الاماكن والمدن والدول

صحراء غوبي: طبيعة الحياة والموارد الطبيعية المتواجدة فيها

2013 دليل الصحارى

السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الاماكن والمدن والدول علوم الأرض والجيولوجيا

تعتبر صحراء غوبي خامس أكبر صحراء في العالم. وقد أخذت اسمها من الكلمة المنغولية التي تعني «المكان الخالي من الماء».

وتمتد هذه الصحراء وسط جنوب شرقي منغوليا وشمالي الصين، وتغطي مساحة تقارب الـ 1,295,000 كيلومتر مربع (500,000 ميل مربع)

وتمتد مسافة 1610 كيلومترات (1000ميل) من الشرق الى الغرب و910 كيلومترات (565 ميلاً) من الشمال الى الجنوب.

ويبلغ المعدل السنوي لهطول الأمطار في غوبي 100-50 ملم (4-2 بوصات) على الرغم من أن ذلك المعدل يكون أعلى في الشمال الشرقي من الأقليم، كما تراوح درجات الحرارة بين 40 مئوية في شهر يناير و45 مئوية في شهر يوليو.

 

– تكلا مكان (The Takla Makan)

تضم غوبي في الواقع عدة مناطق جافة متميزة. وتقع في الغرب صحراء تكلا مكان أو (كاشن) ويحدها تيان شان في الشمال والغرب وكنلن شان وألتن شان في الجنوب.

وتكلا مكان عبارة عن بحر واسع من الكثبان تطورت فوق سهل مرتفع متموج يرتفع الى 1525 متراً (5000 قدم)، وتتخلل تلك الكثبان سلسلة معقدة من التلال التي قد يصل ارتفاعها الى 300 متر (1000 قدم) فوق السهل.

وتقع البحيرات المالحة الجافة بين الكثبان وقد تآكل بعضها وتحول الى حقول بديعة شكلتها الريح. ويقع الى الشمال الشرقي من تكلا مكان حوض بندي جنكار الذي يمتد بين الجوانب الشرقية لـ «ارثاي شان» المنغولي (التاي) والنهايات الشرقية من تيان شان.

وقد جفت هضابه وجباله المنخفضة بفعل الوهاد (Ravines) عند حوافه. ويمتد حوض بندي جنكار في الجنوب الشرقي الى ترانس-ارثاي شان غوبي ويحده ارثاي شان المنغولي وارثاي شان غوبي في الشمال والشرق وألتن شان في الجنوب. ويمكن أن ينقسم هذا الحوض الى جزأين متميزين آخرين.

وفي الشرق تكسر سهله الحاد الوعر براس جبلي يمتد 10 كيلومترات (6 أميال) داخل السهل. والجزء الغربي سهل تتموج عبره قيعان نهر جاف ويتحول الجزء الأوسط من السهل الى قطع أصغر بازدياد بسبب الهضاب والأخاديد الجافة.

تتدفق أكثرية أنهار غوبي عندما يهطل المطر فقط – وخلال فصل الصيف في غالب الأحيان. وتختفي الأنهار التي تتدفق على المنطقة من الجبال المحيطة بسرعة في الأرض الجافة، ويحتوي اقليم غوبي المنغولي الشرقي على كميات من المياه الجوفية تفوق الكميات الموجودة في الأجزاء الاخرى من الصحراء.

وتأتي المياه الى السطح عبر بحيرات وينابيع صغيرة غير أن الحياة النباتية تظل قليلة. وتشمل الأقاليم الاخرى المتميزة في غوبي صحراء ألشان التي يحدها غيليان شان من الجنوب الغربي ونهر هوانغهي من الشرق. وتقع صحراء مو أس (أو اوردوس) الى الشرق من هوانغهي.

 

– الحياة في غوبي

تتألف النباتات في غوبي بشكل رئيسي من النباتات المقاومة للملح. والأنواع مثل العشب الكثير العصارة وشجرة الطرفاء والصفصاف موزعة بصورة متباعدة ومتفرقة.

وفي المناطق شبه الجافة تكون النباتات أقل تباعداً بقدر ضئيل وليست في حاجة لأن تكون متينة جداً كي تتمكن من البقاء، وهي تضم أنواعاً مثل التيمورية (Timouria Villosa) وعشب الريش (Stipa Pennata).

وتشمل مجموعة الحيوانات البارزة في غوبي الجمال ذات السنامين والحمير وخيول برزيوالسكي البرية والغزلان وسناجب الأرض.

 

– شعوب غوبي

توجد في اللغة المنغولية 33 كلمة مختلفة لوصف غوبي. وتصنف هذه الكلمات أنواع الأرض وفقاً للنباتات التي تنمو فيها وتعكس ليس فقط التنوع المذهل للأرض بل الصلة الوثيقة التي تربط شعوب غوبي ببيئتهم القاسية. ومثل معظم المناطق الجافة في العالم يقطن عدد قليل جداً من الناس في غوبي.

أغلبية شعب صحراء غوبي من منغول الخلخا الذين يشكلون 80 في المئة من سكان منغوليا. وفي أطراف غوبي، في الاقليم المنغولي الداخلي الذي يتمتع بحكم ذاتي في جمهورية الصين الشعبية، يشكل المنغول أقلية وتشكل المجموعات العرقية الصينية أكثرية السكان.

ظل نمط حياة الرعي شبه البدوي لمنغول خلخا وبشكل نسبي من دون تغير طوال قرون عديدة. والفارق الرئيس بين منغول خلخا وغيرهم من الرعاة في المنطقة هو أنهم –بسبب القسوة البالغة لبيئتهم– يرعون الجمال ذات السنامين بشكل كبير وهي ملائمة بصورة أفضل من الخيول للبيئة الجافة في غوبي، واشد تحملاً من الجمل العربي.

والجمال التي تعد مايقارب الـ 600,000 في غوبي ليست أساسية فقط من أجل نقل بيوت شبه البدو من مرعى الى آخر بل أنها تُجَزُّ أيضاً بسبب صوفها السميك.

وعلى الرغم من كثرة عدد الجمال في غوبي فإن الغنم والماعز هي الماشية الأكثر شيوعاً بأشواط لدى الرعاة. وتتمتع الأغنام بقيمة خاصة كمصدر للحم كما توفر الماعز خيوط الكشمير عالية الجودة. وفي المناطق شبه الصحراوية الأكثر خضرة في الجنوب الغربي من الأقليم بوسع الرعاة أيضاً تربية ماشية طويلة الشعر.

 

– اسلوب حياة البداوة

يتنقل الرعاة البدو بشكل وسطي عشر مرات في السنة الواحدة. وبغية جعل السفر أكثر سهولة يعيش الرعاة وعائلاتهم في خيام خفيفة الوزن مصنوعة من اللباد. وتحدث البداوة على كافة المستويات، من الانتقال القصير الى مرعى جديد الى هجرة موسمية أطول هرباً من قسوة المناخ الشديدة.

ويعيش بدو غوبي عادة في مجموعات عائلية تكون محدودة العدد، وبذلك تساعد طريقة العيش هذه على ابقاء تجمعات الناس والمواشي متدنية في أي منطقة معينة من دون أن تستنفذ موارد الصحراء.

وحيث توجد كمية كافية من المياه الجوفية، كما هو الحال في الواحات، تتم زراعة بعض المحاصيل مثل البطيخ والبصل. وعلى أي حال، يكون موسم الزراعة قصيراً ويأتي فصل الشتاء مبكراً(في شهر سبتمبر)وهوشديد القسوة الى حد كبير.

 

– الموارد الطبيعية

النفط الوحيد الذي تم اكتشافه في غوبي كان حول بلدة ساينشاند في شمال شرقي الاقليم. وقام الصينيون بتطوير الاحتياطي كما جرت عمليات استكشاف على مستويات أعمق.

وعلى أي حال فإن حقيقة وجود كمية قليلة من الماء لدعم عدد كبير من السكان، وكونها معزولة تماماً يمكن أن يحد من الأهمية الاقتصادية لانتاج النفط.

وتم في بعض المناطق استخراج الملح والمعادن الخام الخفيفة، وتشمل منتجات غوبي الاخرى كميات طفيفة من الفحم والأحجار شبه الثمينة والأخشاب العطرية.

تاريخياً وجدت أعداد جيدة من الواحات المزروعة في غوبي، والتي وفرت نقاط استراحة على طرق القوافل.

وقد ازدهرت هذه المستوطنات بصورة عامة الى أن أصبح عددسكانها كبيراً جداً بالنسبة الى المؤن المائية. واليوم لا يزال العائق الرئيسي في وجه التنمية يتمثل في نقص المياه.

 

منغوليا، ككل، بدأت حديثاً بالخروج من فترة طويلة من الركود الاقتصادي. وتوجد قلة من البلدات الصغيرة على طرق المواصلات التي تعبر غوبي مثل الخط الحديدي بكين-اولانباتار (اولان باتور). واضافة اليه توجد مراكز ادارية اقليمية توفر الخدمات الأساسية للسكان الرعاة المشتتين بشدة.

وتتمثل احدى هذه الخدمات في اقامة نظام مدرسة داخلية لأطفال الرعاة يسمح لهم بنيل مستوى جيد من التعليم من دون أن يضطرب بسبب نمط حياة البداوة اللذي يتبعه الآباء.

وطبقت الحكومة الصينية في الآونة الأخيرة برامج في الأجزاء الجنوبية من الصحراء بغية «استعادة غوبي» ومن بين تلك البرامج مشاريع تجارب لزراعة الأرز والكروم.

وهذه المشاريع لا تزال في مراحلها التجريبية وهي ليست اقتصادية من حيث العائدات على استثمارات أو في استخدام كميات كبيرة من المياه القليلة اللازمة. وتشمل الخطط الاخرى زرع كثبان رملية مرتحلة بغية منع تقدمها المستمر على أطراف أراضي منغوليا الداخلية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى