عملية “التصنيف” المعرفية التي يمارسها الأطفال والدراسات المتناولة لمراحلها
1995 مستويات النمو العقلي
الدكتور محمد مصيلحي الأنصاري
KFAS
عملية التصنيف المعرفية التي يمارسها الأطفال العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
وسوف يقتصر تناولنا لهذه البحوث على أهميتها على خمسة فقط من العمليات المعرفية ، هي التصنيف ، التسلسل ، العدد ، الفراغ ، والزمن ، وهي العمليات المعرفية موضوع بحثنا الحالي .
أ- في التصنيف :
طبقاً لأنهيلدر وبياجيه (1964) ، فإن أنشطة التصنيف تنشأ ضمن نشاط التنظيم الذي يمارسه الطفل منذ نعومة أظفاره ، حيث ينظم كل ما تلتقطه حواسه ، وهذا النشاط التنظيمي هو الذي يسمح له مثلاً بأن يميز بين الأشياء التي يستطيع أن يمسكها أو تلك التي لا يستطيع إمساكها .
هذه الفئات الأولية تشير إلى التصنيف دون أن تكون تصنيفاً حقيقياً ، لأنها مجرد تجميعات من خلال العمل (Gruber & Voneche, 1977, P. 359)
ويلخص (Gelman & Bail Largeon, 1983, P. 169) نفس المعنى بقولهما يبدأ التصنيف عندما يجمع الطفل بين شيئين يتشابهان في صفة ما ، لكن قدرته على اكتشاف هذا التشابه ليست كافية للقول بأنه قادر على التصنيف ، إذ يتوقف التصنيف الحقيقي على بناء نظام عقلي نشيط لتكوين الفئات وتضمنياتها".
ومن المعروف أن بياجيه قد إفترض أن نمو هذا النظام التصنيفي يمر عبر مراحل ثلاثة ، هي مراحل التجميعات الشكلية من حوالي سنتين وحتى الخامسة والنصف ، ومرحلة التجميعات اللاشكلية وتستمر حتى حوالي السابعة ، ثم مرحلة التضمين في فئات التي تعتبر معيار التصنيف الحقيقي من وجهة نظر بياجيه ، " إن المحك الحقيقي الذي نستطيع أن نميز به التصنيف الحقيقي هو قدرة الطفل على فهم علاقات "كل"، "بعض" وقدرته على تفسير كون الفئة الفرعية أصغر من الفئة التي تحتويها". (Inhelder & Piaget, 1964, P. 54).
ولقد اتجهت بحوث إعادة التطبيق نحو عدم تاييد مراحل بياجيه الثلاثة – حيث اوضحت نتائج البحوث التي أجريت على أطفال الرياض والسنوات الأولى من المرحلة الابتدائية ، أنه رغم وجود مرحلة التجميعات الشكلية إلا أن الأطفال يفضلون تصنيف الأشياء في خاصتين متبادلتين أكثر من بنائهم للتجميعات الشكلية.
كما أشارت هذه البحوث إلى أن الأطفال ينتقلون من التصنيف المتعدد أو مرحلة التجميعات اللاشكلية إلى التضمين في فئات بشكل ثابت مستقر ، وإن كانت النتائج المختلفة قد اكدت على أن مفهوم التضمين في فئات صعب بدرجة ملفتة للنظر.
حتى أن البعض لا يكتسبه في نهاية المرحلة العمرية التي أشار إليها بياجيه ، بل إن بعض الباحثين قد اشار إلى أن غالبية طلاب المرحلة الثانوية والبعض في الجامعات يفشلون في الختبارات التضمين في فئات . (Brainerd, 1978, P.2010.
وتعتبر بحوث (Vygotsky, 19620، (Bruner Et Al, 1966) من اوائل البحوث الحديثة التي أجريت خارج مدرسة جنيف حول التصنيف ، ورغم إختلاف اسلوب كل من هذه البحوث وما ورد في تقاريرها ، إلا أن هناك تشابهاً مثيراً للاهتمام بينها وبين ما انتهى إليه بياجيه وانهيلدر.
خاصة عندما ركزت هذه البحوث ، على أن الاطفال يمرون في مرحلة اولية يكونون فيها متاثرين بالعلاقة بين العناصر ذاتها ، سواء كان هذا التاثير متمثلاً في الترتيبات المكانية ، أو العلاقات بين فكرتها الأساسية أو خاصية الإحلال فيما بينها ، أو إمكانية الاستفادة منها واستخداماتها.
كما اكدت هذه البحوث على أن الاطفال يمرون في مرحلة وسيطة ، يستطيعون فيها تكوين مجموعات على اساس التشابه فقط ، لكن المحك فيه تردد وانتقال من محك إلى آخر مما يفسد هذه المجموعات ، كلنهم في المرحلة الأخيرة يتقدمون نحو جمع الأشياء في ثبات وشمول مع تنظيم الفئات التي يجمعونها في كليات منطقية ، وقد أكد نفس المعنى (Olver & Hornsby, 1966) وأضافا أن تصنيف الاطفال له جانب خاص بالمعنى وآخر خاص بالتركيب ، وان كلاً من الجانبين يتعرض لتغيرات نمائية (P. 84).
ورغم أن نتائج هذه البحوث ، تؤيد بصفة عامة ما يدعيه بياجيه وإنهيلدر (1964) من عدم قدرة صغرا الاطفال على تصنيف الأشياء في فئات ، وهذا ما أكده أيضاً (Falvell, 1970) في مراجعته للبحوث المنشورة حول الموضوع حتى 1969، إلا أن البحوث الأحدث خاصة مثل :
Sugarman, 1979 Rosch – mervis, Gey, Boyes- Braem & Johnson 1976 Shipley, Kuhin Y Madden 1981, تشير إلى أن صغر الأطفال يمكنهم أن يصنفوا الأشياء إذا قدمت لهم المثيرات الصحيحة.
وتؤكد الدراسة التي قامت بها Rosch etal, 1976 أن الأطفال في عمر 3 سنوات يمكنهم تصنيف الأشياء طبقاً لمحك ثابت ، وبدون بواق ، وبدون تداخل ، الامر الذي يتحدى في وضوح قول بياجيه وإنهيلدر ، (1964) ، وإزاء هذا الجدل المستمر حول التصنيف ومراحله نكتفي بعرض دراستين تتميزان بحداثتهما .
الدراسة الأولى : أجراها (Palacio & Gelinas, 1986) حول آثار المظاهر الشكلية في مقابل المظاهر العملياتية على أداء أطفال الرياض في مهام التصنيف ، وقد أجريت الدراسة على 80 طفلاً تتراوح أعمارهم بين الرابعة والسابعة لبيان عدد مرات نجاح الطفل في أداء عملية التصنيف في ضوء العلاقة بين العمر ومحك التصنيف المتاح.
وكذلك مدى تفضيل الطفل لاي من المحكات في كل عمر من الاعمار ، وقد كشفت النتائج عن أن الاطفال قبل السادسة لم يكونوا قادرين على التصنيف عندما كان المحك يتعلق بمفهوم ، بينما استطاعوا التصنيف عندما كان المحك متعلقاً مباشرة بمدرك صوي .
وتدعم هذه الدراسة وجهة نظر بياجيه فيما يتصل بضعف قدرة الأطفال على التصنيف بناء على مفايهم ، كما توضح ضعف وجهة النظر التي تزعم بأن الاطفال في مرحلة ما قبل العمليات يستطيعون القيام بمثل هذه التصنيفات المفاهيمية .
والدراسة الثانية : أجريتها (Gelman et al, 1986) حول التمييز بين الاستدلال على فئة جديدة من خلال معلومات مقدمة حول صفات معينة والاستدلال على صفات من خلال معلومات مقدمة حول فئة معينة ، تكونت عينة الدراسة من 57 طفلاً من أطفال الروضة بمتوسط عمر اربع سنوات وسبع شهور .
واشارت نتائج الدراسة إلى تدني اداء اطفال على اختبار ثبات المفهوم وكذلك في مهام التصنيف إلى فئات ، لكنهم استدلوا بسهولة على كثير من الصفات على اساس الانتماء إلى فئسة معينة .
وتؤيد الدراسة وجهة نظر بياجيه في أن عملية الاستدلال لا ترجع لمطالب متعلقة بالتذكر وأن الدراسات الخاصة بالاستدلال ينبغي أن تميز بين استخدام الفئة كأساس للاستدلال على الصفة وبين النمو المتأخرة لمهارة تصنيف موضوع معين في فئة ما بناء على معلومات عن أوصافه .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]