البيولوجيا وعلوم الحياة

قانون “العلم السليم”

2013 لمن الرأي في الحياة؟

جين ماينشين

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

البيولوجيا وعلوم الحياة

قاوم معظم العلماء تقدّم الصفوف في النقاشات بشأن التعريفات أو العواقب التي لا تعتبر ذات أهمية مركزية للعلم. ونتيجة لذلك سمحوا للجمهور بتحديد الشروط المركزية للنقاش وإطاره.

وكما أبلغ منتج تلفزيوني لي سيلفر في مرحلة خلال النقاشات العامة بشأن الاستنساخ: "النسائل ليست كما تعتقد". اعترض سيلفر في البداية، لكنه خلص بعد ذلك إلى أن "العلم والعلماء سيكونون في وضع أفضل باختيار كلمات أخرى لتفسير التقدّم الحاصل في التكنولوجيا الحيوية التطوّرية للجمهور".

نعم على العلماء اختيار مصطلحات ذات مغزى علمي، لكن ليس عليهم تجنّب استخدام اللغة "الحقيقية" التي يستخدمها العلماء أنفسهم. وعليهم بدلاً من ذلك أن يعملوا لتوفير تعريفات واضحة ويكونوا مستعدّين لتقديم المعلومات للنقاش العام. عليهم القيام بذلك فردياً، وعلى المجتمع العلمي أن يعمل جماعياً، مثلما فعلت ساينس سيرفيس وداعموها في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين، للاستمرار في إمداد النقاشات بالمعلومات.

على العلماء ألا ينعزلوا في المختبرات ويتركوا التفسير بأكمله للجمهور، فيكون عندئذ محكوماً بإصدار قرارات من دون معلومات، وألا يدّعوا لأنفسهم فقط الحقّ في اتخاذ كل هذه القرارات. بدلاً من ذلك، نحتاج إلى العلماء والمجتمع للمساعدة في تفسير العلم وآثاره للجمهور.

على العلماء أن يجلسوا إلى الطاولة معاً للتداول في القرارات بشأن كيفية دعم الأبحاث العلمية وتطبيقاتها، ومتى، وفي أي الظروف وما هي غايات ذلك. ومن دون منظورات العلماء القائمة على المعلومات، فإننا نخاطر بصنع سياسات سيّئة، من دون أن ندرك في بعض الحالات أننا نقوم بذلك لأننا اعتقدنا أننا نتحدّث عن شيء آخر.

بيد أن عليهم ألا يذهبوا بعيداً جداً أيضاً. وقد أقرّ ريتشارد ليونتين أن ذلك يشكّل توازناً دقيقاً. "لقد أولي اهتمام قليل جداً للضرر الشديد الذي أحدثه انتشار المنظّرين الأيديولوجيين الزائفين والاستعارات الزائفة التي يستخدمها العلماء.

فما يقوله العلماء عن العالم مساوٍ في الأهمية على الأقل من الناحية الأخلاقية ووجهة النظر السياسية للحالة الطبيعية الفعلية".

 

يوافق روبرت أ. وينبرغ (Robert A. Weinberg) ، الفائز بالميدالية الوطنية للعلوم في سنة 1997، على ذلك. ويرى أن ليس للعلماء أحقّية خاصة للتقرير في القضايا الأخلاقية بأنفسهم أكثر من الرجل أو المرأة المطلعين في الشارع أو أكثر من "سناتور من كنساس أو كاردينال في كولونيا".

كما أن على العلماء توخّي الانتباه إلى عدم المبالغة في التبسيط لأنهم يفترضون أن الجمهور لا يستطيع الفهم. فقد أوقع اختصاصي بيولوجي أسترالي نفسه في مشكلة عندما خلط الخلايا الجذعية الجنينية والخلايا المنتشة الجنينية معاً في شرح العلم أمام البرلمان.

وقد لاحظ بعد ذلك مع بعض الندم: "لم تفسّر الخلايا المنتشة الجنينية لهؤلاء البرلمانيين من قبل، لذا بسّطت الأمر وسمّيتها خلايا جذعية جنينية". وأقرّ أن "ذلك غير صحيح البتة، لكنها جنينية وخلايا جذعية ولا يمكنك التمييز بينها". مع ذلك اعترف بأنه ارتكب خطأ وحضّ العلماء الآخرين على التشاور مع مؤسسات مهنية إذا كانوا سيدلون بشهادات أو يتحدّثون أمام جمهور واسع.

على الرغم من العديد من الجهود لإيضاح أن النسخ الوراثي لا يعني أن الخلايا أو الأنسجة أو الكائنات الحية الناتجة ستكون نسخاً مطابقة للأصل، فإن الفهم الشعبي لا يزال يعتبرها كذلك. وكما أشار سيلفر، أفلت الاستنساخ من اختصاصيي البيولوجيا لأن "دولي" والاضطراب اللاحق اتخذ معناه الشعبي الخاص. ولا يعني ذلك أن على اختصاصيي البيولوجيا التخلّي عن الاستنساخ للصحافة الشعبية من دون أن يحاولوا إيصال معرفتهم وتجربتهم.

إن دعوة العلماء للمشاركة في النقاش الشعبي بشأن العلم، باعتبارهم خبراء لا صانعي القرار النهائيين، قد يلائم الافتراضات بشأن الكابيتول هيل أو لدى الذراع التنظيمية للحكومة أو لا يلائمها. ومن المثير للاهتمام أن الحركة المحافظة لوضع "تعاقُد مع أميركا" في الكونغرس، بقيادة عضو الكونغرس نيوت غنغريتش (Newt Gingrich) ، اظهرت حماسة للعلم إلى جانب عدم الثقة بالخبراء.

 

وأدّى ذلك إلى توتّر في الكونغرس تبدّى بطرق شتى. مع صعود غنغريتش إلى السلطة، أصبح ذا نفوذ كبير لدى قيادة الغالبية الجمهورية. وعندما كان غنغريتش يسخر من فكرة لا تعجبه، فإنه يدعو ما يعتبره "العلم السليم" إلى تسوية المسألة.

وبدءاً ببعض الحالات، بلغ عدد مشاريع القوانين المقدّمة التي تحتوي على عبارة "العلم السليم" في عنوانها واحداً وعشرين مشروع قانون بحلول الكونغرس الخامس بعد المئة، وارتفع العدد إلى ثمانية وعشرين في الكونغرس السادس بعد المئة، وثمانية وثلاثين في الكونغرس السابع بعد المئة. ماذا يعني ذلك؟

غالباً ما يعني "العلم السليم" للسياسيين "العلم الذي يدعم تفسيري الخاص ويؤدي إلى الخلاصات التي أريد". في بعض الأحيان أدى التشديد الصريح على العلم السليم إلى المطالبة بأن يعرض الخبراء العلميون الحقائق فحسب من دون تفسيرات أو "خيالات" مستندة إلى البيانات العلمية ولكن من دون أن تتجاوزها.

ولا تزال هذه النقطة تتردّد في جلسات استماع الكونغرس ونقاشات الاحترار العالمي، على سبيل المثال، كما ظهرت في النقاشات بشأن الاستنساخ وبحوث الخلايا الجذعية. يتساءل أعضاء الكونغرس، ما هو العلم؟ وعندما لا يوافق العلماء، ما هو "العلم السليم" وكيف نحدّده؟ ماذا نفعل عندما يتغيّر العلم مع الزمن كما هو محتوم؟ من هم الخبراء الذين سيشهدون على المعرفة؟

استدعي بروس ألبرتس، باعتباره رئيساً لأكاديمية العلوم الوطنية، للشهادة في مناسبات عديدة. وفي إحدى المرات، عندما كان يناقش التطوّر وتعليم العلوم، قدّم شرحاً واضحاً ومؤثّراً جاء فيه أن العلم الجيد والعلم السليم يتوقّف على تأكيد الادّعاءات العلمية وقبولها من قبل المجتمع العلمي الواسع. نعم، ربما تجد قلة من بين 10,000 عالم يقولون "ليس ص" في حين يقول الآخرون جميعاً "ص"، وليس من العقلاني ولا العلم الجيد القول إن علينا أن نجد توازناً بين الموقفين.

 

في مثل هذه الحالة، يكون "ليس ص" موقفاً غير عقلاني – الآن، وبناء على الأدلة العلمية المتوافرة، لكن ذلك يمكن أن يتغيّر في المستقبل، وربما تغيّر في الماضي. وخلص ألبرتس على نحو حاسم إلى أن التطوّر علم جيد ويجب أن يدرّس في المدارس.

ربما قال إنه يجب علينا ألا نفترض أي نوع من الحتمية الوراثية، لكن يجب أن نعترف بأن الكائنات الحية تتطوّر من خلال عملية معقّدة تبدأ بالجينات. ويعني ذلك أن الاستنساخ لن يكون نسخاً للبشر أو الخراف. لكن هذه الحقيقة العلمية لا تقول شيئاً عن كيفية استخدام العلم، أو هل علينا التقدّم لاستنساخ البشر. تلك مسألة أخرى تماماً، مسألة تتطلّب خبرة إضافية إلى جانب خبرة العلماء. وكما قال داعية التطوّر الرئيسي والمتحمّس لعلم الوراثة ريتشارد دوكنز، "لا يمكن أن يقول لنا العلم والمنطق ما الصواب وما الخطأ".

لكن من هم الخبراء الذين يمكن أن يقدّموا لنا النصح في القضايا المعقّدة التي تبرز عند الحدود المتداخلة بين العلوم البيولوجية والمجتمع؟ هل اختصاصيو البيولوجيا هم الخبراء الملائمون؟ هل هم الأشخاص الذين يجب أن يبلغوننا بالحقيقة "الخالصة" و"الموضوعية" عما هو صالح وما هو رديء، وعما يجب أن نفعل؟

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى