إسلاميات

نبذة تعريفية عن ابنة الرسول “زينب” رضي الله عنها

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

ابنة الرسول زينب الرسول عليه السلام إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

هي زينبُ بنتُ محمدٍ رسول الله – صلى الله عيه وسلم – بنِ عبداللهِ بنِ عبدِ المطّلب. وهي كبرى بناتِ رَسول الله – صلى الله عليه وسلم – الأَربعِ (زينب، ورُقيّةَ، وأُمِّ كلثومٍ، وفاطمةَ الزَّهراءِ).

وُلدتْ قبلَ بَعْثة والدِها – صلى الله عليه وسلم -، بعَشرِ سنين، وهي أكثرُ أخواتِها شبهاً بأبيها عليه الصّلاة والسلام.

أمُّها خديجَةُ بنتُ خويلدٍ. تزوّجها أبو العاص بن الربيع، ابنُ خالتها، هالَةَ بنتِ خُويلِدٍ، وكانتْ أوَّلَ بناتِ الرسول – صلى الله عليه وسلم – زواجاً.

 

رُزِقَتْ من زوجها بمولودٍ أسمته «علي» ثم بنتٍ أسمَتْها «أُمامة»، فتوفّيَ عليٌّ وهو صغيرٌ وبقيت أُمامَةُ فتزوّجها عليُّ بن أبي طالب بعدَ موتِ فاطِمَة الزَّهراء بنتِ الرّسولِ – صلى الله عليه وسلم -.

كانَ زَوْجُها أبو العاص بنُ الربيعِ من الذينَ شَهِدوا بدراً مع المُشركينَ فأسَرَهُ عبدُاللهِ بنُ جُبيْر، فلما بعثَ أهلُ مكة في فداءِ أَسْراهُمْ. بَعَثَتْ زوجتهُ زينبُ بقلادةٍ لها كانتْ لأمِّها أهدَتها إليها يومَ زواجِها.

فلمّا شاهدَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – القِلادةَ رقَّ قلبُهُ لها وتذكَّر خديجةَ وتَرَحَّمَ عليها، وقالَ: إنْ رأيتم أن تُطْلِقوا لها أسيرَها وتَرُدُّوا إليها متاعَها فعَلْتُمْ.

 

قالوا: نعم يا رسولَ الله، فَأَطْلَقوا أبا العاصِ ورَدُّوا على زينبَ قِلادَتَها. وطلبَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – من أبي العاصِ أن يرُدَّ إليهِ ابنتَهُ لأنّ الإسلامَ فَرَّق بينهما.

خرجتْ زينبُ مهاجرةً إلى يثربَ (المدينة المنورة) للقاءِ والدِها – صلى الله عليه وسلم – وكانَ بصحْبَتِها كِنانَةُ بنُ الربيع (أخو زوجها).

وانْطَلَقَ كنانَةُ يَقُودُ بعيرَها نَهاراً وقد أخَذَ قوسَهُ وسِهامَهُ متأهِّباً، فلم تقبلْ قريشٌ أن يَخْرُجَ بها هكذا على مَرْأى ومَسْمعٍ من النّاس، وخَرَجَ رِجالٌ مِنْهُم في أَثَرِ المهاجِرةِ (زينب) فَكانَ أسبقهُم إليها «هبارُ بنُ الأسود» الذي رَمَى بعيرَها برمْحٍ أصابَ البعير فألقى بزينبَ على صخْرَةٍ هناك.

 

ولقدْ وقفَ كِنانَةُ دُونَها ونَثَرَ سِهامَهُ وهو يقولُ بغَضَبٍ: واللهِ لا يدْنوَ مني رجُلٌ إلاَّ وضَعْتُ فيه سَهْماً. فتراجعَ المطارِدون الجُبناءُ، وَوَقَفَ أبو سفيان بعيداً يقولُ لِكنانَة:

-كُفَّ (توقف) عنكَ نبلكَ حتى نكلمك.

فكفَّ كِنانَةُ.

 

وتَقَدّمَ أبو سفيانٍ حتى دَنا منهُ وقال: إنَّكَ لمْ تَفْعَلْ صواباً يا ابنَ الرّبيع: خَرَجْتَ بالمَرْأةِ على رؤُوسِ النّاسِ عَلانِيَةً، وقد عرفْتَ مصيبَتَنا ونَكْبَتَنَا.

وما دَخًلَ علينا من مُحَمَّد، فيظُنُّ النّاسُ أنّ ذلكَ عَنْ ذُلٍّ أصابَنا، وأنَّ ذلكَ منّا ضَعْفٌ وَوَهْن، ولِعَمْري ما لَنا بِحَبْسِها عَنْ أبيها من حاجَةٍ، ولكن ارْجَعْ بالمرأةِ حتى إذا هدأتِ الأصواتُ وتَحَدَّثَ النّاسُ أن قَدْ رَدَدْناها، فألْحِقْها سِرّاً بِأبِيها.

ولقدْ أصابَ زينبَ تَوَجُّعٌ من سُقوطِها وراحَتْ تَنْزِفُ دماً لأنّها كانَتْ حامِلاً بالشَّهْرِ الرابع، فطرَحَتْ جنينَها في الصّحْراءِ وعادَ بها كِنانةُ إلى مكةَ لأنّها تَتَأَلَّم وليسَ خوفاً من قريش.

 

وظَلَّ زوجُها أبو العاص بنُ الربيعِ بالقُربِ مِنها لَمْ يُفارِقْها ليلاً ولا نهاراً حتى تمالَكَتْ بعضَ قواها وخَرَجَ بها كِنانَةُ مِنْ مَكَّةَ حتى أسلَمَها إلى زَيْدِ بن حارثة الذي كانَ في انتِظارِها وما تزالُ تَنْزِفُ دَمَاً.

ولقدْ استقْبَلَتْ المدنيةُ بنتَ الرَّسولِ باحتفالٍ كبيرة مثل فرحةِ اللقاء به.

بقيَ أبو العاص بنُ الربيعُ على شِرْكِهِ في مكة، وكذلكَ بقيَ على وفائِهِ لزَوجتِهِ زينب، فلمْ يُفَكِّرْ في أن يتَزَوَّجَ غيرَها، بل انْصَرَفَ إلى تِجارَتِهِ يذهبُ إلى الشام مرَّتَيْنِ في كلِّ عام.

 

وقادَ أبو العاصِ قافلةً تجاريةً لقريشٍ إلى الشام، وعندَما عَلِمَ المسلمونَ بها تَرَصَّدوها وهي عائِدَة فاستولَوْا عليها وأَخذوا كُلَّ ما فيها وأسَرُوا عَدَدَاً من رِجالِها.

أمّا قائِدها أبو العاص ففرَّ هارباً ولم يَجدْ لَهُ من مَلْجأٍ سوى زوجتهِ زينبُ، فهرع إلى بيتها واستجار بها ففوجئت زينب، فقد دَخَلَ عليها على غير تَوَقُّعٍ ولم يَدْخُلْ مُسلماً مُهاجراً، بَلْ دخَلَ هارباً مُستَجيراً.

وطَمْأَنَتْ زينبُ زَوْجها بأنَّها قرَّرَتْ أن تُجيرهُ حتى يَبْلُغَ مأمَنَهُ، وباتَ ليلَتَهُ عندَها، وعندما استعدَّ المسلمونَ لصلاةِ الصُّبحِ واصْطَفُّوا خَلْفَ رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – وسمعتْ تَكْبيرَ أبيها، عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام، أَطَلَّتْ بِرأْسِها من بابِ مَنْزِلها وهتَفَتْ بأعلى صوتها: أيّها الناسُ إنِّي قدْ أَجَرتْ أبا العاصِ بنَ الربيع.

 

سمعَ الرّسولُ – صلى الله عليه – صلى الله عليه وسلم – نِداءَ زينَب، وسِمعَ المُسْلمونَ هذا النّداءَ. فلمّا أَتَمَّ رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – صَلاتَهُ التَفَتَ إلى المسلمين وقالَ: هَلْ سمِعتُم ما سَمِعتُ؟

قالوا: نَعَمْ يا رسولَ الله قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام: «والذي نفسي بيدِهِ، ما عَلِمْتُ مِمَّا كانَ حتّى سَمِعْتُ الذي سَمِعْتُمْ، والمؤمنونَ يَدٌ على مَنْ سواهم، يُجيرُ عليهم أدناهُم وقد أجرْنا من أجارَتْ».

وعندَما انتهى رَسولُ الله من صلاتهِ دَخَلَ على ابْنَتِهِ وقالَ لها: يا بُنَيَّة، أكرمي مثْواهُ ولا يخْلُصُ إليكِ فإنَّكِ لا تَحِلِّينَ له». ولما رأتْ زينبُ من أبيها لِيناً ورِقَّةً طلبتْ أنْ يَرُدَّ على ابنِ العاصِ ما أَخَذَ من قافِلَتِهِ فاستجابَ لطَلبِها ورَدَّ على أبي العاصِ كُلِّ ما أُخِذَ منهُ، وأرسَلَ معهُ مَنْ أبْلَغَهُ مَأْمَنَهُ.

 

ولَمّا وَصَلَ أبو العاصِ إلى مكة بادَرَ إلى توزيعِ الأماناتِ على أهْلها وأعلنَ في أهْلِ مكَّةَ أنَّهُ أسلمَ لِرَبِّ العالمين. واجتمع شَمْلَ الزَّوْجَينِ مّرة أخرى.

لقدْ تُوفِّيَتْ زينبُ بنتُ رسولِ اللهِ في سنة ثمانٍ من الهجرة، حيثُ عاشَتْ نحو ثلاثينَ سنة. وماتَ أبو العاص بَعْدَها في سنة اثني عشر من الهجرةِ في خِلافةِ أبي بكرٍ الصدّيق، رضيَ اللهُ عنه.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى