مجريات أحداث معركة “الصريف”
2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
معركة الصريف أحداث تاريخية المخطوطات والكتب النادرة
الصّـَريفُ مَعْرَكةٌ دارَتْ بينَ أميرِ الكُوَيْتِ – آنَذاكَ – الشَّيخِ مُبَارَكٍ الصَّباح والأَميرِ عبدِ العزيزِ بنِ متعب آلِ رَشيدٍ أَمير حائِلٍ.
وكانَتْ العَلاقَةُ قد تَوَتَّرَتْ بينَ الجانِبَيْنِ بِسَبَبِ لُجوءِ السُّعوديِّينَ إلَى الكُوَيْتِ واسْتِضافَةِ الشَّيْخِ مُبَارَكٍ لَهُمْ، وذَلِكَ عِنْدَما اسْتَطَاعَ آلُ رَشيدٍ أُمَراءُ حائلٍ أنْ يُقيموا إِمارَتَهُم عَلى أَنْقاضِ دَوْلَةِ السُّعودِيِّينَ نَتيجَةً لِلْخِلافِ الّذي نَشَبَ بَيْنَ أَبْناءِ فَيْصَل بنِ تُرْكي.
ونَتيجَةً لِذَلِكَ غَضِبَ الأميرُ عبدُ العزيزِ آلُ رَشيدٍ من الشَّيخِ مُبَارَكٍ الصَّباحِ، فَقَامَتْ مُناوَشاتٌ بَيْنَ الجانِبَيْن عِنْدَما اعْتَدَتْ قَبائِلُ شَمر، أَتْباعُ ابنِ الرَّشيدِ، علَى أَطْرافِ الكُوَيْتِ عامَ 1900.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِم مُباركٌ جيشًا بِقِيادَةِ أَخيهِ الشَّيْخِ حَمُود ووَلَدِهِ الشَّيخِ سالِمٍ المُبارَكِ، والْتَقَى الفَريقانِ في مكانٍ يُدْعَى «الرَّخيمةَ» فاسْتَوْلَى الكُوَيْتِيُّونَ عَلَى الكثيرِ منْ أموالِ عَدُوِّهِم وإبِلِهِمْ وأَغْنامِهِمْ.
وظَلَّ كِلاَ الأَميرَيْن، مباركٍ وابنِ الرَّشيدِ، بَعْدَ هذهِ الحادِثَةِ يَتَرَبَّصُ كُلٌّ مِنْهُما بالآخَرِ، خَاصَّةً عِنْدَما اشْتَدَّ ساعِدُ الأميرِ عبدِ العزيزِ آلِ الرَّشيدِ بحصولِهِ عَلَى أَسْلِحَةٍ مِنَ الدَّوْلَةِ العُثْمانِيَّةِ.
فسارَ ابنُ الرَّشيدِ يُريدُ مُهاجَمَةَ الكُوَيْتِ، غَيْرَ أنَّ الجَيْشَ الكُوَيْتِيَّ الّذي عادَ من الرَّخيمَةِ لَمَحَهُ علَى الحدودِ الكُوَيْتِيَّةِ – النَّجْدِيَّةِ، فعاجَلَ جيشَ ابنِ الرَّشيدِ الّذي اضْطُرَّ إلَى العُدولِ عنْ مُهاجَمَةِ الكُوَيْتِ.
عِنْدَ ذَلِكَ قَرَّرَ الشَّيخُ مباركٌ الصَّباحُ القِيامَ بِغَزْوِ ابنِ الرَّشيدِ في عُقْرِ دارِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَهَيَّأَ هو لِقِتالِهِ، وكانَ ذَلِكَ في المَوْقِعَةِ المَشْهورَةِ باسْمِ «الصّـَريفِ» أو «الطرفِيَّةِ» (وهُما مَوْضِعانِ مُتَقارِبَانِ قُرْبَ القَصيمِ)، وقَدْ أُطْلِقَ عَلَى هذِهِ المَعْرَكَةِ الاسْمانِ معًا.
وانَ ذَلِكَ في فبرايرَ عامَ 1901، الموافِقِ لذي القعدةِ عامَ 1318 هِجْرِيَّة، حَيْثُ قَصَدَ الشَّيخُ مبارَكٌ الصباح ابنُ الرَّشيدِ في جَيْشٍ كبيرٍ مُكَوَّنٍ منْ أَهْلِ الكُوَيْتِ، وعَدَدُهُم 800 مُقاتلٍ.
ومِنْ البادِيَةِ وأَهْلِ نَجْدَ، ومِنْهُم الإمامُ عبدُ الرَّحْمَنِ الفَيْصَلُ السُّعود وابنُه المَلِكُ عبدُ العزيزِ، وآلُ سَليمٍ أمراءُ بَلْدَةِ عُنَيْزَةَ، وآلُ مهَنَّا أمراءُ بَلْدَةِ بريدَةَ، وآلُ منتِفِك ورَئيسُهُم سَعْدون باشا المَنْصور، وغَيْرُهم.
وبَلَغَ عَدَدُ قُوَّاتِ الشَّيخِ مُبارَكٍ الصباح وأَتْباعِه حَوَألَيْ عَشَـرَةِ آلافِ مُقاتِلِ، اتَّجَهَ القِسْمُ الرَّئيسِيُّ مِنْهُم بِقيادَةِ الشَّيخِ مُبارَكٍ الصباح نحوَ الشَّمالِ لمُقاتَلَةِ ابنِ الرَّشيدِ نَفْسِهِ، واتَّجَهَ عبدُ العزيزِ آلُ سُعودٍ – بِناءً علَى طَلَبِ الشَّيخِ مُبارَكٍ – علَى رَأْسِ مَجْموعَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ نَحْوَ الجنوبِ لاحْتِلالِ الرِّياضِ.
وقَدْ تَمَّ للقُوَّاتِ المُرافِقَةِ للشيخ مبارك الصباح احْتِلالُ مَدينَتَيْ «عُنَيْزَةَ» و«بريدَةَ». ثُمَّ واصَلَ سَيْرَهُ حتَّى وَصَلَ إلَى موضعٍ قُرْبَ قَرْيَةِ الطَّرفِيَّةِ الَّتي تَبْعُد 15 ميلاً عَنْ مَدينَةِ بريدَةِ.
أمَّا ابنُ الرَّشيدِ فقدْ اقْتَرَبَ مِنْ قُوَّاتِ الشَّيخِ مُبارَكٍ الصباح وأتْباعِهِ وأَصْبَحَ لا يَفْصِلُ بَيْنَهُما سِوَى تَلٍّ مِنَ الرَّمْلِ.
وتَرَاجَعَ ابنُ الرَّشيدِ مَرَّتَيْن، واسْتَمَرَّ القِتالُ من قَبْلِ الظُّهْرِ إلَى قُبَيْلِ العَصْـرِ وزَهَقَتْ فيهِ نُفوسٌ كَثيرةٌ، ثُمَّ دَارَتْ الدَّائِرَةُ علَى جَيْشِ الشيخ مُبارَكٍ الصباح وحُلَفائِهِ، فَحَدَثَ الارْتِباكُ والفَوْضَى في صُفوفِهِمْ، واضْطُّرَ الشَّيْخُ مباركٌ للانْسِحابِ بالجَيْشِ الكُوَيْتِيِّ في السَّابعِ من مارِسَ عامَ 1901م، وهذا أَتاحَ الفُرْصَةَ لقُوَّاتِ ابنِ الرَّشيدِ لأَنْ تُحَقِّقَ انتِصارَها.
وعادَ الشَّيخُ مُبارَكٌ الصَّباحُ إلَى الكُوَيْتِ مَعَ رَجُلَيْنِ مِنْ خُدَّامِهِ في وَقْتٍ كانَ فيهِ الحُزْنُ لا يَزَالُ يُخَيِّمُ علَى أَهْلِ الكُوَيْتِ لمَا فَقَدوه من قَتْلَى في مَعْرَكَةِ الصَّريف.
لَكِنَّ الشَّيخَ مُبارك الصباح، وهُوَ الرَّجُلُ الّذي لا تَهُزُّه الهَزائِمُ، كانَ صُلْبًا أَمَام هَذا المَوْقِفِ وأَكَّدَ لأَهْلِ الكُوَيْتِ أنَّه سَوْفَ يُعيدُ إلَيْه النَّصْرَ مِنْ جَديدٍ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]