الكيمياء

عملية “صهر الحديد” والمراحل الزمنية التي أدت إلى تطور أساليب صهر المعادن

2016 عصر الثورة العلمية

جون كلارك

KFAS

الكيمياء

عرف الإنسان الحديد منذ الأزمان القديمة، كما تُعرف الفترة منذ حوالي عام 0011 ق. م. بالعصر الحديدي في الشرق الأوسط وأوروبا.

لكن الأدوات والأسلحة الحديدية كانت نادرة لا يقتنيها إلا الأثرياء وذلك حتى انتشار أساليب صهر الحديد من خاماته مع اختراع أفران الصهر عالية درجة الحرارة في حوالي عام 007 ميلادي.

حصل قدماء المصريين على الحديد من جمع بقايا الشهب المتناثرة في الصحراء، لكنهم، وبحلول عام ١٣٥٠ ق.م. طوروا طرق لحم الحديد في أتون نار مشتعلة.

وفي حوالي الفترة نفسها بدأ الحتيون في بلاد الأناضول (تركيا حاليا) باستخدام الحديد ومن خلالهم انتشرت صناعة الحديد إلى الهند والصين.

 

كما أن الإغريق استخدموا مسامير لولبية مصنوعة من الحديد لربط الكتل الصخرية مع بعضها في حوالي عام ٤٠٠ ق.م. الصناع الصينيون من جانبهم توصلوا إلى صب تماثيل مصنوعة من حديد ذي درجة انصهار منخفضة.

يرجع تاريخ أتون صهر للحديد، كير كاتالان في إسبانيا، إلى حوالي عام ٧٠٠ ميلادي. كما شيد أتون آخر في منطقة الدول الإسكندنافية بعد حوالي قرن من ذلك.

تعتمد عملية الصهر على مبادئ كيميائية بسيطة، وإن لم تكن معروفة للناس حينها. ويبين الرسم التوضيحي أدناه مبدأ عمل هذه الأفران.

يحفر صناع الحديد حفرة في الأرض يدحون جوانبها ثم يكسونها بأعواد القصب المفحمة – نوع من أنوع الفحم الناعم. وعلى هذه الحفرة تبنى مدخنة قمعية الشكل مصنوعة من الصلصال والخبث (مخلفات عمليات صهر سابقة). يُملأ الفرن، أو «يشحن» ، بمزيج من خام الحديد وأحجار الكلس والفحم النباتي، ثم يشعل المزيج.

 

عند ارتفاع درجة حرارة الفرن يقوم العاملون على الفرن بضح الهواء بواسطة منفاخ الكير لرفع درجة الحرارة إلى درجات عالية. يؤدي تفاعل الهواء مع الفحم النباتي إلى إنتاج غاز أول أكسيد الكربون (CO) الذي يتفاعل بدوره مع خامات الحديد (أكسيد الحديد) لينتج الحديد المعدني.

أما حجر الكلس (كربونات الكالسيوم) فيقتصر دوره على التفاعل مع شوائب أحجار السليكا الموجودة في خامات الحديد. يطفو الخبث فوق صهر الحديد الذي يمكن استخلاصه عبر ثقب في أسفل الفرن.

بحلول القرن الرابع عشر أصبحت إنجلترا الدولة الرئيسية في إنتاج الحديد في أوروبا. واستخدمت الدواليب المائية لتوفير الطاقة للكيرات لتنتج سيلاً متواصلاً من الهواء إلى الأتون، وبلغت القدرة الإنتاجية للفرن الواحد حوالي ٣.٣ طن (ثلاثة أطنان مترية) من الحديد في اليوم الواحد.

هذا الإنتاج الهائل من الحديد احتاج إلى كميات كبيرة جدا من الفحم النباتي المنتج بحرق الأخشاب. ونتيجة لذلك تعرضت غالبية الغابات في بريطانيا للتدمير. توصل مستكشف الحديد الإنجليزي أبراهام داربي (حوالي ١٦٧٨ – ١٧١٧) عام ١٧٠٩ إلى استخدام فحم الكوك (المشتق من الفحم) بدلاً من الفحم النباتي.

 

كما أن مواطناً لداربي هو دود دودلي (١٥٩٩ – ١٦٨٤) ادعى استخدام الفحم (الخام) لرفع درجة حرارة أتون الصهر، لكن هذا الإدعاء يبدو غير محتملٍ نظراً لوجود الكبريت في خامات الفحم والذي يؤدي إلى تدمير الحديد المنتج.

كان لابتكار داربي أثراً دراماتيكياً (هائلا) على إنتاج واستخدامات الحديد المصبوب وصناعة الأواني الحديدية من مثل مقالي وأواني الطبخ وأباريق الشاي التي أصبحت خلال فترة قصيرة من أدوات الطبخ المنزلية الشائعة في جميع البيوت في إنجلترا.

شيد داربي فرنه على ضفاف نهر سفن رفرز بمدينة كولبروكديل. وأضاف ابنه إبراهام داربي الثاني (الابن) (١٧١١ – ٦٣) إلى الفرن آلة بخارية لضخ المياه من النهر لإدارة الكيرات.

 

وفي عام ١٧٦٨ آلت إدارة الفرن إلى حفيده ابراهام داربي الثالث (الحفيد) (١٧٥٠ – ٩١) الذي خلد ذكرى العائلة بتشييده عام ١٧٧٩ جسراً مصنوعاً من قوالب حديدية جاهزة يربط ين ضفتي سفن رفرز في كولبروكديل.

بلغ طول الجسر ٩٨ قدماً (٣٠ مترا) ويرتفع عن سطح الأرض ٣٩ قدما (١٢ مترا). وقد بقي الجسر حتى يومنا الحالي ليصبح جسراً للمشاة بعد إغلاقه أمام حركة السيارات عام ١٩٣٤.

جاء آخر تطوير لأتون صهر المعادن خلال القرن التاسع عشر، حين قام المهندس الإسكتلندي جيمس نيلسون (1792 – 1865) في غلاسكو برفع كفاءة الأتون باستخدام هواء يسخن بإمراره في أنبوب متوهج قبل دخوله الأتون.

تم تسخين الأنبوب في البداية باستخدام الفحم ثم استبدل وقود التسخين فيما بعد بالغاز الفحمي – منتج من مخلفات أفران الطبخ. كما قام المخترع الإنجليزي إدوارد كاوبر (1819 – 93) بتطوير تصميم نيلسون عام 1857 باستبدال الأنبوب المتوهج بفرن يستخدم الغازات الناتجة عن الأتون لتسخين الهواء.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى