النباتات والزراعة

موازنة الماء والملح في منطقة الجذور للمواقع ذات الطبغرافية المنخفضة

1995 ري وصرف ومعالجة التملح

د.علي عبدالله حسن

KFAS

موازنة الماء والملح في منطقة الجذور للمواقع ذات الطبغرافية المنخفضة النباتات والزراعة الزراعة

– الموازنة المائية في منطقة الجذور

بالاستناد إلى الشكل – 72 –  يمكننا تحديد الموازنة المائية لمنطقة الجذور بالعلاقة التالية :

بشكل مبدئي يمكننا عدّ الماء الصاعد شعرياً (C) من ماء الجوف نحو منطقة الجذور مفيداً جداً للنباتات الزراعية ، ذلك أنه يستطيع أن يعوض جزءاً من ماء الري المحتاج . 

لكن يبقى هذا القول مشروطاً ومقتصراً فقط على الحالات التي تكون سوية ملوحة ماء الجوف قابلة للمقارنة بملوحة خلاصة إشباع التربة في منطقة الجذور المستصلحة وغير المالحة  [88].

 

– موازنة الماء والملح في منطقة الجذور

سنحاول بقصد توضيح مضمون موازنة الماء والملح في منطقة الجذور أن نعالج هذا الموضوع خطوة فخطوة وذلك بالاستناد إلى معطيات منشورة ]في [88منطلقين في البدء من معطيات مبسطة إلى اخرى أكثر تعقيداً . 

كما أننا سنحاول عبر أمثلة رقمية توضيح العلاقة الرياضية التي يتضمنها هذا الاستعراض .  وهنا لا بدّ لنا من أن نشير إلى أن الشيء المهم في عملية الموازنة هذه هو تحديد كمية الماء المحتاجة للغسل ، "أي الحاجة الغسلية = leaching riquirment" .  وذلك للمحافظة على ملوحة التربة دون الحد المسموح به .

 

ولننطلق الآن من معطيات رقمية هي :

البخر السنوي = الحاجة المائية الاستهلاكية للنبات .

الهطول المطري السنوي .

تركيز  الملوحة المسموح به في خلاصة إشباع التربة بالماء.

تركيز  الأملاح في ماء الري

المعدل الوسطي لتركيز الأملاح في الماء المقدم للتربة (ري + هطول مطري) .

L = معادلة الفعالية الغسلية “leaching efficiency coefficient”

 

الحالة الأولى :

لنفترض أن الواقع الراهن للمكان على الشكل التالي :

معادلة فعالية الغسل ، وأن تركيز الملوحة في ماء الجوف يساوي وأن التغير في رطوبة التربة مساوياً للصفر وتركيز الأملاح في ماء المطر ، وأيضاً تركيزها في البخر – النتح مساوية للصفر ايضاً .  وهكذا نصل إلى علاقة الموازنة الملحية ]من [88 :

وإذا افترضنا أن الغسل فعّالة بدرجة  100%، فإن هذا يعني أن تركيز الاملاح في الماء النافذ يساوي تركيز الاملاح لخلاصة إشباع التربة بالماء . أي إن :

وأيضاً:

وذلك لأن تركيز ملوحة ماء الجوف مساوٍ لتركيز خلاصة إشباع التربة ، وبذا نصل إلى :

 

أي :

علماً أن P تمثل الماء المتحرك نحو الأسفل عبر منطقة الجذور ، في حين تمثل C الماء المتحرك من الأسفل تجاه منطقة الجذور .  وهكذا نحصل على العلاقة التي تعبر عن الحاجة الغسلية [88] “leaching requirment’.

وهنا لا بدّ لنا من أن نشير إلى الواقع الذي قد يحصل في الحقل، فعلى سبيل المثال عندما يبلغ الصعود الشعري للماء إلى منطقة الجذور (C = 100mm) نستطيع عندئذ من الناحية النظرية ، توفير الكمية نفسها من الماء بالنسبة للاستعمال الاستهلاكي للنباتات من الماء .

أما الواقع الذي قد يحصل من جراء هذا الصعود الشعري للماء ، فهو أن الماء الصاعد شعرياً سيحمل معه كميات من الملح إلى منطقة الجذور ، التي يتطلب الأمر غسلها، للمحافظة على حالة التوازن الملحي في منطقة الجذور . 

 

اي إننا سنحتاج إلى إضافة الكمية نفسها من الماء إلى التربة (100 mm) من أجل غسل الأملاح التي تراكمت بواسطة الصعود الشعري . 

والنتيجة الحاصلة هي أن مجمل الماء المضاف إلى التربة، سواء بالري، أو بالهطول المطري سوف لن يتغير ، لكن ما سيتغير هو كمية الماء النافذة إلى العمق “P = percolation water”، التي سوف تزيد بالمقدار نفسه الزائد عن الاستهلاك المائي للنبات .

وهكذا، فإن الماء النافذ إلى العمق سوف لن يبقى متطابقاً مع ماء الغسل ، ذلك أن الماء النافذ سيزيد بالمقدار نفسه الزائد للماء عبر الصعود الشعري ، في حين تبقى حاجة الغسل بدون تغيير [88].

 

الحالة الثانية :

والآن سنحاول تحديد علاقات موازنة الماء والملح تحت الشروط التالية :

لنفترض أن عامل الفعّالية الغسلية ، وأن مساوية لتركيز الملوحة في ماء الجوف هذا مع التركيز بأن الغسل نادراً ما يكون فعالاً بنسبة  100%.  هكذا نصل إلى العلاقات التالية ]من  [88.

أي إن :

وأيضاً فإن:

 

ولنحاول تقسيم مجمل الماء المقدم إلى التربة (الري = الهطول المطري) إلى عنصريها الاستعمال الاستهلاكي للنبات (E) والغسل (L)، علماً أن L = P – C فنحصل على :

وهكذا نصل بعد التذكير بأن الاستعمال الاستهلاكي للنبات يتطابق  مع البخر النتح (E) إلى العلاقة التالية ]من  [88:

 

مثال : 33

الحل :

باعتماد المعادلة (193) نحصل على  :

وهذا يعني أن كمية ماء الغسل المحتاجة هي 390 mm

 

الحالة الثالثة

لقد افترضنا في الحالة السابقة أن ملوحة الماء الصاعد شعرياً مساوية لملوحة الماء النافذ إلى العمق أي إن : 

لكن هذا الافتراض لا يتطابق مع الواقع الحقلي في جميع الحالات ، حيث قد توجد حالات تكون فيها ملوحة ماء الجوف مساوية لملوحة خلاصة إشباع التربة بالماء المسموح بها أي .

وهذا واقع سيغير الموازنة المبينة في الحالة الثانية ، بحيث تصبح هذه الموازنة على النحو التالي ]من  [88:

أي إن :

وإذا رمزنا لـــ بـــاي تركيز الملوحة في خلاصة إشباع التربة بشكل عام فنحصل عندئذ على العلاقة التالية :

 

الحالة الرابعة :

لقد عددنا في الحالة الثالثة ملوحة ماء الجوف مساوية لملوحة خلاصة إشباع التربة بالماء في منطقة الجذور المسموح بها . 

وهذه الحالة لا تتطابق مع الواقع الحقلي بشكل دائم ، بل قد يختلف تركيز الملح في ماء الجوف عن السوية المسموح بها لخلاصة إشباع التربة . 

وقد يكون تركيز الأملاح في ماء الجوف في حالات كثيرة أعلى من السوية المسموح بها تركيز الأملاح في خلاصة الإشباع . 

 

مثل هذه الحالات قد تحصل نتيجة لعمليات الاستصلاح بالغسل (leaching) غير الكافي للأملاح من منطقة ماء الجوف ، أو أحياناً بسبب تسرب الماء المالح من أماكن عالية خارج منطقة المشروع ، وقد يحدث مثل هذا التسرب حركة للملح نحو الأعلى بما في ذلك منطقة ماء الجوف.

بحيث قد يصل تركيز الأملاح في ماء الجوف أحياناً إلى  1,5، أو مرتين أعلى من سوية تركيز خلاصة الإشباع لمنطقة الجذور [88].  وتصبح الموازنة الملحية في حالات من هذا النوع على النحو التالي ]من  [88:

أو أن :

علماً أن :

نسبة تركيز الملح في ماء الجوف على تركيز الملح في خلاصة إشباع التربة في منطقة الجذور ().

ومن المهم والضروري هنا حساب كمية الماء الصاعد شعرياً إلى منطقة الجذور ، للتوصل إلى العلاقات التي تربط a و بالغسل   L = leaching.

توجد في المنشورات البحثية معلومات كافية عن الصعود الشعري .  ومن المعطيات النشورة ]من [88 يمكننا القول إن الصعود الشعري الأعظم ، والممكن لنقطة معينة في التربة ، يتناسب مع بعد هذه النقطة عن سوية ماء الجوف . 

أيضاً ونسبة المسامات في التربة وتبعاً لاقطارها المعادلة مهم جداً بالنسبة لعملية الصعود الشعري .  وهذا يعني أن بناء التربة على المقام نفسه من الأهمية في هذا المجال، كعمق ماء الجوف .

 

ونلاحظ أن المعطيات في الجدول : 65 أعلاه تأثير بناء التربة في الصعود الشعري .  ففي أتربة اللوم الرملية (حيث توجد نسبة كبيرة من المسامات المتوسطة والمقاومة لحركة الماء صغيرة نسبياً9  نحصل على أعلى مقادير للصعود الشعري . 

أما في الأتربة الطينية  (clay soils)، فإن المقاومة الناتجة عن النسبة الكبيرة للمسامات الصغيرة تحد من الصعود الشعري . في حين يكون تجانس المسامات ، وتحديداً المسامات الكبيرة في الأتربة الرملية ، عاملاً اساسياً في توقف الصعود الشعري مع البعد عن سوية ماء الجوف ، وذلك بشكل سريع نسبياً .

 

كما توضح المعطيات الرقمية أعلاه أهمية عمق سوية ماء الجوف بالنسبة للصعود الشعري .  من هنا فإن اختيار عمق المصارف في عمليات الاستصلاح بالنسبة للاتربة المالحة ، أو تلك المعرضة للتملح ، أمر في غاية الأهمية ، حيث يكون بيد المصمم بهذا الاسلوب تحديد عمق سوية ماء الجوف ، وبالتالي التغذية المائية للتربة ، التي مصدرها ماء الجوف غير الصعود الشعري . 

وأيضاً الكم اليومي لهذه التغذية .  وإذا كان الصعود الشعري المقصود هو في حدود  (1-2mm/d)، وذلك لماء جوف من النوعية العذبة والجيدة ، فيجب أن لا يتجاوز عمق ماء الجوف حسب [86] المستويات التالية:  

800 mm بالنسبة للرمل الخشن

1000 mm بالنسبة للطين واللوم (clay and loam)

1750 – 2250 mm بالنسبة للوم الرملي (Sandy loam).

 

كما لا بدّ من أخذ منطقة الجذور بعين الاعتبار ، حيث تعد منطقة الجذور الفعّال في حدود (200 mm) تحت سطح التربة [88].

ومن الجدير ذكره هنا أن اختيار هذه الأعماق لا يخلو من إشكالات تسببها في كثير من الأحيان اعتبارات خارج منظومة التربة ؛ من ذلك أن تذبذبات للصعود لا بدّ ان تحصل على مدار السنة ، او حتى خلال فصل النمو .  لهذا فإن اختيار عمق سوية ماء الجوف لن يكون بالأمر السهل .

فعلى سبيل المثال ، الهطول المطري يؤدي في البدء إلى حركة للماء داخل العمود الترابي إلى الأسفل ‘percolation”، وذلك بعد الهطول مباشرة .  ولا توجد في هذه اللحظة أية حركة للماء نحو الأعلى ؛ " اي إن الصعود الشعري خلال الهطول المطري معدوم". 

 

أما بعد جفاف سطح التربة ، فسوف يحصل فرق في السوية المائية بين سطح التربة والعمق الترابي ، وبالتالي يبدأ الصعود الشعري للماء .  وتصل مقادير الصعود الشعري حدها الأعظم عادة بعد فصل الهطول بوقت قصير .  بعدها يبدأ الصعود الشعري بالتناقص ، نظراً للجفاف الكبير الذي يحصل للتربةح " أي إن مقطع السيلان يصغر مع تزايد جفاف التربة". 

وأيضاً بسبب الانخفاض الذي يطرأ على سوية ماء الجوف ، الأمر الذي يحد من الصعود الشعري وبشكل مؤثر . 

والمحصلة هي أن كمية الماء الواصلة إلى منطقة الجذور لا تتجاوز في المجال التطبيقي نصف الحد الأعظمي لهذه الكمية . 

من هنا ، فإننا عندما نضع حداً أعظم من (2 mm) صعود شعري في اليوم ، فإن الواقع العملي يعني أن الماء الصاعد فعلاً هو (1 mm) في اليوم .  وهذا يعني (365 mm) في السنة [88].

 

مثال – 34

المعطيات :

عامل فعّالية الغسل تركيز الأملاح في الماء = ماء المطر.

(تركيز خلاصة التربة في منطقة الجذور والذي يساوي التركيز المسموح به) .

E = 1000 mm = البخر – النتح السنوي = الاستعمال الاستهلاكي المائي للنبات .

C = 365 mm الصعود الشعري الواقعي لمجمل السنة 

 

المطلوب : حساب الحاجة الغسلية =    leaching requirement = L  

الحل :

باعتماد المعادلة (194) نحصل على :

أي إن:

وبالتالي فإن :

 

وبالرجوع إلى معادلة الموازنة المائية المتمثلة بالعلاقة التالية :

I + R + C = E + P

وتعويض P بالقيمة التي حصلنا عليها أعلاه فنحصل على :

وبالتالي فإن : I + R = 1500 mm

 

ولحساب الحاجة الغسلية L ننطلق من معادلة الموازنة المائية، بحيث يمكننا تقديمها على النحو التالي:

I + R – E = P – C – L

ومنه :

L = 1500 – 1000 = 500mm

 

مثال – 35

المعطيات : هي نفسها كما في المثال – 34 والفارق هو الافتراض بأن تركيز الملح في ماء الجوف أعلى من تركيزه في خلاصة الإشباع لمنطقة الجذور بـــ 1.5 مرة اي a= 1.5 .

المطلوب : حساب الحاجة الغسلية L

الحل :

أي إن الحالة في هذا المثال متطابقة مع الحالة الرابعة التي مر ذكرها وهكذا، وبتطبيق المعادلة  (196):

أي إن :

أي إن :

وباعتماد معادلة الموازنة المائية :

I + R + C = E + P

 

وتعويض قيمة P التي حصلنا عليها في الحسابات اعلاه بقيمتها في معادلة الموازنة المائية نصل إلى :

أي إن :

وبالتالي تكون L = الحاجة الغسلية

L = P-C = I + R – E = 1800 – 1000 = 800 (mm)

لقد ارتكزت هذه الأمثلة على افتراض أن تركيز الأملاح في ماء الجوف منخفضاً .  أما في الحالات التي يكون فيها تركيز الأملاح في ماء الجوف عالياً فإن الحاجة الغسلية “leaching requirment’ ستكون أعلى من القيم التي تم الحصول عليها في الأمثلة أعلاه ، كما أن الصعود الشعري (الذي قد يؤدي إلى تملح منطقة الجذور) سيتأثر بعمق ماء الجوف . 

فكلما ازداد هذا العمق تناقص الصعود الشعري.  من ناحية اخرى ، فإن الصرف في المناطق المنخفضة يحتاج عادة إلى منظومات عميقة ، التي قد يضطر المصمم معها إلى إنشاء منظومات ضخ للتخلص من الماء المصروف  [88].

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى