كيفية تصنيع مشروب الخمر وآثاره السلبية على الإنسان
1998 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء التاسع
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مشروب الخمر الآثار السلبية لمشروب الخمر كيفية تصنيع مشروب الخمر العلوم الإنسانية والإجتماعية الطب
الخمور مشـروبات تحتوي نسبا متفاوتة من الكحول، وهو العنصـر الفعال فيها. ويشيع بين بعض الناس أن من يسكر بالخمر يشعر بالبهجة والجرأة والنشاط.
ولكن الحقيقة هي أن الخمر تخدر المراكز العليا في قشـرة الدماغ، فتفقد سيطرتها على أقوال السكران وأفعاله، أي أن السكران يفقد عقله.
والعقل هو النعمة الكبرى التي ميز الله بها الإنسان على الحيوان فإذا فقده فقد كرامته وأصبح حيوانا.
فالسكران يفقد حسن تقديره للأمور، وتنطلق غرائزه لا يحكمها عقل أو حياء، فيأتي كل رذيلة، ولا يستنكف من أي عمل مشين.
وقد يتحول إلى مجرم: يضـرب، ويحطم، ويقتل. ولهذا وصفت الخمر بأنها "أم الكبائر"، أي إنها سبب الخطايا والآثام الكبرى. وقد سميت "الخمر" خمرا لأنها "تخمر" العقل، أي تغطيه وتحجبه.
في حين أن "العقل" سمي عقلا لأنه يعقل – أي يقيد – غرائز الإنسان وشهواته، ويحكم أفعاله وأقواله.
وتخدر الخمر "المخيخ" أيضا فيفقد السكران توازنه الحركي وضبط نطقه للكلام، فيترنح ويتلعثم، وقد يسقط على الأرض، فيتمرغ في الوحل والأقذار.
كذلك يتخدر "التكوين الشبكي" في جذع الدماغ فيفقد السكران تيقظه وانتباهه، وقد يغلبه النعاس وهو ملقى على قارعة الطريق. كذلك تتهيج مراكز القيء عنده، فيقيء السكران على ملابسه.
وإذا كان السكر شديدا، قد تتعطل مراكز نبض القلب والتنفس في جذع الدماغ، فيموت المخمور، وهو في هذه الحالة المزرية. أما إذا أفاق فإنه يشعر بصداع عنيف وعطش وإجهاد، وتنتابه مشاعر الاكتئاب والندم وتأنيب الضمير.
والسكير المدمن، تضمر خلاياه العصبية وتتحلل مع الزمن، ويصاب بفقد الذاكرة والقدرة على التركيز، وعدم ضبط التبول والتبرز، وانهيار شخصيته كلها، وقد ينتهي به الحال إلى الجنون أو الانتحار.
وقد أثبتت بعض الإحصاءات في البلاد الغربية أن نحو نصف جرائم القتل، وثلث حالات الانتحار، يرتبط ارتباطا مباشرا بشرب الخمر.
هذا فضلا على أن معظم حوادث السيارات يرتكبها سائقون مخمورون.
كذلك تتلف كبد السكير في محاولاتها المتكررة اليائسة لمعالجة الآثار السامة للكحول، فيصاب بالفشل الكبدي المؤدي إلى الموت، وهكذا تنتهي حياة السكير التعيسة المهينة إما إلى السجن، وإما إلى مصح الأمراض العقلية، وإما إلى القبر.
ولكن مصائب الخمر لا تقف عند شاربها، فالأم الحامل إذا شربت الخمر، يصاب جنينها بتشوهات جسدية متعددة، ويتأخر نموه الجسمي والعقلي تأخرا يلازمه بعد ولادته.
وكذلك إهمال الأب السكير لعائلته، وإنفاق ماله على الخمر، يؤدي إلى تفكك الأسرة، وشقاء الأولاد وتعاستهم وفسادهم، والفقر والاستدانة، والذل، والسـرقة وغيرها من الجرائم.
ومدمن الخمر غير محبوب من المحيطين به، إذ إن ما يثيره من مشاكل، وما يتفوه به من ألفاظ، يفسد العلاقات بينه وبين الناس، ويوجد العداوة والبغضاء بينه وبينهم.
وقبل هذا كله، تصـرف الخمر شاربها عن عبادة الله، فيصبح غير واع لما يقول، غير قادر على إقامة الصلاة، وغير ملتفت إلى ذكر الله.
والعجيب أن الخمر من المفاسد القديمة منذ الحضارات الإنسانية الأولى. فقد عرفها المصـريون القدماء، وانتشـرت أيام حضارة الإغريق والرومان، حتى إن الإغريق أطلقوا على إيطاليا اسم "أرض الخمر".
وكان العرب في جاهليتهم قبل الإسلام معتادين شربها، ولذلك شاءت حكمة الله، سبحانه وتعالى، أن يحرمها عليهم تحريما متدرجا في خطوات.
ففي أول الأمر أرشد الله المؤمنين إلى أن الخمر قد يكون فيها بعض الفائدة، كالتجارة والمتعة واللهو، إلا أن لها أضرارا بالغة. والعاقل لا يفعل شيئا ضرره أكثر من نفعه.
وفي ذلك يقول الله، عز من قائل: (
وفي مرحلة لاحقة أمر الله المسلمين ألا يصلوا إلا إذا كانوا في كامل عقلهم ليتدبروا آيات القرآن في صلاتهم، فقال: (
وبعد فترة قليلة نزل تحريم شرب الخمر في جميع الأحوال. فقال تعالى: (
وهنا قال المسلمون الصادقون: بلى يا ربنا قد انتهينا؛ وسكبوا كل ما كان عندهم من خمر في الطرقات.
وتتفاوت نسبة الكحول في أنواع الخمور المختلفة بين أقل من 4% إلى أكثر من 50% وهنا يأتي بعض المضللين، ويقولون إن المشـروبات التي فيها نسبة قليلة من الكحول، كالشـراب الذي يسمونه "الجعة" أو "البيرة"، لا يسكر من يشرب منها مقادير غير كبيرة.
ولذلك هي ليست حراما، ولكن شريعتنا الحكيمة تقتلع الشـر من جذوره فتقرر أن ما أسكر كثيره فقليله حرام، ومعنى هذا أن أي مقدار من الشـراب يحتوي أي نسبة من الكحول حرام.
ومثل هذا ما يقوله المضللون من أن شرب شيء من الخمر في بعض المناسبات قد يسكر قليلا، ولكنه لا يؤدي إلى النتائج الوخيمة التي ذكرناها. والجواب هنا هو ما سبق أن قررناه، وهو أن ما أسكر كثيره فقليله حرام.
فهنا حكمة بالغة، إذ إن تناول الخمر في مناسبات، يغلب أن يؤدي إلى الإدمان، والتخلص من الإدمان أمر بالغ الصعوبة، ويسبب للمدمن معاناة قاسية، فتجنب شرب الخمر من البداية هو الذي يجنبنا الانزلاق إلى المهالك. وقد فرضت الشـريعة عقوبة رادعة للعاصين الذين يثبت عليهم شرب الخمر، وهي جلدهم ثمانين جلدة.
ومع ذلك فشـريعة الإسلام السمحة تغفر للمسلم شربه الخمر في حالات ثلاث: إذا أشرف على الهلاك من العطش، أو انحشـر الطعام في حلقه، ولم يجد ما يشربه إلا الخمر؛ أو إذا اضطر إلى شربها تحت تهديد بقتله إن هو امتنع.
وتصنع الخمر بفعل الكائنات الدقيقة في المحاليل السكرية والنشوية التي تتخذ من العنب والتمر وغيرهما من أنواع الفاكهة، ومن القمح والشعير ونحوهما من الحبوب، ومن الأزهار.
وفي هذه العملية، التي تسمى عملية "التخمر الكحولي"، يتحول سكر الجلوكوز (سكر العنب) إلى كحول إيثيلي وثاني أكسيد الكربون.
وصناع الخمور يوقفون عملية التخمر قبل تحول السكر كله حتى تظل محتفظة ببعض الحلاوة. كذلك يضيفون إليها مواد مختلفة لإكسابها لونا أو نكهة أو رائحة معينة. والخمر المحفوظة إذا تسرب إليها الهواء تأكسد ما فيها من كحول إلى حمض الخليك
وينبغي علينا أن نعرف أن الكائنات الدقيقة، من أنواع الخميرة والفطر والبكتيريا، منتشـرة في الجو. وهذه الكائنات تكون عالقة عادة بقشور حبات العنب، ولكنها لا تصل إلى ما في داخل الحبة من عصير. أما إذا هرس العنب أو عصـر، شرعت الكائنات في تخمير العصير بصورة طبيعية.
ولذلك ينبغي علينا أن نشـرب عصير العنب طازجا بعد العصـر مباشرة، أو بعد حفظه زمنا غير طويل في الثلاجة (البراد).
أما عصير العنب الذي يباع معبأ في زجاجات أو علب ورقية، فيضاف إليه مواد حافظة تمنع الكائنات الـدقيقة من تخميره.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]