محتويات عالم السيمياء
1999 تاريخ الكيمياء
صلاح محمد يحياوي
KFAS
عالم السيمياء التاريخ الكيمياء
لا تبدي السيمياء بلغتها ومبادئها وطرائقها ومعاييرها ووسائلها وأهدافها – حال حال العلوم التقليدية – أي علاقة بالعلوم الحديثة، ذلك أنها تعتمد مبدأ "المضاهأة"، أما العلوم الحديثة فتعتمد المناهج العلمية.
تُعَدّ السيمياء من علوم الكلام وليست من علوم الأرقام، والحضارات المؤسسة على علوم الكلام لا يمكنها أن تدرك افنسان ولا الطبيعة ولا الكون.
ليس لنظريات السيمياء وممارساتها معنى ومدى إلا في داخل العالم الذي أنشأه السيميائيون، أنشأوه لاستعمالهم الخاص بهم وحدهم، وهو عالم مغلق في جوهره.
ويدور السديم السيماوي بصورة الأخطبوطية ومتاهاته المسكونة بالوحوش، يدور بعيداً عن المناهج الثقافية وخلفها. وقد وصف أول مؤرخي السيمياء "لنغله دو فرسنLENGLET DUFRESNOY" معلمي هذا العلم التقليدي بأنهم أشهر حالمين عرفتهم البشرية.
يعد عالم السيمياء في آن واحد خيالياً وحقيقياً، روحياً ومادياً، غير واقعي وموضعياً. وعند الحدود تلتبس هذه الرموز مع الظواهر الملاحظة مادياً، فيغدو مفتاح هذا الجفر الواسع المحدد ظاهرياً، محسوساً لأن عتبة معقولِية النصوص تتفق مع العتبة التجريبية "للعمل العظيم" أو "الصنعة".
كوّن السيميائيون مجموعة بشرية قليلة العدد، مشبوهة غالباً، لها لغتها الخاصة وجفرها وإشاراتها وأساطيرها وأسرارها. كان يختبئون في صوامعهم أو جبالهم أو صحاريهم.
وكان هؤلاء النساك المتسكعون أحياناً يحبون الإدعاء بأنهم "سكان العالم" وبأنهم "مواطنون عالميون"، وكانوا يخفون حتى أسماءهم الحقيقية مخالفين بذلك التقليد الاجتماعي وأصول الأحوال المدنية في تحديد مسكن ثابت.
ولا يزال هنا في الأزمنة الحديثة سيميائيون ضائعون بين الجماهير التي لا تنتظر شيئاً من أبحاثهم ولا من صناعتهم، والتي ضمنت لهم أخيراً الطمأنينة التي تسبب اللامبالاة وعدم الاكتراث.
وقد شيدت السيمياء بالانتشار العالمي لنظرياتها ولممارساتها في الحضارات الغربية والشرقية، وبطول مدة بقاء تقاليدها الشفوية والمكتوبة، وبالكتلة الوثائقية الضخمة لأدبها، وبالفائدة الأسطورية والرمزية للغتها، وبالقيمة المُسارية لتعاليمها، شيدت عبر القرون تركيباً ثرياً من المعرفة الخفية، ممثلة بذلك البحث عن المطلق تمثيلاً في غاية الجودة.
لقد نَمَّتْ بعضُ أنظمة الكون عن ثقة كبيرة بالإنسان، وعن أمل ثابت جداً في إمكاناتهالتي غدا بها، بانتصاره على الزمان، قادراً على تسريع تطور الأفراد والأنواع بإنجازه عمل الطبيعة وتحسينها دون انقطاع.
وإذا ما تجرأت السيمياء على الادعاء بصوت أحد معلميها "سينسيوس SYNESIUS" بأن "لا مستحيل بالعلم" وذلك في زمن كان الحطب فيه ما زال يُشعلُ منكراً ذلك، فذلك لأنها كانت تنتظهر كل شيء من المثال الأخلاقي والروحي للعالم الحقيقي الذي يتطلب من أنصاره التواضع والتستر والزهد في المجد الأرضي.
ولقد لخص السيميائي "نيكولاس فالو NICOLAS VALOIS" هذا المثل الأعلى الأرستقراطي للمعرفة بالقول: "إذا فقدنا صفاء القلب فقدنا العلم".
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]