البيولوجيا وعلوم الحياة

عملية استنساخ حيوانات أخرى

2013 لمن الرأي في الحياة؟

جين ماينشين

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

البيولوجيا وعلوم الحياة

عندما أعلن ويلموت وفريق روزلين عن النعجة "دولي"، بدا من المحتم الاندفاع لاستنساخ حيوانات أخرى. وقد حدث ذلك. ولا تزال قائمة الحيوانات التي استنسخت بنجاح تكبر، إلى جانب التحسينات التقنية.

وتكبر قائمة أنواع الخلايا المانحة المستخدمة أيضاً، مع أن معظم الأشخاص ما زالوا لا يدركون الاختلاف الكبير بين استخدام خلية جسدية متمايزة وخلية جنينية بمثابة مانح.

في بعض النسائل المنتجة، مثل زميلة "دولي" في الحظيرة "بولي"، تم تضفير جينات إضافية في المادة الوراثية من أجل الاستنساخ.

أقحم جين لعامل تجلّط الدم البشري في جينوم "بولي"، لكن "بولي" كانت نعجة، ولا تعبّر الخراف عن هذا الجين، لذا لم تطوّر "بولي" أي عامل تجلّط للدم البشري.

لقد كان إدخال الجين إنجازاً تقنياً جديراً بالاهتمام، لكنه لم يجعل "بولي" مختلفة وظيفياً عن أي نعجة أخرى. وعلى نحو ذلك، أجرى الباحثون في مركز أوريغون الإقليمي لأبحاث الرئيسيات في بيفرتون تعديلاً على دنا ريسوس صغير معدّل وراثياً يدعى أندي.

كان لدى أندي جين إضافي يؤدي عادة إلى إنتاج بروتين متوهّج أخضر في قنديل البحر. لم يجعل هذا الجين، الذي نقله فيروس إلى البيوض غير المخصّبة، القرد يتوهّج باللون الأخضر إذ لا يعبَّر عنه. ولم يكن أندي ناتجاً عن الاستنساخ، لكن احتمال دمج الهندسة الوراثية والاستنساخ أصبح واقعاً أكثر مما هو خيال. ومنذ ذلك الوقت أعلنت منشأة أوريغون عن النجاح في استنساخ قرود من خلايا جنينية مانحة بدلاً من حيوانات بالغة.

 

في النقاشات العامة للاستنساخ، أشار المدافعون بين الحين والآخر إلى الفوائد التي تعود على الإنجاب البشري، ووجد العاملون في عالم الزراعة المهم جداً قيمته في إنسال مزيد من الحيوانات المنتجة. غير أن الاستخدام الإيجابي الذي استحوذ على خيال الجمهور هو بمثابة أداة لاستيلاد الأنواع المهدّدة بالانقراض.

ربما يمكن أن توجد حديقة جوراسية (Jurassic Park) حقيقية. في سنة 2000، أعلن روبرت لانزا (Robert Lanza) من تكنولوجيا الخلايا المتقدّمة في وورسستر، ماساتشوستس، عن محاولة لاستنساخ ثور قديم مهدّد بالانقراض، الغوار. أنتج الغوار (Guar) من دنا مزروع في بيضة بقرة مضيفة وغُرس في أم بديلة من البقر، وقد ولد عند اكتمال الحمل لكنه توفي بعد ثمانية واربعين ساعة من زحار (Dysentery) شائع في الماشية.

وفي سنة 2001، أعلنت مجلة نيتشر بيوتكنولوجي عن الاستنساخ الناجح لموفلون (Mouflon) أوروبي، وهو من الأنواع المهدّدة بالانقراض وأصغر الخراف البرية. وكان الحمل المعافى يعيش في مركز الحياة البرية في إيطاليا.

وعلى الرغم من التكاليف الكبيرة، فإن أعداداً متزايدة من الجمهور الذي يخشى من فقدان التنوّع الحيوي ترى أن تكنولوجيا الاستنساخ ربما تقدّم أفضل أمل للحفاظ على مزيد من الأنواع وتطوير ما يدعى "بنوك الدنا". هناك عواقب تطوّرية بطبيعة الحال، مع أننا لسنا واثقين مما هي حتى الآن.

في ما يتعلّق بالحيوانات غير الدخيلة، فإن التقرير عن استساخ هريرة في 15 شباط/ فبراير 2002، عن طريق مختبر جامعة تكساس إيه أند إم، لفت انتباه الجمهور لمدة وجيزة. وأفاد تقرير مراجع من النظراء في مجلة نيتشر عن أن التجربة أنتجت قطة صغيرة طبق الأصل وظلت محتفظة بعافيتها. استخدم الباحثون الزرع النووي وأم بديلة لإنتاج سبع وثمانين بيضة، عاشت منها واحدة فقط.

 

سمعنا مؤخّراً عن ادّعاءات جريئة عن أن مختبرات عديدة تنوي استنساخ البشر. ففي إجازة عيد الشكر في سنة 2001، أعلنت شركة تكنولوجيا الخلايا المتقدّمة المتعطّشة دائماً للدعاية عن نسيلة بشرية ناجحة وصلت إلى مرحلة الخلية السادسة. وزعم المتحدّث أن الشركة أنجزت انقسامين للخلية عن طريق خلايا مانحة أخذت من رُكمة (Cumulus) (البنية التي تغذّي البيوض في المبايض)، وليس من خلايا جسدية في مرحلة متأخّرة. وبما أن التجمّع المكوّن من ست خلايا في النمط الذي أفيد عنه غير مألوف لدى البشر، فإن معظم العلماء عبّروا عن تشكيكهم في أن تكون شركة تكنولوجيا الخلايا المتقدّمة قد استنسخت بشراً بأي معنى مشروع.

شجب العلماء المجموعة على الفور. لم تكن البيانات محدودة واستنتاجاتها مشكوك فيها فحسب، بل إن شركة تكنولوجيا الخلايا المتقدّمة لم تقدّم البحث العلمي إلى مجلة مقبولة لمراجعته من قبل النظراء حيث يدقّق في صحته من خلال العملية النقدية المعتادة.

بدلاً من ذلك قدّم الباحثون ادّعاءاتهم عن الاستنساخ إلى مجلة إلكترونية، إي بيوميد (e-biomed: The Journal of Regenerative Medicine). وحاجّوا بأن سرعة النشر الإلكتروني ضرورية لهذا المجال المهم والسريع الحركة. غير أن المجتمع العلمي لم يقتنع.

فمن يختار نشر ادّعاءاته العلمية عن طريق مثل هذه القنوات، وفي "نشرات صحفية"، يواجه انتقاد الزملاء لاتباع الطريق "الخاطئة". ولا تحترم النتائج باعتبارها علماً مشروعاً إلا إذا كان يمكن إعادة إنتاجها وصمدت أمام اختبار الزمن.

 

انتُقدت شركة تكنولوجيا الخلايا المتقدّمة لاستغلالها آمال الجمهور ومخاوفه أيضاً. وسواء أكان العلماء في الشركة يعتقدون حقاً أن في وسعهم استنساخ البشر بنجاح في المستقبل القريب، أم يبالغون في ادّعاءاتهم لاجتذاب استثمارات الشركات والدعاية، فإنهم يعملون على الافتراض بأن استنساخ البشر ممكن وأن هناك بعض الظروف على الأقل التي يجب أن يتم فيها ذلك.

وتظهر قصة كيلا دون (Kyla Dunn) عن "استنساخ تريفور" في مجلة (Atlantic Monthly) هذا الجانب من عمل الاستنساخ. فالحالة المؤثّرة لآمال الأسرة وطريقة اصطدامها بادّعاءات شركة تكنولوجيا الخلايا المتقدّمة المبالغ فيها توضح أن تكلفة الخداع وعدم الفهم الكافي للجمهور مرتفعة. وادّعى فريق إيطالي أيضاً أنه استنسخ أجنّة بشرية، مع أننا لم نرَ أي نتائج.

ومن المرجّح أن تظهر ادّعاءات مماثلة أخرى، لأن من ينتج أول إنسان مستنسخ معافى سيحصل على قدر هائل من الاهتمام، مع مزيج من الاستحسان والاستياء. ولن نعرف مقدار صحّة مثل هذه المزاعم إلا إذا ولد طفل أو عندما يولد. ولنأمل أن يكون مثل هذا الطفل معافى، مثل لويز براون، والديه مثل والديها السعيدين والحكيمين.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى