مبدأ عمل “شبكة الانعراج”
1997 عجائب الضوء والمادة تجريباً وتأويلاً
KFAS
سنضع الآن على المحك مفهوم انعكاس يحدث على كل سطح المرآة، وذلك بالتجربة التالية.
نبدأ بحذف ثلاثة أرباع المرآة ولا نحتفظ إلا بربعها الأيسر ، فيبقى لدينا مرآة ذات مساحة لا بأس بها، والفرق الوحيد هو أن هذه المرآة ليست ((في المكان المناسب)).
كانت الأسهم المتعلقة بالقسم الأيسر من المرآة ، في التجربة ، ذات اتجاهات متخالفة كثيراً فيما بينها بسبب الفروق الكبيرة بين شتى الأزمنة اللازمة للسير على الطرق المارة بهذا القسم الأيسر ( شكل 24 ) ، حتى ولو كانت هذه الطرق متجاورة.
عليَّ هنا أن أجري حساباً أكثر دقة . ولأجل ذلك أُقسِّم هذا الجزء الأيسر من المرآة إلى مناطق أصغر بكثير، وبذلك يصبح الفرق بين زمني طريقين متجاورين أصغر بكثير مما كان (شكل 25) .
ندرك عندئذ بسهولة أننا نحصل على أسهم يتجه، إجماليا ، بعضها نحو اليسار وبعضها الآخر نحو اليمين، ولدى جمع هذه الأسهم كلها بالطريقة المعهودة نحصل على مضلع يشبه الدائرة، أي أننا إذا قمنا بجولة على متوالية هذه الأسهم نجد أننا ندور، بكل بساطة، في حلقة مفرغة، دون تقدم.
لكن لنفترض الآن أننا حككنا بعناية السطوح العاكسة للمناطق التي أعطت الأسهم المائلة إجماليا نحو اليسار مثلا. لن يبقى عندئذ لدينا سوى الأسهم المتجهة إجمالياً نحو اليمين ( شكل 26 ) .
وإذا جمعنا هذه الأسهم كلها نحصل على شكل هندسي ذي سلسلة من المنخفضات ، وبالتالي على سهم حصيلة ذي طول غير معدوم.
وتقول النظرية أننا لا بد أن نحصل عندئذ على انعكاس شديد، والمرآة المصنوعة بهذا الشكل هي ما يسمى شبكة انعراج ( وهي تعمل عل ما يـُرام ).
أليست هذه الشبكة مرآة سحرية ؟ لقد انطلقتُ من مرآة موضوعة في ظروف انعكاس معدوم ، حككتُ مناطق من سطحها فأصبحت عاكسة تماما!
لكن شبكة الانعراج التي أتيت على صنعها لا تعمل هكذا إلا بالضوء الأحمر.
فإذا أردت الحصول على الشيء نفسه بضوء أزرق، يجب عليِّ أن اصنع شبكة أخرى تكون المسافات بين مناطقها المحكوكة أقصر. وذلك، كما ذكرت في محاضرتي الأولى، لأن عقرب مزمان الفوتونات الزرقاء يدور بأسرع من عقرب مزمان الفوتونات الحمراء .
فلا بد إذن من أن تكون أماكن المناطق المحكوكة ، التي تحسب من أجل الأزرق ، منزاحة بالنسبة للمناطق التي حُسبت من أجل الأحمر.
وفي الأجزاء العاكسة الباقية لا تكون الأسهم ((الزرقاء)) كلها من اتجاه واحد، فالشبكة التي تصلح تماماً للأحمر لا تعمل جيداً في حال الأزرق.
ومع ذلك يمكن أن نجعل الشبكة المصنوعة للأحمر تعمل أيضاً في حال استخدام ضوء أزرق، وذلك شرط أن نضع الكاشف وفق زاوية مختلفة عن زاوية الأحمر، وهذا ناجم عن مصادفة سعيدة ذات علاقة بهندسة المسألة ( شكل 27).
لنتخيل الآن أننا أسقطنا ضوءاً أبيض على شبكة انعراج . عندئذ يرتد الأحمر باتجاه ما ، والبرتقالي باتجاه مختلف قليلا ، وهكذا يلي الأًصفر فالأخضر فالأزرق ، وباختصار كل ألوان قوس قزح .
وبصورة عامة يكون من شأن كل سطح حفرنا فيه خطوطاً متوازية متراصة جداً أن يولِّد شتى الألوان عندما يضاء بضوء أبيض ويُمال ميلاً مناسباً : ونرى هذه الظاهرة بسهولة على قرص ((الأسطوانة)) الموسيقية. وربما كنتم قد صادفتم هذا النوع من الظواهر على هياكل السيارات وهي تمر بكم، ففي أثناء حركتها تلاحظون ألواناً لماعة جداً تتوإلى من الأحمر إلى الأزرق .
فها أنتم الآن تعرفون كيف تنشأ هذه الألوان: الواقع أنكم ترون شبكة تتشكل من خدوش في الدهان ناعمة مفصولة فيما بينها بمسافات تناسب الأوضاع المتوالية لأعينكم (وهي الكاشف) وللشمس (وهي المنبع الأبيض).
أستطيع أيضاً أن أشرح لكم كيف تعمل الليزرات Lasers والهولوغرامات Holograms (أجهزة تشكل للأشياء خيالات مجسمة واقفة في الفضاء) ، لكنني أعتقد أن الجميع هنا لم يشاهدوا هولوغراماً قط.
وعليَّ، من جهة أخرى أن أتحدث عن ظواهر كثيرة جداً ، ولا بد من اختيار الأهم مما يتسع له الوقت.
إن وجود شبكات الإنعراج يُثبت إذن أننا لا نستطيع تجاهل الأجزاء التي تبدو غير عاكسة ، فنحن قد برهنا ، بفضل تعديلات طفيفة مناسبة على سطح المرآة ، على أن الانعكاسات عن هذه الأجزاء حقيقية بالفعل وأنها حجر الأساس في بعض الظواهر الغريبة .
لكن الأهم من ذلك أن تبيان واقعية الانعكاس بسطح المرآة كله يُبرز وجود سعة (سهم) تتعلق بكل أسلوب من الأساليب المحتملة لوقوع الحادث.
وحساب احتمال حادث ما يتضمن، كي نقوم بعملية الجمع السهمي ، أن نعرف الأسهم المتعلقة بكل الأساليب التي بموجبها يمكن للحادث المقصود أن يقع (وليس فقط الأسهم المتعلقة بالأساليب التي تبدو مهمة).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]