فاعلية استخدام أساليب العلاج الادراكي الذهني على الأمراض النفسية المختلفة
1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان
الدكتور يوسف يعقوب السلطان
KFAS
هناك كتابات كثيرة حول الآثار الجانبية الظاهرة للعلاج بمهدئات الأعصاب مضادات الذهان على مدى طويل وبخاصة الخلل الحركي المتاخر Tardive Dys-kinesia، وهو أحد اربع متلازمات خارج الهرمية.
والثلاثة الاخرى تحدث بصورة اقل تكرارا وهي:
(1) خلل حركي يسمى داء باركنسون الكاذب Par-kinsonism ويوصف ويسمى أحيانا متلازمة قلة النشاط أو ضعف الحركة Hypokinetic syndrome.
(2) التفاعلات مختلة التوتر الحادة acute dystonic reactions التي تكثر في الذكور في سن الشباب.
(3) واللاجلوسية أو قلق القعود Akathesia (ساكديف Sachdev ولونرجان Lonergan، 1991)
ولا يعرف مدى الانتشار الفعلي لهذه المتلازمات على المستوى العام للسكان نظرا لأن الأطباء المعالجين سرعان ما يشخصون الاضطرابات الحركية على أنها هيستيرية. كما أن إنشاء عيادات بحثية متخصصة لاكتشاف مثل هذه الاختلالات بدأت متأخرة.
ومن المهم أن نذكر هنا إمكانية حدوث الخلل الحركي تلقائيا دون استخدام العقار، وأن حدوثه التقائي عند المرضى بالذهان الذين لا يعالجون بالعقاقير المهدئة للأعصاب والمضادة للذهان ما زال غير مؤكد.
هذا ولم يبدأ تسجيل حالات الخلل الحركي المتأخر الذي ثبت أن كثيرا من حالاته لا تنعكس أو تعود إلى الحالة الطبيعية على مستوى العالم إلا في أوائل الستينيات 1960.
وعلى الرغم من عدم وجود معلومات قاطعة عن ذلك فقد أصدرت محاكم الولايات المتحدة أحكاما ضد الأطباء والمستشفيات ومصنعي العقار لصالح المرضى الذين يعانون من هذا الخلل، وكان الادعاء الذي بني عليه التقاضي هو الزعم بأنهم لم يحصلوا على موافقة المرضى أو أقاربهم على استخدام العقار، وكذلك الزعم بالإهمال أو الممارسة الخاطئة.
ومن بين الاتهامات العديدة في هذا الشأن: عدم إخطار الأسرة، وعدم إمكان تبرير استخدام عقاقير مضادة للذهان واستخدام عقاقير متعددة في وقت واحد، وعدم إيقاف استخدام العقار عند حدوث الخلل الحركي، واستخدام العقاقير المضادة للذهان لضبط سلوك المريض حفاظا على مصلحة إدارة المستشفى، إغفال المصنعين وضع التحذيرات الكافية على العبوات الدوائية.
وفي هذه الحالات، مثلها مثل غيرها من الحالات التي يكون فيها التركيز على حقوق الإنسان فيما يتعلق بتقينات الطب البيولوجية، نجد أن المعلومات المتطورة عن العقاقير وآثارها الجانبية المحتملة تجعل من تقرير الإهمال الطبي مشكلة في حد ذاته.
وعلى ذلك فهناك أدلة متزايدة عن أن عددا معينا من مرضى الفصام يحدث لهم الخلل الحركي في حالات لا يستخدم فيها العقار.
ومن ملاحظات إميل كرييبلين Emil Kraepelin المنسية ما كتبه عام 1920 عن أن ظهور حركات الارتعاش الغريبة في الفم شبيهة بما يحدث في حالات الكوريا أو الرقص السنجي وغيرها من علامات الخلل الحركي في عدد غير قليل من المرضى شخصت حالتهم بأنها خبل المراهقة أو العته المبكر De-mentia praecox حسب تسميات أو مصطلحات ذلك الوقت.
وتدل الأبحاث المعاصرة على أنه بينما توجد دلائل على وجود هذا الخلل الحركي في الأطفال، فالأرجح انه يزداد مع مرور العمر سواء مع استخدام العقاقير أو بدونها. وهذا أيضا يعني أن هناك عوامل مسببة للمرض خلاف العقاقير المضادة للذهان أو تعمل مرتبطة بها.
وهناك نوع آخر من التساؤلات حول الحقوق يتعلق بازدياد توجه الاطباء النفسيين توجها بيولوجيا ودوائيا.
فقد لاحظ ستون Stone (1984) أنه حينما تدعو المحاكم حق الفرد المصاب بالذهان في رفض العلاج الذي يصفه له طبيب نفساني بيولوجي كفء، يثور التساؤل عما إذا كان هناك علاج بديل ممكن وصفه (ص 1385).
ويبدي ستون دهشته عما إذا كان من الأمور الأخلاقية أن يواصل الطبيب النفسي التمسك بمسئوليته المهنية عن المريض، الذي يخضع علاجه لقيود قانونية، لا يلبي الحد الادنى من الرعاية (ص 1386).
وبمنظور اليونسكو والجمعية الدولية للعلوم الاجتماعية ISSC-UNESCO (1985) الذي يقضي بان اتاحة العلاج المناسب يعتبر من الحقوق، فإن الطبيب النفسي في هذا الوضع يعتبر منتهكا لحقوق الإنسان.
ومن جهة أخرى يتضح جليا أن آراء الطبيب النفسي البيولوجي، رغم كونها مناسبة، فربما تصبح في ضوء التغيرات في المعارف العلمية الطبية قابلة للجدل من جانب أطباء آخرين من نفس المستوى.
بمعنى أن تحديد الحد الأدنى لمستوى الرعاية، سوف يظل غير مؤكد علميا. هذا وقد أثير التساؤل العكسي عما إذا كان المريض الذي يعالج بمعرفة طبيب نفسي بيولوجي بالعقاقير قد حرم من أسباب علاج نفسي أكثر فعالية من العقاقير.
هناك أدلة تزداد قوة على أن العلاج بأساليب العلاج النفسي وحدها أو مصاحبة للعلاج بالعقاقير أكثر فاعلية من العلاج بالعقاقير وحدها.
فعلى سبيل المثال هناك تقارير تثبت أن العلاج الإدراكي الذهني او المعرفي دون استخدام العقاقير (بما لها من آثار عكسية) كان فعالا في حالات المرضى الذين شخصوا بأنهم مصابون باضطرابات الهلع والذعر.
كما أن المرضى المصابين بالاكتئاب أو اضطراب الشخصية قد عُولجوا بهذه الطريقة ولكنهم احتاجوا إلى فترة أطول من العلاج للتخلص من الأعراض (سوكول وآخرون Sokol et al 1989).
ويحقق العلاج السلوكي الإدراكي الذهني أو المعرفي، دون أن يكون مصحوبا بعقاقير تحسنا كبيرا، ليس فقط في أعراض الذعر، ولكن أيضا فيما يتصل بالتجنب أو الامتناع الرهابي أو الرهبوي وحالات القلق العام (شير وآخرون Shear et al، 1991) وقد تكرر ذلك مع الأطباء الذين يفضلون العقاقير النفسية المدربين على أيدي أخصائيين في السلوكيات النفسية (ويلكوويتز وآخرون Welkowitz et al 1991).
وهناك أيضا دليل جديد على أن العلاج النفسي الموجه للعلاقات بين الأشخاص أكثر فعالية في علاج حالات الاكتئاب غير الذهاني من العلاج بالعقاقير أو بالجمع بين العقاقير والعلاج النفسي (ويكسلر Wexler وشيشيتي Cicchetti، 1992).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]