صناعة النفط والغاز في المناطق الصحراوية
2013 دليل الصحارى
السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
تعود صناعة النفط في العالم الى سنة 1859، عندما بدأ الكولونيل ادوين دريك معالجة النفط من التَسَيُّلات الضحلة في بنسلفانيا في الولايات المتحدة.
وقد نمت هذه الصناعة بسرعة مع سعي شركات النفط الأميركية الى احتياطيات جديدة سهلة الاستغلال. وأخذها بحثها بشكل خاص الى المناطق الصحراوية في الغرب والجنوب الغربي من أميركا الشمالية، وتم التوصل الى اكتشافات رئيسية في المناطق الجافة من تكساس وكاليفورنيا.
كما تم استكشاف وتطوير المناطق الصحراوية من المكسيك لأغراض نفطية في وقت مبكر. وكانت الصحارى سهلة الاستكشاف والتطوير بالنسبة الى شركات النفط. فقد سَهّل غياب الحياة النباتية عمليات المسح الجيولوجي وكان هناك القليل من الصناعة أو الزراعة لمنافسة الاستثمارات النفطية.
بدأت عمليات الاستكشاف بصورة جدية في مطلع القرن التاسع عشر عندما تم اكتشاف أضخم موارد العالم تحت رمال صحارى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي عام 1908 اكُتشف النفط في «مسجد سليمان» عند حافة صحراء خوزستان في ايران من قِبَل شركة أصبحت في النهاية بريتيش بتروليوم.
واكتُشف النفط بعد وقت قصير في العراق والمملكة العربية السعودية والكويت والبحرين، على الرغم من أن عملية التطوير تأخرت مع اقتراب الحرب العالمية الثانية.وفي الوقت ذاته تم استكشاف الصحراءالكبرى وصحارى استراليا وأميركاالجنوبية كلها.
واكتُشف النفط في وقت لاحق في الصحراء الليبية في كالانسيكو وبحار مرزوق للرمال، وفي الجزائر في حاسي مسعود وفي الصحارى الباردة في آلاسكا وسيبيريا. غير أن الصحارى الايرانية والعربية والعراقية ظلت المناطق الأكثر تركيزاً لإحتياطيات النفط والغاز الطبيعي.
وبحلول عام 1991 ذكرت التقديرات أن الشرق الأوسط يحتوي على ما لا يقل عن 66 في المئة من احتياطي النفط الخام و 30 في المئة من الغاز الطبيعي في العالم. وبلغ انتاج النفط في هذه المنطقة 26 في المئة من اجمالي انتاج العالم. وفي شمال أفريقيا وصلت الجزائر ومصر وليبيا الى حوالي 6 في المئة من الانتاج النفطي في العالم.
تاريخ صناعة النفط في الصحارى قصير بصورة ملحوظة. غير أن مستقبل هذه الصناعة قد يكون بالمثل قصيراً. وتشير نسبة الاحتياطي الى معدلات الانتاج الى أن العديد من حقول النفط سوف تصل الى نهايتها عما قريب، في حوالي 10 سنوات في الولايات المتحدة، و 20 سنة في سلطنة عمان وقطر والبحرين، وأقل من 50 سنة في الكثير من المناطق الاخرى. وعلى اي حال فإن الاحتياطي في المملكة العربية السعودية وايران والعراق والكويت كبير جداً بحيث يمكن أن يستمر الى فترات أطول كثيراً.
ويتعارض العمر القصير لصناعة النفط بحدة مع تأثيراتها البيئية والبشرية الضخمة. وقد ساعدت صناعات النفط والغاز الطبيعي على تحقيق تنمية بشرية سريعة ومتطورة في مناطق فقيرة.
ثمن يتعين دفعه: وعلى أي حال فقد أساءت هذه الصناعة أيضاً الى الصحارى. وطوال سنين عديدة كان الغاز الطبيعي يُحرق ببساطة مثل منتج هَدْر، وهو اجراء أفضى الى تلوث الجو. وفي حقول النفط في أميركا الشمالية استُثْمرت الآلاف من هكتارات الأرض عبر مضخات سطحية ما تسبب في تشوه السطح.
كما أن القيمة المتدنية للصحارى تؤدي الى استعمال تقنيات غير ملائمة أو خطرة من أجل التخزين وبناء خطوط الأنابيب، يتم اهمال الحياة النباتية والحيوانات المحلية. ولم تحدث الا في الولايات المتحدة محاولات الحفاظ على البيئة. ويحدث أسوأ أنواع التلوث مع الكوارث.
وفي الكويت عندما دمرت القوات العراقية المعدات، بما في ذلك رؤوس آبار النفط، خلال حرب الخليج 1990 – 1991 تم سكب الملايين من براميل النفط على الأرض وفي مياه الخليج العربي.
وربما كانت أنشطة الانفاق الحكومي لعائدات النفط على القدر ذاته من الضرر. وقد أفضى الاعتقاد في الحاجة الى تحفيز «التنمية» الى نمو سريع في المشاريع الزراعية والصناعية ومارافقها من مدن وبنى تحتية، وكلها دُفعت من عائدات النفط.
وفي العديد من الدول المصدرة للنفط، وخاصة المملكة العربية السعودية، قامت صناعات بتروكيماوية ضخمة أفرزت مشاكل غير متوقعة بالنسبة الى الصحراء وخاصة التخلص من النفايات الصناعية. والموارد الطبيعية في معظم دول الصحراء غير قادرة على دعم تنمية صناعية ثقيلة مستدامة وثمة فرصة حقيقية في أن التأثيرات السلبية البيئية للتحديث في المدى الطويل سوف تجعل الفوائد البشرية قصيرة العمر.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]