صناعة الإلكترونات الحديثة وتطوير “شوكلي” للترانزستور
2013 الرمل والسيليكون
دنيس ماكوان
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
وفي الحرب العالمية الثانية، استعمل وليام شوكلي بحوث العمليات للوصول إلى الاستراتيجية المثلى للكشف عن الغواصات وتدميرها في حين عمل جون باردين حول الألغام والطوربيدات.
كان الفريق الذي جُمع للبحث حول مُضخِّم الحالة الصلبة ملائماً جداً لهذه المهمة، فتجربة براتن كانت حول علوم السطوح وشوكلي كان قد طبَّق نظرية الكم (Quantum Theory) على البنية الإلكترونية للبلورات، أما باردين، فقد حسب الخواص الإلكترونية للسطوح.
كان لشوكلي فكرة تدور حول مُضخِّم تأثير الحقل حيث يمكن أن يؤدي حقل كهربائي قوي قرب سطح البلورة إلى زيادة تدفق الإلكترونات في البلورة.
وقد تحققت وظيفة المقوِّم لأن قوة الحقل الكهربائي المطبق مكّنت من التحكم بتدفق الإلكترونات، كما قاد حساب شوكلي إلى أن التضخيم يجب أن يكون كبيراً. لكن الجهاز لم يعمل عندما حاول والتر براتن وراسل أوهل بناءه، وأدرك باردين ماذا كانت المشكلة.
فلقد كان يُفترض أن الإلكترونات على السطح يمكن أن تكون حرة في الحركة تماماً مثل تلك في داخل البلورة، لكن الواقع أن الإلكترونات كانت محتبسة في ما يسمى الآن الحالات السطحية وأن الناقلية لا تتزايد بالتالي مع زيادة الحقل الكهربائي.
جرَّب باردين وبراتن مقاربة مختلفة تعتمد على مضخِّم مصباح الفراغ ثلاثي الأقطاب الذي شكل العمود الفقري لصناعة الاتصالات خلال ربع قرن. ففي مصباح ثلاثي الأقطاب، تتحكم شبكة أسلاك بين المهبط والمصعد بتدفق الإلكترونات بينهما.
وفكر باردين وبراتن بوضع نقطة تماس ثانية (مُصدِر) قريبة جداً من نقطة التماس الأولية (المُجمِّع) في مقوِّم نقطة التماس، وكانا يأملان أنها يمكن أن تعمل مثل شبكة لتغيير تدفق التيار من تماس الذهب على سطح بلورة الجرمانيوم إلى قطب القاعدة في أسفل البلورة.
وعلى مدار شهرين من تشرين الثاني حتى كانون الأول 1947، استمر كلاهما في الكد من أجل بناء هذا الجهاز وفهم تدفق الإلكترونات والثقوب المرافق بين التماسات الثلاثة المختلفة. توصل براتن إلى تصميم نتج عنه تضخيم وتغلُب على حالات السطح، وبيّن باردين أن عمل الجهاز كان يعتمد على تدفق الثقوب من المُصدِر إلى المُجمِّع، وأن الثقوب تتحكم بتدفق الإلكترونات من المُجمِّع إلى القاعدة. شكّل ذلك الفكرة الأساسية الجديدة خلف ترانزستور نقطة التماس. لقد برهن جون باردين ووالتر براتن على مضخِّم الحالة الصلبة ولقد وُلِدت صناعة الإلكترونيات الحديثة.
وبنفس سرعة إنجاز باردين وبراتن لهدفهما، بدأ فريق الحلم بالتفكك حول مسألة براءات الاختراع، فمختبرات بل، مثل معظم المنظمات الكبرى، كانت تتمتع ببنية هرمية، وكان شوكلي رئيس القسم الذي أطلق البحث نحو مضخِّم الحالة الصلبة.
ومع ذلك، كان اختراع ترانزستور نقطة التماس نتيجة خالصة لأعمال باردين وبراتن، وفي الواقع، نُسبت البراءة إليهما من قبل محاميي مختبرات بل التي كان موقفها الرسمي يعتبر أن اختراع الترنزستور يعود للثلاثة. وبالعودة إلى البنية الهرمية، أظهرت الصورة الرسمية شوكلي ، رئيس القسم، ينظر إلى الاختراع تحت المجهر في حين يشاهده باردين وبراتن.
تقطعت العلاقات ضمن المجموعة، وأدرك شوكلي، عن حق، أن ترانزستور نقطة التماس، على الرغم من برهان المبدأ، يمكن أن يكون صعب التصنيع، كما أراد أن يطور ترانزستور خاص به كي يؤكد جزئياً مكانته في اكتشاف الترانزستور.
وبالعمل مع مورغان سباركس (Morgan Sparks) وغوردون تيل (Gordon Teal) في مجموعته، بدأ شوكلي تطوير ترانزستور يعمل كاملاً ضمن بلورة جيرمانيوم عوضاً عن الاعتماد على نقاط التماس الهشة على سطح البلورة. لقد اخترعوا ترانزستور الوصلة الموصوف فيما بعد (Riordan and Hoddeson 1997 and Shurkin 2006).
كتب باردين إلى رئيس مختبرات بل أن علاقات العمل في المجموعة قد أصبحت لا تطاق وغادر كي يصبح أستاذ فيزياء في جامعة إيلينوي (Illinois). ومع الزملاء بوب شريفر (Bob Schreiffer) وليون كوبر (Leon Cooper)، طوَّر نظرية الناقلية الفائقة التي حيَّرت نظريين آخرين منذ اكتشافها عام 1913. ومن أجل هذا العمل، اشترك باردين في جائزة نوبل ثانية في الفيزياء.
غادر شوكلي مختبرات بل، ليشكل شركة شوكلي لأنصاف النواقل في كاليفورنيا، لأنه لم يشعر من ناحية ما أن الشركة قد كافأته بما يكفي، ولقد نتج عن انتقاله إلى كاليفورنيا الولادة بالمعنى الحرفي لوادي السيليكون.
ومع ذلك، قاد أسلوبه في الإدارة إلى انقسام ثان لفريق بحث متميز حيث ترك ثمانية أعضاء من الفريق شركة شوكلي لإحداث فيرتشيلد لأنصاف النواقل (Fairchild Semiconductors) عام 1957. كانت الشركة الأخيرة ناجحة جداً وقد غادرها فيما بعد روبرت نويس (Robert Noyce) وغوردون مور (Gordon Moore)، اللذان كانا ضمن الثمانية، لإنشاء إنتل (Intel) عام 1968.
وبعد توقف شوكلي لأنصاف النواقل، أصبح شوكلي مهتماً بعلم تحسين النسل وبالفوارق الممكنة بين الأعراق المختلفة، وهذا جعله ما في عزلة عن المنظومة العلمية خلال سنواته الأخيرة.
لقد انتهى ما بدأ كمثال على الإدارة المستنيرة في مختبرات بل، في تجميع فريق متميز وجعلهم يضيعون فيما بعد لحل مشكلة حرجة لاتصالات المستقبل، إلى التنافس البشري والأنانية مما قاد إلى حل الفريق. وعلى الرغم من ذلك، أطلق اختراع الترانزستور شرارة تطور صناعة الإلكترونيات الحديثة التي نعتمد عليها في أيامنا الراهنة. دعنا نتعقب التطورات الرئيسية للصناعة بدءاً من وصلة الترانزستور.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]