفت على ما بدا من المؤكد أنها بحيرات من الميثان السائل في المنطقة القطبية الشمالية. تم اكتشاف 75 بقعة رادارية داكنة تراوح عرضها من 3 إلى 70 كيلومتر (1.8 ميل إلى 43 ميل). بعضها ممتلئ تمامًا بالسائل، وبعضها الآخر بشكل جزئي. لبعضها حدود منحدرة وحواف واضحة جدًا، وهو ما يتماشى مع بحيرات التسرب أو تصريف المياه الجوفية، ولبعضها الآخر امتدادات منحنية تشبه القنوات، تشابه من ناحية الأودية الأرضية التي تفيض فيها الأنهار.
حطت هوجنز على قشرة رقيقة، واستقرت على عمق بضعة سنتيمترات داخلها على مادة اسفنجية هيدروكربونية لها نفس تماسك الرمل المبلل تقريبًا. تسببت حرارة بطاريات هوجنز في ’غلي‘ السطح المتجمد، مما أدى إلى أدخنة من الميثان. إن تيتان فريد من نوعه، فهناك أشياء جليدية بحجم الحصى بالقرب من موقع الهبوط؛ كان الموقع جافًا حينما وصلت هوجنز، لكنه كان مبتلا قبل مدة قصيرة. تهطل أمطار الميثان على الأراضي الجليدية المرتفعة وتجرف المادة العضوية الداكنة عن التلال؛ وهذا ينقلها إلى السهول عبر أقنية للصرف، ثم تختفي في النهاية. التلال ذاتها تتكون من ’ماء جليدي متسخ‘. قامت هوجنز بتصوير مجاري أنهار متعرجة ومتشعبة؛ هناك براكين من الماء الجليدي، ولا ريب أن سائلًا ما قد انسكب قبل هبوط المسبار بقليل. لا بد أنه يوجد سائل تحت السطح ببضعة سنتيمترات.
يبدو أن ’الوحل‘، كما تم وصفه، عبارة عن مزيج من الرمل، والميثان، وجزيئات عضوية معقدة تتكون في أعلى الغلاف الجوي. استنادًا إلى مارتن توماساكو (Martin Tomasako) (جامعة أريزونا)، “ينهمر السخام من الغلاف الجوي ويستقر على كل شيء. ثم تأتي أمطار الميثان فتزيله عن السلاسل الجليدية نحو الأنهار، ثم إلى السهول المنبسطة حيث تستقر الأمطار في الأرض وتجف تمامًا. إننا نرى أدلة على عمليات تشبه عمليات الأرض، لكن مع مواد فريدة للغاية.” فالميثان يتم تدميره باستمرار وتحويله إلى ضباب دخاني كيميائي معقد، لذلك لا بد من وجود مصدر ما داخل تيتان من أجل تزويد الغلاف الجوي به. بعض الغازات، مثل الأرجون، غير موجودة.
جميع مكونات الحياة موجودة في تيتان، لكن يبدو جليًا أن درجة الحرارة المنخفضة منعت ظهور الحياة عليه. ثمة اقتراحات بأنه في المستقبل، عندما يزداد حجم الشمس وتصبح أكثر لمعانًا، فإن تيتان قد يصبح أكثر قابلية للحياة. للأسف، هناك اعتراض مهم على هذه الفكرة، إذ أن لتيتان سرعة إفلات منخفضة – مجرد 2.4 كيلومتر (1.5 ميل)في الثانية، وهي بالضبط ما عليه في القمر – وهو يستطيع الاحتفاظ بغلافه الكثيف بسبب برودته الشديدة فقط؛ فدرجات الحرارة المنخفضة تبطئ من حركة الذرات والجزيئات. زد درجة الحرارة، وسيفلت غلاف تيتان الجوي.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]