السلام عليكم .. مركبتنا التي ابتدأت رحلة استكشاف المجموعة الشمسية .. بدأت في الرحيل عن المشتري و اقماره من قبل أسبوعين .. و قريبا و بعد لحظات سوف تحط الرحال و تصل الى ثاني اكبر كواكب المجموعة الشمسية .. ولكن وقبل ذلك احب ان اعلن عن خبر جميل جدا و تطور يخص برنامجنا الكون بودكاست .. فقد حصل البرنامج على رعاية مؤسسة الكويت للتقدم العلمي .. و اعتبارا من هذه الحلقة سيكون البرنامج برعايتهم .. و بهذه المناسبة احب أن اشكر جميع المستمعين على الدعم الذي أتلقاه منكم.. فهو أساس نجاح البرنامج حتى اليوم بلا شك .. و اخص بالشكر الدكتور محمد قاسم لجهوده الشخصية و حرصة و متابعته و كذلك الدكتورة ليلى الموسوي من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لدورهم في رعاية البرنامج .. فأحببت ان أشارككم هذا الخبر قبل انا نبدأ .. اما بخصوص موضوع حلقة اليوم .. فاذا كان المشتري يسع ١٢٠٠ كرة أرضية بداخله .. فان ثاني الكواكب ضخامة في مجموعتنه الشمسية يستطيع ان يضم ٧٠٠ كرة أرضية بداخله .. الوانه اقل صخبا من المشتري و لكن لديه خاصية فريدة تجعله مميز من بين جميع الكواكب التي نعرفها .. فله مجموعة من الحلقات تدور من حوله حيرت العلماء و الراصدين منذ قديم الزمان .. و جعلته يستحق التسمية بسيد الخواتم .. انه كوكب زحل .. و بعد قليل سنتعرف على تفاصيل اكتشافه من قبل العلماء قديما .. ونقترب منه لنتعرف علي المميزات الفريدة لهذا العملاق الغازي.
كوكب زحل معروف منذ الازل تقريبا .. فهو من الاجرام التي نراها دون الحاجة لمعدات خاصة و يمكن رصده بالعين المجردة كجرم لامع في السماء .. وقبل أسبوعين كان في وضعية التقابل مع الأرض و في افضل وقت لرصده سواء بالعين المجردة او التلسكوب .. و اذا اردنا معرفة تاريخ رصده و معاينة الحلقات حوله .. فنحتاج الرجوع مرة أخرى في الزمن الى الخلف.. الى زمن جاليليو في عام ١٦١٠ .. فحينها قد رصد جاليليو كوكب زحل في التلسكوب حديث الولادة و المنشأ في ذلك العهد .. و لاحظ شيئ غريب فيه .. فهناك جسم كروي و هو الكوكب .. ولكن لاحظ التصاق جسمين اخرين فيه من الأطراف .. احتار في تفسير هذا المنظر وكان يصعب عليه تحليله .. .. و لكن بعد ذلك ب ٤٥ عام و في سنة ١٦٥٥ .. تمكن الفيزيائي الرياضي و الفلكي كريستيان هويغنز من فك لغز الجسمين الملتصقين في الكوكب الذي رصدهم جالاليو.. و استوعب انها حلقة تحيط في الكوكب و ليست جسمين كما اعتقد جاليليو .. و ذلك لسببين .. فالسبب الأول يدجع الى ان ان تلسكوب هويغنز كان افضل .. اما العامل الاخر الذي ساعدة في الوصول لهذا الاستنتاج هو شكل زاوية الميلان التي ظهر بها الحلقات وقت الرصد .. فزاوية ميلان الحلقات هي ٢٧ درجة .. و لكن يعتمد شكل الرؤية على حسب موقع الأرض بالنسبة لزحل في تلك الفترة .. فكانت الظروف مواتية اكثر .. و لكن على أي حال كان الاعتقاد السائد و الذي توصل اليه هويغنز انها حلقة واحدة جامدة تحيط في كوكب زحل .. الى ان جاء العالم الإيطالي جيوفاني كاسيني في العام ١٦٧٥ و اكتشف انها ليست حلقة واحدة تحيط بكوكب زحل و انما هي مجموعة من الحلقات تدور حوله.. و أضاف كاسيني الكثير من المساهمات الكبيرة في دراسة كوكب زحل .. و على اثره تم تسمية المركبة كاسيني الشهيرة و التي سوف يكون لها الأثر الكبير و ربما الأكبر في فهم و تحليل هذا الكوكب الغازي كما سنرى في قادم الدقائق .. و كما نصحت من قبل في حلقة المشتري برصده و الاستمتاع بتجربة رؤية العملاق مع الاقمار من حوله .. كذلك الحال بالنسبة لكوكب زحل .. فعملية رصده ممتعة بشكل كبير جدا .. و رؤية الحلقات لها وقع خاص كذلك في النفس .. و ستكون رؤيتك في الغالب كما رؤاه من قبلك جاليليو و هويقنز و كاسيني .. و كلما شاركت متعة الرصد مع الأصدقاء و الأطفال كلما كانت التجربة مثرية و اكثر جمالا و تنير العقول كما تثير الفضول بآسئلة حول بنية و وسع هذا الكون .. اما عن رصد كوكب زحل في المراصد الاحترافية .. فقد تطورت التكنلوجيا مع مرور الوقت .. و صار بالامكان الان ملاحظة و تحليل الأقطاب الشمالية و الجنوبية للكوكب و كذلك رصد العواصف التي تنشآ على سطحه .. و في كل مره يكون في وضع التقابل او في اقرب وضعية من الأرض تكون هناك فرص لللتعرف عليه اكثر و اكثر .. و كذلك تمكن العلماء من رصد الأقمار التي تدور حوله .. فزحل لديه مجموعة رهيبه و مميزه من الأقمار تابعة له .. و ساخصص حلقة كاملة لنتناول تفاصيلها كما فعلنا مع المشتري .. و بعد قليل و كالعادة مع الكواكب بعد المقدمة التاريخية .. سنقترب اكثر من الكوكب لنتعرف على تفاصيل هذا العالم الفريد.
التحليل العميق و دراسة كوكب زحل التفصيلية جاءت عن طريق المركبات .. و هناك العديد من الرحلات و المركبات الفضائية التي درست كوكب زحل .. و اعطتنا هذا التفصيل و الثقة في المعلومات التي لدينا اليوم حول الكوكب .. فمنها المركبة بيونير ١ و ٢ و فويجر ١ و ٢ في العام ١٩٨٠ و ١٩٨١ و كل هذه المهمات كانت تمر من جانب الكوكب و تصوره بقدر استطاعتها و ترسل الصور الى الأرض للتحليل .. ولكن الرحلة الأهم و المركبة الأهم في دراسة كوكب زحل و اقماره كانت بلا شك للمركبة كاسيني .. فبينما اكتفت باقي الرحلات بالمرور بجانب الكوكب و تصوير ما هو متاح .. كانت المركبة كاسيني تدور حول الكوكب و تصوره و ترصد كل تفاصيله من الشمال ومن الجنوب و من بين الحلقات و الأقمار المميزة للكوكب و ما غير ذلك .. فكانت رحلة و مركبة كاملة و ناجحة بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. و لم تكتفي بالدوران حول الكوكب .. بل أرسلت مسبار يدخل و يحط على سطح القمر تايتان و يكشف محتوياته الداخلية الغريبة و يصور البحيرات والسحب و غيرها الكثير من التفاصيل الغريبة التي سنتكلم فيها بالحلقة القادمة مع باقي أقمار كوكب زحل .. و بالرجوع الى كاسيني .. فان ميكانيكا الحركة في الافلاك حول كوكب زحل كانت دقيقة و بدرجة عالية من التعقيد .. بحيث انه العلماء كانوا يستفيدون من دوران المركبة حول القمر تايتان في كل مرة ليكسب زخم يدفعه و يسرع من حركته في الفلك الذي يدور فيه .. كاسيني اطلقت في العام ١٩٩٧ و ابحرت في الفضاء لمدة ٧ سنين و استخدمت زخم كوكب الزهرة لدفعها نحو كوكب زحل و مرت بجانب المشتري و أرسلت صور له و في عام ٢٠٠٤ وصلت الى وجهتها المقصودة و ابتدأت رحلة دراسة زحل و اقماره من تلك اللحظة ….. و بعد سنوات من الخدمة العظيمة التي قدمتها هذه المركبة الى البشرية في استكشاف الكون .. قرر العلماء في 15 سبتمبر من عام 2017 التضحية بها في طريقة دراماتيكية و إدخالها الى داخل الكوكب لتسجيل ما تستطيع تسجيله و ارساله الى الأرض لتحليله و دراسته اكثر و اكثر في فرصة نادرة و لن تكرر قريبا. و من خلال كل هذه الرحلات و الاستكشافات استطهنا معرفة الكثير من الخصائص التي يتميز الكوكب ومنها التركيبة ..
كوكب زحل من الكوكب الغازية .. فكان يعتقد سابقا بانه مثله مثل الشمس و المشتري .. أي انه يحتوي على نسبة كبيرة جدا من الهيدروجين و الهيليوم و مواد أخرى بتراكيب اقل .. ولكن بعد الاستكشافات و الدراسات تبين وجود لغز الهيليوم في ذلك الكوكب .. فنسبة الهيدروجين مرتفعة كما هو متوقع تعادل ٩٦.٣ ٪ من اصل مكونات الكوكب .. اما الهيليوم فيعادل ٣.٣٪ و اقل من ٠.٥٪ لباقي المكونات مقثل الامونيا و الميثين .. هذا النقص الحاد في الهيليوم حير العلماء لفترة طويلة من الزمن .. و يمكن ان يكون تفسير ذلك بان كوكب زحل اقل حجما من كوكب المشتري .. و نتيجة لذلك ربما يكون قد برد بطريقة اسرع من المشتري وقت بداية تكونهم .. ونتيجة هذه البرودة تكون قد تشكلت امطار من الهيلوم ..ففي هذا السيناريو يكون الهيليوم قذ تساقط على شكل امطار الى في باطن الكوكب فيتبقى الهيدروجين غنيا في الطبقات العالية او الخارجية التي نستطيع تحليلها .. ولكن بشكل عام يعتبر زحل كرة غازية كبيرة و من المستحيل الهبوط على سطحها لانه لا يوجد ما تهبط عليه أساسا فكل شيئ غازي .. و حتى اذا سلمنا بانك تستطيع الوصول الى الهيدروجين المعدني في اللب .. فان أي مركبة لن تستطيع تحمل الضغط الخيالي الذي سيولده الهيدروجين من جراء النزول الى ذلك الحد فسوف تتحطم قبل ذلك بكثير ..
خاصية أخرى عادة ما نتطرق لها في شروحات الكواكب .. و هي الغلاف المغناطيسي .. فالغلاف المغناطيسي لكوكب زحل كبير و خارق جدا .. فاذا ما قارنته بالغلاف المغناطيسي للأرض فانه يتفوق ب ٦٠٠ ضعف .. رقم مهول جدا .. و لكن اذا وضعته بحانب الغلاف المغناطيسي للمشتري فانه لا يمثل سوى ٣ ٪ من قوته .. و هذه إشارة للفرق بين احجام الكوكبين الغازيين .. و اذا اردنا معرفة السبب وراء ذلك .. فانه على الارحج يرجع الى الفرق في كمية الهيدروجين المعدني في الكوكبين .. فالمشتري كبير جدا و ضخم و لبه يحتوي على كمية كبيرة منه فترى المجال المغناطيسي بتلك القوة .. و تكون اقل بالنسبة للمشتري .. هذا الغلاف مسؤول عن الشفق القطبي الأزرق الجميل و الجميل جدا الذي صوره تلسكوب هابل .. و بالطبع تعلمون السبب وراء تكون هذا الشفق فقد كررته في اكثر من مناسبة في حلقة المشتري و حلقة الأرض سابقا ان كنتم استمعتم لها .. و هو نفسه في زحل .. اصطدام الرياح الشمسية في الغلاف هو ما يشنآ هذه الظاهرة لجميلة
من الأمور المميزة في زحل كذلك .. الأقطاب الشمالية و الجنوبية للكوكب فهما مختلفين في التشكيل و الخصائص بشكل يثير الدهشة .. فالقطب الجنوبي لكوكب زحل يدور فيه إعصار كبير جدا و له صفات و شكل مثل اعاصير الأرض .. و المميز في هذه العاصفة و يجعله في مصاف مختلف عن اعاصير المشتري .. بانه له عين كبيرة جدا في المنتصف .. و من قوة الاعصار هذه العين كبيرة و مستقرة في دورانها .. فعندما نرى ما في داخلها فاننا نرى طبقات كوكب زحل الداخلية .. فهي تعمل على تفريغ المنتصف بدورانها و بذلك نرى ماذا يوجد في الداخل من تراكيب .. وفي كل مرة تتقدم التكنولجيا التصوير مثلا بالاشعاع او بالتحليل الطيفي فاننا نعاين هذه العاصفة و نحللها بالادوات التي لدينا و نخرج بفهم اكبر لمحتويات كوكب زحل .. و يمكننا من نفس المكان تتبع سرعة الرياح في العاصفة و التي قدرت ب ٥٦٠ كيلو متر في الساعة و هي سرعة رياح عاتية جدا .. فعندما نقارنها باعاصير الأرض .. تصل سرعتها تقريبا الى ضعف اكبر سرعة رياح مسجله مما يعطيك مؤشر على كبر تلك العاصفة في جنوب الكوكب.. اما القطب الشمالي.. فعلى النقيض من الجنوبي تماما من حيث الشكل .. فعندما ترصده الكامرات بشتى أنواعها .. نشاهد شكل غريب جدا و كانه معدل عن طريق الفتوتوشوب او ما شاكل .. فالقطب الشمالي لديه شكل سداسي مميز جدا جدا ..فتلاحظ و كانه سته اضلاع مصفوفة بشكل سداسي هندسي متساوي الزوايا و دقيق يحيط بالقطب الشمالي لزحل ..
و قبل ان انتقل لشرح لحلقات زحل و شرح كل ما يخصها .. فقط اجيب على اخر سؤال يكشف لنا خاصية مهمه في زحل و الكواكب الغازية .. و هو .. ما طول اليوم في كوكب زحل؟
و إجابة هذا السؤال شرطية و غير موحدة .. فعندما تريد ان تجاوب على سؤال مثل هذا عليك ان تسآل في أي جزء من كوكب زحل تريد ان تعرف طول اليوم .. فسرعة دوران الكوكب حول نفسه مختلفة على حسب المكان الذي نقيس فيه السرعة .. و لكن كاجابة عامة لكوكب زحل فالجواب ١٠ ساعات و نصف .. و لكن الإجابة التفصيلية تكون مختلفة .. فمثلا السرعة عند خط الاستواء مختلفة عن الأقطاب الشمالي و الجنوبي .. فتكون اسرع عند خط الاستواء و ابطآ عند الأقطاب ..كحال المشتري .. ذكرت هذه المعلومة في حلقة المشتري و لكن لم اذكر السبب وراء ذلك .. فسأبينه الان .. و السبب مرتبط بطبيعة الكواكب الغازية.. و هذا المثال سيقرب المعنى .. تخيل لديك كرة من البولينغ و جعلتها تدور حول نفسها .. فان جميع النقاط على الكرة سوف تآخذ نفس الوقت لقطع نفس المسافة .. سواء في المنتصف او في اعلى الكرة لانه جسم واحد صلب .. اما اذا اخذت وعاء كبير من الماء و بدأت بتكوين دوامة عن طريق لف الماء بملعقة مثلا .. فان سرعة دوران النقاط في القاع ستكون مختلفة عن سرعة دوران النقاط في القمة .. و هي من خصاىص الاحسام غير الصلبة مثل السوائل و الغازات.. و هذا هو السبب ببساطة وراء اختلاف في سرعة الدوران على حسب الموقع في كوكب زحل لانه من مكون من الغاز ..و بالعادة هناك فرق في التوقيت يقدر بنصف ساعه تقريبا بين اليوم في خط الاستواء و اليوم الأقطاب .. و عند هذه الخاصية أكون تقريبا انتهيت من اهم مميزات الكوكب .. وبعد قليل نآتي الى تحليل اهم معلم من معالم كوكب زحل والذي يعد من المظاهر الجميلة جدا و الفريدة و المميزة للكوكب الا و هي الحلقات
مكونات الحلقات ظلت لغز يأرق العلماء ولكن مع مرور الوقت و تقدم العلم و التكنلوجيا بدأ هذا اللغز ينكشف شيئا فشيئا .. ففي عام ١٨٥٧ استطاع الفيزيائي الشهير جيمس كلارك ماكسويل الاثبات النظري بان ما يدور حول زحل بالتأكيد ليس قطعة واحدة مجمدة .. فلو كانت مكونات الحلقات من مواد صلبة .. فانه يستحيل ان تبقى قطعة واحدة.. و ذلك بسبب الفرق الهائل في الجاذبية بين هذه القطعة و بين الكوكب .. فبالتالي اثبت بان هذه القطعة لابد ان تتفتت و تصبح ركام مكون من عدد لا نهائي من الاجسام يدور حول زحل.. و هنا لنتوقف قليلا و نشرح نقطة علمية مهمه جدا لنفهم هذا الاثبات و ستفيدنا هذه النقطة في فهم و استيعاب كيفية تكون هذه الحلقات .. الان اذا كان هناك قمر يتردد و يدور بقرب شديد جدا من احد الكواكب .. فكل منهم يمارس قوة جذب على الاخر .. و لانه القوة من الكوكب اكبر من القمر بسبب كتلتة و حجمة .. فان هذه القوة قادرة على تكسير و تفتيت القمر الى أجزاء صغيرة .. و هذه الأجزاء تبقى تدور حول الكوكب مكونة حلقة .. و الحد الفاصل الذي لا يستطيع القمر الاقتراب منه اكثر لكي لا يتفتت بسبب هذه القوة .. يمسمى بحد روش .. او roche limit .. و هو ما يتوقع ان حدث فسي كوكب زحل .. و في الواقع لو جمعت كل الركام في الحلقات لن يتعدى تشكيل قمر صغير لا يتجاوز قطره ١٠٠ كيلو متر .. و من هنى يمكن تكوين نظرية حول تكون هذه الحلقات بان .. في ما مضى كان هناك قمر ثلجي او اغلب مكوناته من الثلج .. و كان هذا القمر يدور في مدار غير مستقر مع كوكب زحل او انه اقترب مسافة كبيره من سطح الكوكب الى ان تخطي حد روش الذي ذكرناه قبل قليل و أدى الى تفتته .. و بعد ذلك جزء من الركام ابتلع و دخل في كوكب زحل بين الغيوم و جزء اخر تطاير بعيدا عن الكوكب .. و هذه النظرية تبين انه الكوكب لم يكن لديه هذه الحلقات أساسا و لكن تشكلت لاحقا .. ووفق الحسابات فقد تشكلت قبل ملايين السنين و قد لا تكون موجودة بعد ملايين السنين .. أي اننا في زمن خاص بالنسبة لهذه الحلقات و محظوظين لرؤيتها .. لانها بالنهاية سيتم ابتلاعها في داخل الكوكب .. و حتى ذلك الوقت .. ستبقى في مكانها .. و بالرجوع الى التسلسل الزمني الذي كنا نسير فيه .. فبعدما اثبت ماكسويل بان الحلقات عبارة عن اجسام صغيرة مفتته ..جاء الدور ليثبت الغلماء بانه هذه الحلقات على ابعاد متفاوته من زحل و ليست في مدار واحد
ففي العام ١٨٩٥ استطاع العالم جيمس كييلر تآكيد ما توصل اليه ماكسويل بالرصذ العملي .. و ذلك عن طريق رصد الاشعاعات المنطلقة من الحلقات .. فكانت بعض الاشعة تآخذ اللون الأزرق و بعضها الاخر يآخذ اللون الأحمر و من خلال ظاهرة و تآثير دوبلر المعروف للموجات .. عرف بان هناك أنواع مختلفة من السرعات تدور حول الكوكب و ليست سرعة واحدة و بذلك استنتج انه الذي يدور حول الكوكب فعلا عبارة عن مجموعة الحلقات و ليس حلقة واحدة .. و بان الحلقات الأقرب تدور بسرعة اكبر من الحلقات الابعد و هو متطابق تماما مع قانون كبلر الثالث لحركة الافلاك و قد تطرقنا لقوانين كبلر في الحلقات الأولى من البودكاست .. اظن ربما في الحلقة الثالثة …. و لانه الحلقات تعكس ٨٠٪ من اضاءة الشمس .. تنبآ العلماء بان غالب المواد عبارة عن ثلج او صخور مغطاة بالثلج و هو فعلا ما تم اثباته في السبيعينيات عن طريق العالم حيرارد كايبر و ما تم تصويره و تحليلة من خلال المركبات لاحقا .. فالمركبات اعطتنا تفاصيل اكثر لهذه الحلقات ..فعندما تم تصوير الحلقات بالأشعة تحت الحمراء .. فتبين بان درجة حرارة الحلقات في الظل تساروي -٢٠٠ سيليزية و عندما تتعرض لاشعة الشمس تصل حرارتها الى -١٨٠ سيليزية .. و بعد ذلك يآتي دور تحديد حجم الاجسام التي تشكل هذه الحلقات .. فاستطاع العلماء معرفة ذلك من خلال الموجات الراديوية .. و ذلك بارسال موجات راديوية من خلال المركبات الفضائية و دراسة سلوك هذه الموجات و ارتدادها عندما تعبر الحلقات .. فكانت النتيجة بان اغلب الجسيمات تتراوح احجمها ما بين سينتيمتر واحد الى ١٠ امتار.. و الاعم الاغلب من هذه الاجسام تتراوح اقطارها حول ١٠ سنتيميتر.. مثل كرة ثلجية و مكوناته الكيميائية ٩٣٪ من الماء و هناك الكربون و مواد أخرى بتراكيز اقل .. لكن هل خطر في بالك او تفكرت من قبل بسماكة هذه الحلقات .. في الحقيقة سماكتها ليست بالكبيرة ابدا في المقاييس الفضائية.. فسماكة الحلقات تقدر بكيلو متر واحد فقط .
اما عن ترتيب الحلقات .. فاذا كان زحل امامك في المنتصف .. فان هناك فراغ يقدر بقطر الأرض و من ثم تبتدئ أولى الحلقات .. وهي الحلقة d وهي من الحلقات الخافتة جدا بالمقارنة مع الحلقات الأخرى .. ومن ثم هناك الحلقة c و بعدها الحلقة b .. و بعد ذلك هناك بقعة داكنه تسمى قسم كاسيني .. نسبة الى العالم كاسيني الذي استطاع رصدها .. في البداية ظن العلماء بانها بقعة فراغ ولكن لاحقا و بعد ارسال المركبات الفاضئية تبين وجود الغبار الخفييف فيها .. مثل الغبار في الغرفة اذا كان موجود .. لا يرى الا اذا كشف عن طريق اشعة الشمس او تمرير الإضاءة المباشرة عليها.. و هو ما تم عن طريق تسليط الاشعة عليه من قبل مركبات الفضاء .. و بعد ذلك تآتي الحلقة a .. و هي من أوضح الحلقات مع b وc ولكن يوجد في هذه الحلقة فراغ بسيط بعرض ٢٧٠ كيلو متر يسمى بفراغ انك يسمى نسبة الى مكتشف هذا الفراغ و العالم الألماني جوهان انك عام ١٨٣٨ .. و بعد ذلك تسلسل الحلقات f ثم g ثم e و المواد في هذه الحلقات متناهية الصغر لا يمكن رصدها بالعين .. فمثلا الجسميات التي تدور في الحلقة f قطرها حوالي ١ مايكرو متر .. و ببن هذه الحلقات جميعا هناك اختلاف بسيط .. و هو في الألوان .. فعلى الرغم من ان جل تركيب المواد في نظام الحلقات مكون من الثلج .. الا انه الاختلاف في الجزء البسيط في التركيب الكيميائي يعطيها هذا الفرق بالألوان .. سأضع صورة واضحة لهذه الحلقات في حساب التويتر يمكنكم الرجوع اليها للتعرف اكثر على هذا التفصيل الي ذكرته.
و عند هذا الحد انتهي من اهم مميزات كوكب زحل و تفاصيله .. على ان القاكم في الحلقة القادمة مع الأقمار المميزة لكوكب زحل و نستكشف الغرائب في هذا الكون العجيب. فحتى ذلك الحين .. كونوا بخير وا لى اللقاء.