شارات الجمعيات الهندسية
2014 أبجدية مهندس
هنري بيتروسكي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
شارات الجمعيات الهندسية (Badges Of Engineering Societies). تُعرَفُ أحياناً بالدبابيس، وهي شارات للتمييز كانت توضع على سلاسل الساعات ولكنها توضع اليوم على طيّة ياقة السترة للتعريف بأعضاء جمعية ما ولتمييز أعضاء من مراتب مختلفة. ومن بين أولى الشارات شارة فاي بيتا كابا (Phi Beta Kappa). وهي عبارة عن مفتاح الجمعية الشهير الذي تطوّر من شارة مربّعة في الأصل، ولم يستخدم إلا بعد عقود على تأسيس الجمعية الذي كان عام 1776 (لمعرفة المزيد انظر: Keys of Honor Societies).
فكرة استخدام شارة الجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين من قِبل الأعضاء اقتُرحت في أواخر القرن التاسع عشر وذلك بسبب تزايد عدد الأعضاء وعدم تمكّن الأمين العام للجمعية من معرفة كلّ عضو شخصياً. ولتحاشي الإحراج وسؤال كلّ فرد عما إذا كان عضواً أو لا، كان عليهم وضع الشارة عند مشاركتهم في اللقاءات الوطنية. وأول تصميم لشارة الجمعية كان عام 1884. تألّف من حروف اللفظ الأوائلي للجمعية ASCE وتاريخ تأسّس الجمعية 1852 ورسم يمثّل أداة المسح التي يستخدمها المهندس المعروفة باسم منظار التسوية (Wye Level)، والكلّ موضوع على درع أزرق. ولم يكن هذا التصميم ذو شعبية شاملة بين الأعضاء، لأن المستجدّين لم يكونوا قادرين على التعرّف إلى أداة التسوية وتصوروها أنواعاً من التجهيزات التي لا علاقة لها بالموضوع، وبحسب إحدى الروايات:
يتعرّف العديد من الباعة المتجولين على بعضهم بطرائق مختلفة، فالبعضُ منهم يتعامل بالمعدّات، وآخر بالبضائع الجافة، وآخر بالبقالة. استدار أحدهم إلى شخص يضع شارة الجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين، الذي صدف وكان جالساً مع المجموعة، وحدّق بالدرع الأزرق وقال: "أرى أنك تتعامل بآلات الغسيل". فسأله المهندس: "وما الذي دفعك للظن بذلك؟". "ذلك سهل" أجاب البائع، "لأن دبوسك عليه صورة عصارة ثياب!"
بنتيجة مثل هذه الحوادث، أعيد تصميم الشارة عام 1894 واعتُمدت صيغة أبسط تحمل الجملة الآتية: American Society of Civil Engineers إضافة إلى Founded 1852 مع تغيير في شكل الدرع الذي أصبح أقل انحناءً (انظر: Civil Engineering, November 1930, p. 143). أما الشارة الأصلية التي منحت إلى أكثر من ألف عضو قبل عام 1894 فقد أصبحت قطعة نادرة وحقّقت مكاسب لأعضاء الجمعية التي انضموا إليها قبل تعديل الشارة. وأُبقي على الشارة حتى أواخر القرن العشرين، حيث أصبحت بلا تاريخ وتغيّر خط الكتابة. ومع نهاية القرن العشرين، لم تعد تظهر شارة الجمعية على الأعلام واليافطات واستعيض عنها على نحو كبير بشعار مؤلّف من الأحرف المائلة لـ ASCE، مع المعترض الأفقي للحرف A الذي استُعيض عنه بثلاثة خطوط متموّجة – كناية عن الطابع الديناميكي للجمعية، وفي محاولات تجريبية لاحقة للشعار استعيض عن الأحرف المائلة بأحرف رومانية، للإشارة إلى الاستقرار ربما.
فكرة شارة التعريف تبقى على شكل بطاقات الأسماء التي يُتوقّع أن يعلّقها المشاركون في اللقاءات على نحو ظاهر للتعريف بأسمائهم للأجانب، ولكنها في الواقع، وعلى نحو متزايد، لتبيان أن رسوم التسجيل قد سُدّدت. وفي بعض اللقاءات يقوم بعض موظّفي الجهة الراعية بدور الحراسة عند مدخل قاعة اللقاء لإبعاد أي شخص لا يحمل شارة تسجيل صالحة حتى المحاضرين الذين ساهموا بأفكارهم وبوقتهم لتحضير أوراقهم للعرض، انظر .(“What’s in a Name Tag?” American Scientist, July-August 2007, pp. 304-308)
بعض الشارات مصغّرة ومميزة، حيث لا حروف ولا رموز يمكن التعرّف إليها بلا تردّد من قِبل المبتدئين. فشارة الأكاديمية الوطنية للهندسة، على سبيل المثال، هي عبارة عن شريط أزرق غامق على شكل وردة قطرها ثلاثة أثمان البوصة. للمؤسسات البريطانية التقاليد شاراتُها، ويلبس أعضاؤها ربطات عنق أو أوشحة تحمل شارة الجمعية أو الشعار الخاص بها، في حين أن الجمعيات الأميركية أقلّ تمسّكاً في الغالب بشرك الملبس. ولكن هذه الجمعيات تطبع يافطات مميّزة في اللقاءات، ويضع أعضاؤها المتحمّسون شارات أو دبابيس الجمعية على ياقات ستراتهم، وخاصة إذا كانت تميّز انتماء حاملها إلى طبقة عضوية أعلى.
سواء عُلّقت أو أظهرت، فإن للشارات أو الشعارات أو الدبابيس تصاميم مختلفة جداً. فالكثير منها تشمل رموزاً هندسية صريحة. فشعار الجمعية الأميركية لمهندسي الميكانيك(American Society of Mechanical Engineers) هو على شكل زهرة فل بأربع ورقات يقال خطأً بأنه ورق الشبذر. أما شعار معهد المهندسين الماليزي فيظهر قلماً ومسطرةَ حساب. وكالكثير من الشركات الكبرى الحديثة، قامت جمعيات الهندسة بتسليم إعادة تصميم شعاراتها إلى مستشارين تشكيليين، الأمر الذي غالباً ما شكّل خيبة أمل كبيرة لأعضائها ممن كان لهم حسٌّ بالتاريخ والتقاليد.
بعد سنوات عدّة من المنافسة والنقاش، أُعلن عام 1963 عن اندماج المعهد الأميركي لمهندسي الكهرباء مع معهد مهندسي الراديو (Institute of Radio Engineers: IRE) لتشكيل معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات على المستوى عبر الوطني [Institute of Electrical and Electronics Engineers: IEEE]، وولدت معه شارةٌ جديدة. كانت الشارة الأصلية للمعهد الأميركي لمهندسي الكهرباء(American Institute of Electrical Engineers: AIEE) تشبه طائرة ورقية، تُعطي إلماحاً إلى تجارب بنجامين فرانكلن الشهيرة. وأطراف الشارة الخارجية والضلع القطري تمثّل دائرةً كهربائية تُعرف بجسر ويتستون (Wheatstone Bridge)، يُستكمل بمقياس غلفاني وإبرة بوصلة تعبيراً عن الرابطة بين الكهرباء والمغناطيسية. وتحت المقياس كُتبت العلاقة C=E/R التي تربط التيّار مع الجهد والمقاومة في ما يسمّى بقانون أوم (Ohm’s Law). وفوق المقياس كُتبت الحروف الأربعة: A.I.E.E. كانت هذه شارة لجمعية مهندسين، وهي واحدة صُمِّمت بلا شك من قِبل لجنة [دلالة على تعقيداتها].
دامت الشارة الأصلية خمس سنوات قبل أن يُعاد تصميمها وتأخذ شكلاً فنياً يوحي فقط بطائرة ورقية، وبداخله دوّنت حروفُ الجمعية، حيث الحرف A في الأعلى والحرف I في الأسفل والحرفين E رُبطا بدوائر تبيّن أن "الكهرباء تُحيط بالمغناطيسية وأن المغناطيسية تحيط بالكهرباء". أما شارة معهد مهندسي الراديو IRE فكانت على شكل مثلث، تشبه اليوم إشارة تخفيف السرعة معكوسة على الطرقات السريعة، وتضم الأحرف IRE وتمثّل ما يسمى بـ "قاعدة اليد اليمنى" التي تدلّ على اتجاه التيار في سلك بالنسبة للحقل المغناطيسي المتولد حوله.
أما شارة معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات IEEE الجديدة فهي دمج لشارة AIEE وشارة IRE، مع الإبقاء على الطائرة الورقية فقط من الأولى وقاعدة اليد اليمنى من الثانية ولكن بتغيّرات طفيفة في الشكل. الخطوطُ الخارجية للطائرة الورقية أصبحت ذات استدارة سلسلة مع زوايا أكثر حِدة، والأسهم المستقيمة والمنحنية عكست اتجاهاتها، بحيث توجه التيار للأعلى، نحو النجوم (ad astra). ولا تحمل الشارة الجديدة أيّة حروف أو معادلات مزيلة بذلك الحاجة إلى ترجمتها إلى الأبجديات الأخرى، وهذه لمسة مناسبة من منظّمة تبحث عن حضور عالمي بارز، انظر: (John D. Ryder and Donald G. Fink, Engineers & Electrons: A Century of Electrical Progress (New York: IEEE Press, 1984), pp. 44, 222-223).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]