طرق تحفيز مريض السكري على ممارسة الرياضة وضبط الوزن
2013 أنت والسكري
نهيد علي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
يعتبر العيش بوزن مثالي ومع مراعاة مقتضيات السكري من المجابهات التي ينبغي على السكري أخذها بالحسبان، فالمغريات تنتشر في كل مكان وفي كل زمان، فهي تطل علينا عبر شاشات التلفزيون، وعبر الإعلانات، بل وحتى داخل الثلاجة في البيت وفي المطبخ
فإذا كنتَ قد قضيتَ فترة طويلة من حياتك وأنتَ تتمتع بحرية كاملة في اختيار أصناف الطعام، فإنك قد تحتاج إلى الوقت الكافي لتعتاد على ممارسة وتناول طعام مخصوص، إذ يتطلب ذلك قدراً كبيراً من ضبط النفس
وعليك أن تنظر إلى النظام الغذائي الذي يناسب السكري لديك على أنه الصديق المقرب، وليس عدوك اللدود، فتلك النظرة لوحدها تعتبر بالنسبة للتدبير العلاجي للسكري بمثابة الخطوة الأولى لمسيرتك الصحيحة في هذا الاتجاه.
فإذا تصورت نفسك أنك تبذل كل جهد ممكن لتلبس ملابس الحينز التي تناسب المشي بدلاً من الاكتفاء بالجلوس على الأريكة أمام شاشة التلفزيون، وأنك تعد نفسك بأنك ستقوم بذلك بعد ذلك.
ويمكنك أن تلتقط لنفسك صوراً وأنت تلبس الملابس التي تناسب المشي وأن تتخيل ما سوف ستكون عليه تلك الصورة بعد مرور عام، فسوف تحصل على شعور لا مثيل له بالعافية وبتدفق الطاقة نتيجة ذلك التصور، ولا سيما إذا تصورت نفسك تنطلق من الأريكة وتبدأ في المشي
فإرادتك القوية سسوف تجعل ذلك التصور حقيقة واقعة، وقد لا تقضي في المشي فترة طويلة تزيد عن 15 دقيقة في الأيام الأولى، ولكنها في الحقيقة خطوة نحو الأمام على طريق الصحة، فممارسة التمارين لا تحتمل "التأجيل" بل تتطلب القيام بها "الآن ودون أدنى تأخير"، وليكن إحرازك لأي قدر من التقدم مهما كا ضئيلاً دافعاً لك على إطالة فترة المشي
والمشي بخطوات واسعة، وللابتعاد عن الأريكة أمام شاشة التلفزيون، ويمكنك أن تحدد التمارين التي تفضلها، وأن تتعرف على المواقع على التي يمكنك أن تمارس فيها رياضة المشي دون أن يجبرك شيء على قطعها، إلا أن الأمر الأكثر أهمية هو المحافظة على التركيز على العمل بالاعتماد على نفسك!
إن من الضروري أن تتعرف على أن لديك سكري وأنه إصابتك بالسكري تهدد حياتك، وأن هناك أمور مستجدة ستدخل حياتك التي كنت تعتبرها من قبل حياة "عادية"، مثل النظام الغذائي الذي تتناوله، والأنشطة التي تمارسها أثناء أداء عملك الوظيفي اليومي، والأدوية التي تتناولها، وقد يبدو لك كما لو أنك لا تستطيع القيام بعمل شيء لتحسن حياتك، ولكنك ببساطة ينبغي عليك أن تبادر إلى الابتعاد عن الأريكة التي اعتدت أن تجلس عليها أمام التلفزيون، وأن تجد في ذلك متعة تستحق المتابعة.
والآن أين تقف من حيث حالة السكري لديك؟ وأين تود أن تكون حالتك في المستقبل؟ فقد تشعر الآن بأنك قد فقدت شيئاً ما من حياتك، وهو شيء كان يمكن أن يجعل حالتك أفضل لو توافر، فما الذي يمكنك فعله؟
وبمقدار الموضوعية والإيجابية التي تنظر فيها إلى نفسك ومدى الفهم التي تحصله حول مجالات التحسين والفرص المتوافرة أمامك بقدر ما تكتسب الأمل، هذا إلى جانب ما تبديه من التزامات تكفل لك القدرة على مواجهة التحديات وعلى الإنجازات التي تتحقق.
أما الموقف السلبي فإنه الخيار الأسوأ، إذ يجعلك تشعر بأن لا حول لك ولا قوة، وأن لا أمل لك في المستقبل في السير على طريق السعادة، ولا يبقى أمامك سوى طريق التدمير للذات، لذا فما عليك سوى أن تخلص نفسك من الأفكار السلبية وأن تضع بدلاً منها الأفكار البناءة والشعور بالقدرة على عمل الكثير من الأشياء المفيدة، فطالما كنت تعتقد بأن الأمور آيلة إلى التحسن، فإنها على الأغلب ستؤول إلى التحسن.
إن التغير قادم لا محالة، سواء شاركت فيه أم لم تشارك، ولا يمكنك أن تحسن صحتك إلا إذا غيرت من نظرتك الإجمالية إلى الأشياء من حولك على نحو أفضل. وينبغي أن لا تشعر بالخوف مما تسمعه من قصص يرويها الناس من حولك حول اتباع نظم علاجية أو غذائية "سحرية" أوصلتهم إلى الشفاء التام، فلك شخصيتك التي تستطيع من خلالها الحكم على الأشياء حكماً صحيحاً، وتأكد من أن المسيرة التي ستقطعها في ضبط الوزن وفي النظام الغذائي ستكون مسيرة فريدة مثلما أنت فريد بين الناس من حولك.
ومن المفيد أن تقوم بالبحث عن المعلومات وقراءة الكتب حول تخفيف الوزن، بل وحتى أن تراقب البرامج المفيدة التي تستضيف الخبراء حول ذلك على شاشة التلفزيون، كما يمكنك الحصول على معلومات قيمة عن النظم الغذائية وعن كيفية صياغة إستراتيجية خاصة بك النظم الغذائية والوصول إلى الوزن المثالي، والعافية، وذلك من خلال استثمار الوقت الكافي اللازم للتحقق من صحة الحقائق التي ستعتمد عليها في صياغة الإستراتيجية
ومن الضروري أن تستفيد من استشارة اختصاصي التغذية والطبيب، وعليك أن تستفيد مما يشيع على ألسنة الناس اليوم من أن كل شخص يستطيع تصميم الوصفة الغذائية الخاصة به، وقد لا يتطلب ذلك منك أكثر من السير نحو إحدى المكتبات القريبة لتختار ما تشاء من الثروة الهائلة من المعلومات.
ولديك الآن المتسع من الوقت، وفي هذه اللحظة بالذات، لتجدد الالتزام بنمط حياة أكثر صحة للسكريين. فحتى لو أنك تمكنت من حفظ جميع المعلومات المتاحة حول السكري والنظم الغذائية والتمارين الرياضية عن ظهر قلب فإنها لن تجدي لك نفعاً إذا لم تكن واثقاً بأنها مفيدة، ولعل أفضل الأدوية في هذا السياق هو الموقف الإيجابي والذي يتسم بالتفكير الاستباقي لديك.
وهناك 3 خطوات يمكن أن تدفعك نحو التحفيز والفعالية:
1. البدء بخطة للنظام الغذائي، وللتمارين الرياضية، وللنظام العلاجي، والقيام بتنفيذ مكوناتها بدقة وانتظام، وحاول تنفيذ أي توصية ينصح بها الطبيب.
2. الاستمرار على تنفيذ الخطة لمدة لا تقل عن 6 شهور.
3. بعد مرور 6 شهور يمكنك أن تعيد النظر في الخطة بالاستفادة من الخبرات التي اكتسبتها خلال الفترة السابقة، واسأل نفسك: ما هي البنود التي ينبغي تغييرها في الخطة؟، وما هي الجوانب التي تحتاج إلى تعزيزها داخل الحملة الإعلامية التي تتبناها لإقناع نفسك بمواصلة الالتزام؟ وعليك على الدوام أن تواصل التغيير وأن تواصل التقدم، واحذر أن تتوقف يوما عن ذلك.
وقد تكتشف أن بعض العوامل التي لهادور في هذا المجال لا تتعلق بخطأ قد ترتكبه، وما عليك عند ذلك إلا أن تتأكد من أنك تفعل كل ما بوسعك كسكري، وينطبق هذا الأمر على أي مرض آخر غير السكري، وقد تشعر أن إصابتك بالسكري قد جاءت في الوقت غير المناسب
وقد لا يكون لديك المعلومات الكافية أو لا يتاح لك الحصول على المشورة اللازمة للتعايش مع السكري، بل إن الكثير من السكريين يعزفون عن مواصلة الالتزام بالنظام الغذائي أو التمارين الرياضية بعد مرور 4 أسابيع فقط
ويعود ذلك في غالب الأحيان إلى أن من قدم لهم المشورة كان يفتقد الكثير من الخبرة والبصيرة التي تضمن التزام السكريين بنمط الحياة وبمواصلة النظام الغذائي وبالتمارين التي يوصون بها، ثم إن الجهود الذي تبذلها في المنزل أو تقوم بها على نحو مرتجل دون الالتزام بخطة محددة قد يكون لها من الآثار الضارة أكثر من عدم القيام بأي جهد على الإطلاق، وعليك أن تعرف أن الوصايا التي يقدمها الأطباء لك ستجعلك تواصل حماسك وتجعل جهودك منظمة.
أما الخبراء في التغذية وفي المعالجة الفيزيائية (العلاج الطبيعي) الذين يقدمون لك النصائح التوجيهية فإنهم لا يشكلون إلا نصف المعادلة، فأنت تعرف أن الوصايا التي يصدرها جميع الناس لن يكون لها أي أثر ما لم تقترن برغبتك في تطبيقها.
فما تبديه من التزام هو وحده الذي يحوِّل الأفكار الجيدة إلى حياة مفعمة بالصحة، أما الضغوط التي تمارسها الأسرة عليك فإنها لا تجدي كثيراً، لأنها ببساطة تدفعك لتغيير نمط الحياة التي تعيشها لمجرد إدخال السرور على نفوسهم، وعليك أن تسأل نفسك على الدوام عن السبب الذي تعمل أنت من أجله، وليس السبب الذي يريده الآخرون
وهكذا ستزداد ثقتك بالاختيارات التي تنتقيها مع مرور الوقت، وستتضاءل الفجوة بين التحديات التي تواجهك وبين الأهداف التي حددتها لنفسك، وسرعان ما تصبح العقبات التي كنت تواجهها من قبل مجرد علامات على الطريق الذي نجحتَ في قطعه.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]