مدى تأثير الضوء على عملية الإبصار
2009 البصائر في علم المناظر
كمال الدين الفارسي
KFAS
(نجد أن البصر إذا نظر إلى الضوء القوي تألم واستضر، وإذا نظر إلى جسم نقيِّ البياض أو ذي لون قوي قد أشرق عليه ضوء قوي وأطال النظر إليه، ثم صرفه إلى موضع مُغْدر فإنه لا يكاد يدرك ما فيه صحيحاً.
وإن كان النظر بفرد عين لم يدرك بتلك وأدرك بالأخرى، ويكون كأن بينهما سِتراً، ثم يعود إلى حاله على تدْريج، وإن طبَّق بصره فإنه يجد تلك الصورة في بصره ساعة، فيدل على أنّ الضوء يؤثر في البصر).
(وأيضاً فإنا نرى الكواكب ليلاً دون النهار، ولا فرْق سوى استضاءة الهواء بضوء الشمس، وإذا كان الناظر في الليل حيث يكون ضوء نار منبسطاً على الاَرْض وفي الموضع مُبْصرات لطيفة، ولم يكن الضوء الذي عليها قوياً، ولا النار متوسطة بينها وبين البصر، فإن الناظر يدركُها ومعانيها.
وإذا عدل عن موضعه بحيث تصير النار متوسطة بينه وبينها خفيت المُبصرات أو معانيها، وإن ستر النار على بصره عاد الإدراك، فالأضواء القوية إذا أشرقت على البصر، أو على الهواء المتوسط بين البصر والمُبصر، فإنها تعوق البصر عن إدراك بعض المُبصرات الضعيفة الأضواء).
(وإن نظر ناظر إلى جسم صقيل فيه نقوش دقيقة لا تخالف ألوانها لون الصقيل وهو في مقابلة السماء أو بعض الجدران المُضيئة ضوءاً قوياً بحيث ينعكس عنه صورة السماء والجدران إلى البصر، فإنه لا يدرك ما فيه من النقوش المذكورة، ثم إذا عدل الناظر عن الموضع أو ميَّل المرآة حتى لا ينعكس الضوء المذكور إلى البصر وتأمل أدرك النقوش).
(والنار الضعيفة إذا كانت في ضوء ضعيف ظهرت للبصر، وإذا كانت في ضوء الشمس ظهر الجسم الذي فيه النار دونها، وإذا حصل في ضوء الشمس جسمٌ كثيف متلوِّن بلون قوي مشرق، وقُرِّب منه جسمٌ نقيٌّ البياض في الظل، ظهر عليه لونُ ذلك الجسم، ثم إذا حُول الجسم الأبيض إلى ضوء الشمس أو ضوء قوي خفي ذلك اللون.
وبعض الحيوانات البحرية قد يكون لها أصدافٌ وأغشية، فإذا حصلت في ظلامٍ ظهرت تلك الأصداف كأنها نار، وإذا كانت في ضوء قوي أدركت الاصداف دون النار، وكذلك الحيوان المُسمى باليَراع.
فيدل ذلك على أن الاضواء القوية قد تُخفِي بعض المُبصرات، وقد تُظهر، وكذلك الأضواء الضعيفة إلا أن إخفاء الضوء القوي يكون بحسب القهر والغلبة وإخفاء الضعيف بحسب الانعدام).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]