عادات وديانة سكان الأقاليم الجافة
2013 دليل الصحارى
السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
ديانات وثقافات علوم الأرض والجيولوجيا
يظن الكثير من الناس أن الإسلام دين يرتبط بصورة مهيمنة بالصحارى. ولكن يوجد طبعاً العديد من المناطق الصحراوية التي لا يشكل الإسلام فيها الديانة السائدة.
وفي أميركا الجنوبية، تختلط التقاليد القديمة في غالب الأحيان مع المعتقدات الجديدة وهكذا فإن الكاثوليكية، على سبيل المثال، وبتأثير من معتقدات «إنكا» ما قبل الكولومبية تميز ديانة البيرو اليوم.
وفي أميركا الشمالية، وقبل وصول الأوروبيين، كانت أنظمة معتقدات الشامانية (Shamanistic) تسود المناطق الصحراوية كما كان الحال بالنسبة الى معظم الأجزاء الاخرى من القارة.
وفي أعقاب وصول الأوروبيين عادت المسيحية من جديد للهيمنة على المنطقة، وذلك على الرغم من بقاء بعض التقاليد التي تم استيعابها في الديانة الجديدة.
وفي استراليا لدى الآروميين مجموعة غنية ومتنوعة من المعتقدات الطوطمية. وفي مثل تلك الديانات توجد علاقة وثيقة بين الشخص أو المجموعة وبين البعض من الأشياء الطبيعية أو الظواهر، وكذلك صلة قرابة بين الناس والطبيعة.
آسيا وشمال أفريقيا
في الأقاليم الآسيوية الجافة, مثل منغوليا ولادخ أو ماستنغ, أرست البوذية نفسها في حقبة مبكرة متخذة شكل اللامية في التيبت.وفي الشرق الأوسط وفي مناطق سوريا النائية, كردستان, القوقاز احتفظت جماعات النصيرية واليزيدية بعادات ومعتقدات من أصول في طوائف متعددة ميزت شعوب الشرق الأوسط في الأزمنة القديمة.
وقد ارتبط العديد من هذه الطوائف بالزراعة والري, غير أن الصحراء أيضاً احتضنت مراكز دينية مهمة مثل البتراء في الأردن وتَدْمر في سوريا. وقد ميّزت آلهة وأنواع معابد مماثلة معتقدات العرب الأوائل في اليمن، وكانت الزرادشتية الديانة القومية لقدماء الفرس وقد سادت في المنطقة حتى اعتناق معظم أتباعها للديانة الاسلامية في القرن السابع بعد الميلاد.
وعلى أي حال يوجد حتى اليوم العديد من الزرادشتيين في ايران. وكان مؤسس الديانة زرادشت الذي ولد في سنة 588 قبل الميلاد وتصور حدوث صراع كوني بين قوى الخير والشر قد ولد في المنطقة الصحراوية الواقعة بين خوارزم على الحدود بين خراسان وأفغانستان وتركمنستان، كما أن اليهودية كانت ديانة صحراوية عندما هام الاسرائيليون في البراري والقفار.
وفي حوالي فترة ولادة المسيح كانت الطائفة اليهودية من الإسيسنيين والرجال من ذوي العقلية المماثلة من أمثال يوحنا المعمدان «وأكلة الجراد والعسل البري» قد استقروا في براري يهودا على مقربة من البحر الميت وتشتهر مستعمرتهم قمران اليوم نتيجة اكتشاف وثائق البحر الميت على مقربة منها.
واشتهرت المسيحية في مصر والنوبة لوجود الرهبان والنُسّاك في صحاريها, وبناء أديرة الكنيسة القبطية. ورهبان وادي النطرون لا يزالون هناك حتى يومنا هذا, فيما هُجر دير سانت كاترين عند أسفل جبل سيناء.
وبخلاف العرب هيمنت الشعوب التركية على الأقاليم الصحراوية في آسيا الوسطى. وقد أظهرت الآثار مدى اختلاط المعتقدات القديمة لشعب سهول الصحراء في آسيا الوسطى. وتكشف حفريات موقع «طَرْز» في كازاخستان أن المدن المحيطة كانت تتبع الديانات الزرادشتية والمسيحية والبوذية.
وكان في الأقليم العديد من الطوائف المحلية مثل: طائفة الباشيك, وطائفة إلهة الخصب, وطائفة «أناهيت» وطائفة الفردوس التركية. وكان هناك أيضاً مؤمنون في الديانة الْمانية وهي عبارة عن فرع اصطفائي من الزرادشتية.
وقد اقيمت عدة أديرة صحراوية في قفار يهودا في خارج القدس وتوجد اليوم في الكُلْوة في اقليم طبيق النائي في السعودية مستوطنة صغيرة للرهبان ترجع الى القرن السادس.
وعلى الرغم من ذلك, كان الشامان «الساحر» التركي هو من ساعد الناس على الحفاظ على التوازن الهش بين عالم ضرورات البراغماتية وعالم الأرواح الخفي الذي كان في صلب العديد من المعتقدات والعادات لدى قدماء الأتراك.
وكانت الديانات التي هيمنت فيما بعد على الأقاليم الصحراوية في آسيا الوسطى متأثرة بعمق بالمعتقدات الشامانية. وكان هذا صحيحا بالنسبة الى الإسلام وغدت المعتقدات جزءاً متميزاً من طقوس الحركات الباطنية مثل الصوفية، وانبثق العديد من تلك الجماعات من المناطق الصحراوية في آسيا الوسطى.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]