طقوس كيبلنغ والخواتم الحديديه . التزام المهندس
2014 لنسامح التصميم
هنري بيتروكسكي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
التكنولوجيا والعلوم التطبيقية الهندسة
بأسلوب مماثل، فإن طقوس كيبلنغ، وكما كانت تسمّى بعض الأحيان "طقوس تسمية مهندس"، كانت قد تمت "مأسستها للهدف البسيط لتوجيه المهندسين المؤهّلين الجدد لأهمية ضمير المهنة ومدلولها الاجتماعي، ولتؤشّر إلى المهندسين المتمرّسين مسؤولياتهم في الترحيب والدعم للمهندسين الجدد عندما يكونون جاهزين للدخول إلى المهنة"، حسبما جاء في موقع الخاتم الحديدي على الإنترنت، وقد عُقدت أول احتفالات مراسم الخاتم الحديدي عام 1925، والخواتم الأولى كانت تصنع من "حديد مطروق" غير مصقول والذي أسماه كيبلنغ بـ "البارد"، وقال الشاعر أيضاً عن الخاتم غير المصقول المنحوت أنه خشن كعقل الشاب، وحوافه لم تصقل بعد. على الرغم من أن البعض قال إن الكاتب استخدم الصفة "بارد" لأن المادة الهيكلية لم تغفر أخطاء المهندسين الذين يعملون فيه، ومطلع قصيدته "حديد بارد" (Cold Iron) تضعها في سياق مختلف أكثر إيجابية:
الذهب للعشيقة – الفضة للوصيفة [الخادمة] –
النحاس لحرفي بارع في حرفته.
"جيد!" قال البارون، جالساً في ردهته،
" لكن الحديد – الحديد البارد – هو سيد الجميع!"
بحسب أحد المهندسين، فإن الخاتم الحديدي "يربط المهندس استعارياً للمهنة"، ويقال إن الشكل الدائري للخاتم يرمز لاستمرارية المهنة وطرائقها، والدائرة رمز ملائم أيضاً لعملية التصميم الهندسي، فهي ذات طبيعة تكرارية وقد تبدو مرجعيتها ذاتية للمبتدئ، وقد قضى التقليد أن تصنع الخواتم من حُطام بعض حوادث الفشل الهندسية، واعتقد بروملي أن خاتمه الأصلي جاء من مخلّفات جسر كيبك المشؤوم، لأن ذلك ما قاله عميد كلية الهندسة في جامعة كوين الذي منح الخاتم لبروملي، وأعيد تصميم الجسر بعد الحادث، لكنه تعرّض لحادثة ثانية عام 1916، عندما سقط مجازه المركزي في الماء عند القيام برفعه ليوضع في مكانه، مما زاد من حرج المجتمع الهندسي. أخيراً استكمل الجسر عام 1917، واستمرّ في موقعه عبر نهر سنات لورانس – رمزاً للهندسة الكندية والعزيمة الوطنية، وهو كذلك بوابة رمزية أبحر المهاجرون عبرها إلى كندا. يبقى الجسر حتى هذا اليوم أطول مجاز نتوئي في العالم، وتذكيراً للمهندسين الكنديين، وبالأخص أولئك الحاملين للخاتم الحديدي، بالعناية بالتصميم والبناء ليصمد في وجه الخصوم.
من المؤكّد أن القول بأن الخواتم الحديدية مصنوعة من حطام جسر كيبك هو قول ملفّق، لأن الجسر لم يكن مصنوعاً من الحديد المسبوك الذي من السهولة طرقه على شكل شريط منحوت بل كان مصنوعاً من الفولاذ الأكثر صلابة وقوة، وفي الحقيقة فإن الادعاءات والتصريحات حول المصدر الحقيقي كثيرة. وحسب إحدى القصص، فإن الخواتم الأصلية صُنعت من قِبل محاربي الحرب العالمية الأولى الكنديين القدامى المشاركين في برنامج المعالجة بالمهنة في مستشفى تورونتو للمحاربين القدماء، باستخدام خزين من أنابيب الحديد الاعتيادية، ويقال إن هذا الخزين بقي لوقت طويل المعدنَ المعتمد للغرض، ومصدر آخر يقول إن بعض الخواتم الأولى كانت مصنوعة من حديد مطروق من نتوءات سكك الحديد من كاملوبس (Kamloops)، وهي مدينة في جنوب وسط ولاية كولومبيا البريطانية، وكلتا القصتين قد تكونان صحيحتين، إذ ربما وجد المشاركون من أجزاء مختلفة من البلد مصادر محلية مختلفة من المواد لخواتمهم، ومهما كانت مصادر الخاتم المادية، فقد كان خاتم الحديد، مع ذلك، غنيّاً في رموزيته، وقيل إن سطحه [الخشن] "تذكير حادّ" (Sharp Reminder) لالتزام المهندس بالعمل الحذر، وكانت [خشونة سطح الخاتم] مؤثّرة بالخصوص في خاتم جديد، حيث يمكن أن تكون الحافات "حادة بما فيه الكفاية لكي تعتبر تقريباً أشبه بالمسنّنات". وقد صقلت الخواتم الأولى بمرور الزمن، لذا قيل إن الحافات الحادة [للخاتم] تختفي مع تراكم الخبرة في عقل المهندس الشاب، وصولاً إلى حكمة أكثر تكاملاً. ونُظر إلى الخاتم أيضاً أنه "رمز للتواضع"؛ وبينما تتقادم مزايا الحديد عبر السنين، كذلك تنضج مهنة المهندس مع الخبرة، و"ألان بروملي" الذي اكتسب خبرته الهندسية المبكرة في صناعة الطاقة الهيدروليكية ووسعها بعد ذلك في ييل، اكتسب الحق بشكل واضح لاستبدال خاتمه الحديدي المتصدّئ بآخر من الفولاذ المقاوم للصدأ الذي أصبح القياس [المعيار] بمرور الزمن.
مهما كانت المادة للخواتم الأصلية أو الأحدث منها، فهي تسمى جميعها "خواتم الحديد"، وتقاليدها قد تمت مأسستها بشكل ثابت. و"طقوس تسمية مهندس" قد تم دعمها عام 1922 من قِبل الرؤوساء السبعة السابقين لمعهد كندا للهندسة، الذين شكّلوا شركة من سبع أمناء كلفوا بإدارة الطقوس. (تمّ تسمية الرؤوساء السابقين السبعة كأمناء مؤسسين للشركة)، وتمّ تشكيل مجموعات محلية أطلق عليها مخيمات، يتكوّن كل مخيم من سبعة أمناء من مهندسين ممارسين، وليس غريباً أن المخيم (1) قد تأسّس في جامعة تورونتو، وهناك اليوم، أربع جامعات في منطقة الحاضرة الكبرى لمدينة تورونتو مرتبطة بمخيم تورونتو: جامعة رايرسون (Ryerson)، وجامعة معهد أونتاريو للتكنولوجيا، وجامعة تورنتو، وجامعة يورك، وهذا المخيم الأول هو الوحيد الذي استمر في تقديم خيار خاتم الحديد المسبوك، وبالرغم من أن المخيمات مرتبطة جغرافياً بمدن جامعية وكليات، لكنها بقيت مستقلّة عن أية مؤسسة كندية أكاديمية أو غيرها.
بمرور الوقت أصبح تقليد خاتم الحديد معروفاً بين المهندسين في الولايات المتحدة، وقد علمتُ عنه لأوّل مرة في الستينات من القرن الماضي، عندما كنت طالباً في الدراسات العليا وكانت معظم الخواتم ما زالت تصنع من الحديد المسبوك، وكما هي الحال في كليات أخرى كبيرة في الوسط الغربي [في الولايات المتحدة]، جذبت جامعة إلينوي عدداً كبيراً من الكنديين لبرامجها الهندسية للدراسات العليا، ولم يكن قسم علم الميكانيك النظرية والتطبيقي شاذّاً عن ذلك، وكطالب دراسات عليا شاب من نيويورك، كنت ملمّاً بشوق باللهجات المتنوعة الواسعة التي كنت أسمعها في القسم وحرم الجامعة والمدينة، لمن هم ليسوا من الساحل الشرقي، وقد جعلني ذلك متحسّساً للهجتي الشخصية في هذه الأرض الغريبة افتراضياً، واللهجات الكندية بالذات كانت واضحة، ولكنها مألوفة نوعاً ما، لأنها تذكّرني بشكل ضبابي بأقربائي من المنطقة الشمالية في روشستر (Rochester)، والتي تقع بالطبع مئات الأميال في الداخل من ساحل الأطلنطي، وعلى الضفة الجنوبية من بحيرة أونتاريو، التي تبعد عن تورنتو مسافة عبّارة. قبل مضيّ وقت طويل، لاحظت أن طلاب الهندسة الكنديين، متميّزون في الأساس بصوتهم، ومتميزون بخاتم الحديد المنحوت بشكل غريب الذي يضعونه في الأصبع الصغير. غير مصقول تقريباً، لا يبدو كقطعة حلي، وأصبحت فضولياً بشكل متزايد حول ما يرمز إليه، وعندما بدأت بالتعرّف بشكل أفضل على زملائي الكنديين، سألت أحدهم عن الخاتم، وعندئذٍ علمت مبادئ تقليد خاتم الحديد، وعلى [طاولة] البيرة في أواخر الليل، يصبح كل شيء تقريباً سرّاً مفتوحاً، وعندئذٍ فقط علمت الأساسيات الحقيقية لتقليد خاتم الحديد.
من المؤكّد أنني لم أكن أول مهندس أميركي أصبح مهتماً بخاتم الحديد للمهندسين الكنديين، ولست الأول لمعرفة دلالاته. في أوائل الخمسينات من القرن الماضي كتب لويد أ. تشايسي (LIoyd A. Chacey)، وهو مهندس مدني وسكرتير تنفيذي لجمعية أوهايو للمهندسين المهنيين، إلى شركة الأمناء السبعة يستفسر عن أمكانية مدّ طقوس خاتم الحديد لما بعد الحدود الكندية السفلية [أي إلى الولايات المتحدة]، وبالرغم من أن موضوع حقوق النشر كان من بين العوائق بالنسبة لتحرّك كهذا، إلّا أنه كان من السهل تخيّل أن الكنديين لم يكونوا راغبين في تخفيف التقليد الذاتي المميّز والذي يدعو إلى الفخر والذي كان ملكهم بشكل متفرّد، واستمرّ التراسل بين تشايسي والشركة، ولكن، وفي عام 1962 تمّت دعوة هومر ت. بورتون (Homer T. Borton) وج. بروكس إيرنست (G. Brooks Errnest) وهما إداريان في جمعية أوهايو للمهندسين المهنيين، للمشاركة في الطقوس الكندية، مما أتاح لهم فرصة التعرّف على نموذج لتأسيس شيء مماثل له في ولايتهم، وفي حلول منتصف الستينات من القرن الماضي، كانت مجموعة من مهندسي أوهايو تعمل على تأسيس مرتبة [نقابة] المهندس (Order of the Engineer) في الولايات المتحدة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]