غلافا الأرض الجوي والمغناطيسي
2013 أطلس الكون
مور ، السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
غلافا الأرض الجوي والمغناطيسي
إن مشهد الأرض من الفضاء مشهد مدهش كما يخبرنا جميع رواد الفضاء وخاصة الذين شاهدوها من القمر. ورغم أنه- وخلافا للشائع- تستحيل رؤية معالم مثل سور الصين العظيم مثلا إلا أن حدود القارات والبحار تظهر بوضوح كما تظهر سحب في الغلاف الجوي وبعضها يغطي مساحات شاسعة.
وقد استفاد علم الأرصاد كثيرا من طرق البحث الفضائي لأنه يمكننا الآن دراسة المنظومة الجوية كلها بدلا من الاعتماد على تقارير محطات متفرقة. يتكون الغلاف الجوي أساسا من النيتروجين (%78) و الأكسجين (%21) تاركين مساحة قليلة جدا لأي غاز آخر. هناك بعض الأرجون و ثاني أكسيد الكربون و آثار من غازات آخرى كالكريبتون و الزينون بالإضافة إلى كميات متغيرة من بخار الماء.
ينقسم الغلاف الجوي إلى طبقات، أولها هي التروبوسفير أو الغلاف السفلي وتمتد فوق سطح الأرض من 8 كيلومترات (5 أميال( إلى 17 كيلومتر )أكثر من 10 أميال) وأعمق نقطة لها تكون فوق خط الاستواء، وهي الطبقة التي نجد فيها السحب والجو. وتتناقص درجة الحرارة مع تزايد الارتفاع حتى تصل الى 55- درجة، وإن كثافة هذه الطبقة بالطبع منخفضة للغاية.
تأتي طبقة الستراتوسفير أو الغلاف الطبقي مباشرة فوق الغلاف السفلي وتمتد حتى مسافة 50 كيلومتر (30 ميل). ومن المفاجئ أن درجة الحرارة لا تستمر بالانخفاض بل على العكس فهي ترتفع حتى تصل الى 10- عند أعلى الطبقة. ويحدث ذلك بسبب وجود الأوزون، وهو الغاز الذي تتكون جزيئاته من 3 ذرات أكسجين بدلا من ذرتين كما في جزيء الأكسجين. يسخن الأوزون بسبب تعرضه للموجات قصيرة المدى القادمة من الشمس. وعلى أية حال فإن الارتفاع في درجات الحرارة لا يعني ارتفاعا في الحرارة. فعلميا تُعرف درجة الحرارة بالمعدل الذي تتحرك به الذرات والجزيئات، فكلما زادت السرعة زادت درجة الحرارة. بينما في الغلاف الطبقي يوجد عدد قليل جدا من الجزيئات حتى أن “الحرارة “ تكاد لا تذكر. تحمينا طبقة الأوزون من الإشعاعات الضارة القادمة من الفضاء، ولا زال كونها تتأثر سلبيا بنشاطاتنا أمرا مطروحا للنقاش لكننا بالـتأكيد يجب أن نستمر في مراقبة الموقف.
تأتي طبقة الميزوسفير أو الغلاف الأوسط فوق الغلاف الطبقي وبعدها طبقة الثيرموسفير أو الغلاف الحراري، ومعا يكونان الأيونوسفير أو غلاف التشرد الذي يمتد من 50 كيلومتر من سطح الأرض إلى 600 كيلومتر (30 إلى 370 ميل)، وهي الطبقة التي تنعكس عنها بعض موجات الراديو عائدة إلى الأرض، وبذلك تمكننا من القيام بالاتصالات طويلة المدى. وفي غلاف التشرد نجد السحب المتألقة (ليلية السطوع) أو التي يطلق عليها بحارة سماء الصيف، والتي تختلف عن السحب العادية ومن المحتمل أن يسببها تكثف قطيرات الماء ثلجا على الجسيمات النيزكية.
يبلغ معدل ارتفاعها 80 كيلومتر (50 ميل). ويقسم غلاف التشرد كما ذكرنا إلى الغلاف الأوسط (حتى 80 كيلومتر أو 50 ميل)و الغلاف الحراري (حتى 200 كيلومتر أو 125 ميل). وبعد ذلك تأتي طبقة الإكسوسفير أو الغلاف الخارجي والذي ليس له حدود ثابتة بل تقل كثافته حتى تصل إلى كثافة الفضاء بين الكواكب ثم تأتي الجيوكورونا أو الهالة الأرضية وهي هالة من غاز الهيدروجين تمتد حتى مسافة 95,000 كيلومتر (60,000 كيلومتر) تقريبا.
الأورورا أو الشفق القطبي (أورورا بورياليس – الشمالية في نصف الكرة الشمالي و أورورا أستراليس في النصف الجنوبي) توجد أيضا في غلاف التشرد، وتكون الحدود عادة من 100 إلى 700 كيلومتر (60 إلى 440 ميل) رغم أن هذه الحدود قد يتم تجاوزها أحيانا. ترى ظواهر الشفق القطبي في صور مختلفة، فقد ترى في صورة وهج، أو أشعة، أو أشرطة، أو أقمشة أو ستائر أو حتى بقع ملتهبة. وهي تتغير بشكل سريع و يمكن أن تكون شديدة السطوع، وتسببها الجزيئات المكهربة القادمة من الفضاء – غالبا من الشمس – والتي تصطدم بالذرات والجزيئات في طبقات الجو العليا وتسبب توهجها. و لأن الجزيئات مشحونة كهربيا فإنها تميل إلى أن تتساقط متجمعة باتجاه القطبين المغناطيسيين للأرض، لذلك فإن أفضل مكان ترى منه الشفق القطبي هو عند خطوط العرض العالية، وتشاهد بكثرة في أماكن مثل آلاسكا، شمال النرويج، شمال اسكتلندا و أنتاركتيكا بينما تكون أندر عند خطوط عرض أقل كجنوب انجلترا. ولكن تلك المشاهد الساطعة تظهر من فترة إلى أخرى كأعوام 1989، 2001 و 2003. أما عند خط الاستواء فهي نادرا ما ترى. يعتبر نشاط الشفق القطبي ثابتا تقريبا عند ما يطلق عليه بيضاويات الشفق القطبي وهي دوائر متمركزة بشكل غير متناظر حول القطبين المغناطيسيين. وعندما تحدث اضطرابات عنيفة في الشمس منتجة جزيئات ذات سرعة عالية فإن هذه الدوائر تتسع وتزداد في الحجم مسببة مشاهد أبعد عن المناطق الرئيسية. عرفت ظاهرة الشفق القطبي منذ قرون عديدة، وقد أرسل الامبراطور الروماني تيبريوس الذي حكم من عام 14 إلى 37 عربات إطفاء إلى ميناء أوستيا لأن رؤيته للشفق القطبي الأحمر الساطع جعلته يظن أن البلدة بأكملها يحترق.
لدى الأرض مجال مغناطيسي قوي، وتسمى المنطقة التي يسيطر عليها هذا المجال بالماجنيتوسفير أو الغلاف المغنطيسي، وهو يشبه الدمعة حيث يشير ذيله بعيدا عن الشمس. وعلى جانب الأرض المواجه للشمس يمتد الغلاف حتى 65,000 كيلومتر (40,000 ميل)، لكنه يمتد أكثر بكثير على الجانب الأيمن.
داخل الغلاف المغنطيسي توجد منطقتا إشعاع عال، وقد اكتشفهما أول قمر صناعي أمريكي ناجح (اكسبلورر 1) عام 1958 و تسميان بمنطقتي فان ألن نسبة إلى العالم الذي صمم المعدات. هناك منطقتان رئيسيتان أولاهما حدها الأدنى يقع عند 8000 كيلومتر (500 ميل) تقريبا، أما الأخرى فتصل إلى 37,000 كيلومتر أو 23,000 ميل. ينخفض الحزام الداخلي المكون أساسا من البروتونات متجها إلى سطح الأرض فوق جنوب المحيط الأطلسي لأن حقل الأرض المغناطيسي يبتعد قليلا عن محور دوران الأرض. وظاهرة “شذوذ جنوب الاطلسي” هذه تمثل خطرا يحدق بالمعدات شديدة الحساسية التي تحملها الأقمار الصناعية.
لا يمكننا أن نقول أننا نفهم مجال الأرض المغناطيسي تماما وهناك أدلة على انعكاسات دورية وتغيرات في الشدة، لكننا على الأقل متأكدون من أن المجال سببه تيارات في اللب السائل الغني بالحديد. ويجدر الذكر أن القمر و كوكب الزهرة لا مجال مغناطيسي لهما، أما المريخ فمجاله المغناطيسي شديد الضعف، ومجال عطارد أقوى مما كان متوقعا. وتعتبر الأرض مختلفة عن الكواكب الداخلية الأخرى من ناحية مغناطيسيتها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]